تراقب الحركات الإسلامية، في كل بلد عربي وصلت فيه إلى سدة الحكم، إطاحة الجيش المصري بالرئيس محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، في 3 يوليو الجاري، بحالة من الترقب.
ويرى خبراء سياسيون أن حالة الترقب هذه تأتي نتيجة إدراك الحركات الإسلامية ما قد يواجهها من تداعيات تهدد استكمال مسيرتها في الحكم.
فقد أصدر الجيش المصري يوم 3 يوليو الجاري بيانا عُزل بموجبه الرئيس محمد مرسي، وعين رئيس المحكمة الدستورية رئيسا مؤقتا لحين انتخاب رئيس جديد، وذلك تحت وطأة مظاهرات شعبية حاشدة مناهضة لمرسي؛ بدعوى فشله في إدارة شئون البلاد.
واتفق هؤلاء الخبراء على أن "الإطاحة بمرسي ستشكل ضغطا وتهديدا قويا للأنظمة الإسلامية الحاكمة في عدد من الدول العربية، وستكون لها تأثيراتها في تعديل خطابهم، وإجراء مراجعات بشأن الأطروحات التي يقدمونها للقوى السياسية الأخرى"، لكنهم اختلفوا فيما إذا كانت تلك المراجعات ستكون على المدى القصير أم الطويل.
وقال خليل الخليل، محلل سعودي وأستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إن "الأحداث في مصر، وتطورها بهذا الشكل، دون تراجع من الجيش والقوى الليبرالية، سيشكل هزة داخلية للحركات الإسلامية بشكل عام، والحركات الإخوانية (نسبة إلى جماعة الإخوان المسلمين) بشكل خاص، لاسيما في تونس (حركة النهضة) والمغرب (حزب العدالة والتنمية) على المستوى النفسي والفكري والحركي، حيث سيكون هناك مزيد من المراجعات العميقة للأطروحات التي كانت تلك القوى الإسلامية بصدد طرحها، وربما ينسحب عدد من الكوادر الإسلامية من تلك الحركات، رغبة في القيام بتلك المراجعات بمعزل عن العملية السياسية، وبالتالي ستحدث انقسامات داخلية".
وأضاف الخليل، أن "الخوف الحقيقي هو أن يكون التأثير الأكبر على شباب التيار الإسلامي من الأحزاب التي وصلت للحكم، بحيث يصلون إلى قناعة أن الإخفاق الحالي سببه اتباع الديمقراطية، التي لم تأت بخير على المشروع الإسلامي، وبالتالي يصبح العنف أحد الخيارات كوسيلة للمشاركة السياسية، على الطريقة التي يريدونها".
فيما قال الشيخ أبو سدرة، وهو إسلامي له تأثيره في مدينة بنغازي كبرى مدن الشرق الليبي، في تصريحات صحفية بعد يوم من عزل الرئيس المصري، إن الإطاحة بمرسي جعلت الأمر صعبًا للغاية بالنسبة له لإقناع المليشيات الإسلامية في بنغازي بأن تتخلى عن أسلحتها، وتثق في الديمقراطية.
وأضاف أبو سدرة: "هل تعتقد أنني يمكن أن أدعو الشعب لذلك بعد الآن؟ فهم حاليًا سيقولون فقط، أنظر إلى مصر، وأنت لن تحتاج لأن تقول أي شيء آخر".
ورغم اختلافه مع الخليل في أن "مراجعة الخطاب لن تحدث إلا على المدى الطويل"، فإن إبراهيم النور، المحلل السوداني، أستاذ الاقتصاد السياسي بقسم العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، يوافقه في أن "التأثير سيكون سلبياً على تلك الأنظمة في الفترات الأولى، حيث سيدعم لديهم صدقية الاقتراح بأنه : لا الليبراليون ولا اليساريون ولا الجهات الأمريكية في المنطقة تقبل أن تعاونهم في إدارة البلاد، وهو ما سيجعلهم لا يعولون كثيراً على الصندوق (الانتخابي)، وربما يدفعهم ذلك إلى العنف مع معارضيهم".
لكن عماد شاهين، المحلل المصري، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، يرى أن "أحداث 30 يونيو في مصر ستؤدي إلى نوعين من ردة الفعل، لا علاقة لهما بالعنف، الأولى تتعلق ببعض الحركات المنفتحة، مثل حركة النهضة بتونس، وحزب العدالة والتنمية بالمغرب، اللذين سيحاولان احتواء المعارضين من خلال عدم اللجوء إلى أحادية الخطاب، والاستعداد للدخول في تفاوض معهم".
أما ردة الفعل الأخيرة، بحسب شاهين، فـ"تتعلق بما ستتعرض له حركات أخرى من ضغط شديد، مثل ما يحدث في السودان، حيث ستبدأ القوى المختلفة تسليط الضوء على معايير أداء النظام الحاكم، أكثر من ذي قبل، وتقييمها بشكل أكثر صرامة، فإذا كان حرق الشاب التونسي محمد البوعزيزي لجسده (في ديسمبر 2010) هو شرارة الثورات العربية وتقديم نموذج للتغيير، فإن 30 يونيو ستكون تجربة قد يفكر البعض في تكرارها للإطاحة بنتائج الانتفاضات الأولى"، في عدة دول عربية.
ويواجه النظام الحاكم في تونس سيناريو مقارباً لما حدث في مصر، حيث نشأت حركة "تمرد" في تونس (كما حدث في مصر)، وجمعت أكثر من 200 ألف توقيع حتى الآن؛ للمطالبة بإسقاط الحكومة الحالية، التي تقودها حركة النهضة الإسلامية، وتشكيل حكومة "إنقاذ وطني" وإلى "حل المجلس التأسيسي" (برلمان مؤقت) الذي تعثر كثيرا في صياغة دستور مدني يحظى بتوافق الفاعلين السياسيين، على حد قولهم.
أما في السودان، فقد دعا رئيس الوزراء السوداني السابق، زعيم حزب الأمة المعارض، الصادق المهدي، إلى جمع توقيعات سماها "تذكرة التحرير" من أجل إسقاط نظام الرئيس الإسلامي عمر البشير سلمياً.
فيما يواجه المغرب، استقالة وزراء حزب الاستقلال من الائتلاف الحكومي، حيث قدم 5 من أصل 6 وزراء للحزب استقالتهم؛ مما يشكل عائقاً من الناحية الدستورية أمام حزب العدالة والتنمية الإسلامي، قائد الائتلاف، ومن ثم إما أن يتم تشكيل أغلبية جديدة، وإما أن يتم حل البرلمان أو يستقيل رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، وتتم الدعوة إلى انتخابات مبكرة.