رئيس التحرير: عادل صبري 01:48 صباحاً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

عمال ترسانة السفن: الكبار أخدونا لحم ورمونا عضم

عمال ترسانة السفن: الكبار أخدونا لحم ورمونا عضم

تقارير

العمال

تقطع أيديهم وهم يحملون أطنان الحديد..

عمال ترسانة السفن: الكبار أخدونا لحم ورمونا عضم

أيات قطامش 01 مايو 2014 20:34

يحملون أطناناً من الحديد فوق أكتافهم، فالماكينات والمعدات غير متوفرة، لتخرج من تحت أيديهم التى بترت أصابع الكثير منها بسبب طبيعة العمل.

 سفن ضخمة من طابق واثنين وثلاثة أو أكثر من ذلك، فنادق عائمة وبواخر بل وجميع الأسرة بالسجون والكبارى الحديدية التى تمر فوق الأنهار صنعها "جندى مجهول".

إنهم عمال (شركة ترسانة الجيزة للهندسة البحرية)، الذين حملوا الشركة على أكتافهم، فلا معدات ولا ماكينات رفع على حد وصف العمال، يحمل الواحد ومعه 5 من زملائه نصف طن من الحديد والصاج، وتعاد تلك الكرة الواحدة تلو الأخرى.

الأمر بالنسبة لهم غاية فى الصعوبة ولا يمكن لعقل أن يتخيله، ولكن "أكل العيش مُر" على حد وصف البعض منهم، 90% يُعانى من أمراض الغضروف، ونسبة كبيرة منهم أصابعهم مبتورة بسبب طبيعة العمل الذى يقومون به، و35% مصابون إصابات عمل خطيرة يتقاضون الملاليم فى مقابل ساعات طويلة من العمل.

 لم يكلوا ولم يملوا، ولكن فاض بهم الكيل، بعدما قرر رئيس الشركة "قص" رواتبهم التى تكفيهم بالكاد لسد متطلبات الحياة الأساسية فـ70% منهم يتقاضى رواتب تتراوح بين 700 إلى 800 جنيه قبل قرار خفضها، وهو ما رفضه العمال، فرغم أن الشركة تُدر مبالغ هائلة، حيث تعادل قيمة الإنتاج اليومى لمصانعها ما يزيد عن خمسين ألف جنيه، وفقًا لما أقره مالكها في شكواه المقدمة إلى قسم الحوامدية بتاريخ 8 يوليو 2012، إلا أن عمالها يتقاضون ملاليم.

 

ولكى تخرج سفينة بالشكل الذى نراه، ليس بالأمر الهين بالمرة، فهناك ظهور انحنت وأطراف بُترت وكثيرون أصيبوا بالغضروف، نحن لا نرى سوى مشهد السفينة ونقول "الله" فى الوقت الذى يئن فيه مئات العمال من قول " اااه"، فالمجهود جد شاق.

ربما لا يعلم الكثير عن هذا المكان الذى يقوم بتصنيع السفن فى الجيزة؛ أنها (شركة ترسانة الجيزة للهندسة البحرية)، ومقرها بالحوامدية محافظة الجيزة, ولها عدة أفرع سواء داخل مصر أو خارجها (السودان, العراق, البحرين والجزائر)، تعمل الشركة على عدة مجالات، كمجال السياحة، وتخصصت في بناء السفن وصيانتها وبناء المطاعم والفنادق العائمة وصيانتها وتخزينها ورسوها وإنشاء الكبارى وصيانتها، مالكها ورئيس مجلس إدارتها هو عزمى البدراوى الغمراوى، وذراعه اليمنى مديره التنفيذي ابن أخيه رجائي البدراوى الغمراوى.


شريف الصرفى، هو أحد العاملين بالشركة منذ سنوات، يقول: المشكلة بدأت منذ عام ونصف، حيث قرر رئيسها منع صرف الرواتب بسبب رفضنا قراره بخفضها، فأنا أتقاضى 1200 جنيه ورئيس الشركة يريد أن تصل إلى 250 جنيهًا، فى الوقت الذى يعلم الجميع أن الشركة ليست مُتعثرة من الناحية المادية، ولجأنا للشرطة ومكتب العمل والوقفات، لافتاً إلى أن عدد المتضررين 280 عاملاً، رواتبهم متوقفة تماماً منذ شهر 10، بعدما خدموا الشركة لسنوات لم يشتكوا خلالها، رغم قلة الراتب، ولكن الاعتراض ظهر حينما قرر رئيس الشركة الانتقاص من رواتبهم التى لا تكفيهم، بل إنه جاء بعمال جدد وغير مقر الشركة، والآن نحن نسلك الطرق القانونية.


(أخدونا لحم ورمونا عضم).. هكذا وصف شريف حال العمال، قائلاً: احنا من أخطر الأعمال فى العالم بشهادة الهيئة الهندسية لنقابات عمال مصر، حيث أقوم بأعمال مرتبطة بكهرباء فى قلب المياه، ولى صديق يقوم بدهن تانك وسقط مصباح الإنارة، فانكسر فاشتعل التانك بالعامل، وآخر وضع يده على ترانس فتفحم ومات، لأنه لا يوجد لنا أى وسائل حماية، الكابلات تحت أقدامنا، فضلاً عن أن سكينة الكهرباء عليها 300 كابل 380 فولت.

المركب التى تسير فى المياه وزنها يتراوح ما بين 850 لـ 1200 طن تختلف من سفينه لأخرى، يحملها العمال على أكتافهم، فكل 6 منهم يحملون نصف طن وهكذا، حيث يبدأ الأمر بفرش المراكب على شاسيه ثم يتم رفعها على الأكتاف، فضلاً عن أن الآلات المستخدمة فى جر السفينة يقوم العمال بجرها بأيديهم، حتى يصلوا بها إلى المركب، فطريقة العمل بدائية وتعود لأكثر من 80 عامًا.

 ويضيف: كثيراً ما يطلب منا النزول فى تانك الجاز والصرف الصحى الموجود أسفل السفينة، لصيانته دون وجود كمامات، وهو ما يجعل الأمر صعبًا، خاصة خلال شهرى 7 أو 8.

ومن بين الحالات التى ذكرها "شريف"؛ وفاة طفل يعمل بالشركة ويبلغ من العمر 12 سنة، بعدما سقط عليه لوح حديد يزن نحو 3 أطنان، وآخر رجله انزلقت واضطر أن يسند على ترانس فتفحم.

أما عم جمال أبو السعود فهو أيضاً أحد ضحايا الشركة فأصبح الآن قعيداً لا يقوى على الوقوف بعدما أصيب بالغضروف، واضطر لإجراء عملتين على نفقته الخاصة بعد مماطلة من التأمين، وجاءت الإصابة نتيجة الأحمال الهائلة التى تصل لنصف طن يحملها هو و5 آخرون، وساعات عمل تصل أحياناً لـ12 ساعة، مقابل 14 جنيهًا فى اليوم، لا تغنى ولا تسمن من جوع، كما أخبرنا هو وزوجته التى أشارت إلى أنها هى الآن من تصرف على المنزل بعد مرض زوجها.

ووفقاً للتقرير الصادر عن مركز هشام مبارك لحقوق الإنسان الذى كشف عن أن قيمة الإنتاج اليومى لمصانعها تعادل ما يزيد عن 50 ألف جنيه وفقًا لما أقره مالكها في شكواه المقدمة إلى قسم الحوامدية.

 ويضيف التقرير: "مخالفات الشركة تعددت وانتهاكاتها صريحة لكل القوانين واللوائح وفقًا لشهادات العاملين بها, وذلك على أكثر من صعيد، حيث إن للشركة تاريخها المعروف فى التهرب الضريبى, والتعديات على أراضى الدولة وتلويثها لمياه النيل, ورصيدها وافر في قضايا الرشوة, كما أن لها سمعة شهيرة عن عدم التزامها بقواعد السلامة المهنية وعملها بأبسط المعدات والآلات الأولية بما تعود به من مخاطر على العاملين, والحدث الأهم والذى لا يمكن إغفاله هو اعتداؤها الصارخ على حقوق العاملين بها، ابتداءً من عدم الالتزام بالزيادة السنوية على المنصوص عليها في قانون العمل, وتأخر التأمين على العاملين بل وعدم التأمين مطلقاً على بعض العاملين، وعدم الالتزام بمواعيد صرف المرتبات والانقطاع أحيانًا عن صرف الرواتب للعاملين, وعدم صرف بدلات لإصابتهم أو أمراضهم الناتجة عن العمل وأثناء سيره".

وتابع: "في بعض الحالات كانت الوفاة ناتجة عن مرض جراء العمل أو حادث أثناء العمل لطبيعة العمل ومخاطره، لكن لم يتم صرف أي تعويضات لأسر العاملين الذين توفوا للأسباب سالفة الذكر، ومع ذلك تعنت صاحب العمل في عدم صرف الرواتب للعمال من شهر أكتوبر 2013 وحتى الآن.

 ولم تكن هذه هى المرة الأولى، فقد سبق وقام العمال بتقديم شكوى لمكتب العمل تضمنت كل مطالبهم من أضرار وحقوق غير مكفولة لهم كـ(عدم الالتزام بتعليمات السلامة والصحة المهنية وعدم توفير أدوات واقية، حيث طبيعة العمل الخطرة، والتى أدت لوفاة زملاء كثيرين، نظرا للإهمال وعدم مراعاة وتوفير مقتضيات الحماية من المخاطر, والالتزام بزيادة الرواتب، بما يتناسب ومتطلبات الاحتياجات الجوهرية, والحق في العلاوة السنوية, والتأمين على العمال غير المؤمن عليهم, والتوقف عن التأمين الوهمى للبعض وعدم الالتفات إلى استمارة 6 التي يجبر العاملين بالتوقيع عليها منذ الالتحاق بالعمل.

وبناء على هذه الشكوى، زاد صاحب العمل من تكديره للعاملين الذين سلكوا كل السبل القانونية لاستيفاء حقوقهم دون طائل لذلك – على حد وصف العمال، ولم يكتف بقطع رواتبهم عنهم، بل إنه امتنع عن توفير الخامات والمعدات اللازمة للعمل داخل الشركة وقام باستجئار عمال آخرين للعمل بقصد تجاهلهم.

 كما قام بتأجير مقر آخر لمباشرة العمل من دونهم، وحرر المحاضر الكيدية ضدهم يتهمهم بالتخريب والتكسير وسرقة المعدات والخامات، ما دفعهم لتبادل نوبات من الحراسة للشركة كمهمة أخرى زيادة على أعمالهم.

واضطر أغلب العاملين الذين لم يتقاضوا رواتبهم من أكتوبر 2013 للتداين من الآخرين، وأصبح أغلبهم فى الشارع فعليًا، فمنهم من ترك منزله لعدم قدرته على سداد الإيجار, ومنهم من اضطر لأن يخرج أبناؤه من مدارسهم لأنه لا يتمكن من سداد المصروفات.

 

وزادت أوضاعهم سوءًا على سوء، فحتى أن الكثير منهم قد ربط حزامه، حيث لا يستطيع توفير غذائه أو غذاء أسرته


اقرأ أيضًا:

حديد-اليوم">ارتفاع أسعار الأسمنت.. واستقرار الحديد اليوم

عمال الزيوت النباتية.. طلبوا العلاوة فـ "طاروا" من الشركة

عمال نظافة "السنبلاوين" يُضربون.. والقمامة سيدة الموقف

بالصور.. عمال المحلة يهتفون: عيد الحزن يا عيدنا

بالإضراب والتجويع.. ميناء السخنة يحتفل بعماله

عمال غزل دمياط في عيدهم: إلحقونا إحنا بنموت

عمال "سجاد المحلة" نسجوا خيوط الغضب.. والحل عند محلب

عمال سجاد المحلة يقطعون طريق مستشفى الغزل ويشعلون الأشجار

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان