رئيس التحرير: عادل صبري 04:32 صباحاً | السبت 20 أبريل 2024 م | 11 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

المظاهرات بعيون الأزهر.. "حرام – حلال – حرام"

المظاهرات بعيون الأزهر.. حرام – حلال – حرام

تقارير

الطيب وعلي جمعة وشوقي علام

المظاهرات بعيون الأزهر.. "حرام – حلال – حرام"

جمال سالم ومحمد أبو المجد – مصر العربية 21 يناير 2014 17:45

المؤسسة الدينية الرسمية حرمت الخروج على مبارك وحللته على مرسي وحرمت الاحتجاجات في 25 يناير القادم

 

"الطيب" طالب المتظاهرين بالرجوع إلى بيوتهم في 2011 وطالب بحمايتهم في 2013
دراسة: موقف الأزهر سار في فلك مبارك والسلطة العسكرية.. ومجلته نشرت تهنئة للعادلي بمناسبة عيد الشرطة في 2011
غضب الأزهر المكتوم من وصول الإخوان للحكم تحول لمشاركة في إجراءات "السلطة العسكرية" لتنحية مرسي
"الإفتاء" قبل 25 يناير القادم: الاحتجاجات "العنيفة" حرام

 

"لم أتملق الثورة ولا النظام، لأن الأزهر فوق الثورات والأنظمة الحاكمة".. هكذا قال شيخ الأزهر ذات مرة، لكنه لم يدرك أن مواقفه ومواقف رموز المؤسسة الدينية التي يتزعمها، ستتأرجح، ليتأرجح معها الوعي لعدد كبير من المصريين، بل والمسلمين في مختلف أنحاء العالم، الذين لا يزال الأزهر يمثل لهم مرجعية أصلها ثابت وفرعها في السماء.

 

 

فتاوى وتصريحات خرجت من الأزهر ورموزه تجعل الحليم حيرانا، خاصة فيما يتعلق بالخروج على الحاكم ومفهوم الشرعية، مما أصاب الرأي العام بالبلبلة التي أوصلته الى فقدان الثقة إلى حد كبير في المؤسسة الدينية الرسمية في ظل تبدل المواقف وتناقض الفتاوى.

 

ورغم تأكيدات "الطيب" المستمرة باستقلالية مواقف الأزهر في نظرته إلى الأحداث السياسية، إلا أن التاريخ يؤكد أنه أصدر بيانات تزيد على العشرة إلى شباب المتظاهرين في ثورة 25 يناير، يطالبهم فيها بفض مظاهراتهم، ويؤكد حرمة الخروج على الحاكم الشرعي، الذي كان الرئيس الأسبق مبارك.

 

غير أنه بمجرد نجاح الثورة، كان شيخ الأزهر أول من دعا إلى الحوار مع شباب الثورة، ولم يكتف بذلك، بل صرح في إحدى ندواته بأن "الأزهر هو أول من وصف ضحايا الثورة بالشهداء"، مذكرًا بإرساله الدكتور حسن الشافعي ليعبر عن رأي المؤسسة الأزهرية بحرية في ميدان التحرير، وكذلك رفضه استقالة السفير رفاعة الطهطاوي، المتحدث الإعلامي للأزهر، الذي هاجم النظام في تصريحاته على القنوات الفضائية قبل أن يتنحى مبارك فعليًا.

 

ومن الأزهر إلى المؤسسة الرسمية للإفتاء، نجد أن تصريحات الدكتور علي جمعة، المفتي السابق في فترة الثورة، تؤكد بدورها حرمة الخروج على الحاكم، ووجوب أن يقوم المتظاهرون بترك الميادين والعودة إلى بيوتهم، لأن وجودهم "مخالف لشرع الله الذي أمرنا بطاعة الحكام أو ولي الأمر". 

 

مواقف متوقعة

 

الباحث أحمد عبد الرحيم، رصد في دراسة له، موقف الأزهر، مؤكدًا أنه منذ بداية الدعوة إلى التظاهرات الحاشدة في أنحاء مصر بدايات 2011، لم يخرج الموقف الأزهري الرسمي عن "المتوقع" منه: "كلامٌ عامٌّ مستهلكٌ حول "حرية إبداء الرأي"، ووجوب "سلمية" التظاهرات، مع التأكيد الدائم، بمناسبة ودونها، على الثقة في "القيادة الرشيدة الحكيمة للرئيس مبارك والقيادات الأمنية".

 

ويضيف عبد الرحيم: "تأكَّد موقف الأزهر غير الإيجابي من هذه التظاهرات، وانحيازه مع نظام مبارك، يوم 28 يناير 2011، "جمعة الغضب" حيث لم تكن التظاهرات قد هدأت طوال الأيام الثلاثة السابقة، وبدأت أسقف المطالبات تعلو، لكن مجلة "صوت الأزهر"، الناطق الرسمي للأزهر جامعًا وجامعةً، بادرت بنشر تهنئةً لوزير الداخلية، حينها، اللواء حبيب العدلي، مع صورة كبيرة له، بمناسبة "عيد الشرطة"!

 

وأكد الباحث أن مثل هذه التصرفات كانت متوقعة من "المؤسسة الدينية الرسمية طوال عقود نظام مبارك وما قبلها، حيث تتصف بالتأييد الدائم، والمباركة المستمرة دون اعتبار لموقف الشعب الحقيقي من النظام ورموزه، بل إن "الإمام الأكبر" لم يكن بعيداً عن مثل هذا السلوك منذ أيامه الأولى في منصبه الرفيع منذ مارس 2010، حيث لم يتنازل عن عضويته بـ"الحزب الوطني" و"لجنة السياسات" فيه التي اختُرعت لـ"الوريث" المرتقب مبارك الصغير، ورفض الاستقالة منها، بحجة وجوب الاستئذان الصريح من "السيد الرئيس".

 

وأشارت الدراسة إلى أنه مع تصاعد أحداث التظاهرات وارتفاع سقف المطالب إلى حد إقالة الرئيس ومحاكمته - لا سيما بعد "موقعة الجمل" 2 فبراير - بدأت المؤسسة في طرح نفسها مركزًا للقاء ممثلين عن الشباب الثائرين ومحاولة تقريب وجهات النظر وحماية البلاد من الانزلاق في "الفوضى الكاملة".

 

ومع دخول الأحداث منحنى جديدًا بعد موقعة الجمل يوم 2 فبراير 2011 وتكاثر الحشود الغاضبة ضد مبارك، سكت الأزهر سكوت المتربص لما تسفر عنه الأحداث، ليخرج "شيخه" بعد أيام من خلع مبارك، مؤكدًا أن الأزهر لم يتملق أو يهادن النظام السابق خلال المظاهرات!

 

الغريب أن الإمام الأكبر، قام، قبيل خطاب "تنحي مبارك" بساعات، بالتصريح للتليفزيون الحكومي بأن المظاهرات غدت حرامًا، حيث تحققت مطالب الميدان، وانتهى "النظام" بقرار "الرئيس" بتعيين نائبه اللواء عمر سليمان وإعطائه كل الصلاحيات المطلوبة، وهو الموقف الذي اضطره لاحقاً، وأكثرَ من مرة، إلى الاعتذار عنه، مبرراً إياه بأن دافعه كانت حقنَ الدماء وتهدئةَ الأمور، ناسيًا او متناسيًا أنه قبيل التنحي أيضًا، طالب المتظاهرين في ميدان التحرير وكل المحافظات المصرية بالعودة إلى بيوتهم وفض اعتصامهم فوراً، معتبراً أن ما يحدث نوع من الخروج على الشرعية.

 

وثائق الأزهر

 

وخلال فترة حكم المجلس العسكري خرجت العديد من المبادرات، عرفت باسم "وثائق الأزهر"، التي صدرت منها 3، أهمها وثيقة مستقبل مصر (19 يونيو 2011)، ووثيقة منظومة الحريات الأساسية (8 يناير 2012) التي وصفها المعارضون بأنها "وثيقة علمانية"، لأنها تخلو من أي إشارة إلى دور الشريعة الإسلامية في إصلاح المجتمع، واستعاد المحتجون اتهام شيخ الأزهر بأنه من فلول الحزب الوطني المنحل، وأنه لا يزال ينفذ سياساته، رافعين لافتة كبيرة تحمل صورة لشيخ الأزهر مع أحمد عز، أمين عام التنظيم الأسبق بالحزب الوطني.

 

ورغم أن شيخ الأزهر حاول الظهور كقائد وأب لكل "القوى الوطنية" من خلال اجتماعات ومبادرات ووثائق  في مقر المشيخة، إلا أن الإسلاميين ظلوا في خندق المعارضة لتلك التحركات، خاصة في ظل احتضان الأزهر للقوي الليبرالية والعلمانية التي رحبت بوثائقه.

الغضب المكتوم

 

ومع فوز الدكتور محمد مرسي برئاسة الجمهورية، حاولت قيادات المؤسسة الدينية إخفاء غضبها من وصول الإخوان إلى الحكم، إلا أنها لم تستطع أن تفصح عن ذلك صراحة، ولكن كان هذا "الغضب المكتوم " يظهر من خلال مواقف، منها ما هو سابق على ثورة 25 يناير من خلال موقف الطيب – يوم توليه رئاسة الجامعة – من أحداث ما سمي بميليشيات الإخوان بالأزهر وفصله للعديد من طلابهم المحتجين، وحرص شيخ الأزهر والمفتي على عدم زيارة رئاسة الجمهورية إلا مضطرين بحكم مناصبهم الرسمية ليتجنبوا مقابلة الرئيس "الإخواني".

 

لكن ما لاحظه الجميع بقوة هو التزام الدكتور أحمد الطيب والدكتور علي جمعة الصمت التام في الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، خاصة مع إعلان العديد من القوى أنها ستحوله إلى يوم دام، ولم يقل أحدهما إنه لا يجوز الخروج على الحاكم المنتخب، بل إن تأمّل موقفهما طوال فترة حكم الدكتور محمد مرسي سنجدهم لم يدينوا مظاهرة أو إحراق مؤسسة حكومية أو حتى محاصرة القصر الجمهوري أكثر من مرة، أما الدكتور شوقي علام، والذي تم تعيينه في عهد مرسي، فقد فضل الأخذ بالقاعدة الذهبية خلال حكم الإخوان "إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب".

تبدلت الفتاوى

 

لكن المواقف والفتاوى تبدلت مع تصاعد الأحداث في الذكرى الأولى لانتخاب مرسي في 30 يونيو الماضي، حيث أخرجت القيادات الدينية صراحة "الغضب المكتوم" من وصول الإخوان، وسرعان ما تخندقوا في صف الحراك العسكري ضد السلطة المنتخبة، ولم يلفظ أحدهم بلفظ أو حتى حرف واحد يحرم الخروج على الحاكم، كما سبق أن فعلوا أيام مبارك، وإنما انضموا إلى صفوف الجيش والشرطة وراحوا يشجعونهم على إتمام مخطط استبعاد واعتقال، بل وقتل، الإخوان.

 

لم يلفظ أحد القيادات الدينية، ممثلين في شيخ الأزهر والمفتي الجديد الدكتور شوقي علام أو المفتي القديم الدكتور علي جمعة بكلمة واحدة، عن أهمية احترام إرادة الإرادة الشعبية، أو يحرموا الخروج على الحاكم ولو حتى من باب وجود شبهة في ذلك على أضعف الإيمان، بل حرص "الطيب" على التواجد يوم 3 يوليو ضمن المباركين لـ"الانقلاب" على الرئيس الشرعي المنتخب وتأييده أن ما حدث استجابة للإرادة الشعبية، وكأن من سبق أن انتخبوا الدكتور مرسي ليسوا من الشعب ولا إرادة لهم.

 

تحريض "جمعة"

 

 من جهته، بادر الدكتور علي جمعة – رغم عدم وجود صفة رسمية له – إلى تحريض النظام الجديد على "الضرب في المليان"، لأن المعارضين من الخوارج – من وجهة نظره – وأصدر فتاوى تسخر من شهداء رابعة والنهضة، بل والمظاهرات السلمية بوجه عام، فمثلاً تم تسريب تسجيل فيديو من إدارة الشؤون المعنوية بالجيش المصري يلقي فيه الشيخ علي جمعة، كلمة أمام الفريق عبد الفتاح السيسي ومعه مئات الضباط والمسئولين الأمنيين، ويفتي صراحة بقتل عناصر جماعة الإخوان المسلمين بل يحث السيسي على قتلهم، ويقول له: “اضرب في المليان إن هؤلاء -أي الإخوان - ليسوا مصريين، ومحمد مرسي فقد شرعيته.. احفظوا هذه الكلمة.. إنه حاكم محجور.. أي محجور عليه”.

 

ولم يكتف جمعة بذلك، بل وصف المتظاهرين أنهم جميعًا من الإخوان، رغم أنهم يضمون مختلف أطياف الشعب المصري بأنهم “خوارج”، ويقول للسيسي: “إياك أن تضحي بأي من جنودك من أجل هؤلاء الخوارج.. طوبى لمن قتلهم وقتلوه.. إننا يجب أن نطهر مدينتنا ومصرنا من هذه الأوباش، إنهم لا يستحقون مصريتنا، إننا نصاب بالعار منهم، يجب أن نتبرأ منهم براءة الذئب من دم يعقوب”.

 

ويتابع واصفاً الإخوان المسلمين: “ناس نتنة، ريحتهم وحشة في الظاهر والباطن، والنبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من هذا”.

 

المفتي الجديد بدأ

 

ورغم أن الدكتور شوقي علام بدأ منصبه باستحياء شديد، إلا أنه بدأ مساندة السلطة العسكرية فورًا، ولوحظ ذلك في فتاويه الأخيرة التي سبقت وواكبت الاستفتاء، وحتى بهد انتهائه، حيث أكد أن الدستور الذي شارك في إعداده باعتباره رئيسًا لوفد ممثلي الأزهر "فتح عظيم وغير مسبق في تاريخ الدساتير المصرية"، وأنه لبى كل مطالب المسلمين.

 

علام أفتى أيضًا بأن المشاركة في الاستفتاء الأخير "واجب ديني ووطني"، قبل أن يقوم بتهنئة القوات المسلحة والشرطة على نتائج الاستفتاء، حتى ولو كان الثمن أكثر من عشر ضحايا ومئات المصابين، وكذلك تهنئة كل الشعب المصري، وكأنه كله وافق على الاستفتاء ودعوته لبدء الطريق الصحيح إلى المستقبل الزاهر، حتى لو كان ذلك في ظل حكم العسكر.

 

ومع دوران الأحداث تدور توجهات المؤسسة الدينية الرسمية، فمنذ ساعات، وقبيل حلول الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير وما صاحبها من دعوات للتظاهر، أصدرت دار الإفتاء بيانًا أكدت فيه أن الاحتجاجات والتظاهرات، خاصة التي تحيد عن السلمية، وتمتد فيها يد التخريب إلى منشآت الدولة وتعطيل مصالح المواطنين، محرمة شرعًا، مطالبة من وصفتهم بـ"أبناء الوطن البررة"، بعدم الالتفات إلى دعوات الصدام والتخريب التي أطلقها بعض المغرضين وتفويت الفرصة على كل من يتربص بأمن الوطن ومقدراته.

 

وأضافت الدار، في بيان أصدرته قبل أيام من حلول ذكرى 25 يناير، أن الصدام مع المجتمع وتبنى آراء متشددة في مسائل قد اختلف فيها العلماء، ورفض التعايش معه على النقاط المشتركة، ونبذ نقاط الخلاف ليس من الإسلام وهو محرم شرعًا، لأنه يؤدي إلى الفرقة والقطيعة المؤديتين إلى هدم مصالح العباد والبلاد.

 

 

موضوعات ذات صلة:

 

"الأزهر".. من الدواة والقرطاس إلى الخرطوش والرصاص!!

بيان لـ"الأزهر" في ذكرى "رابعة": "ليس كل من يسقط شهيدًا"

بالصوت..مناظرة بين النجار وبركات حول دور الأزهر

"مؤرخ الأزهر" يروي أسرار علاقات الشيوخ والساسة

أزهريون: الأزهر "ديكور" يصدر بيانات

وكيل شيخ الأزهر: السيسي كفء والشعب سيختاره

بركات: المظاهرات واجب شرعي والاعتداء عليها حرام

 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان