رئيس التحرير: عادل صبري 05:33 مساءً | الثلاثاء 23 أبريل 2024 م | 14 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

"تواضروس" عام من الصدام مع "الإخوان"

تواضروس عام من الصدام مع الإخوان

تقارير

البابا تواضروس

عينه "مرسي".. وأطاح بـ"حكمه"

"تواضروس" عام من الصدام مع "الإخوان"

معتصم الشاعر 19 نوفمبر 2013 20:02

في أعقاب رحيل البابا شنودة الثالث،  كانت تحليلات المعنيين بالشأن القبطي تشير إلى قدوم "بطريرك" أكثر تشددًا على "كرسي مارمرقس"،  بعض الأساقفة كانوا يستبعدون،  وقليل من المقربين رأوا أن البابا القادم سيكون متشددًا في مواضع التشدد،  باعتباره سيفرض عليه.

 

جاء "تواضروس الثاني" للكرسي البابوي تزامنًا مع رئاسة "محمد مرسي"،  والدلائل التاريخية حسبما يقرأ المؤرخون الأقباط تشير إلى تقارب مزمن بين البابا والرئيس قياسًا على ما كان بين "البابا كيرلس "والرئيس عبد الناصر، و"البابا شنودة الثالث "والرئيس السادات، واعتبروا بذلك البابا تواضروس الثاني "أول بطريرك في زمن الإخوان" مناسبًا تمامًا لمرحلة صعود تيار الإسلام السياسي.

 

لم تكن المرحلة قد تبلورت بعد بما يمكن قراءة مشهد العلاقة بين الكنيسة والرئاسة، تلك التي كانت تقوم على "المهادنة" والسير بخطى هادئة نظير تحقيق مطالب خاصة للأقباط؛ منعًا لتفخيخ الأوضاع داخليا إزاء أحداث طائفية متعاقبة، وكانت عبارات البابا واضحة في توصيف علاقته بالرئيس السابق محمد مرسي، على أنها ستكون علاقة احترام باعتباره أول رئيس منتخب.

 

حفل تنصيب "البابا تواضروس" كان الاختبار الأول في علاقة الجانبين، أجواء الاحتفال صاحبتها دعوات بضرورة حضور الرئيس مرسي للكاتدرائية؛ لفتح صفحة جديدة في علاقة الكنيسة بمؤسسة الرئاسة، وبعث رسائل طمأنة للأقباط نظير صعود لافت للتيار الإسلامي، وفي أروقة المقر البابوي كانت تشير التوقعات إلى إمكانية حضور الرئيس إزاء تشكيل لجنة برئاسة الأنبا بولا؛ لإرسال دعوة رسمية لـ "مرسي" للمشاركة في تجليس البطريرك.

 

أتت رياح الرئاسة بما لا تشتهي الكنيسة، غاب الرئيس مرسي اتساقًا مع بروتوكولية احتفالات "التجليس"، التي لم يحضرها رئيس من قبل، بينما تجددت الدعوة لحضور "مرسي" احتفال الكنيسة بعيد الميلاد لكنه لم يحضر، ثم لم يزر المقر البابوي خلال العام الرئاسي رغم تعهده جراء تعكير متكرر لصفو العلاقة بين الجانبين.

 

 في أعقاب التنصيب الرسمي أصدر الرئيس السابق قرارًا بتعيين البابا تواضروس بطريركًا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وبحسب البروتوكول المتعارف عليه، ذهب البابا على رأس وفد كنسي للقاء "مرسي " بقصر الاتحادية، وأدلى بتصريحات صحفية تؤكد أن اللقاء جاء في إطار ودي للغاية.


 بعدها اتخذت العلاقة مسارًا روتينيًا بين الجانبين، وانحرفت عن مسارها إلى مهاجمة الرئاسة في أعقاب الاستفتاء على الدستور الذي اعتبره البابا "دستورًا عنصريًا" يعبر عن فصيل بعينه في إشارة لـ"الإخوان المسلمين"، وتكررت تصريحات البطريرك حتى وصلت إلى مهاجمة طريقة الحكم في مؤسسة الرئاسة باعتبارها تفتقد للخبرة والكفاءة، ودب الخوف والقلق في الوسط الكنسي بعد تزايد شائعات ومظاهر "الأخونة"-حسب توصيفهم.

 

غياب الإخوان عن احتفالات الكنيسة باتت متكررة ابتداءً بعيد الميلاد الأول لـ "تواضروس الثاني"، ومرورا بـ"عيد القيامة"، وانتهاءً بـ"زيارات المواساة" في أعقاب أحداث الخصوص والكاتدرائية، وتصاعد الخلاف إبان تصريحات عصام الحداد التي حملت الأقباط مسئولية الاعتداء على الكاتدرائية.

 

كان الرئيس السابق محمد مرسي يحرص على لقاء البابا بصحبة شيخ الأزهر، ويحرص بالتوازي على إيفاد رئيس وزرائه هشام قنديل للكاتدرائية في المناسبات الرسمية لكن تلك الزيارت لم تنجح في إذابة الجليد، تحديدًا عقب اتهام خيرت الشاطر للأقباط بالضلوع في أحداث الاتحادية والمقطم.

 

قبيل 30 يونيو وصلت الأمور بين "تواضروس "و"مرسي" إلى طريق مسدود، بدا ذلك واضحًا في تصريحات الرئيس السابق عن فتور العلاقة بين الكنيسة والرئاسة، في أعقاب انتقادات حادة وجهها البابا للرئيس في تصريحات صحفية أزعجت مؤسسة الحكم.

 

 فجأة بعد غياب استمر ما يقرب من أسبوع بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون ظهر البابا تواضروس الثاني في مشهد إعلان خارطة الطريق، مؤيدا لعزل الرئيس محمد مرسي، وبقيت عبارته الشهيرة " الشعب استرد ثورته"، ليصبح أول بطريرك للكنيسة القبطية يشارك بشكل رسمي في عملية تحول سياسي بهذا الحجم.

 

بعدها اختفى البابا تمامًا عن المشهد السياسي، ولم يبق من ظهوره سوى بضعة تغريدات تتناقلها وسائل الإعلام، وألغى عظته الأسبوعية لبعث رسالة أن الأوضاع لم تعد مستقرة إزاء اعتصام أنصار الرئيس محمد مرسي بـ"رابعة العدوية"، والنهضة.

 

 البابا تواضروس الذي شارك في الإطاحة بـ"حكم الإخوان" يسعى الآن لترتيب أوراقه للتعامل مع النظام الحالي، ربما يتبع ذات الخطى التي اتبعها سابقه شنودة الثالث الذي بدأ بالصدام مع السادات، وتحلى بالهدوء في عصر مبارك، وصار أكثر هدوءًا في مرحلة ما بعد الثورة.. لكن الأقدار لم تمهله لمواصلة مرحلة تاريخية هي الأبرز في تاريخ مصر المعاصر.

 

يواجه البابا تواضروس الثاني الآن عاصفة المطالبة بـ"الكوتة" في ظل متغير شبابي يرفض تدخل الكنيسة في مسارات سياسية تزعج الأقباط حسبما كان في العهود السابقة، لكن شيء من السيطرة لا تزال للمقر البابوي باعتباره ذو الكلمة الأخيرة في كافة الأزمات التي تخص الأقباط.

 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان