نظرية "السوبر" و"العادى" تحكم المشهد.. وعشرات القتلى لا يعدلون ضابطاً
وكأن التاريخ يعيد نفسه، ففى الـ17 من نوفمبر العام الماضى وقعت فاجعة حادث قطار أسيوط الذى راح ضحيته 51 طفلاً حيث انقلبت وقتها الدنيا رأسا على عقب، وصب الإعلام وقتها جام غضبه على المسؤلين وألقوا بالمسئولية السياسية والجنائية على عاتق الحكومة والرئيس المعزول محمد مرسى متهمين إياه بالفشل في إدارة البلاد، فى حين لم يحرك أحد ساكنا ممن ملأوا الدنيا بالصراخ والعويل - إبان حادث أسيوط -تجاه ضحايا كارثة دهشور بالأمس والتى أودت بحياة 30 شخصا وعشرات المصابين.
والسؤال الذى يطرح نفسه بإلحاح: كيف تعاملت الدولة فى كلا الحادثين؟
فوروقوع حادث قطار أسيوط فى العام الماضى وبعدها فيما يقارب الساعتين كان رئيس الوزراء وقتها الدكتور هشام قنديل متواجداً فى قلب الحدث متفقداً الضحايا والمصابين وقوبلت زيارته وقتها بالرفض والاستهجان من جانب المعارضة بزعامة "جبهة الإنقاذ"، ناهيك عن التناول الإعلامى الهجومى الحاد بحسب ما شاهد كل المصريين والذين وافق غالبيتهم هذا التوجه نظراً للفاجعة التى ألمت بالوطن آنذاك.
وكان برفقة قنديل بعض من وزراء حكومته آنذاك ومن بينهم وزير التربية والتعليم والتنمية المحلية والصحة والداخلية والتأمينات والشئون الاجتماعية لمتابعة ملابسات الحادث.
وقام رئيس الوزراء السابق عقب وصوله بصرف تعويضات فورية لأهالى المتوفين والمصابين فى الحادث بلغت 5 آلاف جنيه للمتوفَى وألف جنيه للمصاب، إلى جانب قيامه بتوزيع بعض الهدايا على المصابين أثناء زيارته لمستشفى أسيوط الجامعى، وكان من أوائل المتقدمين بواجب العزاء والمواساة لأهالى الضحايا والمصابين .
وتحركت الحكومة من جانبها وأعلنت عن نيتها إقالة وزير النقل إلا أن الوزير وقتها هو من بادر بتقديم استقالته باعتباره مسئولاً سياسياً عن الحادث.
وأعلن الرئيس المعزول محمد مرسي، قبول أستقالة كل من الدكتور رشاد المتينى وزير النقل ، والمهندس مصطفى القناوى رئيس هيئة سكك حديد مصر، مؤكداً اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة من قبل الجهات التنفيذية المختلفة لتعويض أسر الضحايا والمصابين والتواصل معهم وتذليل جميع العقبات وتحويل المسئولين عن الحادث إلى النيابة العامة.
وألقى الرئيس المعزول محمد مرسى ليلة الحادث كلمة للشعب و فيها "قررت تحويل المسئولين عن الحادث إلى النيابة العامة، وسرعة الإنجاز فى أكتشاف ومعرفة سبب هذا الحادث الأليم، وذلك من خلال التحقيقات السريعة".
وأكد الرئيس أن هذه الحادثة سيحاسب من كان السبب فيها، وقال: "أدعو الله سبحانه وتعالى أن يرحم الضحايا، وأن يمن برحمته وشفائه على المصابين"
فى المقابل وعلى النقيض تماما نجد حكومة النظام الحالى وعلى رأسها الدكتور حازم الببلاوى الذى لم يعبأ بوفاة أكثر من 30 شخصاً وعشرات المصابين وذهب هو والحكومة بل وكل القنوات الفضائية فى اتجاه آخر مرتبط بحادث مقتل ضابط شرطة.
وكان أول الحضور فى عزاء المقدم محمد مبروك ضابط الشرطة بقطاع الأمن الوطنى والذى اغتيل فى نفس توقيت الحادث وهو الشاهد الوحيد فى قضية هروب المساجين من سجن وادى النطرون المتهم فيها الرئيس المعزول الدكتور مرسى واتجهت كل الأنظار صوب حادثة مقتل ضابط الأمن الوطنى بالأمس على أيدى مجهولين.
فقد عاين وزير الداخلية محمد إبراهيم مكان الحادث بنفسه وشيع جنازة عسكرية للضابط لأنه من وزارته وأبنائه يرافقه فيها رئيس الوزراء الذى لم يذهب لمكان الحادث فى دهشور إلا فى وقت متأخر من ليلة أمس.
ويتضح الفارق - بحسب محللين- بين اهتمام رئيس الوزراء بموت فرد واحد حتى ولو كان من رجال الدولة وإهمال عشرات القتلى والمصابين من عوام الشعب، هذا يجعلنا نضع المواطن المصرى على المحك بين نوعين من المواطنين وهما المواطن "السوبر والمواطن العادى" على حد وصف المراقبين.
كما يظهر اهتمام الداخلية كلها بالكشف عن مرتكبى أحداث العنف الموجهة ضد رجالها بمنتهى السرعة والحرفية الأمنية مثلما حدث فى مقتل كل من النقيب محمد أبوشقرة من قطاع الأمن الوطنى أيضاً بسيناء ومعاون مباحث مصر القديمة واللواء نبيل فراج مساعد مدير أمن الجيزة وقائد عملية اقتحام كرداسة منذ شهرين تقريباً وأخيراً المقدم محمد مبروك الذى اغتيل أمام السراج مول أول أمس بمدينة نصر، جميعهم تم العثور على الجناة وبسرعة فائقة عدا ذلك نجد أن غالبية أعمال القتل للمواطنين العاديين تقيد "ضد مجهول" والسبب فى ذلك مجهول ومعلوم على حد قول مراقبين.