من يهاجم أبناء القضاة هم الحاقدون والكارهون ممن يرفض تعيينهم، وسيخيب آمالهم، وسيظل تعيين أبناء القضاة سنة بسنة ولن تكون قوة فى مصر تستطيع أن توقف هذا الزحف المقدس إلى قضائها".. المستشار أحمد الزند وزير العدل 2012

"ابن عامل النظافة لن يصبح قاضيًا، لأن القاضي لابد أن يكون قد نشأ في وسط مناسب لهذا العمل، مع احترامنا لعامل النظافة".. محفوظ صابر وزير العدل 2015

" زكيت ابني في كلية الشرطة ده ولدي عادي لما يدخل، أولاد الظباط كلهم، أو ثلاث أرباعهم في الشرطة، دول أهلهم ناس محترمين".. حلمي أبو ركبة عضو مجلس النواب الحالي 2016

"ولادنا يستحقون ذلك، عندنا 1450 طالب في كلية الشرطة مش كتير 15 لأبناء النواب".. صبحي الدالي عضو مجلس النواب الحالي 2016

"مقبلونيش في النيابة عشان مش قد المقام، ليه مافهموناش إن أحلامنا محجوزة لناس تانية".. ناصر الدسوقي من مسلسل الأسطورة 2016

"الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة، ودون محاباة أو وساطة، وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب، وتكفل الدولة حقوقهم وحمايتهم، وقيامهم بأداء واجباتهم فى رعاية مصالح الشعب، ولا يجوز فصلهم بغير الطريق التأديبى، إلا فى الأحوال التي يحددها القانون".. مادة 14 من الدستور المصري.

بين كلمات الوزراء والنواب والمسئولين المدافعة عن حق أبنائهم في الوظائف المهمة، وجملة ناصر الدسوقي في مسلسل الأسطورة، يقبع ملايين من شباب المصريين المقهوريين، والذين ضاع حلمهم وحلم آبائهم في وظيفة مُنعت عليهم لصالح أولاد الناس".

يعلم جميع المصريين جيدًا أن الالتحاق بكليات الشرطة أو سلك النيابة لم يخضع يومًا لمعايير اللياقة البدنية والصحية فقط، بل أصبح لزامًا مع تلك الشروط توافر عنصر المحسوبية والواسطة، ففي مصر يصعب الالتحاق بوظيفة مثل هذه من تلقاء نفسك، وبمجهودك الشخصي، إلا نادرًا.

حاولت الدراما المصرية معالجة تلك القضية وتسليط الضوء عليها، إلا أنها في الوقت نفسه فشلت في وأدها، وكان آخرها محاولة "مسلسل الأسطورة" للممثل محمد رمضان في إظهار نتاج هذه الظاهرة، ورغم الشهرة والانتشار الجارف للمسلسل، لم يحاول مسؤول مصري معالجة الأمر أو مواجهته.

"كلية الشرطة للنواب فقط"

الظاهرة لم تكن جديدة، إلا أنها هذه المرة أحدثت ضجة صاخبة، فما كان مقبولًا من قبل، لا يمكن القبول به الآن وبعد الثورة، فصاحب كشف المقبولين بكلية الشرطة هذا العام جدلًا واسعًا، بسبب ضمه لأبناء 15 نائبًا، بالإضافة إلى أقاربهم ومن توسطوا لهم.

واعتمد اللواء مجدى عبد الغفار، وزير الداخلية، نتيجة قبول الطلاب الجدد بكلية الشرطة للعام الدراسي 2016/2017، ليبلغ عددهم هذا العام 1550 طالبًا ، وض الكشف أسماء أبناء وأقارب أعضاء مجلس النواب.

وضم الكشف كلا من: " نجل محمود عبدالسلام الضبع عن دائرة مركز قنا، ونجل النائب جمال كوش دائرة بنها، ونجل النائب عمر حمروش، أمين سر اللجنة الدينية، والنائب علي عبد الونيس عن دار السلام، والنائب راشد أبو العيون عن أسيوط، ونجل النائب حلمي أبو ركبة بأسيوط.

بالإضافة إلى نجل النائب هشام الشعيني رئيس لجنة الزراعة بمجلس النواب، نجل النائب عبد الرازق زنط محافظة الأقصر، ونجل النائبة منى شاكر خليل محافظة أسوان، ونجل شقيق النائب محمد إسماعيل، نائب دائرة بولاق الدكرور، ونجل النائب صبحي الدالي عضو مجلس النواب عن الجيزة.

كما ضم الكشف نجل النائب اللواء سيف محمد نصر عوض عن قنا، والنائب راشد راشد أبوالعيوم، والنائب سيد سلطان ونجل شقيق النائب عصام أبوالمجد بالشرقية، النائب محمود زايد بالشرقية، والنائب محمد أبو كريشة عن سوهاج.

"تبرير مستفز"

مع سيل الانتقادات التي قادتها مواقع التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا، حاول بعض النواب الدفاع عن موقفهم، لكن هذه التبريرات جاءت بطريقة استفزت مشاعر الشباب، فالنائب راشد أبو العيون عن القوصية بأسيوط والذي توسط لنجله ونجل أخته وطالب آخر، قال في تصريحات متلفزة: أنا سعيد قوتي 80 حصان، ابني متفوق علميًا وحاصل على 92% واجتاز جميع الاختبارات، وصالح ابن اختى من عائلة محترمه لها كيانها واحترامها.

أما النائب حلمي أبو ركبة من أسيوط علق قائلًا: "زكيت ابني في كلية الشرطة، ده ولدي عادي لما يدخل، أولاد الظباط كلهم، أو ثلاث أرباعهم في الشرطة، دول أهلهم ناس محترمين".

وتابع: " 1600 طالب في كلية الشرطة والدنيا تقوم على 15 واحد أبناء النوب، اختيارهم جاء بحسب البيئة اللي أبوهم شغالين فيها".

النائب صبحي الدالي قال: ابني متفوق، ولم يدخل كلية الشرطة بالكوسة، ينتمي إلى عائلة عريقة، واختياره جاء بمعايير مظبوطة، وهم يستحقون ذلك".

أما علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان فرد قائلًا: النائب توحيد تامر فى لجنة حقوق الإنسان لم يتم قبول ابنه فى كلية الشرطة، وهذا يؤكد عدم وجود محسوبية أو وساطة.

"أحلامنا مش لينا"

البطل في هذه القصة ليس السياسيين، أو المسؤولين، فالتبرير سيكون دائمًا سلاحهم، وسيعتبرون كل الانتقادات محاولات لتشويه صور الشرطة، أما الطلاب المرفوضون فلهم حديث آخر، وشهادات مختلفة.


"أ. ع"، طالب حاصل على الثانوية العامة بتقدير 97%، حلمه الانضمام لكلية الفنية العسكرية، يقول والده: نجحت في كل اﻻختبارات، قالوا لنا لما نطلبك تيجي تدفع المصاريف، محدش اتصل بينا، ذهبت إلى الكلية الحربية، قالوا أكيد لم ينجح.

ويتابع: ابني متفوق رياضيا ودراسيا، بس معندهوش واسطة، حالته النفسية لا يرثى لها الآن، إحساسه بالظلم دفعه لوقف دراسته في كلية الهندسة.

“ليه مافهموناش إن أحلامنا محجوزة لناس تانية.. جملة قالها الفنان محمد رمضان في مسلسل الأسطورة، استشهد بها الطالب "س.أ"، وهو طالب متفوق ، حاصل على 92% وقال إن هذه المقولة الأكثر صدقًا في وصف ما وصلنا إليه، فكلية الشرطة لأبناء النواب، والفقراء لا مكان لهم.

الطالب "م. ك" لم يشفع تفوقي الرياضي لقبولي بكلية الشرطة، فاللياقة البدنية وباقي المعايير المطلوبة لا مكان لها أمام الواسطة، الإعلان عن قبول أبناء النواب يسبب لنا الإحباط، فثورتان لم تشكل فارقًا في حياة الفقراء.

"إسقاط العضوية"

من جانبه كشف المحامي شريف سمسم في تصريحات متلفزة، أن هناك حملة شعبية لإسقاط عضوية النواب الذين توسطوا لقبول أبنائهم بكلية الشرطة، مؤكدا أن الأمر غير قانوني ويخالف أحكام الدستور.

ومن جانبها أعربت "منظمة العدل والتنمية" عن استيائها الشديد نتيجة تدخل رئيس البرلمان، علي عبد العال، ونواب البرلمان، لدى وزير الداخلية لقبول أبنائهم بكلية الشرطة..

وقال المتحدث الرسمي للمنظمة، زيدان القنائي في بيان، إن كلية الشرطة والكليات العسكرية رفعت شعار الالتحاق بالكليات العسكرية والشرطة والقضاء لأبناء الذوات فقط، مشيرا إلى أن الالتحاق بالنيابة هو لأبناء المستشارين فقط والقضاة، بينما يتم قصر تعيين المعيدين بالجامعات على أبناء رؤساء الجامعات.