أحد رواد الجيل الذهبي للقراء المصريين، اقترب من القمة وكان مقرئ القصر الجمهوري وقت عهد الرئيس عبدالناصر، إلا أن موته كان أمرًا مثيرًا للجدل خاصة بالنسبة إلى عائلته والتي ترى أنه تناول قهوة مسممة.
إنه الشيخ كامل يوسف البهتيمي نسبة لقرية "بهتيم" التابعة لمحافظة القليوبية مسقط رأسه التى ولد بها عام 1922، وهو الذي اطلق عليه "الشيخ البكاء".. فرضته موهبته على جيل الرواد في مطلع الأربعينيات من القرن العشرين حتى اقترب من القمة وشارك فيها، دون التحاقه بواحد من المعاهد القرآنية
كان لحفظه القرآن الكريم قبل بلوغه العاشرة، وتعلمه فنون التلاوة بالسماع للشيخين محمد رفعت ومحمد سلامة أثره الكبير على ثقة الفتى بنفسه، وهو الذي رفض في بداية مشواره أن يتقاضى مليما واحدًا مقابل قراءته بمسجد القرية يوم الجمعة، بدعوى أنه يذهب إلي المسجد لتدريب صوته على تلاوة القرآن وتقليد الشيخين "سلامة"، و "رفعت"، فينال التشجيع الكبير والاستحسان.
أول أجر تقاضاه الشيخ البهيتمي كان 25 قرشا ببلدته "بهتيم"، وكان آخر أجر 60 جنيها عن إحياء حفلة بالقاهرة و150 جنيها خارجا عن الليلة، بحسب ما نقله محمود الخولي في كتابه (أصوات من نور) على لسان عصام كامل البهيتمي.
رغم نجاحه الجماهيري إلا أن عدم التحاقه بمعهد القراءات ظل العقدة التي تطارده وتحول بينه وبين تقدمه لاختبار القراء بالإذاعة، فتقدم للامتحان ونجح بامتياز، فتعاقدت معه الإذاعة المصرية في أول نوفمبر عام 1953، وتم تحديد مبلغ أربعة جنيهات شهريا، وعين بعد ذلك قارءا للسورة يوم الجمعة بمسجد عمر مكرم بميدان التحرير بالقاهرة وظل به حتى وفاته.
ويروى ابنه "عصام": "فى عام 1967 ذهب الشيخ كامل البهتيمي إلي مدينة بورسعيد تلبية لدعوة وجهت إليه لإحياء مأتم ففوجئ الحاضرون بعدم قدرته على مواصلة القراءة، وعجزه عن النطق،وبعد أسبوع من الحادثة أصيب بشلل نصفي، شفى منه سريعا، وقيل لنا وقتها أنه تعرض لمحاولة قتل فى بورسعيد بعد أن وضع له مجهولا مواد مخدرة فى فنجان القهوة تناوله قبل التلاوة".
بعد عدة شهور، أصيب الشيخ البهتيمي بنزيف في المخ عقب إحدى السهرات القرآنية ، وفارق الحياة عن 47 عاما.
وقال عصام نجل البهيتمي: "بعد وفاة الشيخ كامل ومن بعده جمال عبد الناصر تغيرت معاملة الحكومة، فبدأت تطالب الأسرة بسداد ضرائب قديمة لا تعرف عنها شيئا، وامتنعت الإذاعة المصرية عن إذاعة تسجيلات الشيخ والتلفزيون".
إلا أن شكري القاضي صاحب كتاب "عباقرة التلاوة فى القرن العشرين" كان له رأى آخر ، حيث قال في كتابه : " إن تهاون الشيخ البهتيمي في الحفاظ على النعمة التي وهبها الله له, بالإضافة إلي طباعه الحادة ومزاجه المتقلب قد تسبب بشكل أو بآخر في حجب تسجيلاته عن المستمعين، وليس صحيحا ما ذكره أحد أولاده من أن هناك سببا سياسيا وراء توقف الإذاعة المصرية عن إذاعة تسجيلات الشيخ البهتيمي أو تجاهلها وعدم تكريمه من ناحية أخري، فواقع الحال أن شخصيته القرآنية متفردة قلما يجود الزمان بمثلها".
وذكر أيضًا أن الشيخ البهتيمي كان يحفظ حصيلة ضخمة من الألحان لأئمة المنشدين واستطاع أن يجمع باقتدار بين تلاوة القرآن والتواشيح وإنشاد القصائد.
اقرأ أيضًا: