رئيس التحرير: عادل صبري 07:26 مساءً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

العيد.. قبلة حياة لمدابغ "مجرى العيون"

يعيشون خطر "العيد الأخير"

العيد.. قبلة حياة لمدابغ "مجرى العيون"

نادية أبو العينين وسارة عادل 15 أكتوبر 2013 15:10

تقع على أطراف القاهرة، تحديدًا خلف سور مجرى العيون، ورش دباغة صغيرة لا تتعدى التسعة أمتار ومصانع كبيرة من عدة أدوار.

 

بعيدًا عن مقومات الصناعة أو أساسيات المشاريع الصغير ومتناهية الصغر، تنال مدابغ سور مجرى العيون نصيبها من القمامة ومياه الصرف الصحي التي تغرق شوارع السور الخلفية، التي تفوح منها رائحة المواد الكيماوية، وتضج أصوات الماكينات المرتفعة.

 

يبدأ الموسم الفعلي للمدابغ وقفة عيد الأضحى، حيث تكثر ذبائح الصدقات، وإن كانت الأيام القليلة الماضية مؤشر قوة أو ركود الموسم.

 

المشهد الرئيسي

 

عربات النقل "الكارو" تقف أمام المدابغ لنقل الجلود منها وإليها، ويسيطر على المشهد عمال بملابس رثة، مع اقتراب العيد تدب الحياة في المدابغ ليبدأ "الموسم" كما يطلقون عليه قبل العيد بيومين ويستمر لمدة أسبوع على الأقل، بعدها يعود العمل القليل للسيطرة علي المشهد.

 

لكن هذا العيد كان مختلفا بالنسبة لعمال المدابغ فهم يواجهون قلة في العمل بسبب الظروف السياسية في البلاد، وتهديدات بالنقل إلى منطقة الروبيكى بمدينة بدر الصناعية التي تبعد حوالى 45 كيلو عن القاهرة، وسط تدهور صناعة الجلود، على حد قولهم.

 

80% من إنتاج مصر من الجلود يخرج من هذه المنطقة المهملة، ويعمل بها 60 ألف عامل، حسب تقارير المجلس التصديرى للجلود.

 

بداية الموسم

 

يقول سعيد محمد حسنى (صاحب مدبغ)، إن العمل في المدابغ يقل عقب انتهاء موسم العيد، موضحا أنهم يحصلون على جلود الأضحية من

"السريحة" الذين يقومون بجمع الجلوج من المنازل، أو من الصعيد والأرياف.

 

وحول أسعار الجلود هذا العام يوضح أنهم يشترون جلد الضأن بداية من 20 إلى 22 جنيها، والبقرى "العذبة" 120 جنيها، والعجول 170 جنيها، وجلد الجدى بـ 80 جنيها.

 

يرفض الحاج سعيد النقل إلى الروبيكى، قائلا "احنا بنسمع عن مشروع النقل من 30 سنة ومفيش حاجة بتتتم، أنا مش موافق على النقل ومحدش موافق عليه، المكان اللى عايزين ينقلونا فيه بعيد جدا".

 

يشير سعيد إلى أن المسافة التي تقطعها البضائع لتصل إلى الروبيكى كفيلة بإتلاف الجلود قبل وصولها بسبب آشعة الشمس، وضرورة وصوله في نفس الوقت "طازة"، ويتابع سعيد قائلا "صعب ننقل المعدات، وجميع العمال يسكنون هنا فكيف سينتقلون يوميا إلى العمل هناك وكيف يتكبدون المجهود وتكاليف المواصلات؟!".

 

موت الصناعة

 

يضيق الحاج سعيد في حزن: إن الصناعة الآن "بتموت"، بسبب غياب الدعم الحكومي للمهنة والصناعة، موضحًا أن أسعار اللحوم المرتفعة دفعت الجزارين إلى تقليل عدد المواشي التي يذبحونها بسبب قلة البيع مما أثر على كمية الجلود التي تصل إليهم.

ويعود ليؤكد من جديد تأثر الصناعة بالنقل قائلا "الصناعة هتقف نهائيا لو تم نقلها".

 

يعترض العمال أيضًا على النقل، موضحين أن المكان هناك صحراء لا يوجد به خدمات أو مياه، وينفون ما يتردد حول نقلهم هذا العام، ويشيرون إلى أن سوق العمل "نائم" في المدبغة، وأن نقل المدابغ يعنى لهم "شحططة".

 

يتابع أحد العمال قائلا: لن نجد هناك طعاما أو شراب، الحل أن الحكومة تتركنا هنا، ولو مصرة على النقل عليها تأمين مدينة بها حياة متكاملة للعمال بمدينة بدر بها جميع المرافق الصحية والتعليمية والسكنية لأسر العمال.

 

يلتقط الحاج سعيد أطراف الحديث قائلًا: "لكن لو جم وقفوا لنا بالبلدوزر هنعمل إيه هنضطر ننقل، والحكومة لازم تساعد بالأموال، تجهيزات المكان في حاجة إلى ميزانية لا نملكها".

 

كلام فاضى

 

يصف محسن محمود أحد أصحاب المدابغ، النقل إلى مدينة الروبيكي بالـ "كلام الفاضى".

 

ويرى أن مصدر رزقهم هنا ولا يمكن انتقالهم إلى مدينة بدر الصناعية، مؤكدا أنه سيوافق على النقل إذا تم بناء مدينة صناعية آمنة وسكنية متكاملة.

يقول أحمد حربى أحد أصحاب المصانع، إن هذا هو الجيل الرابع في العائلة التي يعمل في الجلود، منذ 1930، لكنهم يسمعون عن نقل المدابغ منذ الخمسينات، وكل عام يتجدد الحديث عنها دون إجراءات.

 

لا يرفض حربى النقل إلى الروبيكى ويرى أن النقل تطوير للصناعة، لكنه يرى المشكلة في آلية النقل، قائلا "مينفعش أروح اترمى في الصحراء وخلاص أول ما يجب توفيره هناك هو مستشفى لأن عمال المدابغ معرضون للإصابات دائما بسبب الآلات الحادة التي يعملون بها والماكينات الكبيرة".
 


يوضح حربى أن النقل في البداية كان سيتم إلى مدينة بدر نفسها، لكن أرض مدينة بدر تم أخذها للعمل عليها بمشاريع أخرى، وعند طرح النقل إلى الروبيكى تم عمل مؤتمر صحفي هناك لإثبات أن الأرض ملك للمدابغ فقط.

 

لا يرى حربى أن الإجراءات التي تتخذها الحكومة يمكن أن تخلق لديهم رغبة في النقل إلى الروبيكى متسائلا "كيف يأخذون منا متر أرض في القاهرة بمقابل نفس السعر للمتر في الصحراء ؟!"، موضحًا أنه يجب أن تطرح الحكومة مساحات أكبر لأصحاب المدابغ.


مطالب العمال

 

يطالب العمال في المصنع بتوفير معيشة لهم هناك قائلين "مينفعش نروح نموت هناك، احنا مش حنروح هناك إلا لما يكون هناك جاهز تمامًا".

 

يعود حربى ليقول "الحكومة تسلمنا جالونات غير مبطنة، وعملية العزل لهذه الجالونات مكلفة للغاية، كما أن البناء يكون بمواصفات خاصة لتحمل وزن الماكينات الكبيرة وهو ما يشكل تكلفة كبيرة عليهم".

 

ويقترح أن تقوم الحومة بدعم المشروع وتوفير الرعاية لهم سواء من الشركات الأجنبية أو البنوك لتوفير الأموال لهم.

 

يوضح حربى أن العقود التي تمت مع الحكومة تنص على أن النقل لن يتم إلا بعد 3 سنوات من استلامهم وحداتهم هناك وبدأ تشغيلها، نافيا ما يتردد عن النقل هذا العام أو العام القادم.
 

 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان