
هل يُقتل الرجل إذا قتل المرأة؟
علاء عريبى
هل يُقتل الرجل إذا قتل المرأة؟
ما هو حكم الشرع فى قتل الرجل للمرأة؟، هل يقتل لقتلها؟، معظم الفقهاء أجمعوا على أن الرجل يُقتل بالمرأة والمرأة تُقتل بالرجل، لكن هناك بعض الراويات نسبت للإمام على بن أبى طالب (ت 40هـ)، وللحسن البصري (ت 110هـ)، ولعطاء بن رباح(ت 114هـ)، ولعثمان البتى (ت 143هـ) وأحمد في رواية عنه: أنه لا يقتل بها حتى يلتزم أولياؤها قدر ما تزيد به ديته على ديتها; فإن لم يلتزموه أخذوا ديتها. بمعنى أنه إذا قتل الرجل بالمرأة كان على أولياء المرأة نصف الدية.
وروى عن علي، والحسن: أنها إن قتلت رجلا قتلت به، وأخذ أولياؤه أيضا زيادة ديته على ديتها، أو أخذوا دية المقتول واستحيوها.
وأما الحسن البصري؛ فقال: إنه لا يقتل الذكر بالأنثى، وهو شاذ. ودليله قوي وهو: قوله: {والأنثى بالأنثى}؛ دلّ النّص بمفهومه على منع الاقتصاص من الرجل إذا قتل امرأة. ويعترض عليه: أنّ هذا المفهوم معارض بمنطوق قوله: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس}، وإذا تعارض المفهوم مع المنطوق قُدِّم المنطوق. ويجاب عليه: بأن ما قلتموه صحيح، لكنّ قوله:{وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس} وارد في شريعة من قبلنا وهي مسألة مختلف فيها، الراجح فيها أنه ليس بشرعٍ لنا.و يُردّ عليهم: أن القائلين بأنه ليس بشرع لنا يأخذون بهذه الآية؛ لأن الدلائل من شريعتنا تُشير إلى أنها شرع لنا، ومنها: قوله: {كتب عليكم القصاص في القتلى}.
وقال بن المنذر(ت 318هـ) فى الإشراف على مذاهب العلماء: وخالف الحنفية فيما دون النفس، واحتج بعضهم بأن اليد الصحيحة لا تقطع باليد الشلاء بخلاف النفس فإن النفس الصحيحة تقاد بالمريضة اتفاقا، وأجاب ابن القصار(قاضى مالكى ت 397هـ) بأن اليد الشلاء في حكم الميتة والحي لا يقاد بالميت.
وأخرج البيهقي(458هـ) عن أبي الزناد(عبدالله بن ذكوان ت 130هـ) أنه قال: كان من أدركته من فقهائنا الذين ينتهى إلى قولهم منهم: سعيد بن المسيب(ت 94هـ)، وعروة بن الزبير(ت 94هـ) والقاسم بن محمد(ت 108هـ)، وأبو بكر بن عبد الرحمن(ت 94ه)، وخارجة بن زيد بن ثابت(ت 99هـ)، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة(ت 98هـ)، وسليمان بن يسار(ت بين 94 : 104ه) في مشيخة جلة من سواهم من نظرائهم أهل فقه وفضل، أن المرأة تقاد من الرجل عينا بعين وأذنا بأذن، وكل شيء من الجراح على ذلك وإن قتلها قتل بها. ورويناه عن الزهري(185هـ) وغيره وعن النخعي(ت 71هـ)، والشعبي(ت 100ه)، وعمر بن عبد العزيز(ت 101ه).
القرطبى فى تفسيره ناقش هذه المسألة، وذكر أن أصل الروايات المنسوبة للإمام على رويت عن الشعبى، وهى غير صحيحة لأن الشعبى لم يقابله، وذكر ما جاء على لسان الشعبى وقام بتفنيده: قال الشعبي وقتادة وغيرهما: إن أهل الجاهلية كان فيهم بغي وطاعة للشيطان، فكان الحي إذا كان فيه عز ومنعة فقتل لهم عبد، قتله عبد قوم آخرين قالوا: لا نقتل به إلا حرا، وإذا قتلت منهم امرأة قالوا: لا نقتل بها إلا رجلا، وإذا قتل لهم وضيع قالوا: لا نقتل به إلا شريفا، ويقولون: ( القتل أوقى للقتل) بالواو والقاف، ويروى ( أبقى ) بالباء والقاف، ويروى ( أنفى ) بالنون والفاء، فنهاهم الله عن البغي فقال : كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد الآية، وقال ولكم في القصاص حياة، وبين الكلامين في الفصاحة والجزل بون عظيم.
روى هذا الشعبي عن علي، ولا يصح ; لأن الشعبي لم يلق عليا، وقد روى الحكم عن علي وعبد الله قالا: إذا قتل الرجل المرأة متعمدا فهو بها قود، وهذا يعارض رواية الشعبي عن علي وأجمع العلماء على أن الأعور والأشل إذا قتل رجلا سالم الأعضاء أنه ليس لوليه أن يقتل الأعور، ويأخذ منه نصف الدية من أجل أنه قتل ذا عينين وهو أعور، وقتل ذا يدين وهو أشل، فهذا يدل على أن النفس مكافئة للنفس ، ويكافئ الطفل فيها الكبير .
ويقال لقائل ذلك : إن كان الرجل لا تكافئه المرأة ولا تدخل تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم : المسلمون تتكافأ دماؤهم فلم قتلت الرجل بها وهي لا تكافئه ثم تأخذ نصف الدية ، والعلماء قد أجمعوا أن الدية لا تجتمع مع القصاص ، وأن الدية إذا قبلت حرم الدم وارتفع القصاص ، فليس قولك هذا بأصل ولا قياس ، قاله أبو عمر رضي الله عنه ، وإذا قتل الحر العبد ، فإن أراد سيد العبد قتل وأعطى دية الحر إلا قيمة العبد، وإن شاء استحيا وأخذ قيمة العبد، هذا مذكور عن علي والحسن ، وقد أنكر ذلك عنهم أيضا .
للتواصل مع الكاتب عبر البريد الإلكتروني.. اضغط هنا