
عادل صبري رمز الصحافة المهنية
السيد موسى
عادل صبري رمز الصحافة المهنية
تواترت الأنباء يوم الثلاثاء الماضي لتخبرنا بالقبض على رئيس تحريرنا أستاذي عادل صبري وغلق مقر "مصر العربية" ومنع الزملاء من تأدية عملهم الذي يعتبروه رسالة وواجب يؤدوه نحو وطننا العزيز مصر.
للوهلة الأولى اعتقدنا أنه مجرد إجراء للتنغيص على الموقع الإخباري ورئيسه ونوع من التنكيل المعتاد للأسف خلال السنوات القليلة الماضية التي ضاق فيها القائمون على إدارة الدولة بأي نقد مهما كان محدودًا وضاق الأفق السياسي لهم عن استيعاب الدور الذي يلعبه الإعلام المحايد والذي يأتي موقع "مصر العربية" في مقدمة من قام بهذا الدور العظيم في وقت أصبح الأغلب والأعم يدور في كنف التوجيهات التي تريد أن يكون هناك صوت ولون واحد لكل وسائل الإعلام لا يخرج عنها أحد.
ولما كان عادل صبري الصحفي صاحب مدرسة المهنية التي تخرجنا منها ومنذ ثمانينات القرن الماضي عندما التقيت به وأنا ما زلت في المدرسة الأحمدية الثانوية في مدينتي طنطا حين كان هو أحد أساتذتنا في تجربة الصحافة المعارضة الإقليمية وهي جريدة "وفد الدلتا" وتحديدًا في 1988.
المهنية والدفاع عن الناس وقضاياهم ومشاكلهم كانت ومازالت أهم درس تعلمناه منه هو ورفيق دربه الراحل العظيم عادل القاضي.
ومرت السنوات وجاء الزمن الردئ الذي رأينا فيه كثيرين يضعون المبادئ جانبًا ويبيعونها هي والقيم في سوق نخاسة الكلمة والرأي لمن يدفع وتحول مجال الصحافة والإعلام إلى مجال للبحث عن المكاسب والسبوبات والمصالح المالية وفقط في ظل عمل ممنهج لإفساد هذه الطائفة وخلق مجموعات منهم تحت مسمى مشبوه هو الأذرع الإعلامية. وبعد أن كانت الصحافة دائمًا ما تعرف بأنها مهنة الباحثين عن المتاعب بحكم دفاعها عن المبادئ أصبحت بسبب الإفساد الممنهج مهنة البحث عن الممول.
وطوال هذه السنوات وعبر عقود لم يلهث أستاذي عادل صبري وراء المُعز ولم يسع إلى ذهبه وكان دائمًا ثابتًا على قيم المهنة ومراعيًا ومازال للمبادئ المهنية العظيمة للصحافة ومستعدًا دائمًا وبعناد شديد لدفع ثمن ذلك مهما كان هذا الثمن.
عادل صبري الذي ترأس تحرير بوابة الوفد والذي تتلمذ على يديه كثيرون وتصدروا نجاحات صحفية في إصدارات عديدة وهم من تعلموا منه قيمة أنك حتى لو كنت وحيدًا في الطريق الصحيح فإن ذلك أفضل جدًا من أن تكون زعيمًا في الطريق الخطأ.
هو أيضًا من علمهم أن يحترموا القارئ حتى يحترمهم ويصدقهم وأن عليهم نقل الخبر والحدث بدقة للقارئ وترك الحكم له.
وكم من المغريات التي عرضت على عادل صبري إلا أنه رفضها انحيازًا لمبادئه والحدود التي وضعها وحددها لنفسه حتى وإن أصبح فريدًا في تمسكه بها كأصول وثوابت مهنة ومهنية لا يمكن التخلى أو التنازل عنها مهما تسببت له في مشاكل لكنه كان ومازال يُؤْمِن ويتشبث بها.
لذا فإن المِحنة التي يمر بها أستاذي الآن هي بمثابة اختبار جديد سينجح فيه أستاذي بلا شك وسيخرج منها أقوى ومتمسكًا بذات القيم والمبادئ التي لم ولن يتخلى عنها أبدًا.
"سَهِرَتْ أَعينٌ، وَنَأمَتْ عُيونُ
في أمورٍ تكونُ أو لا تكونُ
فَادْرَأ الهمَّ مَا استَطعْتَ عَنْ النَّفْـس
فحملا نكَ الهمومَ جنونُ
إن رَّباَّ كفاكَ بالأمسِ ما كانَ
سَيَكْفِيكَ في غَدٍ مَا يَكُونُ"
الإمام الشافعي