رئيس التحرير: عادل صبري 12:27 مساءً | الاثنين 16 يونيو 2025 م | 19 ذو الحجة 1446 هـ | الـقـاهـره °

شنو القانون؟!.. صدام حسين

شنو القانون؟!.. صدام حسين
02 أكتوبر 2016

شنو القانون؟!.. صدام حسين

رجائي فايد

شنو القانون؟!.. صدام حسين

في كلمتنا السابقة رأينا كيف اعتبر صدام حسين أن نظام حكمه نظام مرن لأنه في حماقة بالغة أعدم قائدا ميدانيا عرفت عنه شجاعته الفائقة واعتبر خائنا، وإلى جهنم وبئس المصير، ثم بعد ذلك اكتشف أنه كان بطلا فاعتبر شهيدا، هنا يتأكد لنا مدى عبثية ما يتقول به صدام فهو القانون، يشرع كما يشاء ويطبق ما شرعه وفق ما يشاء أيضا.


لذلك فإن الدولة العراقية تحت حكم صدام خرجت من إطار ما يسمى بالدولة الحديثة، التي يتساوى فيها المواطنون جميعا بالقانون وميزان العدالة، والعدالة هي مفهوم يعنى عدم الانحياز في أى محاكمة لأى إنسان لأى سبب، ولذلك فإن دولة الحق والقانون، هي نقيض لدولة الاستبداد، التي نجد فيها الحكام يمارسون فيها السلطة حسب هواهم، في حين أن دولة الحق يعتبر القانون هو الحاكم وهو الذي يلجم الحاكم حتى لا يجمح بممارساته ضد شعبه،.

إن سيادة القانون في ظل "دولة القانون" لا يستفيد منه الفرد والمجتمع فحسب ولكنه يمنح لدولة القانون قوة واحترامًا داخل المجتمع الذي تسيره ويمنح لسلطتها وقراراتها المصداقية، علاوة على الاحترام الدولي أو الخارجي لتلك الدولة.

لقد كان هناك في العراق برلمانا يُطلق عليه "المجلس الوطني"، وهذا البرلمان الذي يفترض أنه يمثل الشعب لم يعرف عنه يوما أنه ناقش تشريعا تحتاجه الدولة، ومن ثم رفعه إلى رئيس الجمهورية لإصداره، وحتى لا أعمم، فمن المرات النادرة أن المجلس الوطنى العراقي ناقش في عدة جلسات قانون العلم العراقي، وأذكر أن من ضمن مواد هذا القانون مادة تنص على أن (العلم العراقي لا ينكس)، وعندما أبدى أحد الأعضاء ملاحظة حول ذلك فربما يحدث ما يستوجب تنكيس العلم، هنا كانت كلمات الاعتراض (لايوجد في عراق صدام حسين ما يستوجب تنكيس العلم)، وبالفعل سكت المعترض، إذ هل يجرؤ أن يذكر حالة واحدة تستوجب تنكيس العلم؟ ومن المعروف أن العلم الوحيد في العالم الذي لا يُنكس هو العلم السعودي لوجود لفظ الجلالة.

لم تكن هناك أدنى علاقة بالمجلس الوطنى وإصدار القوانين، لقد كانت القوانين والتشريعات في العراق حينئذ محصورة في إصدارها بمجلس قيادة الثورة الذي يتلخص في رئيسه صدام حسين، وكان من المعتاد أن يفاجأ المواطنون بخبر في التلفاز (أصدر مجلس قيادة الثورة بجلسته المنعقدة بتاريخ كذا هذا القانون)، وفي الحقيقة فإن مجلس قيادة الثورة لم ينعقد، ولكن القانون الذي نص عليه الخبر كان أمرا مباشرا من صدام، لذلك قال صدام (شنو القانون، القانون مجرد كلمتين نكتبهم في ورقة) وكما قال في الواقعة التي سأذكرها، والتى تؤكد على مدى استخفافه بكافة الأفكار التي صيغت على مر التاريخ واجتهد في صياغتها مفكرون وفلاسفة، والتى طرحناها سابقا، وأسوق هذه الواقعة.

كان من الأمور المألوفة قيام صدام حسين بجولات مفاجئة على مرافق الدولة وعلى المدن والنواحى والأقضية والقرى، وللأمانة فقد كانت تلك الجولات مفاجئة بالفعل، فلا يعلم أحد بها على الإطلاق حتى حمايته اللصيقة، إنه يصدر أمره (لدينا جولة في هذا اليوم)، فتصعد حمايته في الطائرات المروحية، وفي السماء يخبرهم بوجهته، فيطالعون خريطة مكان الزيارة المفاجئة، ويوزعون الأدوار ثم يتوجهون حيث أمر، ويهبطون بطائراتهم ويحتلون المكان بالكامل، ثم يهبط صدام ويقوم بجولته، والتى تتمخض عن ترفيع من يشاء، ومعاقبة من يشاء.

وفي زيارة ميدانية له في إحدى القرى تقدم منه شاب يشكو من أنه لم ينجح في الحصول على أجازة لقيادة سيارة أجرة يتكسب منها لعدم انطباق الشروط الصحية عليه لأنه مصاب في عينه، حيث أنه من معوقى قادسية صدام المجيدة، هنا قال صدام مقولته (شنو القانون، القانون مجرد كلمتين نكتبهم في ورقة) وأصدر أمره (اكتب يا حسين)، وحسين هو حسين كامل زوج ابنته رغد والذى قُتل في الواقعة المعروفة، وكان حينئذ يتولى منصب رئاسة حمايته اللصيقة، وعلى الفور أمسك حسين بورقة ليدون ما يمليه عليه، (اكتب يضاف إلى قانون المرور هذه الفقرة، يستثنى معوقى قادسية صدام ضد الفرس المجوس من الشروط الصحية لاستخراج أجازة القيادة)، وبالفعل صدر القانون في اليوم التالى (اجتمع مجلس قيادة الثورة. الخ)!

تلك هي نظرة صدام للقانون والذى درسه لعدة سنوات في كلية الحقوق جامعة القاهرة، وفي ظل هذه النظرة كانت تصدر قوانين لفئة بعينها، مثل القانون الذي صدر (يعاقب بالإعدام كل من ينتمى لحزب الدعوة)، والقانون الذي صدر بحل النقابات العمالية لأن صدام في إحدى خطبه قال (من الآن لا يوجد عمال في العراق، الكل موظفون) وقانون اللياقة الصحية، الذي حدد وزنا مثاليا لكل مسؤول من درجة مدير عام فما فوق، وحدد العقوبات الوظيفية ضد كل من يفشل في تخفيض وزنه إلى الوزن المثالى الذي حدده صدام، تلك هي نظرة نظام حكم صدام للقانون، نظام يتباكى عليه البعض الآن، نظام يرى في القانون أنه مجرد كلمتين في ورقة، (شنو القانون!).

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    أحدث المقالات

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    محمد إبراهيم

    تضامنا مع مصر العربية.. الصحافة ليست جريمة

    السيئ الرئيس!

    سليمان الحكيم

    السيئ الرئيس!

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    علاء عريبى

    يسقط المواطن ويحيا القولون الغليظ!

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    تامر أبو عرب

    عزيزي عادل صبري.. والاس هارتلي يُقرؤك السلام

    ما جريمة عادل صبري؟

    يحيى حسين عبد الهادي

    ما جريمة عادل صبري؟

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    أميمة أحمد

    عادل صبري.. المثقف الوطني وجه مصر

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    محمد إبراهيم

    نظرة على الانتخابات بعد انتهائها

    عادل صبري حفيد النديم

    سليمان الحكيم

    عادل صبري حفيد النديم

    عادل صبري وترخيص الحي!

    علاء عريبى

    عادل صبري وترخيص الحي!

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية

    السيد موسى

    عادل صبري رمز الصحافة المهنية