"بعد أن اعتقل محمد بن سلمان عددا كبير من الأمراء السعوديين وملاك الإعلام ومليارديرات البيزنس بتهمة الفساد، غرد دونالد ترامب قائلا: "بعض من هؤلاء الذين يعاملون بقسوة حاليا حلبوا وطنهم على مدى سنوات".وظللت أضحك فحسب مما كتبه الرئيس الأمريكي، عندما أسمع أن الأمراء السعوديين ألقي القبض عليهم بتهمة الفساد يماثل مثلا أن أقرأ خبرا مفاده أن دونالد ترامب أقال سبعة وزراء "بتهمة الكذب". أنت تعرف أن الأمر يرتبط بشيء آخر. من الواضح أن ترامب لم يقرأ قصة العام الماضي التي تشير إلى أن محمد بن سلمان اشترى يختا أثناء قضائه عطلة في جنوب فرنسا مقابل 550 مليون دولار. هل أخذ إم بي إس المال من حصالته الخنزيرة؟ أم أنها مدخرات من كشك الليمون الخاص به في الرياض؟".
جاء ذلك في سياق مقال مطول للكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان بصحيفة نيويورك تايمز تحت عنوان "انتباه.. أمير في عجلة من أمره".
وإلى ترجمة النص الكامل للمقال
من أجل فهم الاضطرابات التي تحدث في السعودية الآن، ينبغي أن تبدأ بالحقيقة السياسية الأكثر أهمية حول تلك الدولة التي لم تكن القوة السياسية المهيمنة عليها خلال الأعوام الأربعة الأخيرة تتمثل في الإسلاموية أو الأصولية أو الليبرالية أو الرأسمالية أو الداعشية.، لكنها كانت الزهايمر.
الملك الحالي للسعودية البالغ من العمر 81 عاما، حل محل ملك مات في سن التسعين، والذي كان قد خلف بدوره ملكا في الرابع والثمانين من العمر.
الأمر ليس أن أيا من هؤلاء الملوك لم يقدم إصلاحات، لكنها جاءت في وقت يشهد فيه العالم تغييرا فائق السرعة في التكنولوجيا والتعليم والعولمة.
هؤلاء الملوك المتعاقبون اعتقدوا أن إصلاح دولتهم بسرعة 10 ميل في الساعة أمر كاف، وأن إيرادات النفط تستطيع تغطية هذه الوتيرة البطيئة.
لم يعد ذلك يجدي نفعا بعد الآن، إذ أن حوالي 70 % من الشعب السعودي تحت الـ 30 عاما، بينهم 25 % في فئة العاطلين.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن هناك 200 ألف آخرين يدرسون بالخارج، ويعود إلى المملكة كل عام حوالي 35000 حاملين درجات علمية، ويبحثون عن عمل ذي معنى، ناهيك عن شيء لطيف يستطيعون فعله بخلاف الذهاب إلى المسجد أو المول.
النظام السعودي في حاجة ماسة إلى خلق المزيد من الوظائف خارج قطاع النفط الذي لم تعد فيه الإيرادات السعودية كما كانت، ولا تستطيع الحكومة الاستمرار في التهام مدخراتها لشراء الاستقرار.
لقد كانت هذه هي الخلفية التي تكمن وراء لعبة السلطة الجريئة والمتهورة في نفس الوقت التي نفذها نجل الملك، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر 32 عاما.
لقد حاورت محمد بن سلمان مرتين، إنه شاب في عجلة من أمره.
لقد وجدت عاطفته نحو الإصلاح أصلية، ودعمه لشباب دولته معتبرا، وقضيته المتمثلة في عمل تغيير جذري في المملكة السعودية ملحة.
حقا، ثمة شيئان أستطيع التفوه فهما عن بن سلمان: إنه ماكينزي أكثر من كونه وهابي، ورجل أرقام أكثر من كونه قرآني.
وإذا لم يكن محمد بن سلمان موجودا، كان سيتعين على النظام السعودي اختراع شخص ما يحدث تغييرا زلزاليا بالمملكة.
ولكن الأمر الذي لا أعرفه بالقطع: أين ستقف عاطفة التغيير السريع مع بداية العاطفة الاستبدادية للاستحواذ على السلطة؟
وبعد أن ألقى بن سلمان القبض على عدد كبير من الأمراء السعوديين وملاك الإعلام ومليارديرات البيزنس بتهمة الفساد، غرد ترامب قائلا: "بعض من هؤلاء الذين يعاملون بقسوة حاليا حلبوا وطنهم على مدى سنوات".
وظللت أضحك فحسب بعد قراءة تغريدة ترامب، عندما أسمع أن الأمراء السعوديين ألقي القبض عليهم بتهمة الفساد يماثل مثلا أن أقرأ خبرا مفاده أن دونالد ترامب أقال سبعة وزراء "بتهمة الكذب".
أنت تعرف أن الأمر يرتبط بشيء.
من الواضح أن ترامب لم يقرأ قصة العام الماضي التي تشير إلى أن محمد بن سلمان اشترى بشكل يتسم بالتهور يختا أثناء قضائه عطلة في جنوب فرنسا مقابل 550 مليون دولار.
هل أخذ إم بي إس المال من حصالته الخنزيرة؟ أم أنها مدخرات من كشك الليمون الخاص به في الرياض؟ أم أنه وفرها عبر برنامج دعم حكومي على غرار 401(k .
لقد طرحت هذه النقطة لأنه عندما تنفذ العديد من الإصلاحات الجذرية مرة واحدة، وتخلق العديد من الأعداء مرة واحدة مثلما فعل محمد بن سلمان، فإن جلبابك ينبغي أن يكون نظيفا جدا.
ينبغي أن يؤمن الناس أنك تعني حقا ما تقول، وأنك لا تملك أجندة خفية، لأن التغيير سيكون مؤلما.
انظر إلى ما يفعله محمد بن سلمان مرة واحدة:
من أجل إسراع عملية صنع القرار، يعيد بن سلمان تشكيل الدولة السعودية من ائتلاف عائلي واسع النطاق، يتم فيه مشاركة السلطة وتبديلها على سبع عائلات رئيسية على أن تتخذ القرارات بالإجماع، إلى دولة تحكمها فرع عائلة وحيد، أنها لم تعد "سعودي آرابيا" لكنها أصبحت "سلمان آرابيا".
وفي أحد سلسلة الاعتقالات، تخلص بن سلمان بشكل أساسي من الحرس القديم الشاب، الأبناء الرئيسيين وغرمائه الطبيعيين من الفروع الأخرى بالعائلة المالكة.
وألقى بن سلمان كذلك القبض على ملاك القنوات الثلاثة شبه المستقلة، إم بي سي، وإيه آر تي، وروتانا.
وفي نفس الوقت، يحدث محمد بن سلمان تغييرا في أساس شرعية النظام.
ففي عام 1979، في أعقاب استحواذ واعظ سعودي أصولي على أكثر الأماكن المقدسة في مكة، مدعيا آن آل سعود ليسوا إسلاميين بما فيه الكفاية، اتخذت العائلة المالكة السعودية تحولا حادا بالداخل وبدأت في تصدير إسلامها السني الوهابي المتزمت للخارج، وبناء مساجد ومدارس من لندن إلى إندونيسيا.
وتسبب ذلك في كارثة للعالم الإسلامي وتفريخ تنظيمات مثل القاعدة وداعش، وإحداث حالة من التقهقر للتعليم العربي ومكانة المرأة.
وتعهد بن سلمان بميلاد إسلام اكثر وسطية، وبدأ بتقليص الشرطة الدينية، والسماح للمرأة بالقيادة.
إنها خطوة مهمة بشكل هائل أن تمنح شعب الجرأة على إبداء آرائهم في الحكومة ليس استنادا على الورع ولكن بالأداء، ليس بالقرآن ولكن بمؤشرات البطالة والنمو الاقتصادي والإسكان والرعاية الصحية.
بيد أن بن سلمان يستبدل الوهابية كمصدر للتماسك، بقومية سعودية أكثر علمانية، ذات نزعة مناهضة بقوة لإيران والشيعة، وهو الأمر الذي يأخذه إلى بعض الأماكن الخطيرة.
ومن أجل مواجهة إيران، دفع بن سلمان رئيس وزراء لبنان سعد الحريري إلى تقديم استقالته من منصبه السبت بينما كان الأخير في زيارة إلى الرياض.
وعلاوة على ذلك، ألقى باللوم على إيران وحلفائها الشيعة لاضطرابات الحكم التي آلت إليها لبنان، وحملها مسؤولية الصاروخ الذي انبعث من اليمن.
لبنان، الذي شكلت توازنا مستقرا نسبيا بين السنة والمسيحيين والشيعة تهتز حاليا.
"إم بي إس" (الاختصار الإنجليزي لمحمد بن سلمان) قاد أيضا الجهود الخليجية لعزل قطر لتقاربها الشديد من إيران.
وبدافع من بن سلمان في سحق التأثير الإيراني في اليمن، قام بسحق اليمن نفسها خلال تلك العملية.
ما يفعله بن سلمان أمر مفرط، ويبدو أنه لا أحد حوله يقول له ذلك.
وقال لي صحفي سعودي مخضرم متحدثا عن بن سلمان: "هذا الرجل أنقذ السعودية من الموت البطيء، لكنه يحتاج إلى توسيع قاعدته. من الجيد أن يقوم بتحرير بيت آل سعود من نفوذ رجال الدين، لكنه لا يسمح بأي رأي آخر في قراراته السياسية والاقتصادية".
أشعر بالقلق من أن هؤلاء الذين يحثون بن سلمان أن يتخذ موقفًا أكثر عداءً في المواجهة مع إيران التي يحتاج نفوذها الإقليمي الخبيث إلى توازن إقليمي مضاد، مثل الإمارات وترامب وصهره جاريد كوشنر وبنيامين نتنياهو سيدفعون ولي العهد إلى خوض حرب بالخارج والداخل في نفس الوقت، وقد نرى السعودية والمنطقة بأسرها خرجت عن نطاق السيطرة.
وأكرر مجددا إنني أشعر بالقلق.