رئيس التحرير: عادل صبري 12:56 صباحاً | الخميس 18 أبريل 2024 م | 09 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

هرمز لا يزال ملتهبًا.. هل ستنقذ غابة أنابيب النفط دول الخليج؟

هرمز لا يزال ملتهبًا.. هل ستنقذ غابة أنابيب النفط دول الخليج؟

محمد الوقاد 17 أغسطس 2019 21:26

بعد الأمر القضائي الذي أصدرته الولايات المتحد بتوقيف ناقلة النفط الإيرانية "جريس 1"، والتي كانت تستعد للإبحار من ميناء جبل طارق، بعد قرار حكومة المنطقة الإفراج عنها، الخميس، بات واضحا أن التصعيد البحري سيستمر، وأن "حرب الناقلات" التي اندلعت في مضيق هرمز والخليج العربي لها فصول أخرى.

 

كان الكثيرون قد تنفسوا الصعداء، بعد قرار حكومة جبل طارق، الخاضعة لبريطانيا، الإفراج عن الناقلة البريطانية، مما يعني احتمالية هدوء الأمور على مضيق هرمز، والتي اشتعلت بعد احتجاز تلك الناقلة، قبل أسابيع، لكن التصعيد الأمريكي الجديد أعاد إلى الواجهة مجددا أهمية بحث الدول المحيطة بمضيق هرمز، وأبرزها دول خليجية، على بدائل لتصدير نفطها إلى الأسواق الدولية.

 

وتكمن أهمية مضيق هرمز في أنه يمر عبره ثلث الصادرات النفطية العالمية، أي 15 مليون برميل يوميا وجميع صادرات الغاز القطرية المتوجهة بشكل أساسي إلى الصين والهند وشرق آسيا.

 

شريان رئيسي

 

وتعد تلك  الصادرات المصدر الأساسي أو شبه الوحيد لإيرادات هذه الدول بلا منازع، غير أن أهمية المضيق لا تنبع من ذلك وحسب، بل أيضا من أهميته  للبضائع الأخرى التي تستوردها الدول المذكورة من أجل صناعتها وزراعتها وخدماتها واستهلاكها اليومي من الأغذية والألبسة والأجهزة المنزلية وغيرها.

 

يضاف إلى ذلك الأهمية الجيو سياسية له بين الشرق الأوسط والهند وجنوب ووسط وشرق آسيا. وإذا كانت بلدان كالسعودية وسلطنة عُمان لديها بدائل بفضل تمتعها بشواطئ ومرافئ بعيدة عن هرمز على البحر الأحمر بالنسبة للسعودية وبحر العرب بالنسبة إلى عُمان، فإن بلدانا أخرى كالكويت وقطر والعراق لا تتمع بأية ممرات بحرية بديلة.

 

غابة أنابيب

 

غابة أنابيب.. قد يكون هذا هو البديل الأكثر منطقية، حيث تستعيض الدول المحيطة بالمضيق بخطوط أنابيب تحت الأرض لتصدير النفط، عوضا عن تحميل الناقلات بالخليج، ومرورها عبر المضيق الملتهب.

 

من المهم هنا، استعراض بعض تفاصيل "خطة الأنابيب"، وهي تفاصيل تناولتها تحليلات دولية..

 

السعودية: لديها بالطبع حاليا خطي أنابيب عملاقين يصل شرقها بغربها، حيث يأخذ النفط من المنطقة الشرقية الغنية، حتى غرب المملكة في ينبع، على ساحل البحر الأحمر، وخصص أحد هذين الخطين لنقل الزيت الخام بينما ينقل الآخر الغاز المسال.

 

تمت توسعة الأنبوبين، عام 1992 لتبلغ الطاقة الاستيعابية لهما 4.5 ملايين برميل في اليوم وتبلغ الطاقة التخزينية في مدينة ينبع ما يقارب 12.5 مليون برميل في اليوم، بالإضافة إلى القدرة على تخزين وتصدير الغاز المسال. وهذا يمكِّن المملكة من تصدير ما يصل إلى 50٪ من إنتاجها اليومي عبر ذلك المنفذ الذي ربما يحتاج إلى توسعة أخرى للوفاء بمتطلبات المستقبل.

 

ومؤخرا، قال وزير الطاقة السعودي "خالد الفالح" إن بلاده تعمل على زيادة طاقة خط الأنابيب الذي يصل شرق السعودية بمدينة ينبع على البحر الأحمر بنسبة من 5 إلى أكثر 7 ملايين برميل يوميا بهدف تجنب مياه مضيق هرمز.

 

العراق: يصدر العراق 3.4 مليون برميل يوميا عبر مضيق هرمز و 100 ألف برميل فقط عبر تركيا، وتكمن أول بدائل العراق على ما يبدو في مشروع لبناء خط أنابيب جديد يصل حقول النفط كركوك مع ميناء جيهان التركي.

 

كما أنه في إطار التقارب العراقي السعودي ليس من المستبعد الاتفاق على تصدير نفط عراقي عبر خط قديم للأنابيب يربط حقول نفط في البصرة العراقية بميناء المعجز على البحر الأحمر، وقد توقف العمل بهذا الخط الذي يستوعب أكثر من 1.5 مليون برميل يوميا عام 1990 بسبب حرب الخليج الأولى.

 

الإمارات: تمتلك الإمارات خط أنابيب تصل طاقته إلى 1.6 مليون برميل يوميا ويصل نفط أبو ظبي بساحل الفجيرة المطل على بحر عُمان دون المرور عبر هرمز، وهناك إمكانية لتوسيع هذا المشروع رغم قربه من منطقة التوتر في مضيق هرمز.

 

الكويت وقطر: هاتان الدولتان هما أكثر الدول المتضررة من احتمال غلق مضيق هرمز، حيث ستحول التوترات السياسية بين قطر والسعودية والإمارات دون استفادة الدوحة بخطوط الأنابيب الموجودة بها، وكذلك لا تمتلك الكويت خطوطا استراتيجية، وبالتالي سيكونان في مأزق بسبب عدم تمكنهما من تصدير النفط الكويتي والغاز المسال القطري.

 

البدائل أمام تلك الدولتين، ستكون على النحو التالي:

 

الخزن الاستراتيجي: ويتمثل في استخدام المخزون الاستراتيجي لدولة خليجية ما في دولة أخرى، كأن تحتفظ الكويت بمخزون في اليابان مثلا.

 

ناقلات النفط العملاقة: يمكن استخدامها كمحزونات مؤقتة لأي طارئ حال إغلاق المضيق.

سلطنة عمان: لا حاجة لديها لمضيق هرمز من الأساس، لأنها تطل على بحر العرب والمحيط الهندي، وهي بعيدة تماما عن توترات المضيق.

 

إيران: هناك حديث متزايد عن مشاريع لتصدير النفط عبر بحر قزوين والدول المحيطة به وخاصة روسيا، إذ إنه، حسب شركة تطوير صناعة النفط الإيرانية، هناك مشروع يجري تداوله حاليا لمدى أنابيب من وإلى وسط غرب البلاد إلى ميناء جاسك جنوب غرب البلاد المطل على بحر عُمان لتصدير النفط دون المرور عبر خليج هرمز.

 

هل هناك جدوى؟

 

لكن السؤال: هل يشكل السباق على بناء خطوط أنابيب جديدة في شبه الجزيرة العربية والعراق وإيران بمليارات الدولارات الإضافية لنقل النفط والغاز عبر البر بدائل لمضيق هرمز البحري؟

 

القضية أن هرمز ليس الشريان الحيوي فقط للصادرات النفطية، بل للبضائع الأخرى التي تحتاجها الدول المطلة على الخليج.

 

وعليه فإن أنابيب النفط الجديدة التي سيصعب تنفيذ بعضها لأسباب سياسية وأمنية لا تحل سوى جزء من المشكلة، يضاف إلى ذلك أظهرت الهجمات التي أصابت ناقلات النفط بالقرب من ميناء الفجيرة بعيدا عن هرمز وتلك التي قام بها الحوثيون وأصابت منشآت نفطية داخل الأراضي السعودية أن البدائل المطروحة ليست آمنة بالضرورة، ناهيك عن تكلفتها العالية التي ستنهك الميزانيات التي تعاني العجز المتزايد أصلا.

 

يعني ذلك أن تلك الدول لا غنى لها عن المضيق الذي يحاول الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" فرض قواعد مرور جديدة عبر مياهه، وتقوم هذه القواعد على تشكل تحالف عسكري تقوده واشنطن لحماية السفن العابرة من هجمات محتملة. ومن شأن تحالف كهذا أن يبقي التوتر قائما بشكل يرفع تكاليف النقل والتأمين ونفقات التسلح في المنطقة.

 

وحال استمرار ذلك التوتر عبر المضيق، فإن اقتصاديات دول الخليج والصين وشرق آسيا، وإلى حد ما الاتحاد الأوروبي ستكون أول الخاسرين بسبب أهمية أسواق المناطق المذكورة لبعضها واعتمادها على مصادر الطاقة الخليجية والعراقية والايرانية.

 

ومع استمرار التوتر تهرب الاستثمارات من دبي والمنامة وعواصم الأعمال الأخرى الخليجية وتعطل المشاريع الحيوية لتنمية الاقتصاد.

 

كل السيناريوهات إذن تصب في صالح حماية المضيق، بأي ثمن، مع ترجيح عدم منطقية إقدام إيران على غلقه، واستعداء المجتمع الدولي، لكن لا أحد يضمن ماذا قد يحدث، في حال واجهت إيران تصعيدا أمريكيا غير مسبوق، وهو مستبعد حاليا أيضا.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان