رئيس التحرير: عادل صبري 03:43 مساءً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

مأرب.. من يربح «المعركة الأخيرة» في حرب الـ 6 أعوام؟

مأرب.. من يربح «المعركة الأخيرة» في حرب الـ 6 أعوام؟

العرب والعالم

جانب من القتال في مأرب

مأرب.. من يربح «المعركة الأخيرة» في حرب الـ 6 أعوام؟

عمر مصطفى 18 فبراير 2021 23:20

احتدمت المعارك بين قوات حكومة اليمنية مدعومة بالتحالف السعودي من جهة، وقوات جماعة الحوثي من جهة أخرى، حول محافظة مأرب، التي تشكل موطئ القدم الأخير لقوات الحكومة في شمال اليمن، وهو ما يدفع الحوثيين للاستمالة من أجل السيطرة عليها، خاصة في ظل توجه دولي لوضع حد لحرب خلفت دمارا واسعا في واحد من أفقر دول العالم.

 

وقالت مصادر في الجيش اليمني والحكومة المعترف بها دوليا إن التحالف الذي تقوده السعودية أرسل قوات إلى منطقة مأرب وكثف ضرباته الجوية في محاولة لصد تقدم الحوثيين. ونقلت "رويترز" عن مصدر بالحكومة في مأرب ومصدر عسكري إن مئات المقاتلين وصلوا من حضرموت وشبوة في الجنوب، حيث مقر الحكومة المدعومة من السعودية، ومن ضواحي محافظة صنعاء في الشمال.

 

قصف عنيف

وقال أحد السكان إن تعزيزات عسكرية مرت عبر مأرب اليوم الخميس وإن طائرات التحالف الحربية نفذت عدة ضربات جوية. وأضاف أن دوي القصف المتبادل خلال الاشتباكات سمع من الخطوط الأمامية التي تبعد نحو 30 كيلومترا غربي المدينة.

 

وقال الجيش اليمني في تغريدة عبر "تويتر" اليوم الخميس إن الغارات الجوية للتحالف دمرت منصة لإطلاق الصواريخ تابعة للحوثيين في المخدرة غربي مدينة مأرب وأربعة صواريخ باليستية.

 

في المقابل، أفادت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين، الخميس بأن عبدالكريم أمير الدين الحوثي، وزير الداخلية في الحكومة التي شكلتها جماعة الحوثي، أمر بنشر قوات الأمن وموظفي الإغاثة على نطاق واسع في مأرب و"مواكبة الانتصارات العسكرية بانتصارات أمنية تتمثل في تحقيق الأمن للمواطنين". ويهدد القتال بتشريد مئات الآلاف وتعقيد الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي النزاع المستمر منذ أكثر من 6 سنوات.

سر الصمود

وتقع محافظة مأرب في وسط الجمهورية اليمنية على الجهة الشمالية الشرقية للعاصمة صنعاء التي تقبع تحت سيطرة الحوثيين منذ 2014، وتحدّها محافظة الجوف شمالاً ومحافظتي شبوة والبيضاء جنوباً، كما تحدّها محافظتا حضرموت وشبوة من الشرق وصنعاء من الغرب. وتُعدّ مأرب من أهم المحافظات الاقتصادية لما تمتلكه من ثروات نفطية، كما أنها المنتج والمصدر الوحيد للغاز في البلاد، فضلا عن موقعها الجغرافي المتميز الذي يتوسط محافظات عدة.

 

وهذا الضغط العسكري المستمر هو امتداد لهجوم الحوثيين على المحافظة منذ سيطرتهم على صنعاء، والذي اشتدت وتيرته مطلع عام 2020 بعد السيطرة على عاصمة محافظة الجوف ومناطق واسعة استراتيجية في مديرية نهم شرق صنعاءوسعى الحوثي منذ عام 2014 إلى السيطرة على مأرب عبر جبهات عدة، لكنه واجه مقاومة شرسة جداً، أجهضت هذا التحرك حتى اليوم.

 

ويفسّر المحلل السياسي عبد الوهاب بحيبح، أحد أبناء المحافظة، هذا الأمر بالقول إن "صمود مأرب يرجع إلى التلاحم القبلي الكبير بين أبنائها، الذين جعلوا مصلحة المنطقة فوق الانتماء السياسي والقبلي ووضعوا كل الخلافات والمشكلات جانباً، وتوحدوا من أجل الدفاع عن الجمهورية وأهدافها".

 

كما أن مأرب تاريخياً، بحسب بحيبح، محافظة "رافضة ومقاومة للحكم الإمامي، ودائماً ما يصعب عليها التعايش مع هذا الشكل من الأنظمة، وما يحصل اليوم امتداداً طبيعياً لتاريخها في مقارعة حكم الأئمة الذي هيمن على البلاد قبل إعلان الجمهورية".

 

من جهته، يقول الباحث والمحلل العسكري علي الذهب، إن مأرب تجسد بالنسبة إلى الحوثيين الهدف الأكبر على مستوى الجبهات كلها لاعتبارات كثيرة، أهمها أن "الجبهات الأخرى مجمدة باتفاق ستوكهولم أو باتفاقات غير معلنة مع أطراف إقليمية"، إضافة إلى تمثيلها "الحاضنة الحقيقية والمرتكز الأكبر للسلطة الشرعية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وحتى اجتماعياً، وهي بذلك تشكّل مورداً للطاقة وطريقاً للسيطرة على المحافظات الجنوبية، لا سيما شبوة المحاذية لها، وعدن".

 

ويشير إلى أن "الحوثيين وجدوا فرصة بعد اتفاق ستوكهولم وتجميد الجبهات في تعز، لمحاولة السيطرة على مأرب"، وهي بذلك تمثّل المعركة المقابلة لمعركة صنعاء.

يجب وقف الهجوم

من جانبه حذر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث، اليوم الخميس، من أن "السعي لانتزاع السيطرة على الأراضي بالقوة يهدد كل آفاق عملية السلام". وأكد غريفيث أن هجوم المتمردين الحوثيين على مدينة مأرب شمال البلاد "يجب أن يتوقف"، وحذّر من كارثة إنسانية.

 

وقال غريفيث خلال اجتماع عبر الفيديو لمجلس الأمن الدولي مخصص لليمن أن الهجوم "يعرّض ملايين المدنيين للخطر، خاصة مع وصول القتال إلى مخيمات النازحين". وأضاف أن "السعي لتحقيق مكاسب ميدانية بالقوة يهدد آفاق عملية السلام".

 

وتابع أنه "لإحياء العملية السياسية، يجب على الأطراف أن توافق على الفور على وقف لإطلاق النار على المستوى الوطني، ينهي جميع أشكال القتال". وشدد غريفيث على أنه "لا أحد يستطيع أن يفعل أي شيء لإجبار المتحاربين على السلام ما لم يختاروا إلقاء أسلحتهم والتحدث مع بعضهم البعض"، مشيرا إلى أن "مسؤولية إنهاء الحرب تقع أولاً وقبل كل شيء على عاتق أطراف النزاع. آمل ألا يفوتوا هذه الفرصة".

 

ويحاول المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران، منذ أكثر من عام السيطرة على مدينة مأرب الثرية بالنفط والتي تمثل آخر معقل للحكومة المعترف بها في شمال البلاد. وبعد تهدئة، استأنف الحوثيون في الثامن من فبراير هجومهم على القوات الموالية للحكومة المدعومة من تحالف تقوده السعودية.

 

بدوره حثّ المبعوث الأمريكي لليمن تيم ليندركينغ الحوثيين الثلاثاء على "وقف زحفهم". وسمى الرئيس الأمريكي جو بايدن هذا الدبلوماسي مؤخرا، وهو يأمل في انهاء النزاع.

 

وفي السياق، قال الأمين العام المساعد للأمم المتحدة المكلف الشؤون الإنسانية مارك لوكوك على تويتر إن الهجوم على مأرب يعرّض مليوني مدني للخطر، وأشار إلى احتمال اضطرار مئات الآلاف للنزوح مع ما يترتب عن ذلك من تداعيات إنسانية.

حرب مدمرة

وسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء عام 2014، لتبدأ الحرب التي خلفت أسوأ أزمة إنسانية في العالم وفق الأمم المتحدة. وسيطر المتمردون عقب ذلك على أغلب مناطق شمال البلاد.

 

ويعاني الملايين من اليمنيين الجوع والفقر والقصور الطبي، بسبب استمرار النزاعات العسكرية في البلاد، في حين يوجه البعض، بينهم مسؤولون حكوميون يمنيون، انتقادات متكررة إلى السعودية والإمارات، حيث أرسلتا قوات إلى مناطق بعيدة عن نفوذ الحوثيين، خصوصا في محافظتي سقطرى والمهرة (شرق)، مما أثار سخط كثيرين شددوا على ضرورة تحرير المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وليس التوجه شرقا لتحقيق "مطامع توسعية".

 

ويدفع المواطن اليمني البسيط ضريبة الحرب، حيث بات الملايين على حافة المجاعة، إذ يعتمد 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، على المساعدات الإنسانية للبقاء أحياء.

 

وتقدر الأمم المتحدة خسائر الأرواح بمقتل أكثر 112 ألف شخص، منهم 12 ألف مدني، لكن الواقع يشير إلى أن الضحايا المدنيين أكثر من ذلك بكثير.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان