رئيس التحرير: عادل صبري 07:01 مساءً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

الصراع يحتدم في تونس.. جدل «الصلاحيات» ينذر بجمود سياسي

الصراع يحتدم في تونس.. جدل «الصلاحيات» ينذر بجمود سياسي

العرب والعالم

احتجاجات بتونس

الصراع يحتدم في تونس.. جدل «الصلاحيات» ينذر بجمود سياسي

أيمن الأمين 01 فبراير 2021 14:54

رغم كونها التجربة الأنجح من بين دول الربيع العربي، حيث تحافظ تجربتها الديمقراطية الوليدة على انتظام وانضباط آلياتها، إلا أنها تواجه حللقة جديدة من حلقات الصراع السياسي بين الرئاسيات الثلاثة (الرئاسة والبرلمان والحكومة) ما ينذر بدخول البلاد في حالة من الجمود السياسي.

 

وتزامنا مع احتجاجات غاضبة تضرب الشارع التونسي منذ نحو أسبوع، تصاعد الخلاف ليصل إلى سدة الحكم، على خلفية صراع حول الصلاحيات الدستورية وحدودها بين الرئاسات الثلاثة.

 

وتناقلت صفحات التواصل الاجتماعي قبل أيام، تسجيلا مصورا لرئيس حركة النهضة، يحاور فيه مجموعة من أنصار الحركة، وقد كشف خلاله عن عدم رضاه عن امتناع رئيس الجمهورية عن قبول الوزراء الجدد في حكومة رئيس الوزراء هشام المشيشي لأداء اليمين الدستورية.

 

وتساءل الغنوشي "نحن من المفترض في نظام برلماني، دور رئيس الدولة فيه رمزي وليس إنشائيا، وموضوع الحكم وموضوع مجلس الوزراء يعود إلى رئيس الحكومة وإلى الحزب الحاكم".

 

 

وخلص رئيس البرلمان إلى أن تونس تعيش صعوبات المزج بين النظامين الرئاسي والبرلماني، وأن النتيجة تكمن في إقامة نظام برلماني كامل فيه فصل حقيقي بين السلطات، وتكون فيه السلطة التنفيذية في يد الحزب الفائز بالانتخابات.

 

ويأتي الموقف الذي أبداه الغنوشي في أعقاب تأخر رئيس الجمهورية عن قبول تنظيم موعد أداء اليمين الدستورية للوزراء الجدد في حكومة المشيشي، رغم مراسلة البرلمان له في مناسبتين.

 

وسبق أن أعلن الرئيس قيس سعيد رفضه التعديل الوزاري بحجة وجود وزراء تطالهم شبهات فساد، لكن رئيس الحكومة اختار المرور بقوة نحو البرلمان ليحصل على الثقة بأغلبية مريحة.

 

ويخشى كثيرون أن تزيد تصريحات رئيس حركة النهضة من تعميق الشرخ بينه وبين رئيس الجمهورية، في ظل أزمة سياسية واجتماعية غير مسبوقة تعيش على وقعها البلاد.

 

وكشف الناطق باسم المكتب التنفيذي لحركة النهضة فتحي العيادي في تصريحات صحفية، أن تصريحات الغنوشي جاءت في إطار حوار شامل عن الوضع العام في البلاد، أجراه مع مجموعة من الشباب والشخصيات السياسية في كندا عبر تطبيق "زوم" (ZOOM)، استمع خلاله لاستفساراتهم وتساؤلاتهم.

 

 

وقال العيادي إن ما جاء على لسان رئيس الحركة عن دور رئيس الجمهورية، كان تفاعلا مع أطروحات بعض المحاورين في علاقة بالأنظمة البرلمانية في العالم، والتي تكون فيها صلاحيات رئيس الجمهورية محدودة في تشكيل الحكومة أو المصادقة على التعديل الوزاري.

 

ورفض العيادي توصيف تلك التصريحات بأنها محاولة للانقلاب على رئيس الجمهورية أو على الدستور، وفق ما ذهبت إليه قيادات سياسية معارضة، مشددا على أن النهضة منحازة إلى الحوار في هذه المرحلة بهدف تجاوز كل الأزمات.

 

وتابع أن "نظامنا وتجربتنا تحتاج دائما إلى قراءة وإلى تعديل وتصويب، نحترم صلاحيات رئيس الجمهورية الواردة في الدستور ونلتزم بها، وندعو إلى مزيد من التعاون والحوار بين الرئاسات الثلاث، وليس العكس".

 

وخلص إلى أن النهضة لديها قناعة راسخة بأن أولوية المرحلة لا تتمثل في النقاش حول تغيير النظام السياسي، بقدر ما تتوجه نحو تشكيل المحكمة الدستورية والنظر في إمكانية تنقيح النظام الانتخابي.

 

في السياق، وصف أمين عام حركة "مشروع تونس" محسن مرزوق موقف الغنوشي بأنه " تعبير صادق عن فكره الانقلابي العميق".

 

 

بدوره، وصف رئيس حركة "تونس إلى الأمام" عبيد البريكي -في تدوينة له- ما جاء على لسان الغنوشي عن الدور الرمزي لرئيس الجمهورية، بأنه "انقلاب" على شرعية رئيس منتخب من 3 ملايين تونسي.

 

ويرى محمد عمار رئيس الكتلة الديمقراطية في البرلمان، والتي تضم كلا من حزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب، أن ما جاء على لسان الغنوشي يعد "أمرا خطيرا"، من شأنه أن يزيد في تعميق الأزمة السياسية ويؤجج الخلافات بين الرئاسات الثلاث.

 

من جهته، علق أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك على تصريحات الغنوشي، بالقول "إن دور رئيس الجمهورية في المنظومة الدستورية ليس دورا رمزيا تشريفيا، فالنظام السياسي ليس برلمانيا صرفا".

 

وأشار -في تدوينة له- إلى أن انتخاب رئيس الجمهورية انتخابا عاما ومباشرا من الشعب، يعطيه "شرعية ثقيلة".

 

 

ولفت إلى أن التعديل الوزاري لا يخضع فقط للقواعد الدستورية المكتوبة، بل أيضا للعرف الدستوري الجاري الذي يصبح قوة إلزامية تجعله مصدرا ثابتا للقانون الدستوري، وفق تحليله.

 

ويتهم كثيرون في تونس النهضة بمحاولة السيطرة على مفاصل الحكم في البلاد، عبر التحالف مع رئيس الحكومة هشام المشيشي وإبعاد المقربين من الرئيس قيس سعيّد.

 

على الجانب الآخر، قال الناشط السياسي، عمر صحابو، إن "السلطات الثلاث في تونس قد دخلت في مرحلة الاقتتال"، معتبرا أن الحرب بينها أصبحت واضحة وجلية.

 

واعتبر صحابو في تصريح للإعلام المحلي "أن المبادرات والمصالحة هي حلول ترقيعية ولم تعد نافعة نظرا لدرجة الانهيار الشامل التي وصلت إليها البلاد"، في إشارة إلى مبادرة الحوار الوطني التي أطلقها الاتحاد العام التونسي للشغل منذ شهرين.

 

وشدد على "أن تونس في خطر"، داعيا إلى ضرورة "المرور لمرحلة أخرى من خلال تعبير الشعب عن رفضه للمنظومة الحالية من أجل تغييرها".

 

وشهدت تونس احتجاجات في مناطق عدة في البلاد، بالتزامن مع الذكرى العاشرة للانتفاضة التي أطاحت حكم زين العابدين بن علي.

 

 

وتفاقم الجمود السياسي والتراجع الاقتصادي مما دفع كثيرا من التونسيين للتشكيك في ثمار الثورة.

 

وعرفت تونس احتجاجات متكررة طيلة فترة الانتقال السياسي منذ 2011، لاسيما خلال فترة إحياء ذكرى الثورة بين شهري ديسمبر ويناير.

 

وشهدت الاحتجاجات هذا العام أعمال عنف ومواجهات مع رجال الأمن في ظل تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي تحت وطأة وباء كورونا.

 

وتزامنت الاحتجاجات في البلاد مع تفاقم الأزمة السياسية، حيث أقرّ النواب تعديلاً وزارياً واسعاً يسلّط الضوء على التوترات السياسية بين رئيس الجمهورية قيس سعيّد والبرلمان.

 

يشار إلى أنه بعد أسبوع على مصادقة البرلمان بالأغلبية على 11 وزيرا ضمن التعديل الذي أجراه رئيس الحكومة هشام المشيشي، مازال أداء اليمين الدستورية معلقا، في ظل تمسك الرئيس قيس سعيد برفض أداء عدد من الوزراء للقسم، وذلك على خلفية ملاحقتهم بـ"شبهات فساد أو تضارب مصالح".

 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان