رئيس التحرير: عادل صبري 04:11 مساءً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

بأحكام نهائية «قاسية».. محاكمة رموز بوتفليقة «صفقة أم عدالة»؟

بأحكام نهائية «قاسية».. محاكمة رموز بوتفليقة «صفقة أم عدالة»؟

العرب والعالم

أحمد أويحيى

بأحكام نهائية «قاسية».. محاكمة رموز بوتفليقة «صفقة أم عدالة»؟

متابعات 28 يناير 2021 17:00

أصدرت محكمة بالجزائر العاصمة الخميس على رئيسي الوزراء السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال أحكاما قاسية بالسجن لتورطهما في فضيحة فساد في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وفق ما عُلم من مصدر قضائي.

 

وأكدت المحكمة الأحكام الصادرة بالسجن لمدة 15 عاما و12 عاما خلال المحاكمة الأولى في ديسمبر 2019 ضد أويحيى وسلال على التوالي، اللذين أدينا بتهم الفساد والمحسوبية في قطاع تجميع السيارات والتمويل "الخفي" لحملة بوتفليقة الانتخابية في عام 2019.

 

وكان أويحيى قد أقر بأنه تلقى في فترة توليه رئاسة الوزراء سبائك ذهب من قادة خليجيين، قائلا إنه أعاد بيعها في السوق السوداء.

 

وكان القضاء قد أدان عشرين متهما، بينهم مسؤولون سابقون ورجال أعمال وموظفون كبار، في ديسمبر 2019 في إطار أول محاكمة كبيرة تلت تحقيقات واسعة إثر استقالة الرئيس السابق بوتفليقة في الثاني من أبريل تحت ضغط حركة احتجاج شعبية.

 

وأيدت المحكمة الأحكام السابقة بالسجن ضد كل من أحمد أويحيى بالسجن النافذ 15 عاماً، وعبدالمالك سلال بـ12 سنة سجناً نافذاً، مع غرامة مالية لكل منهما قدرت بمليون دينار (7522 دولارا أمريكيا).

 

بالإضافة إلى تثبيت الأحكام القاسية ضد 4 رجال أعمال نافذين في عهد النظام السابق، على رأسهم علي حداد بـ4 سنوات سجناً في قضية التمويل الخفي لحملة بوتفليقة الانتخابية.

 

وفي قضية الفساد المتعلقة بمصانع تركيب السيارات الأجنبية، أدانت المحكمة رجلي الأعمال أحمد معزوز وحسان عرباوي بـ4 سنوات سجناً نافذا، ومحمد بايري بـ3 سنوات سجناً نافذا.

 

وأضافت قاضية الجلسة أحكاماً أخرى لرجال الأعمال الثلاثة في قضية تركيب السيارات الأجنبية تتعلق بعقوبة تسديد غرامات مالية قدرت قيمتها الإجمالية بـ120.227 مليار دينار، والتي تقارب نحو مليار دولار أمريكي، مع مصادرة جميع العائدات غير المشروعة والعقارية والمنقولة والأموال المحجوزة في حساباتهم البنكية.

 

أما عن الوزراء السابقين، فتقرر تخفيض عقوبة السجن لوزيري الصناعة الأسبقين يوسف يوسفي وبدة محجوب من 7 سنوات إلى 3 سنوات، مع تبرئتهما من تهمتي الرشوة وتعارض المصالح. 

 

بالإضافة إلى أحكام أخرى بالسجن ضد موظفين في وزارة الصناعة، مع تبرئة محافظة ولاية تيبازة السابقة نورية زرهوني.

 

وتشمل الاتهامات الموجهة لأركان النظام السابق، "مخالفة الصفقات التي تحصلوا عليها رجال الأعمال الثلاثة، وتبييض الأموال، وتحويل الممتلكات الناتجة عن عائدات إجرامية لجرائم الفساد بغرض إخفاء وتمويه مصدرها غير المشروع".

 

وكذا "تبديد أموال عمومية، وإساءة استغلال الوظيفة عمداً بغرض منح منافع غير مستحقة للغير على نحو يخرق القوانين والتنظيمات، وتعارض المصالح بمخالفة الإجراءات المعمول بها في مجال الصفقات العمومية، وإبرام عقود وصفقات مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري العمل بها بغرض إعطاء امتيازات غير مبررة للغير". 

 

تسوية سياسية أم تحقيق للعدالة؟

 شهدت الجزائر منذ النصف الثاني من الشهر الماضي قرارات قضائية مفاجأة، قضت بقبول الطعن بالنقض الخاصة بالأحكام النهائية الصادرة ضد أركان نظام الرئيس المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة.

 

قرارات أثارت الكثير من الجدل في الجزائر، وطرحت معها تساؤلات عن توقيتها ودلالاتها، وإن كانت تحمل في طياتها "صفقة أو تسوية سياسية معينة" داخل دهاليز الحكم بالجزائر لإعادة تموقع أجنحة النظام، أو أن الأمر مرتبط بتحقيق للعدالة، خصوصاً بعد أن أجمعت لوائح هيئات الدفاع على أن قضاياهم كانت "مسيسة".

 

آخر تلك القرارات الصادرة عن المحكمة العليا (أعلى هيئة قضائية بالجزائر) كانت في ديسمبر الماضي، بإعادة النظر في التهم الموجهة للمرشح الرئاسي السابق والجنرال المتقاعد علي غديري وأحالت ملفه من جديد إلى محكمة "الدار البيضاء" بالعاصمة، وفق ما أعلنت عنه هيئة دفاع المتهم.

 

ويتابع "غديري متهم بتهم ثقيلة تتعلق بالخيانة وتقديم معلومات اقتصادية سرية لجهة أجنبية"، وكذا "إحباط معنويات الجيش"، وسط توقعات بتبرئته من التهم المنسوبه له، فيما أسقطت عنه تهمة التخابر في 10 يونيو/حزيران الماضي، بعد أن أودع السجن المؤقت في 14 يونيو 2019. 

 

وفي 18 نوفمبر، قبلت المحكمة العليا (أعلى هيئة قضائية بالجزائر) الطعن بالنقض الذي تقدمت به هيئة الدفاع عن المتهمين الثلاثة الصادرة عن مجلس الاستئناف العسكري بمحافظة البليدة، وإعادة إحالة الملف على هيئة قضائية جديدة ومؤقتة.

 

وكانت محكمة البليدة العسكرية قد دانت في ديسمبر 2019، ذاتها المتهمين بالسجن 15 سنة نافذة بعد أن تم توقيفهم في مايو من العام ذاته، عقب إطاحة الحراك الشعبي بنظام بوتفليقة وأجبرته على الاستقالة في 2 أبريل 2019. 

 

يأتي ذلك، فيما مثُل، الأحد، السعيد بوتفليقة للمرة الأولى أمام قاضي التحقيق المتخصص في الجرائم المالية والاقتصادية بمحكمة "سيدي أمحمد" في العاصمة، حيث استمع لأقواله في قضية فساد وتزوير تتعلق بقضية وزير العدل الأسبق المقرب منه الطيب لوح.

 

وبالتوازي مع ذلك، وافقت أيضا المحكمة العليا في 27 نوفمبر بشكل مفاجئ على الطعن بالنقض المقدم من هيئة دفاع رئيسي الوزراء الأسبقين أحمد أويحيى وعبدالمالك سلال في الأحكام الصادرة عن مجلس قضاء الجزائر.

 

وتعلقت الأحكام النهائية بعدة قضايا فساد تتعلق أساساً بمصانع تجميع السيارات الأجنبية والامتيازات الممنوحة لها، وكذا التمويل الخفي لحملة بوتفليقة غداة ترشحه لولاية خامسة فبراير 2019 لانتخابات الرئاسة الملغاة، التي كانت مقررة في 18 أبريل من السنة ذاتها.

 

وأدانت محكمة "سيدي أمحمد" أويحيى وسلال بنحو 50 سنة سجناً في عدة قضايا فساد.

 

صفقة أم عدالة؟

وأثار قبول المحكمة الطعن بالنقض المقدم من قبل هيئة دفاع أركان نظام بوتفليقة لإعادة محاكمتهم من جديد في قضايا فساد وأخرى تتعلق بالأمن العام، جدلا في الجزائر.

 

واعتبره متابعون بالمؤشر على وجود صفقة تحت الطاولة بين أجنحة السلطة الجزائرية لإعادة ترتيب البيت الداخلي، تضمنت تنازلات سياسية، خصوصا أن محاكمتهم كانت من أبرز مطالب الحراك الشعبي الذي خرج في فبراير 2019 بمحاسبة رموز النظام السابق واستعادة الأموال المنهوبة في عهده.

 

واعتبر حقوقيون أن الأحكام الصادرة بحق هؤلاء خصوصاً ضد رئيس جهاز المخابرات الأسبق كانت بناء على "خلافات شخصية وتصفية حسابات بين قيادة الأركان السابقة وصقور المخابرات السابقين".

 

الخبير القانوني عامر رخيلة والعضو السابق بالمحكمة العليا الجزائرية أشار في تصريح صحفي إلى أن قبول المحكمة العليا الطعن بالنقض يتعلق بـ"قضية واحدة من أصل قضايا أخرى بها تهم أخرى لا يزال التحقيق جارياً فيها".

 

وأضاف أن ذلك "لا يعني صدور أحكام بالبراءة بشكل قطعي، وبالتالي نحن أمام إما تأييد الحكم وإما إلغاؤه في قضية واحدة وليس مجموعة من القضايا".

 

واعتبر أن المحكمة العليا تمارس مهامها بشكل قانوني، ونوه في المقابل بأنه "من حق النائب العام الطعن في أي حكم قضائي بالبراءة، وإذا لم يكن محبوساً لتهم أخرى يتم الإفراج عنه".

 

واستبعد العضو السابق بالمجلس الدستوري الجزائري تبرئة رموز النظام السابق في قضايا الفساد ونهب المال العام، استنادا إلى "الأدلة الكثيرة التي تم التوصل إليها عن حجم التلاعب ونهب المال العام"، وأشار إلى أن "ملف متابعتهم لا يزال متواصلا".

 

إلا أنه نوه بـ"وجود مؤشرات توحي سعي بعض الأطراف لوقف هذه المتابعات القضائية"، مشيرا في السياق إلى "ارتفاع أصوات للأسف حتى داخل ما تبقى من الحراك تطالب بإطلاق سراح أغلب المتهمين من النظام السابق وإحقاق العدالة العادلة".

 

وختم بالإشارة إلى أن ذلك "يؤكد أمرا واحدا، وهو بقاء الثورة المضادة في مجال محاربة الجريمة الاقتصادية".

حراك الجزائر
  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان