بعد أيام من استقالة رئيس حكومة تونس إلياس الفخفاخ، بعد اتهام البرلمان للفخفاخ بشبهات "تضارب المصالح"، كلّف الرئيس التونسي قيس سعيد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال هشام المشيشي، بتشكيل حكومة جديدة.
ويعتبر تكليف المشيشي مفاجئا للأحزاب والكتل البرلمانية لأنه لم يكن على قائمة ترشيحاتها التي قدّمتها للرئاسة التونسية.
ولم يُطرح اسم هشام المشيشي ضمن الأسماء التي عرضتها الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية على رئيس الجمهورية.
وكان سعيد قد تلقى على مدار الأسبوع الماضي مقترحات الكتل البرلمانية التي ضمت مرشحين عدة لتولي منصب رئيس الحكومة، من بينهم شخصيات حزبية واقتصادية، إضافة إلى وزراء في الحكومة الحالية.
ولا يفرض الدستور التونسي على رئيس الجمهورية التقيد بترشيحات الأحزاب والكتل البرلمانية بعد استشارتها، غير أن التحدي الذي سيواجه المشيشي سيتمثل في حصوله على تزكية أغلبية البرلمان لفريقه الحكومي.
وقال سعيد خلال تكليف المشيشي إن "الوقت حان لمراجعة الشرعية في البلاد"، في إشارة إلى النظام السياسي القائم.
وأضاف، في إشارة إلى أن اختياره مختلف عن مقترحات الأحزاب الرئيسية: "نحترم الشرعية لكن آن الأوان لمراجعتها حتى تكون بدورها تعبيرا صادقا وكاملا عن إرادة الأغلبية".
ويقصد الرئيس ضمنا نسبة انتخابه التي فاقت 70% في انتخابات الرئاسة 2019 وبعدد أصوات فاق أصوات الأحزاب مجتمعة في الانتخابات التشريعية للعام نفسه.
ويعد المشيشى من الدائرة المقربة من الرئيس، حيث عمل سابقا مستشارا قانونيا للرئيس قيس سعيد، قبل تعيينه وزيرا للداخلية في حكومة الفخفاخ.
كما كان رئيسا للديوان في وزارة النقل، وعمل أيضا في وزارة الشؤون الاجتماعية.
ويُنظر للمشيشي على نطاق واسع باعتباره مقربا من سعيد، كما كان أيضا عضوا بالهيئة الوطنية للتقصي حول الفساد التي تشكلت عام 2011، عقب الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وهشام المشيشي البالغ من العمر 46 سنة يُعتبر من الجيل الجديد الذي لم يشغل من قبل توليه حقيبة الداخلية مناصب سياسية كبيرة ولم يمارس العمل الحزبي في أي من الأحزاب الموجودة على الساحة.
وحصل المشيشى على الأستاذية في الحقوق والعلوم السياسية بتونس وعلى شهادة ختم الدراسات بالمرحلة العليا للمدرسة الوطنية للإدارة بتونس وعلى الماجستير في الإدارة العمومية من المدرسة الوطنية للإدارة بسترازبورغ.
ويُعد تكوين هشام المشيشي إداريا خالصا بعيدا عن العمل الحزبي أو الانتماء الأيديولوجي، في معطى قد يمثل رسالة من رئيس الجمهورية قيس سعيد بأن المرحلة القادمة تتطلب شخصية مستقلة عن جميع الأحزاب الفاعلة على الساحة السياسية الآن، وشخصية قوية قادرة على تطبيق القانون وإعادة هيبة الدولة التي تراجعت كثيرا في السنوات الأخيرة، بحسب متابعين للشأن السياسي.
وفجرت استقالة إلياس الفخفاخ هذا الشهر أزمة سياسية في البلاد وسط توتر وصل مداه إلى البرلمان، حيث تسعى بعض الأحزاب لسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الإسلامي. ويعقد المجلس جلسة سحب الثقة يوم الخميس المقبل.
في المقابل، دعت حركة النهضة التونسية مكونات الساحة السياسية كافة إلى التهدئة والحوار، ودعم مقومات الوحدة الوطنية وتجنب التحريض والإقصاء.