رئيس التحرير: عادل صبري 09:11 مساءً | الخميس 28 مارس 2024 م | 18 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

الجانب المشرق لانهيار أسعار النفط.. هل تتغير المنطقة للأفضل؟

الجانب المشرق لانهيار أسعار النفط.. هل تتغير المنطقة للأفضل؟

العرب والعالم

الجانب المشرق لانهيار أسعار النفط

الجانب المشرق لانهيار أسعار النفط.. هل تتغير المنطقة للأفضل؟

محمد الوقاد 20 مايو 2020 23:30

بشكل عام، يُنظر إلى الانخفاض الهائل في أسعار النفط، والذي نجم جزئيًا عن حرب الأسعار بين السعودية وروسيا على أنه يشير إلى كارثة اقتصادية، ليس فقط لمنتجي النفط، ولكن أيضًا للدول التي تعتمد على التحويلات المالية من مواطنيها العاملين في الدول المصدرة للنفط مثل السعودية والإمارات.

 

ويزداد الوضع خطورة لأن التعافي السريع في أسعار النفط أمر غير مرجح، خاصة في ضوء التباطؤ العام للاقتصاد العالمي نتيجة جائحة "كورونا".

 

ومع ذلك، يرى محللون أنه إذا تم فهم واستخدام هذه العملية بشكل صحيح، فإن انخفاض أسعار النفط وانخفاض دخل كبار منتجي النفط يمكن أن يثبت أنه "نعمة مقنعة" من خلال تعزيز أهداف اقتصادية وسياسية أكثر عقلانية، بالإضافة إلى إعادة التفاوض على الأهداف الاجتماعية والسياسية  بين الحكومات والشعوب في الشرق الأوسط.

 

بعد الزيادة الحادة في إيرادات منتجي النفط في السبعينيات، كانت هناك آمال كبيرة في التنمية ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن أيضًا في البلدان النامية الأخرى، بما في ذلك في أفريقيا.

 

كان هناك العديد من المخططات للتعاون الاقتصادي بين الدول العربية وكذلك ما يسمى بالتعاون العربي الأفريقي.

ولم يتم استبعاد البلدان الآسيوية من مثل هذه المخططات.

 

التعاون الثلاثي

 

كان من المأمول في ذلك الوقت أن يتم تسخير رأس مال مصدري النفط وتكنولوجيا الدول الغربية وموارد الدول الأخرى من أجل التنمية العالمية في إطار ما كان يشار إليه فيما بعد باسم "التعاون الثلاثي".

 

بحلول الثمانينيات، لم يتبق الكثير من هذه الأهداف النبيلة. مع وصول إدارة "ريجان" في عام 1981، فقدت الولايات المتحدة اهتمامها بالعالم الثالث باستثناء ساحة المنافسة مع الاتحاد السوفييتي كما هو الحال في أفغانستان.

 

استخدم مصدرو النفط أموالهم لشراء الأسلحة وبناء مشاريع ضخمة غير مجدية، أو لشراء الفنادق والقصور والكماليات الأخرى في الدول الغربية.

 

بالرغم من أن مبالغ كبيرة نسبياً من المساعدات تم صرفها للدول الفقيرة، إلا أنها لم تستخدم للقيام باستثمارات حكيمة في الزراعة والصناعة والتي كان من الممكن أن تساعد في تنمية اقتصاديات الاكتفاء الذاتي.

 

كان بعض سوء استخدام الأموال نتيجة لاستراتيجيات أطلق عليها بعد ذلك إعادة "تدوير البترودولار" وكانت تهدف إلى تعويض الدول الصناعية عن ارتفاع أسعار الطاقة المستوردة.

 

كان شراء كميات كبيرة من الأسلحة، والاستثمار في الاقتصادات الكبيرة، وحتى شراء السلع الفاخرة جزءًا من الصفقة.

الحروب الإقليمية

 

ساهمت الزيادة في ثروة مصدري النفط في الحروب الإقليمية.

 

على سبيل المثال، لم يكن بوسع العراق أن يشن حربًا ضد إيران لمدة 8 سنوات بدون الدعم المالي والمادي من الدول الغنية بالنفط.

 

إيران نفسها، بالرغم من أنها كانت تتمتع بموارد نفطية أقل بكثير، إلا أنها كانت ستضطر إلى إنهاء الحرب في وقت أقرب بدون إيرادات النفط.

 

في الآونة الأخيرة، أصبح قرار السعودية بغزو اليمن، الذي كان متبوعًا بانخراط الإمارات في الصراع، بالإضافة إلى تدخلات أبوظبي في ليبيا وأماكن أخرى، ممكناً بفضل ثرواتهما النفطية.

 

علاوة على ذلك، فإن جميع مصدري النفط تقريبًا دعموا في وقت أو آخر الجماعات شبه العسكرية وحتى الجماعات الإرهابية، من "طالبان" إلى "حزب الله" إلى "داعش" وغيرها الكثير.

 

وبالمثل، كان ظهور علاقة مدمرة بين أموال النفط والصناعات الدفاعية في البلدان المتقدمة سلبية.

 

وترى الباحثة "شيرين هنتر" أن هذا الأمر أدى إلى ارتباط الاقتصادات الغربية الرئيسية مع عدد قليل من منتجي النفط الرئيسيين وجعلهم يتجاهلون تجاوزاتهم في مناطق مختلفة. وقد ساهمت هذه الصناعات الدفاعية أيضًا في استمرار النزاعات الإقليمية أو فاقمتها على الأقل.

 

على سبيل المثال، كانت الحرب بين إيران والعراق نعمة لكثير من منتجي الأسلحة ولا سيما فرنسا، التي باعت طائرات مقاتلة لبغداد وأصبحت النزاعات الإقليمية في الشرق الأوسط والخليج أيضًا أرضًا خصبة لاختبار أسلحة جديدة، من الطائرات بدون طيار، إلى الصواريخ ، إلى أنظمة الصواريخ الروسية "إس 300"، "إس 400".

 

وتضيف "هنتر": ربما كانت أسوأ نتيجة للثروة النفطية، هي قدرة أنظمة سلطوية، في كثير من الأحيان، على البقاء في السلطة باستخدام عوائد النفط، حيث مكنت الثروة النفطية الدول من التوصل إلى صفقة توفر فيها الحكومة حياة مقبولة للسكان ولا تجمع أي ضرائب مقابل تخلي الشعب عن حقوقه السياسية.

 

على مر السنين، انتقلت عوائد النفط إلى بلدان أخرى، إما من خلال المساعدة المباشرة أو هجرة العمال إلى الدول المنتجة للنفط، مما ساعد الحكومات القمعية مرة أخرى على البقاء في السلطة.

 

نظرة مستقبلية

 

وتشير "شيرين هنتر" إلى أنه ليس هناك ما يضمن أن انهيار أسعار النفط ستؤدي بالمنتجين إلى إعادة تقييم سلوك تلك الدول، والتخلي عن بعض أكثر مشاريعهم ترفًا، والتركيز بدلاً من ذلك على تطوير اقتصادات أكثر تواضعًا واستدامة وأقل عرضة لتقلبات أسواق النفط.

 

ولا يوجد أي يقين بأن انخفاض إيرادات النفط سيدفع أكثر المنتجين تدخلاً وزعزعة للاستقرار نحو تسوية وحل النزاعات العالقة.

 

الأرجح، بحسب الباحثة، هو محاولة تلك الحكومات تخفيف القيود السياسية وغيرها من القيود المفروضة على شعوبها.

ولكن إذا لم يفعلوا ذلك، ولم يتعاف دخلهم من النفط قريبًا، فقد تبدأ الصفقة التي عقدوها مع شعوبهم في الانهيار وقد تتسبب في اضطرابات اجتماعية وسياسية.

 

وإذا رأت هذه الدول أن الأسعار المنخفضة الحالية فرصة للإصلاح نحو اقتصادات أكثر واقعية وطموحات سياسية أكثر محدودية، فيمكن أن تستفيد بشكل كبير على المدى الطويل.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان