رئيس التحرير: عادل صبري 12:49 صباحاً | الأحد 06 يوليو 2025 م | 10 محرم 1447 هـ | الـقـاهـره °

تصعيد بـ«توافق سياسي».. خطة جديدة لإخماد حراك العراق وإخلاء الساحات

تصعيد بـ«توافق سياسي».. خطة جديدة لإخماد حراك العراق وإخلاء الساحات

العرب والعالم

فض احتجاجات العراق

 قتلى ومواجهات دامية..

تصعيد بـ«توافق سياسي».. خطة جديدة لإخماد حراك العراق وإخلاء الساحات

إنجي الخولي 10 نوفمبر 2019 03:39

تواجه التظاهرات العراقية التي انطلقت في مطلع أكتوبر الماضي، مرحلة هي الأخطر عليها، مع توجّه السلطة الحاكمة إلى خيار القوة لإخمادها، بعدما استنفدت كل الوعود الإصلاحية والتي لم تؤدِ إلى وقف الاحتجاجات بل اتسعت دائرتها وأعداد المشاركين فيها، لتجبر الشرطة العراقية المتظاهرين على التراجع باستخدام الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت.

 

وبرزت خطة إنهاء النظام الحاكم للحراك الشعبي، مع التمسك ببقاء رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي في منصبه، واستخدام القوة ضد المتظاهرين مع الكشف عن اتفاق بين كتل سياسية يبقي الحكومة الحالية في السلطة، ويدعم "الحكومة في إنهاء الاحتجاجات بكافة الوسائل المتاحة".

 

اخلاء الساحات وتوافد العراقيين

وسقط، السبت ، سبعة قتلى، ستة منهم بالرصاص الحي وواحد بقنبلة غاز مسيل للدموع، كما أصيب 80 آخرون على الأقل بجروح، خلال مواجهات بين القوات الأمنية والمحتجين.

وذكر المرصد العراقي لحقوق الإنسان في سلسلة تغريدات على "تويتر" أن المتظاهرين قتلوا خلال مواجهات مع قوات الأمن بين ساحتي التحرير والخلاني، المطلتان على نهر دجلة.

وأضاف المرصد أن المتظاهرين أطلقوا نداءات استغاثة من أجل وقف ما وصفها بـ"عمليات العُنف المرتكبة بحقهم".

 

ووثقت مقاطع فيديو لحظات إطلاق عناصر الأمن الرصاص الحي على المتظاهرين في المنطقة.

 

 وبحسب مراسلين من وكالة الأنباء الفرنسية، كان دوي الرصاص كثيفا عند مدخل النفق المؤدي إلى ساحة التحرير من جهة جسر السنك، وشاهدوا عددا من المتظاهرين المصابين بالرصاص والمضرجين بالدماء قبل أن يتم نقلهم بعربات ال"توك توك"، بسبب النقص في سيارات الإسعاف.

 

وفي وقت لاحق، تمركزت قوات مكافحة الشغب في ساحة الخلاني وبدأت التقدم نحو نفق التحرير الموصل لساحة التحرير، وسط إطلاق كثيف لقنابل الغاز، وتحول الأمر لفترة طويلة إلى عمليات كر وفر بين الطرفين في المكان.

 

وتمكنت قوى الأمن من استعادة ثلاثة جسور من أصل أربعة سيطر عليها المتظاهرون في بغداد.

وفي ساعة متأخرة من الليل، تمكنت حشود من المتظاهرين من العودة إلى ساحة الخلاني بعدما تجاوزا نفق التحرير.

 

وفي السياق ذاته، اقتحمت القوات الأمنية ساحة الطيران التي تقع على بعد مئات الأمتار من ساحة التحرير.

 

وإلى أقصى الجنوب، في محافظة البصرة الغنية بالنفط، استخدمت القوات الأمنية الرصاص الحي ضد المتظاهرين المتوجهين إلى مبنى مجلس المحافظة. وأسفر ذلك عن مقتل ثلاثة أشخاص وسقوط عشرات الجرحى، بحسب مصادر طبية.

 

وبدا لكثيرين أن السلطات العراقية عازمة على فض الاعتصام الرئيسي في ساحة التحرير المجاورة، لذا توافدت حشود كبيرة من سكان شرق بغداد ومدينة الصدر إلى الساحة، في محاولة منها لمنع اقتحامها من قبل القوات الأمنية.

وأظهرت صور ولقطات أعداد غفيرة من العراقيين وهي تسير في طوابير طويلة صوب الساحة، التي يتخذها المحتجون مقرا لهم منذ أيام، حيث يطالبون برحيل كل الطبقة السياسية في البلاد.

 

 مؤشرات التصعيد وخطة الفض

وخلال اليوم، ظهرت سلسلة مؤشرات تظهر أن السلطات العراقية عازمة على فض الاعتصام بالقوة، إذ توعدت في بيان رسمي المتظاهرين بعقوبات قضائية تصل إلى السجن المؤبد "لكل من يتعرض للمباني الحكومية"، والحبس لمدة 20 عاما "لكل من يتعرض للمنازل والممتلكات الخاصة".

 

وكشفت وكالة "فرانس برس" عن اتفاق بين القوى السياسية الرئيسية في العراق على إبقاء السلطة الحالية، حتى لو اضطر الأمر إلى استخدام القوة للقضاء على المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام.

وكان عراب هذا الاتفاق، الجنرال قاسم سليماني، قائد فليق القدس في الحرس الثوري الإيراني.

 

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مصادر أن "الأحزاب السياسية اتفقت خلال اجتماع ضم غالبية قيادات الكتل الكبيرة على التمسك بعبد المهدي والتمسك بالسلطة مقابل إجراء إصلاحات في ملفات مكافحة الفساد وتعديلات دستورية".

 

 وأضافت أن الأطراف اتفقت أيضاً على "دعم الحكومة في إنهاء الاحتجاجات بالوسائل المتاحة كافة". ويبدو أن هناك توجهاً قديماً متجدداً إلى إعادة ترميم البيت الشيعي على أن يكون بمثابة تحالف وطني، وفق المصادر نفسها.

 ولفتت مصادر سياسية أيضاً إلى أن الاتفاق بين الأطراف المعنية "بمن فيهم سائرون والحكمة" جاء بعد "لقاء (قائد فيلق القدس) قاسم سليماني بمقتدى الصدر ومحمد رضا السيستاني (نجل علي السيستاني) والذي تمخض عنه الاتفاق على أن يبقى عبد المهدي في منصبه".

 

وأكدت المصادر أن الطرف الوحيد الذي رفض الاتفاق هو تحالف "النصر" بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، الذي يرى أن الحل الوحيد للأزمة هو رحيل عبدالمهدي.

 

وفي السياق نفسه، كشف مسئول عراقي رفيع، طلب عدم ذكر اسمه عن تقديم مسئولين في مكتب رئيس الوزراء وبدعم من قيادات سياسية عراقية محسوبة على تحالف "الفتح"، وهو الجناح السياسي الأكثر التصاقاً بإيران في العراق، خطة من مراحل متعددة لمواجهة التظاهرات.

وأوضح أن الحلقة الضيقة في مكتب عبد المهدي، وبدعم من قيادات تحالف "الفتح"، وشخصيات في "الحشد الشعبي"، قدّمت خطة جديدة من مراحل عدة لعبد المهدي لمواجهة التظاهرات، تنتهي بإخمادها بشكل كامل.

 

وتُطلَق صفة الحلقة الضيقة في مكتب عبدالمهدي على مدير مكتبه أبو جهاد الهاشمي، ومسئولين آخرين في مكتبه مثل مستشاره لشؤون "الحشد" أبو منتظر الحسيني، ووزير الأمن الوطني فالح الفياض وآخرين معروفين بعلاقتهم الوثيقة مع إيران.

 

وكشف المسئول أن الخطة تتضمن استمرار قطع الإنترنت مع استمرار إغلاق الطرق بالكتل الإسمنتية وحصر التظاهرات والاعتصامات في مناطق محددة وعدم السماح بتوسعها، مع مواصلة الرقابة على وسائل الإعلام والنشر، وتنفيذ حملات اعتقالات واسعة تستهدف المؤثرين في التظاهرات، وفي نهاية الخطة أو الإجراءات فإن الاعتصامات والتظاهرات ستواجه بالقوة لتشتيتها وإضعافها تدريجياً.

وقطعت السلطة خدمة الانترنت ، السبت، بعد ساعات قليلة من عودة الخدمة التي قطعتها الحكومة لأول مرة الإثنين الماضي خلال الموجة الجديدة من الاحتجاجات التي بدأت قبل أكثر من أسبوعين.

 

وعود بالاصلاحات

 

في المقابل، عاد عبدالمهدي لمحاولة دفع الناس للخروج من الشوارع بإطلاق تعهدات بتنفيذ إصلاحات وإجراء تعديل وزاري.

 

وفي بيان صادر عنه، تعهد عبد المهدي "بإجراء تغييرات وزارية شاملة استجابة لمطالب المتظاهرين"، معتبراً أن "مرحلة ما بعد 2003 قد شهدت احتكاراً وتحاصصاً للسلطة عبر النظم الانتخابية المصممة تصميماً خاصاً تمنع التداول الحقيقي للسلطة الذي يجدد من شباب عمر الدولة، مما جعل البلاد أسيرة مسارات مغلقة تمنعها من التقدم وتشيع الفساد والمحسوبية والفوضى"، مضيفاً أن هناك "خطوات عديدة لإصلاح النظام الانتخابي والمفوضية، سيتم طرحها خلال الأيام القليلة المقبلة، وأن أهم عامل قد ساعد وسيساعد هو قبول القوى السياسية تصحيح هذه المسارات نتيجة الضغط الجماهيري والمرجعي لتحقيق ذلك".

وحول قطع الإنترنت، لفت إلى أن "قطع شبكة الإنترنت في العراق مؤقت وجاء لمنع استخدامها في الترويج للعنف والكراهية والتآمر على الوطن"، متعهداً بحزم إصلاحات أخرى جديدة منها "اعتماد جدول لتخفيض رواتب كبار المسئولين إلى النصف، وكذلك تعديلات في سلم الرواتب لإنصاف الشرائح الدنيا وتحقيق قدر أكبر من العدالة الاجتماعية وتطبيق نظام التعويضات الاجتماعية الذي من شأنه ألا يترك عراقياً تحت مستوى خط الفقر".

كما وعد "بتطبيق الضمان الاجتماعي وحقوق العمل والتقاعد ليتساوى العاملون في القطاع الخاص مع القطاع العام، وكذلك سنستمر بتنفيذ حزمة الإصلاحات ومنع أي سلاح خارج الدولة ويتم اعتبار أي كيان مسلح يعمل خارج سيطرة الدولة غير قانوني وتتم محاربته، وكذلك ما صدر بخصوص محاربة الفساد وملاحقة تضخم ثروات المسئولين وإحالة كل من يجب إحالته إلى المحكمة المركزية العليا لمحاربة الفساد".

 

"وحل قضايا البطالة وتوزيع الأراضي وتحسين الخدمات وتوفير المزيد من العدالة والتوجه نحو المشاريع في القطاعات الحقيقية ومحاربة الفوضى وغيرها".

 

ويشهد العراق منذ 25 أكتوبر  2019، موجات احتجاجية مناهضة للحكومة وهي الثانية من نوعها بعد أخرى سبقتها بنحو أسبوعين.

 

وتخللت الاحتجاجات، أعمال عنف واسعة خلفت 275 قتيلاً على الأقل فضلاً عن آلاف الجرحى في مواجهات بين المتظاهرين من جهة، وقوات الأمن ومسلحي فصائل شيعية مقربة من إيران من جهة أخرى.

 

والمتظاهرون الذين خرجوا في البداية للمطالبة بتحسين الخدمات وتأمين فرص عمل، يصرون الآن على رحيل الحكومة والنخبة السياسية «الفاسدة».

 

كما يندد الكثير من المتظاهرين بنفوذ إيران المتزايد في البلاد ودعمها الفصائل المسلحة والأحزاب النافذة التي تتحكم بمقدرات البلد منذ سنوات طويلة.

 

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان