رئيس التحرير: عادل صبري 06:43 صباحاً | الخميس 18 أبريل 2024 م | 09 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

في اليمن.. عيون ترنو إلى الحياة وانتهاء الحرب

في اليمن.. عيون ترنو إلى الحياة وانتهاء الحرب

العرب والعالم

الحرب في اليمن

في اليمن.. عيون ترنو إلى الحياة وانتهاء الحرب

وكالات 25 مارس 2016 10:30

في زاوية منزله بأقاصي ريف محافظة تعز، وسط اليمن، يُمسك محمد الشريعي مذياعه الصغير، متنقلاً بين الإذاعات المحلية والدولية، وقلبه يتعطش لسماع خبر عاجل، يبشرّه بانتهاء الحرب التي ستكمل بعد يومين عامها الأول.

 

يحلم الشريعي، وهو رب أسرة مكونة من 5 أشخاص، أجبرته الحرب على النزوح إلى مسقط رأسه في الريف، ومثله آلاف اليمنيين، أن يصحو يوماً وقد وضعت الحرب أوزارها، حتى يتمكن من العودة إلى منزله في وسط المدينة، و ممارسة مهنته على حافلة نقل ركاب صغيرة يملكها، لكنه كالعادة منذ عام يُمسي ويًصبح على أخبار المعارك.

 

يقول للأنضاول، بحسرة:" لا نستيقظ سوى على أخبار تصاعد المعارك، هذا هو العام الأسوأ في حياتنا على الإطلاق منذ اجتياح الحوثيين لمدينتنا، نعيش ومثلنا مئات الأسر النازحة، ظروفاً إنسانية سيئة، فمياه الشرب معدومة ولا حضور للمنظمات الدولية في أرياف المدن".
 

ووفقًا للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، فقد أجبر الصراع في اليمن، المتصاعد منذ عام، أكثرمن مليونين و430 شخص على النزوح من منازلهم، انتقل أغلبهم إلى مناطق يصعب الوصول إليها، متوقعة أن يزداد الوضع سوءاً مع انسداد الأفق السياسية وتفاقم الأوضاع الإنسانية والاجتماعية والإقتصادية.


و باستثناء المحافظات الجنوبية التي تّم تحريرها من الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح، منتصف يوليو الماضي، وتسجيل عدد من النازحين الذين آثروا العودة لمنازلهم، إلا أن المحافظات الأخرى بقيت على حالها، وتصاعد القتال فيها، ما جعل الأمم المتحدة تؤكد أن نسبة النزوح العالية "لا تزال مدعاة للقلق".
 

و أظهرت الإحصائيات الأممية، أن محافظة تعز والتي يدور فيها قتال شوارع بين الحوثيين والقوات الموالية للشرعية منذ أبريل الماضي، تتصدر أعداد النازحين، وتُشكل مع محافظات حجة، وصنعاء، وعمران، وصعدة (شمال) 68% تقريباً من مجموع النازحين في البلاد.


وبحسب آخر تقارير مفوضية اللاجئين الصادر قبل أيام، تأتي محافظة تعز - والتي تضم عاصمتها (تحمل الاسم نفسه) ثلاثة أحياء محاصرة منذ أشهر- العدد الأكبر من النازحين في اليمن، والذي يقدر بـ (555,048) من الأفراد (23% من مجموع النازحين داخلياً).


وقال التقرير إن محافظة حجة، القريبة من الحدود السعودية، تلتها بـ (353,219) نازحاً، ثم صنعاء (253,962)، وتليها عمران (245,689) شخصاً، فيما تحل صعدة، المعقل الرئيس للحوثيين، في المرتبة الأخيرة بـ (237,978) شخصاً، رغم اشتداد المعارك بالشريط الحدودي وكثافة الضربات الجوية لقوات التحالف.


وخلافًا للمحافظات الطاردة لسكانها، شكّلت العاصمة صنعاء ومحافظة إب، وسط البلاد، مناطق خضراء لجأ إليهما آلاف النازحين، هربًا من جحيم المعارك، لكن نقص الخدمات الأساسية حوّل حياتهم إلى جحيم آخر.


وشيّدت السلطات الرسمية في محافظة إب، مخيماً صغيراً أُطلق عليه "مخيم السلام"، الكلمة التي بات اليمنيون يحلمون بها، لكن ذلك المخيم الذي يقطنه 423 نازحًا في 72 غرفة، تحول إلى ما يشبه "المقبرة"، يرتص بداخلها الناس الأحياء. 


في داخل المخيم، الذي يقطنه نازحون من محافظات متفرقة، كان محمد حسن الجبري، القادم من صعدة، يشكو في حديثه للأناضول، من نقص حاد في الخدمات الطبية وضيق المساحة، حيث تم منح أسرته المؤلفة من 36 شخصاً، هم تعداد أولاده وأحفاده، 3 أسرّة فقط .


يحكي الجبري مأساته المترافقة مع تنهيدة حزينة "أنام مثل الخشبة، وليس بمقدوري الميل أثناء النوم على جنبي الأيمن أو الأيسر، ولا وجود للرعاية الطبية، لدينا 3 فتيات مكفوفات وطفلين يعانيان من ضمور في الدماغ".


و يضيف باكياً "قبل أيام توفي والدي في هذا المخيم، كان يشكو من الآم في صمام القلب، ولكن انعدام الرعاية الصحية للنازحين، جعلته يفارق الحياة".
 

وإضافة إلى الجبري، كانت مريم محمد عبده، وهي في الخمسينات من العمر، والتي نزحت من محافظة تعز، تشكو من انعدام السلع الغذائية الأساسية، وعدم وجود حواجز بين الرجال والنساء في المخيم.


وقالت مريم للأناضول "ليس هناك رعاية صحية، إذا مرض أحد أطفالنا يقولون لا علاقة لنا، نحن قمنا بتوفير الإيواء فقط، ومع ذلك، لم يمنحونا حتى بطانيات كافية تقينا من البرد".


وتقول الأمم المتحدة إنها قامت بتوفير مواد إغاثية لـ730 ألف شخص فقط، خلال الأشهر المنصرمة من الحرب، أي أقل من ثلث تعداد النازحين في عموم المحافظات اليمنية.

وفي حين ظفر البعض بمأوى في المدارس أو المخيمات، وجد مئات النازحين اليمنيين أنفسهم في العراء، أو العيش بجوار قنوات الصرف الصحي، بسبب عدم قدرتهم على سداد إيجارات مساكن لائقة، كما هو الحال في الشريط الساحلي للبحر الأحمر، غربي البلاد.


وقال أحمد صغير بِل، وهو عامل بناء كان يسكن بمنزل خاص في حي "الشهداء" بمدينة الحديدة (غرب)، للأناضول، إنه كان دفع ايجارات مسكنه قبل الحرب، لكنه فقد مهنته جراء توقف أعمال الإنشاءات، فقرر الانتقال للعيش بالقرب من قنوات الصرف الصحي في منطقة يطلق عليها "الأحواض".


ووفقا لإحصائيات أممية، هناك 3500 أسرة نازحة، تعيش في العراء وبحاجة إلى مساعدات إيوائية طارئة، في مديرية عبس، غربي البلاد.

-لاجئون في أفريقيا


خلافًا لما هو معتاد، تسببت الحرب في هجرة عكسية لليمنيين نحو دول القرن الأفريقي، بعد أن كان بلدهم طيلة السنوات الماضية هو من يحتضن اللاجئين الأفارقة.

وتشير أرقام مفوضية شؤون اللاجئين، إلى أن هناك 168 ألف شخص فروا من العنف في اليمن منذ مارس 2015 (بداية الحرب)، ذهب أكثر من 9 آلاف و500 شخص من الفارين إلى أرض الصومال وهي منطقة تتمتع بحكم ذاتي، وتقع على شاطئ خليج عدن.
 

وفي حديثها مع الأناضول، قالت منى عبدالرحمن، وهي طبيبة تركت منزلها في مدينة تعز، ولجأت نحو الصومال "لم يكن أمامنا من حل سوى البحر بعد استعار المعارك في الحي الذي نقطنه، سافرنا إلى ميناء المخا (غربي تعز) ومن هناك أبحرنا في سفينة لمدة 36 ساعة حتى وصلنا أرض الصومال".
 

وتابعت "مشاهدة مدينتي تحترق، منظر لم يفارقني وأنا في عرض البحر، كنت أبكي بحُرقة، والآن لا أعتقد أني سأعود قريبًا، حيث عرفت أن منزلنا قد تم نسفه بعبوات ناسفة من قبل الحوثيين".

اقرأ أيضا:

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان