استمرار الغارات الأمريكية بدون طيار على أهداف مفترضة لتنظيم القاعدة في اليمن أثار مؤخرًا خلافًا بين الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي وسلفه الرئيس السابق علي عبدالله صالح؛ حيث ألقى كل منها باللائمة على الآخر بشأن المسؤولية عن السماح لواشنطن بانتهاك السيادة الوطنية لبلاده.
الخلاف فجره تصريح أدلى به صالح خلال الشهر الجاري، وانتقد فيه ما أسماه "انتهاك سيادة بلاده" في إشارة إلى غارة جوية نفذتها طائرة أمريكية بدون طيار على مسقط رأسه في مدينة سنحان قرب العاصمة صنعاء أواخر شهر يناير الماضي، واستهدفت عناصر يُشتبه أنهم على صلة بتنظيم القاعدة.
لكن الرد جاء سريعاً من هادي، الذي حمل صالح المسئولية عن استمرار الغارات الأمريكية بدون طيار؛ وذلك بسبب توقيع الأخير اتفاقاً مع واشنطن إبان فترة حكمه (22 مايو 1990 – 25 فبراير 2012) يسمح لطائراتها بملاحقة عناصر القاعدة على الأراضي اليمنية.
وقال هادي خلال كلمة له أمام ضباط كلية الشرطة في 22 أغسطس الجاري: "البعض اليوم يتباكى على السيادة بصورة مستغربة.. ألم تكن الطائرات بدون طيار تضرب من قبل في أبين (جنوب) وفي حضرموت (جنوب) وفي مأرب (وسط) وفي الكثير من الأماكن، إلا أنها عندما وصلت إلى بعض المناطق قالوا: هذا اختراق للسيادة الوطنية".
ولفت إلى أن الاتفاقيات الأمنية بين صنعاء وواشنطن تم إبرامها في عام 2001 عقب هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة، وأنها تتضمن استخدام الطائرات بدون طيار.
ولم يقابل صالح تصريحات هادي بالصمت؛ حيث صدر بيانًا صحفيًا عن مكتب صالح الجمعة قبل الماضية ( 23 أغسطس) نفى فيه "وجود اتفاقية أمنية في مجال مكافحة الإرهاب تمنح الولايات المتحدة حق انتهاك سيادة أجواء الجمهورية اليمنية لملاحقة العناصر الإرهابية"، مضيفا أن "هناك تعاوناً وتنسيقاً لتبادل المعلومات في مجال مكافحة الإرهاب".
وكان هادي نائبا لصالح قبل أن يتولى رئاسة البلاد بعد أن تخلى سلفه عن السلطة بموجب مبادرة خليجية مدعومة دولياً وقع عليها في 23 نوفمبر 2012، ومنحته حصانة من الملاحقة القضائية. وجاء تخلي صالح عن السلطة تحت ضغط ثورة شعبية اندلعت في فبراير 2011.
وكانت أول غارة أمريكية في اليمن في نوفمبر 2002 أدت إلى مقتل ستة من عناصر القاعدة بينهم قائد الحارثي الذي كانت الحكومة آنذاك تصفه بزعيم التنظيم في البلاد. واعترف مسؤولون يمنيون بعد الحادثة بتعاون صنعاء في شن الغارة.
وفي فترة حكم صالح، سجلت تقارير لمنظمات حقوقية يمنية عشرات الغارات لطائرات أمريكية بدون طيار على أهداف مفترضة للقاعدة لم يسلم منها مدنيون في أكثر من محافظة، ووقعت أكثر الغارات دموية في ديسمبر 2009 في منطقة المعجلة بمحافظة أبين؛ حيث أودت بحياة أكثر من 40 مدنياً.
وتزايدت تلك الغارات في حكم الرئيس هادي وأصبح الحديث عنها معلناً رسمياً.
وتشير منظمتا الكرامة وهود الحقوقيتان اليمنيتان إلى تسجيلهما منذ الغارة الجوية الأولى في نوفمبر 2002 وإلى غاية مايو 2013، تنفيذ ما بين 134 إلى 226 عملية عسكرية أمريكية في اليمن، شملت عمليات قصف بالطائرات بدون طيار أو إطلاق صواريخ من السفن الحربية المتمركزة في خليج عدن.
وقدرت المنظمتان عدد الوفيات الناجمة عن هذه العمليات بنحو 1150 شخصًا خلال الفترة بين نوفمبر 2002 وأبريل 2013.