"استخدام السلاح الكيماوي أو نقله لأي مكان آخر يعد خطا أحمر" .. هكذا حذر الرئيس الأمريكي بارك أوباما نظيره السوري بشار الأسد في أغسطس من العام الماضي، وبات الآن أمام اختبار حقيقي، هل سينفذ تهديداته أم لا؟
هذا التحدي الذي يواجهه الرئيس الأمريكي، والذي قد يسقط مصداقية أمريكا ويظهرها في ثوب الخائف من رد فعل روسيا، المؤيدة للنظام السوري، ربما يقود بدرجة كبيرة إلى تدخل عسكري في سوريا على خلفية إفراط النظام السوري في استخدام السلاح الكيماوي في منطقة " الغوطة " بشرق دمشق، هكذا توقع نبيل شبيب المحلل السياسي السوري المقيم في ألمانيا.
وأعلن "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" عن وفاة ما لا يقل عن 1500 شخص يوم الأربعاء الماضي، في "قصف بالأسلحة الكيماوية" نفذته قوات النظام السوري على الغوطتين الشرقية والغربية بريف دمشق، وهو ما نفاه النظام السوري جملة وتفصيلاً.
وقال شبيب في تصريحات هاتفية لمراسل الأناضول: "الأمر بات شبه مؤكدا، لكن أتوقع أن تكون ضربة محدودة لا تسقط نظام بشار الأسد، لكنها ستوجه للمواقع الخاصة بتخزين الأسلحة الكيماوية، وربما تمتد إلى مناطق تواجد جماعات من المقاومة المسلحة التي تراها أمريكا جماعات إرهابية يمكن أن تهدد أمن إسرائيل مستقبلا ".
وأضاف: " هم يريدون ما يسمى بـ ( الفوضى الخلاقة ) في المنطقة، لكنهم في نفس الوقت لا يريدون أن تخرج هذه الفوضى عن نطاق السيطرة، وهو ما قد يدفع باتجاه الضربة ".
وفي تصريحه للأناضول عبر الهاتف، يتفق العميد السابق بالجيش المصري صفوت الزيات مع الرأي السابق في أن مبرر السيطرة على بعض جماعات المقاومة المسلحة، قد يكون سببا رئيسيا للتدخل، لإحداث خلل يمنع وصولها للحكم مستقبلا، ومن ثم تهديد أمن إسرائيل.
ولا يخرج الزيات روسيا من المعادلة عند اتخاذ القرار، وقال: "قد يكون أحد الأسباب الوصول إلى قدر من النفوذ الأمريكي على حساب النفوذ الروسي واخراج روسيا من المعادلة".
وانطلاقا من الأسباب السابقة، يرى الخبير العسكري المصري أن التصريحات الأخيرة لوزراء خارجية أمريكا وبريطانيا وفرنسا، وكذلك اجتماع رؤساء أركان عشر دول بالأردن "مقدمة لضربة عسكرية لا محالة".
وانطلقت في العاصمة الأردنية عمان، أمس، اجتماعات رؤساء هيئات أركان جيوش 10 دول عربية وأجنبية شملت السعودية وقطر وتركيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا، إضافة إلى الأردن.
ولم يستطع الزيات تحديد نطاق الضربة العسكرية، مضيفا: " سيعد البنتاجون أكثر من خيار يعرض على الرئيس الأمريكي، لاختيار الخيار المناسب " .
وقال بيان صادر عن البيت الأبيض أمس إن الرئيس الأميركي باراك أوباما، عقد اجتماعا مع مجلس الأمن القومي لبحث الخيارات الممكنة، التي يمكن من خلالها للولايات المتحدة الأميريكة والمجتمع الدولي، الرد على استخدام السلاح الكيميائي.
من جانبه، توقع المحلل السياسي الأردني جواد الحمد، رئيس مركز دراسات الشوق الأوسط بعمان، ضربة عسكرية لسوريا باتت وشيكة، لكنها ستكون "ضربة عقابية"، لن تؤدي لسقوط النظام السوري.
وقال الحمد في تصريحات هاتفية لمراسل الأناضول: " ستستهدف هذه الضربة مخازن الأسلحة الكيماوية ومنصات إطلاق الصواريخ التي تحمل هذه الأسلحة، مركز القيادة الذي يشرف على استخدام هذا السلاح ".
وشدد الحمد على أن أمن إسرائيل هو الهدف الأساسي من هذه الضربة التي باتت متوقعة، مشيرا في ذلك إلى عدة نقاط، أولها أن الصواريخ التي استخدمت في نقل رؤوس الأسلحة الكيماوية هي "متوسطة المدى"، ومن ثم يمكن ان يستخدمها نظام الأسد مستقبلا لضرب إسرائيل وخلط أوراق المنطقة.
"ثانيا - يضيف الحمد - أن نظام بشار الأسد ربما أمد أو ينوي مد حزب الله بجنوب لبنان بهذا السلاح، ومن ثم يؤثر ذلك بشكل كبير على أمن إسرائيل، وثالثا، فإن احتمالية وصول أشخاص ذوي توجه اسلامي للحكم في سوريا مستقبلا باتت ممكنة جدا، وليس من مصلحة إسرائيل وأمنها ان يمتلكون هذا السلاح، ومن ثم لابد من تدميره الآن".
وتبدو مصلحة الشعب السوري والتضامن مع ما حدث له من مجازر غائبة عن تحليلات الخبراء الثلاثة، ولكن الشيء الوحيد الذي اتفقوا عليه ان الضربة العسكرية لنظام بشار الأسد باتت قريبة.