أرجع بعض المراقبين السياسيين فى تونس تفوق حركة نداء تونس، التى يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق الباجى قايد السبسى، فى الانتخابات البرلمانية إلى نجاحه فى إدارة الحملة الإعلامية للحزب، والاستفادة من أخطاء ارتكبتها أحزاب الترويكا السابقة، وعلى رأسها حركة النهضة.
وبحسب نتائج أولية غير رسمية للانتخابات، التى مازال العمل جاريا على قدم وساق لفرز الأصوات فيها، تصدرت حركة نداء تونس الانتخابات بنحو 80 مقعدا، وهو ما دفع الكثير من أنصار الحزب للخروج للشوارع والتعبير عن فرحتهم، فى حين تدحرجت حركة النهضة مقارنة بالانتخابات السابقة إلى المركز الثانى بنحو 70 مقعدا.
فى المقابل لم يظفر حزب المؤتمر الذى يترأسه شرفيا الرئيس المنصف المرزوقى بسوى خمسة مقاعد (مقابل 29 مقعدا فى انتخابات 2011)، بينما فشل حزب التكتل الذى يرأسه رئيس المجلس التأسيسى مصطفى بن جعفر فشلا ذريعا، ولم يحصل إلا على مقعد أو مقعدين.
وحول سبب فشل حزب التكتل يقول القيادى فى حزب المؤتمر هيثم بلقاسم لـ"مصر العربية": إنّ صعود حركة نداء تونس فى الانتخابات البرلمانية الحالية يعود إلى "تآكل شعبية أحزاب الترويكا بمفعول الحكم"، مشيرا إلى أن الترويكا السابقة مسكت الحكم خلال فترة انتقالية صعبة ودقيقة للغاية.
ويرى بلقاسم أن نداء تونس نجح فى كسب المعركة الإعلامية بسبب حضوره المكثف فى وسائل الإعلام، وهو ما وجه حسب رأيه تصويت الناخبين، لكنه يقول إن صعود نداء تونس وتليها حركة النهضة يظهر بأن هناك تكريسا للاستقطاب الثنائى بين هذين الحزبين الكبيرين.
ولم تخطئ نتائج سبر الآراء التى سبقت بأشهر الانتخابات التشريعية حينما أظهرت أن نداء تونس تتصدر قائمة نوايا التصويت للأحزاب فى الانتخابات، تليها حركة النهضة الإسلامية التى وإن تراجعت إلى المركز الثانى فإنها لا تزال تحافظ على عدد كبير من المقاعد بالبرلمان القادم.
ويقول بلقاسم لـ"مصر العربية": إنّ الناخب التونسى التجأ إلى الحل السهل فى ظل ارتفاع القوائم المرشحة وعددها 1229 فى الداخل، لمنح صوته هذين الحزبين، لكنه يقول إن عدم حصول أى منهما على أغلبية الأصوات لا يمكنهما من تشكيل الحكومة منفردا، وهو ما سيدفعهما إلى البحث عن تحالفات.
وأشار إلى أنّ بقية الأحزاب التى ستحصل على مقاعد محترمة داخل البرلمان ستكون هى المحددة فى بناء التحالفات القادمة لتشكيل الحكومة من أجل قيادة البلاد فى المرحلة القادمة لولاية من خمس سنوات.
ومن جانبه قال الناطق باسم حزب التكتل محمد بالنور لـ"مصر العربية": إنّ التكتل دفع ثمن تحالفه السابق مع حركة النهضة ودخوله فى حكومة الترويكا، مشيرا إلى أنه "تعرض إلى تصويت عقابى من قبل الناخبين الذين استاءوا من تدهور الوضع الأمنى والاقتصادى".
لكنه يقول إن حزب التكتل ذهب فى رهان صعب من خلال هذا التحالف بهدف كتابة دستور وإنجاح العملية الانتقالية فى البلاد، مؤكدا أنه "لولا الدور الذى لعبه حزب التكتل لما أمكن الوصول إلى محطة الانتخابات المهمة والتاريخية فى مسار البلاد، وهذا قمنا به لمصلحة تونس".
ويضيف أن "التكتل يتقبل نتائج صندوق الاقتراع، لأن تونس ليست ملكا للأحزاب، وإنما للشعب صاحب السيادة الوحيد فى تقرير مصيره"، موضحا أن أغلب الناخبين كان لديهم شعور بالخوف من عودة حركة النهضة الإسلامية إلى الحكم فيما تعيشه البلاد من أوضاع أمنية متدهورة.
ويقول إن الناخبين التونسيين الذين صوتوا لصالح نداء تونس لا يفرقون بين حركة النهضة، حتى وإن كان توجهها الإسلامى مدنى معتدل، وبين ما يحصل فى تونس وفى العالم العربى من محاولات للسيطرة على القرار والسلطة من قبل جماعات لها مرجعيات إسلامية متشددة.
كما يرى بالنور أنّ حركة نداء تونس قد استفادت كثيرا من الأخطاء العديدة التى ارتكبتها حكومة الترويكا خلال تجربتها الأولى فى الحكم، باعتباره طرح نفسه بديلا سياسيا يزعم أنه قادر على إخراج البلاد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التى تتخبط فيها، وفق قوله.
لكنه يقول إن حركة نداء تونس ستكون أمام مهمة صعبة للغاية؛ لأن كل الأنظار ستتجه إليه وكل الآمال ستعلق عليه لإنقاذ البلاد من الصعوبات التى تعيشها، وهذا سيدفع على الأرجح بحركة نداء لعقد تحالف مع حركة النهضة لتهدئة الأوضاع وعدم إرباك تجربته فى الحكم، وفق تعبيره.
اقرأ أيضا :
جنوب السودان: رئاسة الوزراء والوسطاء عقبات تواجه السلام
بالفيديو..عبد الرؤوف العيادي: حكومة النهضة وراء عودة فلول تونس
"نداء تونس" فى طريقه لتشكيل الحكومة عقب تفوقه على "النهضة"
السبسي: مؤشرات تؤكد فوزنا بالانتخابات
السبسي: شعبنا عبَّر عن وعى ديمقراطي.. ونحن فى المقدمة
السبسى : حظوظ كل المترشحين متساوية فى الانتخابات
تونس:السبسى يدلى بصوته فى الانتخابات البرلمانية
السبسي: نجاح الربيع العربى فى تونس مرتهن بالانتخابات المقبلة
رئيس حملة السبسى : نراهن على 80 مقعدا فى البرلمان التونسي
السبسى يصف حكم الرئيس التونسى بالانقلاب
السبسي: أنا وحزبى مستهدفان من عدة جهات
السيسى يبحث مع عباس إقامة دولة فلسطينية واستئناف المفاوضات
انتخابات تونس.. ترسيخ للثورة أم عودة للمنظومة السابقة
انتخابات تونس.. آمنوا بالديمقراطية
النهضة تهنئ "نداء تونس" بتصدره نتائج الانتخابات
