رئيس التحرير: عادل صبري 03:32 مساءً | الخميس 28 مارس 2024 م | 18 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

جوبا.. للكبار فقط

جوبا.. للكبار فقط

العرب والعالم

أحد الأطفال المصابين جراء الحرب في جنوب السودان

جوبا.. للكبار فقط

الأناضول 22 أغسطس 2014 09:49

قد لا يجد الزائر لمدينة جوبا، عاصمة جنوب السودان، مشقة كبيرة ليكتشف أنها لا تعدو غير أن تكون مدينة للكبار فقط؛ فالتخطيط التنموي والسكني داخل الأحياء وفي الأماكن العامة لم يترك مساحة مقدرة للأطفال الذين يحتاجون إلى أماكن مفتوحة للعب والترفيه وتزجية أوقات الفراغ.

وتخلو المدينة من منتزه أو ميدان مفتوح للعب الكرة وممارسة الهوايات البسيطة داخل المناطق السكنية بالمدينة، وتتجلي معاناة الأطفال في إيجاد أماكن ومساحات للعب خلال فترة العطلات والأعياد، وكثيرا ما ترى أطفال يجوبون الأسواق ولا يعثرون ولو على "أرجوحة" أو مكان للتسلية؛ فأغلب الحدائق القديمة تم تحويلها إلى "بارات"(أماكن لتعاطي الخمور) وأماكن لإقامة الحفلات المدفوعة القديمة، وهي أماكن لا تستطع الأسر أن تستصحب إليها أطفالها.

ويؤثر غياب أماكن اللعب والترفيه على السلوك الاجتماعي للأطفال الذين يحتاجون إلى اللعب واللهو لمساعدتهم على اكتساب المهارات الجماعية والفردية جنبا إلى جنب مع الدور التربوي الذي تقوم به الاسرة والمجتمع في تشكيل وتكوين شخصية الفرد من النواحي السيكولوجية والثقافية والاجتماعية.

وفي جنوب السودان التي تعاني من انقسامات سياسية، يحتاج الأطفال إلى النشأة في بيئة تشجع على الاختلاط والتعرف على بقية المكونات مما يعزز تشكيل الوعي القومي ويزيل الفجوة بين جميع المكونات الاجتماعية، وتوفر هذه البيئة مؤسسات مثل الحضانة والروضة التي تبدو منعدمة تماما في مدينة جوبا.

وقال دينس سوكا، باحث اجتماعي جنوبي، في تصريحات لمراسل الأناضول: "أماكن الترفيه مهمة وتساهم فى تنمية الأطفال، ولعب الأطفال ضروري لتنمية الطفل وتربيته ىطريقة سليمة".

أما ايان موسس، وهي ربة اسرة لديها أطفال في أعمار مختلفة ما بين 6 و8 سنوات، قالت في حديث للوكالة الأناضول إن أطفالها "يمارسون الألعاب البدائية نظراً لعدم وجود أماكن ترفيه في جوبا مثل الحدائق"، وترى أن هذة مشكلة كبيرة خاصة للأطفال الذين كانوا جاءوا من دولة السودان بعد الانفصال في 2011، حيث كانت توجد أماكن للترفيه العائلي".

ونوهت موسس إلى أن "الأطفال يحتاجون إلى أماكن للترفيه حتى يعبرون فيها عن ذاتهم ويعيشون طفولة سليمة".

  ومن مظاهر غياب الأماكن المفتوحة وأماكن الترفيه، تجمع أعداد كبيرة من الأطفال في أماكن بيع المثلجات، الموجودة علي قلتها في جوبا، وفي بعض الأحيان، يخرج عدد كبير منهم في ساعات المساء إلى النافورة المضيئة الموجودة في تقاطع طريق "قوديلي- مونيكي" لالتقاط بعض الصور والتسكع تحت زخات النافورة المضيئة علي اعتباره مكانا للترفيه، ولكن هذه النافورة لا تعمل إلا خلال الاحتفالات المهمة فقط.

ورأت نازك الزبير، وهي اخصائية نفسية بمستشفي جوبا التعليمي(حكومي)، في تصريح للاناضول أن اللعب "مهم بالنسبة للأطفال كما أنه يساهم فى تنمية ذكاء الطفل وقدراته".

ومضت قائلة "يجب ملاحظة ميول الطفل من السنوات الأولى في حياته ومتابعة قدراته في كل مراحل نموه حتى بداية فترة المراهقة، ويجب أن ندرك حجم المساحة التى يلعب فيها الأطفال لأنهم يحتاجون إلى مساحات واسعة تستوعب جميع الأنشطة الرياضية والفنية"، مضيفة "اللعب يجب أن يتم توجيهه في سياق تربوي ليفيد الطفل فى تنشأته".

وقالت الاخصائية النفسية إن الطفل الذي لا يلعب "يصاب بالاكتئاب".

ووجهت نصيحة للامهات قائلة "عليكن ملاحظة أطفالكن قبل سن دخول المدرسة وتشجيع ميولهم ليتمكنوا من تنمية قدراتهم حتى سن دخوله المدرسة، حيث يتعلموا المشاركة وروح الجماعة والمحبة وقبول الآخرين".

وأضافت "أهم شيء هو انشاء أماكن ترفيهية للأطفال وخاصة في الاحياء السكنية".

في ظل غياب الحدائق العامة والمنتزهات ورياض الأطفال، تتزايد معاناة الأطفال في مدينة جوبا بعد سيطرة الكبار على جميع مظاهر الحياة العامة في المدينة واستحوذوا على شواطئ نهر النيل بإقامة الفنادق التي تحرم الأطفال من التنزه على ضفاف النهر، كما أن انعدام الكهرباء في أغلب المناطق السكنية حرم هؤلاء الأطفال من مشاهدة التلفاز، فلجأ بعض منهم إلى اختراع العاب جديدة من البيئة المحلية مثل "البِلِيْ" وهو عبارة عن قطع صغيرة من الرخام يتم استخدامها في اللعب إلى جانب بعض الألعاب الفولكلورية.

ولا تضع السلطات في بلدية جوبا أدني اعتبار لهذه القضية بعد أن تغول العديد من السكان وأصحاب النفوذ علي الميادين العامة ليقيموا عليها مبانيهم وأماكن لإقامة الحفلات، حسب مراقبين.

ومنذ ديسمبر 2013، تشهد جنوب السودان مواجهات دموية بين القوات الحكومية، ومعارضة مسلحة يقودها ريك مشار، النائب السابق لرئيس البلاد، سيلفاكير ميراديت، ولم تفلح مفاوضات أطلقت في أديس أبابا في يناير، في وضع نهاية لذلك الصراع حتى الآن.

 

 

اقرأ أيضا :

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان