تشهد تركيا انتخابات رئاسية تاريخية، فللمرة الأولى يتم التصويت في هذه الانتخابات بالاقتراع المباشر من قبل الشعب، وليس من خلال البرلمان كما كان منذ تأسيس الجمهورية التركية عام 1923، فالانتخابات التركية التي ستجري غدًا تعد من أهم الأحداث السياسية التي ستحدد مسار الدولة التركية.
يتنافس علي الانتخابات التركية ثلاثة مرشحون هم: رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم الآن، و المرشح أكمل الدين إحسان أوغلو أمين عام منظمة التعاون الإسلامي المنتهية ولايته، المرشح التوافقي لحزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية المعارضين، وصلاح الدين دميرتاش مرشح حزب الشعوب الديمقراطي المعارض والمعروف أن معظم أعضائه من الكرد.
الانتخابات التركية أيضاً تشهد للمرة الأولى، وجود مرشحين إسلاميين كانا حتى وقت قريب يعملان معاً، فحزب العدالة والتنمية هو من رشح أوغلو لرئاسة منظمة التعاون الإسلامي.
"أردوغان الرئيس الجديد"
وبحسب الخبراء فإن أردوغان يستحق الترشّح للرئاسة، بعد أن حقق في كل الانتخابات التي خاضها نجاحاً واسعاً، فلا يوجد رئيس غيره استطاع أن يزيد من أصوات ناخبيه مرة بعد مرة ليفوز بثلاثة انتخابات عامة متتالية..
أما المرشح الآخر أكمل أوغلو فيتمتع بكاريزما سياسية في مواجهة أردوغان، ويحظى بالتوافق من قبل أحزاب المعارضة، كما أن ترشيح أوغلو له علاقة بقناعة الحزبين المعارضين بأهمية التأثير على وضع أردوغان، إذ إن ترشيحه قد يؤثر على رصيد أردوغان عبر جلب أصوات الأحزاب الإسلامية.
ويأتي صلاح الدين ديمرتاش المنافس الكردي الثالث والتي تعد نسبته الأقل من حيث المنافسة حسب استطلاعات الرأي، كما أنه أول مرشح كردي يخوض انتخابات في تركيا.
"أبحاث كوندا"
وبحسب بعض الاستطلاعات التي أجراها معهد أبحاث كوندا الخاص، فإن فوز أردوغان بالجولة الأولى ضد منافس المعارضة الرئيسي أكمل الدين إحسان أوغلو والمرشح الكردي صلاح الدين دميرتاز أمر مؤكد، متوقعين حصول أردوغان على 57% من الأصوات مقابل أقل من 38% لأكمل الدين إحسان أوغلو، فيما لن يصل المرشح الكردي صلاح الدين دميرتاش إلى أكثر من 5% من أصوات الناخبين، وفق الاستطلاع.
وتدخل الانتخابات التركية في ظل عجز بعض الأحزاب التركية وفقدها أرضية علي أرض الواقع كحزب الشعب الجمهوري أبرز الأحزاب العلمانية التركية وأبرز أحزاب المعارضة والذي أسسه أتاتورك، والذي عجز عن تقديم نفسه أمام الشعب التركي الذي امتاز دائماً بأنه إسلامي الهوى.
بعض الأحزاب أعلنت عدم دعمها لأي من المرشحين، وهو ما أعلنه حزب السعادة الإسلامي آخر الاحزاب التي أنشأها أربكان زعيم الإسلام الحركي الأكبر في تركيا، وهو الحزب الذي انشق عنه أردوغان وجول، قائلاً أنه سيقف علي الحياد بعدم دعم أي مرشح في انتخابات الرئاسة.
"الأوفر حظاً"
يأتي أردوغان الأوفر حظاً بالفوز بمنصب أول رئيس لتركيا بالنظام الجديد وهو ما أعلنه طلبة بديع الزمان سعيد النورسي دعمهم لأردوغان للرئاسة، مشددين على أنه “أصبح أمل العالم الإسلامي”، وفي تصريحات لجريدة الصباح التركية أن “السيد أردوغان سيساهم في عملية الاتحاد والسلام في العالم الإسلامي، لأنه وقف بجانب المظلومين في فلسطين، سوريا، العراق، مصر وجميع دول العالم الإسلامي، بعدما حاول الظالمون إبادتهم”، وأكدوا أن “طلبة رسائل النور لا يدعمون أبدًا حزب الشعب الجمهوري، وإمكانية دعم مرشحهم لا يناقش، لأن الجميع يعرف تاريخ هذا الحزب، وما فعله، لأن التصويت له هو ضد مبادئ ميراث سعيد النورسي”.
"نصف الشعب"
علي الجانب الآخر أكد المرشح للرئاسة التركية أكمل الدين إحسان أوغلو أنه يحمل أملا كبيرا في الفوز بالانتخابات التي ستجري في البلاد غدا، حيث سينتخب الشعب رئيسا للجمهورية مباشرة لأول مرة في تاريخ الجمهورية.
مشددا في حديث صحفي على أنه واثق من أن نصف الشعب التركي على الأقل يؤيده، مبديا ثقته بأن الكثير من أنصار حزب العدالة والتمنية الحاكم سوف يصوتون له، بدلا من التصويت لرئيس الحكومة رجب طيب إردوغان الذي اتهمه إحسان أوغلي بأنه المسؤول عن "تدني.
وانتقد إحسان أوغلو بشدة السياسة الخارجية لبلاده حيال العالم العربي، معتبراً أن حكومة بلاده قد ضربت عرض الحائط بسياسات الحياد حيال أزمات المنطقة التي كانت تتبعها، متعهدا في حال فوزه بهذه الانتخابات العمل على إعادة العلاقات مع السعودية إلى أفضل أحوالها، واعادة التفاهم مع المملكة معناه استقرار المنطقة أمنيا وسياسيا واقتصاديا.
"تنفجر الصناديق"
ودعا اردوغان ل”تنفجر صناديق الاقتراع يوم الاحد والتعامل صفعة الديمقراطية” لخصومه السياسيين في معركة القصر الرئاسي في أنقرة كانكايا، مضيفاً أن “أنقرة، سوف تصوت لتركيا قوية؟ أنقرة، سوف تصوت للرجل من الناس؟” وتساءل مع تبجح مميزة. هتفت الحشود “نعم” في المقابل.
وتابع أردوغان أن اليوم الأحد سيشهد إزالة كثير من العقبات الموجودة بين الشعب التركي والقصر الرئاسي، في هذا اليوم سيكسر الشعب كافة أغلال القصر الرئاسي، ويكون التواصل بين الطرفين أقوى من ذي قبل”.
وأضاف قائلا: “من الآن فصاعدا ستفتح أبواب القصر الرئاسي على مصراعيها أمام الشعب التركي بأكمله، لقد نجحنا في رفع كافة أشكال الضغوط التي كانت مفروضة على البرلمان، وعلى الرئاسة، وعلى الإرادة الوطنية، نجحنا في تحويل منصب الرئاسة من منصب وصاية إلى منصب جماهيري شعبي”.
"الاستقرار مع أردوغان"
وقالت العضوة المحلية بحزب العدالة والتنمية، حزب أردوغان، كوبرا ساشي سيو ليجو: "لقد قدم الكثير لكل مواطن في تركيا ولكل مرأة مثلي."
وأضافت: "فيما مضى كانت النساء اللاتي ترتدين الحجاب لا يُسمح لهن بالعمل في بعض الأماكن. وكانت هناك مشكلات تواجهني أثناء دراستي بالجامعة. أما الآن فالحرية مكفولة لنا. وقبل أردوغان، لم يكن هناك استقرار في تركيا، أما الآن فالأوضاع جيدة على كافة المستويات سياسيا واقتصاديا.
"فوز كاسح"
وقال أبوبكر أبو المجد الباحث في الشأن التركي إن جميع التوقعات والتحليلات تؤكد فوز رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بفوز كاسح، مضيفاً أنه يستحق الترشّح للرئاسة، بعد أن حقق في كل الانتخابات التي خاضها نجاحاً واسعاً، فلا يوجد رئيس غيره استطاع أن يزيد من أصوات ناخبيه ليفوز بثلاثة انتخابات عامة متتالية.
وأوضح الباحث في الشأن التركي في تصريحات لـ"مصر العربية" أن تصريحات المرشح إحسان أوغلو بأن الكثير من أنصار حزب العدالة والتمنية الحاكم سوف يصوتون له، بدلا من التصويت لرئيس الحكومة رجب طيب إردوغان كلام ليس له قيمة، قائلاً أن أوغلو مجرد دمية يحركها الليبراليون رغم أنه كان أمين عام منظمة التعاون الإسلامي.
وتوقع أبو المجد أن أوغلو لن يكون رئيس وزراء تركيا بعد خسارته، خصوصاً وأنه ليس لديه فكر سياسي.
وعن المرشح الثالث المنتمي للأكراد صلاح الدين دميرتاش مرشح حزب الشعوب الديمقراطي المعارض قال الباحث في الشأن التركي أنه مرشح لن يحصد أكثر من 9%.