رئيس التحرير: عادل صبري 03:47 مساءً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

مع قرب ترشيح أبو الغيط لفترة ثانية.. ماذا حققت الجامعة العربية في 76 عامًا؟

مع قرب ترشيح أبو الغيط لفترة ثانية.. ماذا حققت الجامعة العربية في 76 عامًا؟

العرب والعالم

الجامعة العربية

مع قرب ترشيح أبو الغيط لفترة ثانية.. ماذا حققت الجامعة العربية في 76 عامًا؟

أيمن الأمين 27 يناير 2021 16:02

وسط منطقة مأزومة ومليئة بالأحداث الدامية، تعتزم القاهرة إعادة ترشيح الأمين العام الحالي لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط لولاية ثانية، وفق ما ذكره موقع الشرق نيوز السعودي نقلا عن مصادر دبلوماسية.

 

ومن المقرر إرسال الترشيح في أيام قليلة، تمهيدا لعرضه على القادة العرب في القمة المقرر عقدها في مارس المقبل، والتي سيجري خلالها اختيار أمين عام جديد، وفي حال واجهت القمة تأخيرات بسبب فيروس "كوفيد-19"، فسيحسم وزراء الخارجية العرب مصير الترشيح في اجتماع لمجلس الجامعة، قبل أن ينهي الدبلوماسي المخضرم ووزير الخارجية في عهد مبارك، الولاية الحالية له البالغة مدتها خمس سنوات في 30 يونيو المقبل.

 

دور الجامعة العربية حيال القضايا العربية الأخيرة، وصفه البعض "بالهش"، خصوصا وأن الكثير من القضايا العربية بات الغرب اللاعب الأول فيها، كما الحال في سوريا وليبيا واليمن، بينما يرى البعض الآخر أن الدبلوماسية العربية هي الحلقة الأضعف حيال الأزمات العربية، لكنها تقاوم من أجل البقاء وتوحيد الصف العربي.

 

فالمواطن العربي الذي يعيش في أي بلدان الوطن العربي، هو في أكثر منطقة تشهد نزاعات سياسيّة وعسكريّة بالعالم، فإمَا أن تكون أميناً عاماً لجامعة الدول العربية فيعني ذلك أن تكون محمّلاً بمهام محاولة حل تلك النزاعات، بل وإيجاد سبيلٍ لمستقبل أفضل لشعوب تلك المنطقة، وهي المهمة التي أوكلت إلى 8 أمناء عموميين حتى الآن في تاريخ الجامعة الذي يصل إلى 75 عاماً.

 

 

فكرة إنشاء تجمع للدول العربية تبنتها الحكومة المصرية، بعد دعوات كثيرٍ من المفكرين والسياسيين، كان من أشدهم تأييداً للفكرة عبد الرحمن عزّام الوزير السابق وعضو الوفد المصري في لجنة وضع ميثاق الكيان الوليد الذي اُتفق على تسميته (جامعة الدول العربية)، وأطلق التجمّع في الـ22 من مارس 1945.

 

وتولى عبد الرحمن عزام أميناً عاماً للجامعة، فهو أحد المنادين بإنشائها، والمدافع عن استقلال الشعوب العربية من الاحتلال التي كانت ترزح تحت وطأته منذ عقود، ولم يكن دفاعه بالقول فقط، إنما شارك أيضاً في قتال المحتل الإيطالي في ليبيا.

 

أول أمين عام للجامعة العربية سعى خلال عهده، الذي استمر 7 سنوات، لتوسيع قاعدة الدول الأعضاء بالجامعة وتقوية روابطها مع العالم الخارجي، وتوحيد الصوت العربي في دعم قضايا التحرر حول العالم، وحشد التأييد الدولي لاستقلال العرب، فاستقلت سوريا ولبنان وليبيا.

 

وطاف عزام العالم للتعريف بحق شعوب تونس والجزائر والمغرب في الاستقلال عن المحتل الفرنسي، حتى رحيله عن الأمانة العامة في سبتمبر 1952.

 

اختيار الأمين العام من دولة المقر كان توافقاً عربياً غير مكتوبٍ، فجاء ثاني أمناء الجامعة مصرياً أيضاً، محمد عبد الخالق حسونة الذي شغل حقيبة الخارجية قبل اختياره أميناً للجامعة، في وقت كانت تموج فيه مصر بتغيرات كبيرة تلت ثورة الـ23 من يوليو 1952، وانعكست على الواقع العربي بامتداد الفكر القومي من الرئيس جمال عبد الناصر إلى معظم الأقطار العربية.

 

 

التوازن في المواقف كان مهمة صعبة على الأمين العام للجامعة العربية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، لكن عبد الخالق حسونة أدار الجامعة باقتدار، ونجح في توجيه دفة العمل العربي إلى صدور قرار موحّد عقب نكسة 1967، من خلال مؤتمر القمة في الخرطوم الذي عرف بـ"اللاءات الثلاث"، ثمّ قمة القاهرة عام 1970 التي أوقفت الصراع العسكري في الأردن مع الفصائل الفلسطينية.

 

في يونيو 1972، تسلّم محمود رياض الأمانة العامة للجامعة، مدفوعاً بتاريخ طويل بوصفه عسكرياً عمل في قطاع غزة وسفيراً لمصر في دمشق، ثم وزيراً للخارجية في عهد المد القومي العربي.

 

وبعد نحو عام على توليه المنصب وصل التضامن العربي إلى ذروته في حرب أكتوبر 1973، ليحاول رياض الحفاظ على وتيرة العمل العربي المشترك، وعمل على حشد الدعم المالي من الدول البترولية لإعادة إعمار مصر وسوريا.

 

واستقال محمود رياض من الجامعة قبل 4 أيام من توقيع الرئيس أنور السادات اتفاقية السلام في مارس 1979، رغم معارضته الاتفاق، والعروض من الدول العربية بأن يستمر، لكنه قال إنه مصريّ، قبل أن يكون أميناً عاماً للجامعة.

 

مع بدء القطيعة العربية لمصر وقتها، انتقل مقر الجامعة وأجهزتها إلى تونس، واستمرّ العُرف بأن يكون الأمين العام من دولة المقر، لتتجه دفة الأمانة إلى الشاذلي القليبي الذي شغل وزارتي الثقافة والإعلام في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة، وكان بالأساس متخصصاً في اللغة العربية وآدابها.

 

مهمة القليبي كانت صعبة بالنظر إلى الانقسام العربي الكبير بعد خروج مصر من الجامعة، فعمل على تكوين لجان لتنقية الأجواء العربية، كما اهتم بدعم التعاون العربي الأفريقي، لكنه اصطدم من جديد بالانقسام العربي حين غزا العراق الكويت، واختلفت المواقف العربية، فاستقال الشاذلي القليبي في الـ2 من أغسطس عام 1990 احتجاجاً على الحشد العسكري العربي الأمريكي لتحرير العراق، بعد 11 عاماً على كرسي الأمانة العامة.

 

 

قرارات القمة العربية عام 1989 نصَّت على عودة مصر إلى الجامعة وعودة الجامعة إلى مصر، أي أن تكون القاهرة مقراً لها من جديد، وكان التنفيذ في مهلة أقصاها الـ31 من أكتوبر 1990، وبعدها عاد العُرف بأن يكون الأمين العام من دولة المقر ليُجرى التوافق على أحمد عصمت عبد المجيد أميناً عاماً، في يونيو 1991، تاركاً مقعده وزيراً للخارجية المصرية بعد عقود من العمل الدبلوماسي.

 

بعد ذلك وبعد مسيرة دبلوماسية طويلة، انتقل عمرو موسى من مقعد وزير الخارجية إلى الأمانة العامة في مايو، 2001، في خطوة فسّرها مراقبون بأنها إبعاد من الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك للدبلوماسي الوحيد صاحب الشعبية في الشارع.

 

وفي عام 2011، بعد أحداث الربيع العربي، جاء اقتراح اسم نبيل العربي وزير خارجية مصر ليكون مرشح بلاده، واُختير العربي في يوليو 2011 أمينا عاما للجامعة.

 

وفي عام 2016، جاء آخر وزير خارجية في عهد مبارك، أحمد أبو الغيط، كأمين عام للجامعة، ومنذ توليه المنصب حاول أبو الغيط الحفاظ على ما تبقى من دور للجامعة في منطقة عربية مأزومة، ما بين أزمات سياسية في لبنان والعراق وثورات في الجزائر والسودان، وتهديد لكيان ووحدة الدولة في سوريا وليبيا، والعمل على إيجاد الحد الأدنى من التوافق العربي حول التحديات التي تواجههم.

 

لكن ومنذ تولي أبو الغيط رئاسة الجامعة العربية، لم تتوقف التدخلات الغربية في الشأن العربي، كما أن مراقبون اعتبروا أن أبو الغيط هو الرجل المناسب للمكان المناسب، فتاريخه الدبلوماسي بلا انجازات تذكر، والجامعة معروف عنها أنها بلا مواقف، ومواقفها في الآونة الأخيرة أصبحت داعمة للعدوان الإسرائيلي بصمتها تجاه ما تفعله "إسرائيل" تجاه فلسطين وبعض البلاد العربية. وفق تقارير لوسائل إعلام عربية.

 

مراقبون أيضا، اعتبروا أن الموقف العربي للجامعة تجاه القضايا العربية لم يذهب بعيدا، فالجامعة في كل القضايا الأخيرة، اكتفت بالشجب والإدانة والاستنكار كما كانت عليه من قبل، فالجامعة باتت اسم بلا مضمون أمام مشاكل العرب وتحالفاتهم.

 

ففي كل القضايا المصيرية التي تهم البلدان العربية كانت الجامعة العربية تستنكر فقط، ففي أزمة ما عرف بصفقة القرن التي رعته الولايات المتحدة الأمريكية، اكتفت الجامعة بالرفض، رفضت حينها طلب فلسطين بالاجتماع الطارئ واكتفت بالاجتماع العادي، حيث قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة، إن "الفلسطينيين يرفضون الوضع الحالي لأنه لا يُلبي تطلعاتهم ويضعهم فعلياً تحت احتلال، وسيكون من قبيل العبث أن تُفضي خطة للسلام إلى تكريس هذا الاحتلال وشرعنته".

 

 

أيضا وإبان إعلان التطبيع الإماراتي مع "إسرائيل" هاجمت حركة فتح الفلسطينية الجامعة وتصريحات أبو الغيط بسبب رفضه المشروع الفلسطيني لإدانة حملات التطبيع قائلة: إن تجاهل جامعة الدول العربية لطلب القيادة الفلسطينية عقد اجتماع طارئ لبحث التطبيع الإماراتي-الإسرائيلي بأنه "مخجل"، وكذلك رفضه مشروع إدانة التطبيع.

 

وأوضح أمين سر المجلس الثوري لحركة "فتح"، ماجد الفتياني، أن "القيادة الفلسطينية منذ اللحظة الأولى عبرت عن أسفها واندهاشها لهذا التباطؤ، من الجامعة العربية في إرسال الطلب الفلسطيني للأشقاء العرب، لأخذ موقفهم ورأيهم".

 

وعن رؤيته لتجاهل الجامعة العربية الطلب الفلسطيني، أكد الفتياني أن "هذا شيء محزن ومخجل، أن تتم الأمور بهذه الطريقة، نحن تعودنا على الصراحة المطلقة مع شعبنا الفلسطيني وشعوبنا العربية، لأن هذه القضية الفلسطينية، هي قضية الأمة العربية، وإن كانت هناك تباينات في موقف النظام الرسمي العربي".

 

وردا على ما يحاك من اتهامات ضد الجامعة العربية، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية ، أحمد أبو الغيط ، إن هناك بعض الأصوات تريد إلغاء جامعة الدول العربية ، مردفا «لصالح من تنتهي جامعة الدول العربية ، ستكون لصالح ذئاب الدول الإقليمية».

 

وتابع أبو الغيط، أن هناك مجموعة من اللجان في الجامعة العربية مضى عليها 10 سنوات تبحث عن الميثاق، دون وجود انفراجة حتى اليوم.

 

واستطرد الأمين العام لجامعة الدول العربية ، أن كبار قادة أوروبا والعالم هم من صاغوا ميثاق الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

 

وأردف أبو الغيط، أنه لا بد من تغيير منهجية العمل في جامعة الدول العربية من خلال إرادة حقيقية، مشيرا إلى أن دولة الاحتلال باغية وتتحرك من خلال الزحف الهادئ، وأن إدارة ترامب ضربت بالقانون الدولي عرض الحائط وأعطت إسرائيل ما لا تستحق.

 

 

على الجانب الآخر وفي ظل تزايد التطبيع العربي، ورعونة الموقف العربي، وصف العام المنصرم 2020، بأنه عام إسرائيل، حيث لم تكتف بعض الدول العربية فقط بإعلان التطبيع معها بل خرجت دعوات مطالبة بإخراج إسرائيل من عزلتها، لدرجة صدور دعوة تطالب بضمها إلى جامعة الدول العربية، وتغيير اسمها إلى جامعة الشرق الأوسط ،فكيف تنظر إسرائيل إلى هذا الكم من التقارب، وهل من الممكن أن تنضم إسرائيل يوما ما بالفعل لجامعة العرب؟.

 

الدكتور أيمن سمير، المتخصص في العلاقات الدولية أوضح في تصريحات صحفية، أن فكرة انضمام إسرائيل إلى الجامعة العربية مستبعدة ولكنها ليست مستحيلة، لأن السياسة لا يوجد بها مستحيل.

والدليل على ذلك أنه قبل 10 سنوات لم يكن أحد يتوقع ما جرى الآن من توقيع اتفاقات بين دول عربية وإسرائيل، وكذلك هناك دول جرت فيما بينها حروب طاحنة ثم تحولت إلى أصدقاء بعد ذلك.

وأشار إلى أن الدول العربية نفسها التي أعلنت مؤخرا التطبيع مع إسرائيل لن تطرح فكرة انضمام إسرائيل إلى الجامعة على الأقل في المستقبل القريب، وبالنسبة لدعوة ضاحي خلفان فهذا كلام غير رسمي وأمر مستبعد.

وتابع أن إسرائيل تولي أهمية كبرى لمشروع الشرق الأوسط الكبير أو الشرق الأوسط الواسع، ولكن كل يوم يثبت أن هذه الفكرة تبدو أكثر بعدًا، لأن التدخلات التركية والإيرانية في الشئون العربية واضحة للغاية.
 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان