رئيس التحرير: عادل صبري 05:40 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

أسبوع من الاحتجاجات في «مهد الربيع العربي».. تونس في مأزق

أسبوع من الاحتجاجات في «مهد الربيع العربي».. تونس في مأزق

العرب والعالم

احتجاجات بتونس

أسبوع من الاحتجاجات في «مهد الربيع العربي».. تونس في مأزق

أيمن الأمين 27 يناير 2021 11:30

بعد نحو أسبوع من الاحتجاجات، أصبحت تونس مهد الثورات العربية في مأزق، ربما يعصف بها نحو مستنقع الأزمات السياسية والاقتصادية، على خلفية احتجاجات شبابية، تذكر بما حدث في ذلك البلد قبل 10 سنوات.

 

وتثير تلك الاحتجاجات، التي تفجرت بعد أيام قليلة، من حلول ذكرى ثورة يناير، التي أطاحت بحكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، اهتمام المراقبين في مجال محاولة تفسيرها، إذ أنه ورغم اعتياد الساحة التونسية على الاحتجاجات، على مدار السنوات التي تلت الثورة، فإن مايلفت نظر المراقبين في الاحتجاجات الدائرة حاليا، هو مستوى العنف الحاصل فيها، وكذلك غياب أي شعارات أو مطالب سياسية أو اجتماعية عنها، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات بشأن دوافعها، والأحوال الاقتصادية والاجتماعية، التي آلت إليها تونس بعد مرور عشر سنوات على الثورة.

 

وعلى وقع احتجاجات عارمة، وخلافات سياسية حادة، استطاعت حكومة هشام المشيشي المعدلة في تونس، انتزاع ثقة البرلمان.

 

وصدّق البرلمان التونسي اليوم الأربعاء على التعديل الوزاري الذي اقترحه رئيس الحكومة هشام المشيشي، وشمل 11 حقيبة وزارية، من بينها العدل والداخلية، ومنح النواب الثقة للوزراء الجدد الذين ضمهم التعديل.

 

وكانت بعض الأسماء المقترحة أثارت جدلاً في الأوساط السياسية، حيث انتقد الرئيس قيس سعيد التعديل، ولوّح بعدم استقبال من تحوم حولهم شبهات فساد خلال مراسم أداء اليمين، وهو ما حمل نُذر أزمة بين مؤسستي الرئاسة والحكومة.

 

 

من جهتهم، عبر ممثلو كتلتي "حركة النهضة" و"حزب قلب تونس" عن مساندتهما للتعديل، في حين عارضته "الكتلة الديمقراطية" وبعض المستقلين.

 

وخلال الجلسة، قال رئيس الحكومة إن التوجه إلى البرلمان جاء لأنه مصدر الشرعية، محذرا من خطورة الأوضاع في بلاده، وقال إن طريق الإصلاح ما زال طويلا.

 

وأكد المشيشي أن الصعوبات التي تعيشها تونس على درجة من الخطورة، وأصبحت "تهدد ديمومة وكيان الدولة"، وقال إن تأخر معالجة هذه الصعوبات فسح المجال أمام الخطاب الشعبوي لافتعال معارك زائفة، وفق تعبيره.

 

وخلال الجلسة العامة، أكد المشيشي أن أولويات حكومته ستتركز على ترشيد منظومة الدّعم لوصوله إلى مستحقّيه، في إطار سياسة اجتماعية قوامها الإنصاف وتحسين المقدرة الشرائية للتونسيين.

 

وقال إن الحكومة ستعمل على تحسين مناخ الأعمال، وتحفيز المبادرات الخاصة، وإلغاء معوقات النمو الاقتصادي، والحد من الإجراءات البيروقراطية.

 

وكان النقاش البرلماني بشأن التغيير الوزاري توقف بعد الظهيرة قبل إجراء تصويت متوقع في المساء، وغادر بعض النواب المعارضين مبنى البرلمان للمشاركة في الاحتجاج بالخارج.

 

 

وتزامنت هذه الجلسة مع توتر في محيط البرلمان التونسي مع تجمع أعداد من المتظاهرين احتجاجا على السياسات الحكومية، ومنعت قوات الأمن التونسية عددا من الأشخاص كانوا يعتزمون الوصول إلى الشارع الرئيسي في العاصمة للتظاهر.

 

ونظم عدد من المنظمات المدنية والأحزاب في تونس وقفة احتجاجية أمام البرلمان، للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين وتحقيق التنمية الاقتصادية، ورفع المحتجون شعارات تندد بسياسة الحكومة، وإجراءاتها التي اتخذتها لمكافحة جائحة فيروس كورونا.

 

وكانت مسيرة انطلقت في وقت سابق أمس الثلاثاء من حي التضامن (غربي العاصمة) إلى مقر البرلمان، للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين خلال الاحتجاجات الأخيرة، والذين قدرت منظمات حقوقية عددهم بنحو ألف شخص، بينهم مئات القاصرين.

 

وذكرت وكالة رويترز أن شرطة مكافحة الشغب أطلقت مدافع المياه على المحتجين في حي التضامن، وأقامت حواجز أمام المشاركين في الاحتجاج لمنعهم من الاقتراب من مبنى البرلمان.

 

وفرضت قوات الأمن طوقا أمنيا مشددا في محيط البرلمان، الذي كان يشهد جلسة عامة لمنح الثقة للتشكيلة الحكومية الجديدة التي اقترحها رئيس الحكومة.

 

 

مراقبون يرون أن ما يحدث في تونس بمثابة شرارة لثورة جديدة ربما تطيح بالأحزاب السياسية من مناصبها، في حين وصف البعض الآخر احتجاجات الشباب بالمؤامرة على الديمقراطية.

 

محمد طرخاني، عضو بحركة النهضة التونسية، قال لمصر العربية، إن الاحتجاجات الليلية لبعض الشباب التونسي لا تمثل تونس، مشيرا بأصابع الاتهام إلى بعض البلدان العربية بالوقوف وراء تلك الاحتجاجات لإثارة الشغب داخل الشارع التونسي.

 

وأضاف لمصر العربية: نعم هناك شباب ثار ضد قرارات الحكومة الأخيرة، بالضغط عبر الشارع، لكن أيضا هنام من يستفيد من تلك الاحتجاجات بافتعال أزمة بين الحكومة والشعب، وأعتقد أن تلك المؤامرات لن تنجح.

 

وتابع: أحزاب المعارضة وبعض الأحزاب الأخرى تلعب لمصالحها الشخصية من أجل إحداث فراغ سياسي وارتباك اقتصادي، وهنا أقول: التوانسة يدركون ما يحاك ضدهم من مكائد ولن يقعوا في فخ المؤامرات كما أراد البعض قبل 10 سنوات، حين اندلعت الاحتجاجات ضد نظام زين العابدين بن علي.

 

على الجانب الآخر يشير تقرير صادر عن البي بي سي، إلى أن البعض يرى أن المواجهات الليلية بين شباب، منهم أطفال أحيانا، وبين قوات الشرطة تعد "فوضى"، هدفها "التخريب" وتحدي القانون والسلطة بشكل "عشوائي"، وتستغلها أفراد وكيانات سياسية "لتحقيق مآرب شخصية" ويستمتع فيها البعض "بمغامرة" المواجهة مع الشرطة.

 

ومنهم من يحصر أسبابها وفقا للتقرير، في رفض إجراءات الإغلاق التي أعلنت السلطات فرضها، لمحاولة الحد من انتشار فيروس كورونا، لما يسببه الإغلاق من تبعات تزيد حدة الأزمة الاقتصادية وتردي القدرة المعيشية، بينما يقف بين الطرفين من ينادي بتأطير التحركات التي ليس لها هدف محدد وواضح، وتحويل مسارها إلى حراك اجتماعي شعبي منظم.

 

ورغم أن شهري ديسمبر ويناير من كل عام، يمثلان موسما للاحتجاجات في تونس، منذ سبعينات القرن الماضي، فإن وقوع تلك الاحتجاجات هذا العام، بعد أيام من حلول ذكرى ثورة 14 يناير ،2011 التي أطاحت بالرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي، فتح نقاشا موازيا بشأن الأوضاع في تونس بعد عشرة أعوام من الثورة.

 

 

ويتفق معظم التونسيين، على أن الإنجاز الوحيد الملموس للثورة التونسية، ربما يتمثل في إزدهار مناخ الحريات، بعد سنوات القمع، التي شهدتها فترة حكم زين العابدين بن علي، لكن وبعيدا عن الحريات فإن الوضع على الجانب الإقتصادي برأيهم يبدو متراجعا، ووفق مراقبين فإن السنوات العشر التي تلت الثورة التونسية، أنجزت الكثير في مجال الحريات والديمقراطية، لكنها حققت فشلا ذريعا في المجال التنموي والاقتصادي.

 

ويعتبر المراقبون، أن الانتكاسة في المجالين الاقتصادي والتنموي، هي نتيجة طبيعية، للأزمات التي واجهتها الثورة التونسية، على مدى السنوات العشر الماضية، ومن وجهة نظرهم، فإنه وفي الوقت الذي تمكنت فيه تونس، من تجاوز التحديات في المجال السياسي، بأقل خسائر ممكنة، فإن التحدي الأكبر، مايزال قائما، ويتمثل في تلبية طموحات الشعب التونسي، في جني ثمار الثورة اقتصاديا وتنمويا، عبر تخفيض مستويات البطالة والفقر.

 

غير أن المراقبين أيضا، وفي مجال تفصيلهم لأسباب الأزمات التي طالت تونس، على مدى السنوات الماضية يبرزون الصراع المتواصل بين الأطراف السياسية، الذي حرم البلاد من الاستقرار، وهم لا يحملون الأطراف السياسية التونسية وحدها، مسؤولية حالة الشقاق التي سادت البلاد ومؤسساتها الدستورية، لكنهم يردونها أيضا إلى سعي أطراف إقليمية، مناهضة لثورة يناير في تونس، إلى إجهاض الثورة عبر إزكاء حالة الخلاف الداخلي في البلاد.

 

ومنذ الخميس الماضي، تشهد محافظات وأحياء عدة بالعاصمة تونس احتجاجات ليلية تخللتها صدامات مع رجال الأمن، تزامنا مع بدء سريان حظر تجول ليلي، ضمن تدابير مكافحة كورونا، من دون تحديد مدته.

 

وتأتي هذه التطورات، وسط حالة احتقان سياسي؛ حيث انتقد الرئيس التونسي قيس سعيد قبل أيام التعديل الوزاري الأخير الذي أجراه رئيس الوزراء هشام المشيشي، وقال إنه "لم يحترم الإجراءات التي نص عليها الدستور".

 

وكانت اشتباكات اندلعت في سبيطلة الأسبوع الماضي، إثر ورود شائعات عن وفاة هذا الشاب الذي أكّدت وسائل إعلام محلية وأقارب له أنّه أصيب في 19 يناير الجاري بقنبلة مسيّلة للدموع.

 

ويومها نفت وزارة الداخلية وفاة الشاب، مشيرةً إلى أنّها فتحت تحقيقاً لجلاء ملابسات إصابته.

 

ومنذ منتصف يناير، خرجت تظاهرات في مدن تونسية عديدة للمطالبة بسياسة اجتماعية أكثر عدلاً وبإطلاق سراح مئات المحتجين الذين اعتقلتهم الشرطة بعد الاشتباكات.

 

ودعت 28 منظمة غير حكومية إلى تنظيم مسيرة يوم الثلاثاء أمام البرلمان للتنديد خصوصاً بما أسموه «السياسة البوليسية» في التعامل مع الاحتجاجات.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان