رئيس التحرير: عادل صبري 05:56 صباحاً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

بلومبرج: الفوضى تنخر عظام الاقتصاد الأمريكي

بلومبرج: الفوضى تنخر عظام الاقتصاد الأمريكي

العرب والعالم

أعمال شغب وفوضى في أمريكا قد تؤثر على الاقتصاد

بلومبرج: الفوضى تنخر عظام الاقتصاد الأمريكي

أحمد الشاعر 19 يناير 2021 14:23

توقع محللون اقتصاديون، أن تدفع أحداث العنف السياسي التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية، في 6 يناير الجاري، إلى زيادة حجم المخاطر على سندات الخزانة بالبلاد.

 

ويرى نواه سميث، المحلل الاقتصادي، وأستاذ مساعد المالية في جامعة ستوني بروك الأمريكية أن ارتفاع المخاطرة على سندات الخزانة قد يكون هو الأثر الوحيد الناتج الهجوم الذي شنه أنصار ترامب على مبني الكونجرس (الكابيتول).

 

وذكر سميث في تحليل نشرته "بلومبرج" أن بحثا أجراه صندوق النقد الدولي قبل سنوات كشف عن الارتباط الواضح والدائم بين عدم الاستقرار السياسي والتباطؤ الاقتصادي.

 

 ففي 2011 درس صندوق النقد أوضاع عينة كبيرة من البلدان خلال الفترة من 1960 إلى 2004 حيث وجد ارتباطا واضحا بين المقاييس المختلفة لعدم الاستقرار السياسي وانخفاض النمو الاقتصادي اللاحق لذلك.

 

كما وجدت ورقة بحثية سابقة أعدها الخبير الاقتصادي ألبرتو أليسينا نتائج مماثلة.

 

ومضى المحلل الاقتصادي في قوله: في البلدان غير المستقرة يكون الاستثمار أقل ونمو الإنتاجية أبطأ بشكل كبير، وهذا كلام منطقي لأن عدم الاستقرار يزيد من عدم اليقين، فإذا كنت رجل أعمال ولا تعرف من سيكون مسؤولا عن الدولة في غضون عام فمن المنطقي عدم القيام بأي استثمارات كبيرة فيها خوفا من أن تستولي عليها الحكومة أو يتم إزالتها من الوجود أو تدميرها في موجة عنف.

كبار رجال الأعمال في أمريكا يطالبون برحيل ترامب

تحذير

 

ويحذر سميث من أنه يمكن للخوف من الفوضى أن يقلص بسهولة المشروعات الجديدة في أمريكا، فإذا نظرت إلى المستقبل بعد 5 سنوات مثلا ورأيت احتمال استمرار الاضطرابات حتى لو لم تصل إلى درجة الحرب الأهلية فقد تعيد التفكير في قرار إقامة مشروع اقتصادي بأمريكا.

 

وأشار إلى أن هذا الكلام ينطبق بشكل خاص على المستثمرين المهاجرين إلى أمريكا والذين تزيد مشروعاتهم عن مشروعات الشركات الأمريكية والذين غالبا ما يكون لديهم خيار العودة إلى بلدانهم الأصلية. ومعنى تراجع المشروعات الناشئة وريادة الأعمال في أمريكا هو تراجع الابتكار وتباطؤ التقدم التكنولوجي وانخفاض القدرة التنافسية مقارنة بالصين.

 

في الوقت نفسه يضر عدم الاستقرار بالشركات الأمريكية بحرمانها من العمالة الماهرة القادمة من الخارج، إذ من سيريد الانتقال إلى دولة يمكن استهداف الأجانب والاعتداء عليهم فيها ؟.

 

وفي الواقع شهدت حقبة دونالد ترمب بالفعل انخفاضا كبيرا في الهجرة القانونية إلى أمريكا رغم أن أغلب هؤلاء المهاجرين يكونون ممن يمتلكون مهارات متنوعة ومطلوبة.

 

أثر الفوضى على المستثمرين

 

ويشعر المستثمرون الأجانب أيضا بتدهور مناخ الأعمال في أمريكا وهو أمر شديد الخطورة. فمنذ السبعينيات، تزايد الاستثمار الأجنبي المباشر كجزء من الاقتصاد الأمريكي.

 

ويشمل ذلك مشاريع مثل مصانع سيارات تويوتا اليابانية في كنتاكي ومصانع مكونات طائرات إيرباص الأوروبية في ألاباما ومصانع سيارات فولكس فاجن الألمانية في تينيسي.

 

هذه الشركات الأجنبية توظف الكثير من العمال الأمريكيين بما يصل إلى حوالي 5.8% من إجمالي القوة العاملة الأمريكية. وإذا نظرت هذه الشركات إلى الولايات المتحدة على أنها مكان غير مستقر فقد تقرر إقامة مصانعها الجديدة في دول أخرى، أو حتى تفكر في الخروج من أمريكا تماما.

 

كما أن النظر إلى أمريكا كدولة غير مستقرة يمكن أن يسبب المعاناة للشركات الأمريكية في الخارج، فالشركات التي تشتري الصادرات الأمريكية سواء معدات تصنيع أشباه الموصلات أو معدات البناء أو رقائق الكمبيوتر قد تقرر عدم الدخول في علاقات طويلة الأجل مع الموردين الأمريكيين.

 

فهذه الشركات المستوردة لن ترغب في أن تجد نفسها غير قادرة على الحصول على احتياجاتها المهمة من أمريكا لآن أعمال العنف أو التقلبات السياسية الحادة تضر بالأنشطة الاقتصادية في أمريكا. وبالطبع فإن تراجع الصادرات الأمريكية يعني مرة أخرى وظائف أقل وأجور أقل للأمريكيين. وهذا لا يأخذ بعين الاعتبار العواقب السياسية والمؤسسية لعدم الاستقرار.

 

وقد أظهر تدخل ترمب في عمل مركز السيطرة على الأمراض أثناء الجائحة كيف يمكن للقادة الذين يراهنون على الصراعات الأهلية وعدم الاستقرار أن يدمروا المؤسسات الحيوية من أجل تحقيق مكاسب سياسية. ويمكن القول إن استيلاء الرئيس الفنزويلي الراحل هوجو شافيز على شركة النفط الفنزويلية المملوكة للدولة وانهيار هذه الشركة بعد ذلك هو المثال الأكثر دراماتيكية على ذلك.

 

المؤسسات الحكومية شريك مكمل للقطاع الخاص

 

وتعتبر المؤسسات الحكومية مكملا حاسما للقطاع الخاص. فهذه المؤسسات هي التي تحدد المناخ التنظيمي وتوفر خدمات حيوية معينة وتحافظ على البنية التحتية. وبالتالي فإن تعيين الأصدقاء والحلفاء في هذه المؤسسات مع استبعاد المعارضين والمناوئين للسلطة منها يقلل بشكل كبير من كفاءة عمل هذه المؤسسات ويزيد حالة من عدم اليقين التي تواجهها الشركات وهي تتعامل مع هذه المؤسسات.

 

كما يمكن للفوضى السياسية أيضا أن تمنع الحكومة من القيام بالاستثمارات اللازمة في البنية التحتية. فكلما شعرت الدولة أنها تخوض صراعا أهليا قلت احتمالات ضخ استثمارات جديدة في البنية التحتية.

 

أخيرا يمكن أن يؤدي هذا إلى نوع التباطؤ الاقتصادي في أمريكا كالذي اعتدنا على رؤيته في بلدان مضطربة مثل فنزويلا أو تايلاند أو تركيا. ومن شأن تراجع الاستثمار وتباطؤ نمو الإنتاجية وريادة الأعمال وانخفاض الطلب على العمالة والكفاءة الحكومية أن يضر بالعمال وأصحاب الأعمال الأمريكيين على حد سواء حتى لو تمكن النظام المالي الأمريكي من الحفاظ على استقراره.

 

ويختتم تحليله بأنه لكل شخص في أمريكا مصلحة في قمع موجة العنف الحالية التي يغذيها ترامب، حتى يمكن إنهاء حالة عدم اليقين السياسي والصراع بسرعة.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان