رئيس التحرير: عادل صبري 08:04 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

آخرها ما كشفه «فيس بوك».. الفشل الفرنسي في اختراق إفريقيا لا ينتهي

آخرها ما كشفه «فيس بوك».. الفشل الفرنسي في اختراق إفريقيا لا ينتهي

العرب والعالم

مظاهرات ضد سياسة ماكرون

آخرها ما كشفه «فيس بوك».. الفشل الفرنسي في اختراق إفريقيا لا ينتهي

متابعات 16 ديسمبر 2020 15:55

أوقفت فيسبوك أكثر من 100 حساب وصفحة على فيسبوك وإنستجرام مرتبطة بحملة تضليل فرنسية في أفريقيا، وهي المرة الأولى التي يعلن فيها عن حملة تضليل إلكترونية منسقة مرتبطة بحكومة غربية.

 

ويبدو أن تلك الحملة كانت مستمرة منذ عام 2018، وتهدف إلى تأكيد المشاعر الإيجابية حول سياسات فرنسا في الدول الأفريقية، ومهاجمة تدخل روسيا في شؤون دول أفريقيا الوسطى.

 

و

أعلنت شركة "فيسبوك" عن حجب 3 شبكات مكونة من "صفحات زائفة تهتم بنشر التضليل ومحاولة التأثير على دول إفريقية" عبر موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي.

 

وقالت الشركة في بيان لها: إنها حجبت ما مجموعه حوالي 500 صفحة، موزعة على 3 شبكات، كانت اثنتان منها مرتبطة بـ "أشخاص على صلة بوكالة أبحاث الإنترنت" في روسيا والثالثة بالجيش الفرنسي، حسب قول الشركة.

 

وأضافت أنها حجبت الصفحات لـ"سلوك زائف منسق"، مشيرة إلى أنشطة "تضليل" من قبل الشبكات كانت تستهدف 13 دولة إفريقية، بينها الجزائر وليبيا والكاميرون والسودان وغيرها، وهي كانت مركزة بشكل خاص على جمهورية إفريقيا الوسطى، التي ستشهد انتخابات رئاسية وبرلمانية في 27 ديسمبر الجاري.

 

وقالت "فيسبوك" إنها رصدت حالة نادرة من التنافس بين الشبكة التي اعتبرتها فرنسية والشبكتين "الروسيتين".

يذكر أن روسيا كانت قد رفضت مرارا الاتهامات بالتدخل في الانتخابات بدول أخري من خلال الأنشطة على شبكات التواصل الاجتماعي، ونفت صلتها بـ "شبكات التضليل" المزعومة.

 

الفشل الفرنسي:

يرى كثيرون من علماء السياسة أن انهزام فرنسا في أوروبا، واصطدام مشروعها الهيمني ببنود اتفاقيات 1815 و1870 دفعها إلى البحث في آفاق بعيدة، ما وراء البحار، عن سبيل لتحقيق النصر السياسي، وتنمية مقدراتها من أجل التقدم الاقتصادي وإشاعة الفكر الإنساني لمبادئ ثورتها، وقد لقي هذا البحث مباركة التجار والعسكر والجغرافيين والمبشرين ورجال الأدب والعلماء؛ كل هذه المجموعات أسهمت في خلق أيديولوجية تبرر سياسة الغزو. بالطبع، بعد أن رسمت لها حداً جغرافياً ركز بالأساس على القارة الإفريقية فريسة المطامع الاستعمارية (انظر مثلا: د. عبدالحميد الضهاجي - السياسة الدولية ع 152 - أبريل 2003).

 

والدور الفرنسي في إفريقيا لم ينته باستقلال عن الاستعمار الفرنسي فلقد أصبح هناك 25 دولة إفريقية يمثلون نصف القارة يتكلمون الفرنسية من بينهم دول المغرب العربي الثلاث الذين يستعملون اللغة العربية كلغة رسمية بجانب نطقهم بالفرنسية وهم (تونس، الجزائر، المغرب). والواقع أن فرنسا تحتفظ بعلاقات طيبة مع دول القارة التي كانت مستعمرات فرنسية والتي عُرفت باسم "الفرانكفون" في شكل علاقات ثنائية، ويعدّ الجنرال "ديجول" أول من وضع ركائز الدور الفرنسي بالمنطقة في فترة ما قبل الاستقلال وذلك في إطار ما عُرف بالجماعة الفرنسية، ثم في فترة ما بعد الاستقلال في إطار التنظيمات الاقتصادية الإقليمية "الأوكام" وهي المنظمة التي ولدت في نواكشوط في 12/2/1965 بعضوية 13 عضواً من الدول الإفريقية الناطقة بالفرنسية وهم: الكاميرون، إفريقيا الوسطى، تشاد، داهومي، توجو، الجابون، ساحل العاج، مدغشقر، موريتانيا، النيجر، فولتا العليا، السنغال، رواندا، والكنغو برازافيل ثم زائير في نفس العام(جوزيف رامز أمين، السياسة الدولية – ع 87 - يناير 1987).

 

وتشكل القارة السمراء إحدى أهم دوائر السياسة الخارجية الفرنسية، وهو الأمر الذي عبّر عنه الرئيس الراحل فرانسوا ميتران في القمة التي عُقدت في بيارتيز (نوفمبر 1994) حيث أكد للحاضرين أنه دون إفريقيا لن يكون لفرنسا تاريخ في القرن الحادي والعشرين، فالقارة السمراء كانت مجد فرنسا ومنطقة نفوذها التاريخية، لذا من الصعب تخيل قيام رئيس أو حكومة فرنسية أيما كانت توجهاتها بالتخلي عن فرنسا أو أن تولي ظهرها للأفارقة. ويبدو أن هذا الأمر ليس قاصراً على "ميتران" فقط بل سبقه "ديجول" الذي أرسى تقليداً أصبح بموجبه يُشرف شخصياً – على ملف الشؤون الإفريقية، ولا يزال هذا التقليد معمولاً به حتى الآن، ويصنف هذا الملف بأنه "بالغ السرية"، كما تم -في منتصف التسعينيات- ربط وزارة التعاون الدولي مع قارة إفريقيا بوزارة الخارجية لضمان فاعلية التواصل مع قضايا القارة.

 

ولعلّ الاهتمام الفرنسي بإفريقيا يظهر من عدة مؤشرات، فالجالية الفرنسية هي أكبر جالية أجنبية في إفريقيا. ووفق إحصاءات عام 1996 بلغت هذه الجالية 114 ألف فرنسي، وتحصل إفريقيا على 49% من إجمالي المساعدات الفرنسية الخارجية (تتراوح ما بين 3– 5 مليارات)، كما يلاحظ أن صادرات فرنسا السنوية لإفريقيا بلغت 13.5 مليار دولار متخطية قيمة الصادرات الأمريكية التي تقدر بـ 6 مليارات دولار فقط. وفي المقابل فإن فرنسا تستورد ما قيمته 11 مليار دولار من إفريقيا (معظمها مواد خام) أي أن الميزان التجاري لصالح فرنسا (2.5 مليار دولار).

 

ومن هنا فإن لفرنسا مصالح اقتصادية كبرى في إفريقيا تستلزم تأمينها والدفاع عنها، ولكن ذلك يتم عبر عدة وسائل (استراتيجيات)، ولا شك أن هذه الوسائل تبدلت أو تغيرت بعد الحرب الباردة فقبل الحرب الباردة كانت سياسة فرنسا تقوم على فكرة مفادها أن نظام الحكم في دولة -ما- هو الأقدر على قمع معارضيه إذا حصل على الدعم العسكري والمادي اللازم وفي هذا السياق يمكن تفسير قيام الجنرال "ديجول" بإقامة عدة قواعد فرنسية في بعض الدول الإفريقية (السنغال – كوت ديفوار – الجابون – تشاد – جيبوتي – إفريقيا الوسطى)، كما يمكن فهم التدخل العسكري -المتكرر- في بعض الدول الإفريقية (السنغال 64)، (إفريقيا الوسطى 67، 1970 ثم 97، 1990)، (توجو 86)، (جزر القمر 1989).

 

لكن فاعلية هذه السياسة تراجعت كثيراً عام 1991 بعد أحداث الجزائر إذ إن دعم فرنسا للنظام الجزائري لمواجهة جبهة الإنقاذ الإسلامية وفشله في السيطرة على مقاليد الأمور أدى إلى تحول البلاد إلى ساحة من المواجهات الدامية راح ضحيتها أكثر من مائة ألف شخص، ومن ثم ازداد السخط الجزائري -خاصة- والإفريقي عامة تجاه فرنسا.

 

وتأكد فشل هذه السياسة مرة أخرى بعد ست سنوات من أزمة الكونجو الديمقراطية، حيث فشل الدعم الفرنسي في الإبقاء على موبوتو سيسي سيكو، الذي أطاح به الرئيس الراحل كابيلا، وهنا ثار الرأي العام الإفريقي ضد فرنسا لأنها تساند الأنظمة الديكتاتورية على حساب الشعوب الإفريقية. ومنذ ذلك الحين كان لابد من البحث عن وسائل جديدة تهدف إلى تحقيق الاستقرار الذي هو الركيزة الأساسية لتحقيق المصالح الفرنسية. وهنا صار الحديث عن ضرورة إرساء الديمقراطية في الدول الإفريقية عن طريق التقريب بين الأنظمة من ناحية وجماعة المعارضة من ناحية ثانية، فضلاً عن تدعيم أسس الحوار السياسي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الإفريقية.

 

تراجع الدور الفرنسي ازداد على خلفية الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، بعد أن شهدت عدة دول خصوصًا غرب القارة السمراء، تنديدًا وغضبًا ضد العنصرية الفرنسية، وخرجت عدة مظاهرات تطالب بالمقاطعة، ما اضطر الرئيس الفرنسي ماكرون لإرسال فريق لترضية هذه الدول، وتقديم الاعتذار علنًا.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان