رئيس التحرير: عادل صبري 11:00 مساءً | الثلاثاء 16 أبريل 2024 م | 07 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

صور| برعاية عربية.. الاحتلال يسابق الزمن لتصفية القدس

صور| برعاية عربية.. الاحتلال يسابق الزمن لتصفية القدس

العرب والعالم

الاحتلال يلتهم القدس

ويهجر المقدسيين..

صور| برعاية عربية.. الاحتلال يسابق الزمن لتصفية القدس

أيمن الأمين 16 ديسمبر 2020 14:20

يسابق الاحتلال الصهيوني الزمن من أجل تهويد مدينة القدس وتصفية القضية الفلسطينية، فخلال الأيام الأخيرة تتصاعد الانتهاكات الإسرائيلية داخل المسجد الأقصى المبارك وفي محيطه، وتتخذ منحى خطيرا.

 

وجاء الانتهاك الأول بالتزامن مع رفع أذان خطبة الجمعة الماضية، إذ بثت الشرطة الإسرائيلية تعليمات باللغتين العربية والعبرية للمصلين، تطالبهم من خلالها بالتباعد وارتداء الكمامات وعدم التجمهر.

 

واستخدمت الشرطة مكبرات الصوت التي رُكّب جزء منها في أكتوبر الماضي على سطح مدرسة ثانوية الأقصى الشرعية قرب مئذنة باب الأسباط، وعند باب المطهرة في الرواق الغربي للمسجد.

 

لكن مكبّرات الصوت الأقدم تم تثبيتها بعد هبّة البوابات الإلكترونية مباشرة عام 2017 على سطح المدرسة العمرية قرب مئذنة باب الغوانمة، وحينها بدأ الاحتلال التأسيس لنظام صوتي يوازي نظام الصوتيات التابع لدائرة لأوقاف الإسلامية، وسمح لنفسه قبل أيام بتوجيه التعليمات للموجودين في المسجد الأقصى.

 

ولا يستبعد أن تستخدم مكبرات الصوت مستقبلا لبث كل ما تريده الشرطة لترهيب المصلين وتفريق التجمعات بشكل أسهل، أو لبث إرشادات بالعبرية للمقتحمين وإقامة الصلوات التلمودية، كما يقول مقدسيون.

 

 

الانتهاك الثاني تمثل بقيام أفراد من جماعات الهيكل بوضع شمعدان عيد الأنوار (الحانوكاه) يوم الأحد الماضي ملاصقا لباب الأسباط، أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك، كما تجمهر المتطرفون أمام باب المجلس مساء يوم الاثنين حاملين الشمعدان مطالبين بإدخاله للأقصى.

 

وهو تطور خطير، يقول عبد الله معروف أستاذ دراسات بيت المقدس في جامعة "إسطنبول 29 مايو"، مسؤول الإعلام والعلاقات العامة في المسجد الأقصى سابقا، إن "الجماعات المتطرفة لم تكن لتحلم به لولا أن رأى العالم أجمع الشمعدان أمام أعلى برج في العالم بدبي".

 

ويحتفل اليهود بعيد الأنوار إحياء لذكرى "تدشين الهيكل الثاني" في القدس عام 164 قبل الميلاد، بعد تدنيسه من قبل عساكر المملكة السلجوقية، وإعادة حرية العبادة للشعب اليهودي بعد حقبة من القهر القاسي.

 

ومن أبرز طقوس هذا العيد وتقاليده إشعال الشموع في الشمعدان الثماني بعد غروب الشمس على مدار 8 ليال، وتلاوة صلوات خاصة خلال إشعال الشموع في العيد الذي "يحيي ذكرى تحرير القدس وإعادة تكريس الهيكل ومعجزة الزيت".

 

وشارك في طقوس إشعال الشمعدان وفد إماراتي وبحريني من نشطاء منصات التواصل في حائط البراق، بعد أيام من الاحتفال بعيد الأنوار في دبي، كما أظهرته تسجيلات مصورة بثها بعضهم على الإنترنت.

 

وبحسب معروف، فإن "نصب الشمعدان ملاصقا لباب الأسباط لم يكن ليحدث لولا أن الدول العربية المطبعة حاليا مع دولة الاحتلال، أعطت الضوء الأخضر من خلال بعض التصرفات الواضح أنها تتفق مع الرؤية التي طرحها جاريد كوشنر، والتي تعيد تعريف المسجد وتجعله مقصورا على المباني فقط، وعلى رأسها المصلى القبلي الذي تبلغ مساحته 3.5% فقط من مساحة الأقصى، بينما تعتبر الساحات التي تشكل 96.5% من مساحته، عامة وليست مقدسة للمسلمين.

 

ويقول معروف: "لأول مرة في التاريخ الحديث نجد أن بعض الدول والأنظمة العربية تساعد الاحتلال على أن يكون له موطئ قدم داخل حدود الأقصى".

 

                                     

وأعرب عن أسفه من أن الإمارات بمواقفها الأخيرة الداعمة للاحتلال بالكامل، وضعت نفسها في مواجهة الشعوب العربية والإسلامية، والعقيدة التي يؤمن بها أكثر من خُمس سكان الكرة الأرضية.

 

وأضاف: "الأقصى بالنسبة للشعوب لا يتعلق برؤية سياسية وإنما بعقيدة يؤمن بها المسلمون في كل الأرض، وبالتالي فإن الإمارات وضعت نفسها في مواجهة الشعوب، وهذه المواجهة لن تخرج منها إلا خاسرة لأن الوقوف أمام الشعوب أثبت خسارته دائما".

 

الشمعدان الذي ينصب اليوم ملاصقا لباب الأسباط كان ينصب سابقا في ساحة الغزالي القريبة منه، على أمل أن يتمكن المتطرفون حينها من الاقتراب أكثر، ولا يستبعد معروف أن تحاول جماعات الهيكل إدخال الرموز التوراتية -ومنها الشمعدان- للمسجد، خاصة بعد مطالبة "منتدى المعبد" في حزب الليكود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاثنين بإيقاد شمعدان الأنوار داخل الأقصى.

 

واعتبر أعضاء المنتدى أن "من غير المناسب أن يستمر اليهود في الاحتفال بعيد الأنوار خارج جبل المعبد رغم مرور ألفي عام على الشتات، ورغم وجود جبل المعبد تحت السيادة اليهودية".

 

وهو ما دفع الملك عبد الله الثاني -وفقا لعبد الله معروف- للتأكيد مرة أخرى في خطاب العرش قبل أيام، على أن المسجد الأقصى هو كل المساحة البالغة 144 دونما.

 

وترجمت إحدى المتطرفات المقتحمات للمسجد الأقصى، عدم اكتراثها بقدسية هذه الساحات، عبر مساعدة طفلها خلال الجولة الاقتحامية على قضاء حاجته تحت شجرة في الساحة الشرقية داخل الأقصى، بحسب شهود عيان.

 

ولا يمكن فصل الانتهاكات الثلاثة الأخيرة عما يجري منذ يومين من اعتداءات على مقبرة اليوسفية الإسلامية التي تمتد من منطقة برج اللقلق حتى باب الأسباط، على مساحة 14 دونما.

 

 

وعمدت جرافات بلدية الاحتلال على تدمير باقي الدرج التاريخي المؤدي إلى مقبرة اليوسفية والمسجد الأقصى المبارك، وهدمت الجزء الغربي من سور أرض "صرح الشهداء"، على أن تكمل أعمال التجريف والهدم تمهيدا لإقامة "حديقة توراتية" في المكان.

 

التطورات الأخيرة التي تحدث في المسجد الأقصى وحوله من قبل جماعات الهيكل المتطرفة والحكومة الإسرائيلية، تبين -بحسب معروف- أن هذه الجماعات ترى أن الوقت الآن أصبح مناسبا لكي تتقدم نحو الخطوة الأخطر والأكبر، وهي الوجود الدائم داخل الأقصى، عبر اقتطاع جزء من أرضه وتخصيصها لليهود، وهذا الهدف لم يكن خفيا بل معلنا لدى هذه الجماعات.

 

جرائم الاحتلال لم تقف فقط عند هدم منازل الفلسطينيين وتهجير أهالي القدس، بل بحق النشطاء المقدسيين، سواء بالملاحقة أو الاعتقال أو الإبعاد عن القدس والمسجد الأقصى، أو المنع من السفر، بالإضافة إلى تسليم بعضهم أوامر هدم لمنازلهم.

 

ويمثل الصراع الديمجرافي في مدينة القدس المحتلة، المعضلة الكبرى لدى الاحتلال الإسرائيلي، لذلك يسعى بشتى الوسائل إلى حسم معركته بالمدينة عبر استهداف الوجود الفلسطيني، وتقليص نسبة العرب إلى 12%، لتحويلها إلى مدينة يهودية.

 

وبحسب مركز معلومات وادي حلوة، فإن سلطات الاحتلال أصدرت خلال نوفمبر الماضي 21 قرار إبعاد بحق مقدسيين، منها 17 عن الأقصى، كما واصلت تقييد نشاطات النشطاء وحركتهم بالمدينة، واستدعت عددا منهم للتحقيق، ومنعتهم من المشاركة أو القيام بأي نشاط داخل المدينة.

 

ويبلغ عدد الفلسطينيين في القدس وحدها حوالي 350 ألفًا، يُشكلون 38% من سكانها، بشطريها الشرقي والغربي، وفق معطيات دراسة إسرائيلية نشرها معهد القدس لبحث السياسات مؤخرًا.

 

وبحسب الدراسة، فإن 12800 إسرائيلي هاجروا إلى المدينة خلال العام 2019، في حين أن نسبة البطالة في صفوف سكان المدينة الفلسطينيين، ذكورًا وإناثًا، بلغت 30% قبل أزمة فيروس "كورونا".

 

 

وعن مستجدات الأوضاع داخل فلسطين، يرى الفلسطيني نبيل الكُرد أن إجباره على الخروج من القدس الشرقية، التي يعيش فيها منذ خمسينيات القرن الماضي، يمثل مصيرا أسوأ من الموت.

 

لكن الرجل المٌسن (76 عاما) وزوجته وأبناءهما بين عشرات الفلسطينيين المهددين بالطرد من منطقتين في المدينة المتنازع عليها بعد أن قضت محكمة إسرائيلية بأن بيوتهم مبنية على أرض مملوكة لمستوطنين يهود.

 

وقال الكُرد لرويترز "أنا هون ربيت، هون كبرت، هون رحت ع المدرسة، هون تخرجت من نص الجامعة، هون تجوزت وخلفت، الوطن إللي عشت فيه هدا البيت، كل ذكرياتي في هدا البيت، أنا يعني متصورش حالي خارج القدس ولا خارج هذا البيت أبدا ولا بحال من الأحوال. لكن... سألوني قلتلهم والله من هدا البيت ماني طالع إلا ع المقبرة".

 

وتعد دعاوى الملكية التي رُفعت ضده وآخرين في حي الشيخ جراح وحي بطن الهوى نقطة محورية لخطط تنمية المستوطنين في القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967.

 

وصدر أمر للكُرد في أكتوبر الماضي بإخلاء منزله في غضون 30 يوما.

 

واستأنف نبيل الكرد الحكم أمام محكمة القدس الجزئية مع أن هاجيت عفران، منسقة مشروع مناهض للنشاط الاستيطاني في جماعة السلام الآن تقول إن فرصته ضئيلة في نقض الحكم.

 

وأيّدت ذات المحكمة هذا العام مطالبات عديدة لمستوطنين استنادا لوثائق من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الأمر الذي أثار انتقادات من الاتحاد الأوروبي الذي قال ممثله في القدس إن 77 فلسطينيا معرضون لخطر الترحيل القسري.

 

 

ويمثل وضع مدينة القدس، المقدسة عند اليهود والمسلمين والمسيحيين، قلب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

 

فالفلسطينيون يرغبون في أن تصبح القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية وتعتبر معظم الدول المستوطنات التي بنتها إسرائيل هناك غير شرعية.

 

وتجادل إسرائيل في ذلك متذرعة بصلات توراتية وتاريخية بالأرض إضافة إلى ضرورات أمنية وحجج قانونية.

 

وقالت جماعة السلام الآن إن كثيرا من الفلسطينيين المعرضين للطرد هم من اللاجئين مثل الكرد، أو نسلهم، الذين قدموا للمنطقة قبل أكثر من نصف قرن مضى.

 

وأضافت الجماعة أن المستوطنين، في حالة قضية الكُرد، اشتروا الأرض من جمعيتين يهوديتين تزعمان شراءها في أواخر القرن التاسع عشر.

 

ورفض المحامي الذي يمثل المستوطنين الذين يزعمون أنهم يملكون منزل الكُرد التحدث لرويترز. وتقول السلام الآن إن نحو 14 أُسرة طُردت من حي بطن الهوى منذ 2015 و 16 من حي الشيخ جراح منذ أواخر التسعينيات في حالات مماثلة.

 

وعادة ما يتم وقف عمليات الإخلاء أثناء نظر استئناف الأحكام، وقد طعن بعض السكان في قضاياهم أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، لكن عائلة الكرد لم تجازف بذلك.

 

 

وقالت منى الكُرد، ابنة نبيل، "عائلتي على سبيل المثال محضرين شنطة إللي فيها الشغلات المهمة، إللي لا سمح الله بأي لحظة أجوا نكون جاهزين. والدي ما بينام، فيه عندنا كاميرا بالبيت إللي فيها أربع كاميرات إللي بتطل على الشارع، بابا بيظلوا قاعد للساعة تنتين وتلاتة الفجر يراقب إذا لا سمح الله أجوا أو لا".

 

رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين الناشط أمجد أبو عصب يقول أيضا لوسائل إعلام عربية، إن هناك تغولًا إسرائيليًا متسارعًا في مدينة القدس، يستهدف التنكيل بأبناء الشعب الفلسطيني، وتحديدًا النشطاء المقدسيين، وذلك من خلال الملاحقة والاعتقال والإبعاد.

 

ويضيف: "إسرائيل تحاربنا على أي مشهد سيادي بالقدس، وتريد من خلال ممارساتها ضد المقدسيين، تحقيق أهدافها في فرض سيطرتها وسيادتها الكاملة على القدس، وحسم قضية الأقصى".

 

ويستغل الاحتلال فرصة ما تبقى من حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لأجل إحداث تغييرات كبيرة في قضية القدس، مستمرًا في مخططه وهجمته الشرسة بحق المقدسيين، وعلى كافة الأصعدة.

 

وفي تصريحات سابقة لمصر العربية، قال السياسي الفلسطيني عبد القادر ياسين، إن الأيام المقبلة قد تشهد المدن الفلسطينية فيها تهجيرات جماعية، فالمحتل الصهيوني أصدر قرارات بترحيل أهالي القدس من بيوتهم قبل فترة، وما إن يحدث سيتكرر الأمر في غالبية مدن فلسطين، مضيفا أن السجان الإسرائيلي لم يعد يكترث لأي ردة فعل للعرب.

 

وأوضح لـ"مصر العربية" إنه ما دام قرار ترامب ضد القدس مرً بسلام وكل الدول العربية تعاملت معه بفتور، وقبلته بل وشاركت في تمريره، فمن غير المستهجن أن يغري الضعف بنهب الحقوق الفلسطينية والعربية وأن يسلب الحرم الإبراهيمي وغيره من أيدي المسلمين.

 

وأشار السياسي الفلسطيني إلى أن الوضع العربي أسوأ من سيء، فالقادة العرب في موقف الضعيف، لا يملكون من أمرهم شيئا، وبالتالي لا ننتظر منهم أي ردة فعل تجاه فلسطين.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان