رئيس التحرير: عادل صبري 11:47 مساءً | الاثنين 30 يونيو 2025 م | 04 محرم 1447 هـ | الـقـاهـره °

فوضى وتخوين وحصار لحقول النفط.. الاحتجاجات تشعل تونس

فوضى وتخوين وحصار لحقول النفط.. الاحتجاجات تشعل تونس

العرب والعالم

احتجاجات بتونس

فوضى وتخوين وحصار لحقول النفط.. الاحتجاجات تشعل تونس

أيمن الأمين 02 ديسمبر 2020 10:21

على وقع احتجاجات غير مسبوقة، تشهدها "مهد الثورات العربية" تونس، يترقب العالم ما ستؤول إليه تلك الاحتجاجات، وسط رهانات الحكومة والرئاسة على فك طلاسم تلك التظاهرات.

 

وتعيش محافظات تونسية على وقع احتجاجات غير مسبوقة تقودها "التنسيقيات الجهوية" لشباب طال أمد بطالتهم، مما خلف شللا بقطاعات حيوية، وسط تحذيرات من تأزم الأوضاع الاقتصادية.

 

ويرى مراقبون أن الاحتجاجات التي عادة ما تكون مؤطرة سياسيا أو تتبناها منظمات نقابية كاتحاد الشغل، خرجت اليوم عن السيطرة، وباتت أكثر عنفا وعشوائية من خلال توجه الشباب المحتجين إلى غلق حقول إنتاج الغاز بشكل كلي.

 

وتعيش مدن عدة غليانا شعبيا بسبب توقف مرافق أساسية عديدة على غرار الغاز المسال بعد إغلاق الشباب المحتجين المجمع الكيميائي بمحافظة قابس جنوبي شرقي تونس.

 

ويرى كثيرون أن نجاح تجربة الشباب المعتصمين في المنطقة النفطية بمحافظة تطاوين، أو ما بات يعرف بـ"تنسيقية اعتصام الكامور"، والذي  أجبر الدولة على الرضوخ لمطالبهم بعد غلق حقول الإنتاج، فتح شهية الشباب المعطلين بمحافظات أخرى لافتكاك مطالبهم بالقوة.

 

 

وبدأت بالمقابل أصوات سياسيين تعلو محذرة من الفوضى ومخاطر تفكك الدولة، ومتهمة جهات من داخل السلطة بالوقوف وراء تأجيج الاحتجاجات، وموجهة أصابع الاتهام لرئيس الجمهورية قيس سعيد.

 

وحذر رئيس حزب "مشروع تونس" محسن مرزوق رئيس الجمهورية من مغبة "اللعب بالنار"، داعيا إياه في تصريح إعلامي محلي إلى "عدم الاعتقاد بأن تكون الفوضى عاملا لكسب مشروعية ثورية".

 

وسبق أن كشف الرئيس إبان ترشحه للانتخابات الرئاسية أنه "سيُقدم مبادرة تشريعية من أجل تعديل الدستور وتغيير النظام السياسي بهدف دعم الحكم المحلي والتنمية المحلية".

 

وأكد سعيد في السياق ذاته أن زمن الوصاية على الشعب قد انتهى، وأنه صاحب السيادة، وهو الذي يحدد مطالبه الجهوية بنفسه عبر التنسيقيات والمجالس الجهوية والمحلية.

 

 

في سياق متصل، قال الناشط السياسي التونسي فالح العليان، إن الديمقراطية التونسية بدأت في تراجع خلال الفترة الأخيرة، تحديدا مع بدء ارتفاع سقف الاحتجاجات التي تضرب الشارع وحصار المنشآت النفطية.

 

وأضاف العليان لمصر العربية، أن الحكومة والرئاسة مسئولتان عما يحدث في الشارع، قائلا: تهدئة الشباب الغاضب مطلب كل التوانسة، رغم أحقية مطالب المحتجين في البحث عن تحقيق مطالبهم والهرب من جحيم البطالة.

 

وتابع: ساسة وأحزاب تونس مل الشباب من وعودهم الجوفاء، لذلك بدأت المطالب تزداد رغم تراجع الاقتصاد التونسي وتدهوره، ولذلك نحن مقبلون على تفكك الدولة وضياع الديمقراطية التي نتغنى بها منذ الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي قبل 9 سنوات.

 

من جهته، يقول النائب عن ائتلاف الكرامة نضال سعودي في تصريحات صحفية، إنه بقدر تفهمه للمطالب المشروعة للشباب المعطلين وحقهم في الشغل والعيش بكرامة، فإنه يستنكر ركوب عديد الأطراف على هذا الحق لتحقيق أهداف سياسية.

 

وأشار سعودي إلى أن هذه التنسيقيات الجهوية تحركها جهات لا تخفي ولاءها للرئيس سعيد ولاتحاد الشغل بهدف الدفع نحو الفوضى ضمن مخطط لإضعاف الدولة، حسب رأيه.

 

 

وذكّر النائب بما أسماه عداء رئيس الجمهورية للأحزاب وللبرلمان، وإعلانه خلال حملته الانتخابية عن رغبته في تغيير النظام السياسي وبنية الحكم من شبه برلماني إلى نظام مجالسي شبيه باللجان والتنسيقيات الشعبية.

 

وفي تطور وصفه مراقبون باللافت في علاقة الرئيس سعيد بالأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، لمّح الأخير لدور الرئيس في دعم  الاحتجاجات العشوائية، مؤكدا في تصريحات إعلامية أن الاحتجاجات "مخطط لها، وخطابات التنسيقيات أو ما يسمى باللجان الشعبية توحي بأن أطرافا سياسية وراءها".

 

ويرى عضو المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر في تصريحات صحفية، أن الاتهامات التي تنال الحراك الاجتماعي بالتسييس والاختراق من قبل الأحزاب والتيارات السياسية المختلفة، ليس جديدة.

 

وأشار بن عمر إلى أن محاولات البعض تشويه الحراك الاجتماعي، من خلال التساؤل عن التنسيقيات ومن يقف وراءها، تعد اتهاما ضمنيا للديناميكيات التي ساهمت سابقا في صعود قيس سعيد للرئاسة، وعملا متجددا لتشويه التنسيقيات في ظل غياب حلول وبدائل تقدم للمحتجين.

 

 

تجدر الإشارة إلى أن حكومة هشام المشيشي، كانت بادرت قبل أيام في لعب دور أكثر مع قادة الأحزاب في محاولة للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد، فدعا رئيس الحكومة، إلى تنظيم حوار اقتصادي واجتماعي شامل بهدف دعم المشاريع التنموية بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني، في وقت سادت فيه حالة من الفوضى داخل البرلمان بسبب التراشق بين عدد من النواب حول دور اتحاد الشغل في الاحتجاجات الاجتماعية التي ساهمت في تعطيل عجلة الإنتاج في البلاد.

 

ووجدت الحكومة التونسية، نفسها خلال الأيام الماضية أمام امتحان عسير بعدما باتت في مواجهة مباشرة مع الشارع، وعاجزة عن احتواء احتجاجات متصاعدة في مختلف أنحاء البلاد، تطالب بالتنمية والوظائف وتحسين الخدمات الاجتماعية، وذلك في الوقت الذي يتراجع فيه دعم النخب السياسية لها، ما يطرح تساؤلات حول مدى قدرتها على الصمود أمام تلك الصدمات.

 

في سياق آخر، شهد البرلمان التونسي حالة واسعة من الفوضى بعد تراشق عدد من النواب في نوبة حول دور اتحاد الشغل في الاحتجاجات الاجتماعية التي تعطل العمل في عدد من المؤسسات الحيوية في البلاد.

 

واتهم رئيس ائتلاف الكرامة، سيف الدين مخلوف، اتحاد الشغل وطرفاً سياسياً (لم يسمه) بتأجيج الاضطرابات في المناطق الداخلية، مشيراً إلى أن النقابات هي سبب إفلاس البلاد بسبب الإضرابات العشوائية، وأدعو أنصار الائتلاف إلى التشهير بالتحركات الأخيرة وأية تحركات يشارك فيها الاتحاد، كما أطالبهم بفضح كل من ينتمي للمنظومة التي تفتعل الأزمات وتؤجج الاحتجاجات، ونحن على علم بكل المؤامرات التي يحيكها اتحاد الشغل قصد إقصاء ائتلاف الكرامة.

 

 

وكان الأمين العام لاتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، أكد في وقت سابق أن ضعف مؤسسات الدولة ألقى بظلاله على الأوضاع الاجتماعية في البلاد، مشيراً إلى أن هذه المؤسسات بصدد الانهيار، والاتحاد لن يبقى متفرجاً ولن يقبل ما يحدث، وآن الآوان للابتعاد عن المناكفات السياسية لأن المسؤولية هي مجتمعية في الأساس.

 

وتشهد عدة محافظات تونسية خلال الآونة الأخيرة تحركات احتجاجية غير مسبوقة وصلت إلى حد تعطيل وحدات الإنتاج على غرار إنتاج الفوسفات بمحافظة قفصة، وغلق المجمع الكيميائي بمحافظة قابس، إذ يطالب المحتجون بحقهم من التنمية، على غرار ما تحقق في محافظة تطاوين بعد تسوية ملف الكامور قبل أسابيع.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان