رئيس التحرير: عادل صبري 10:41 صباحاً | الجمعة 29 مارس 2024 م | 19 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

اتفاق جنيف .. هل ينهي الصراع الدائر في ليبيا؟

اتفاق جنيف .. هل ينهي الصراع الدائر في ليبيا؟

العرب والعالم

مخاوف من تجدد الصراع بين فرقاء ليبيا

اتفاق جنيف .. هل ينهي الصراع الدائر في ليبيا؟

حسام محمود 24 أكتوبر 2020 15:34

بمزيج من الأمل والتشكيك، استقبل الليبيون توقيع اتفاق وقف إطلاق النار على مستوى البلاد بهدف تمهيد الطريق نحو حل سياسي للنزاع الذي تشهده ليبيا.

 

وبينما رحب المراقبون بالاتفاق المدعوم من الأمم المتحدة، إلا أن قلة منهم تراودهم مخاوف بشأن الصعوبات التي تواجه تحويله إلى سلام دائم على الأرض.

 

حسن محمود العبيدي مدرس في الأربعين من عمره من مدينة بنغازي في شرق البلاد، قال:" شهدنا الكثير من الاتفاقات المماثلة من قبل.. المهم الجدية في التطبيق".

 

ووقع اتفاق الجمعة في جنيف مندوبون عسكريون من الطرفين المتحاربين الرئيسيين في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا والغارقة في العنف منذ 2011 في أعقاب الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي للإطاحة بالرئيس آنذاك معمر القذافي.

 

واتفقت حكومة الوفاق ومقرها طرابلس والقوات المنافسة لها بقيادة المشير خليفة حفتر القائد العسكري في الشرق على الانسحاب من الخطوط الأمامية والبدء في تفكيك الفصائل المسلحة لدمجها في مؤسسات الدولة.

 

والأهم أن الاتفاق يدعو أيضًا إلى مغادرة جميع القوات الأجنبية الأراضي الليبية في غضون ثلاثة أشهر.

 

الباحث الأول في مركز البحوث العربية والإسلامية في معهد الشرق بالأكاديمية الروسية للعلوم، بوريس دولغوف، يرى أن اتفاق وقف إطلاق النار في ليبيا له أهمية كبيرة، لكنه ليس المرحلة النهائية في تسوية النزاع نظرا لدور اللاعبين الخارجيين.

 

وأضاف دولغوف، في تصريحات صحفية: "الاتفاقات التي تم التوصل إليها في جنيف هي خطوة هامة بالفعل في اتجاه تسوية الأزمة الليبية. لكن يجب أولا أن نذكر أن هذه ليست الاتفاقات الأولى، لقد كانت هناك اتفاقات مماثلة في الماضي".

 

من جانبه، قال بيتر ميليت السفير البريطاني السابق في ليبيا "من الجيد أن يكون الجانبان على استعداد لتقديم تنازلات، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل"، بحسب "فرانس برس".

 

وأضاف: "هناك عدد هائل من الأسئلة. والمسألة الأساسية هي: هل ستدعم الدول التي رعت قوات عسكرية في ليبيا هذا الحل الوسط؟".

 

وتلقى كلا المعسكرين الرئيسيين في الحرب الليبية المعقدة دعمًا واسعًا من أطراف خارجية.

 

ويأتي اتفاق الجمعة بعد أربعة أشهر من تخلي قوات حفتر المدعومة من روسيا والإمارات عن محاولتها التي استمرت مدة عام للسيطرة على العاصمة طرابلس، في مواجهات خلفت مئات القتلى وعشرات الآلاف من النازحين.

 

وفي يونيو، انسحب حفتر من غرب ليبيا في مواجهة هجوم مضاد من القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من تركيا. وزادت المعارك من تعميق انعدام الثقة المرير بين المعسكرين السياسيين المتنافسين وحلفائهما العسكريين، فضلاً عن الليبيين العاديين.

 

وقال العبيدي "تسببت الحرب بشرخ اجتماعي رهيب. ولا بد من العمل الآن وعلى الفور لإعادة البناء وتضميد الجروح التي باتت غائرة في جسد الوطن الواحد".

 

وفي العاصمة طرابلس على بعد نحو ألف كيلومتر غرب بنغازي، أعرب المقاتل الموالي لحكومة الوفاق الوطني سليم قشوط عن شكوكه في استمرار وقف إطلاق النار، قائلاً: "جربنا الاتفاق السابق الذي أعلن قبل خمسة أيام من هجوم حفتر على طرابلس والذي دُمرت خلاله البنية التحتية للعاصمة وقُتل كثيرون".

 

وأضاف: "آمل ألا يكون هذا الاتفاق مثل سابقيه، بمعنى أن نعود للحرب مرة أخرى.. سوف نلتزم به، لكننا مستعدون للرد في أي لحظة إذا تم انتهاكه".

 

وكانت محادثات جنيف الشق العسكري من عملية قادتها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. وتهدف المحادثات السياسية المنفصلة التي تبدأ الاثنين إلى تشكيل هيئة حكومية جديدة والتحضير للانتخابات.

 

وقال محمد دوردة، الشريك المؤسس والمدير الاستشاري لمكتب ليبيا لاستشارات المخاطر الجيوسياسية (ليبيا ديسك) إن وقف إطلاق النار كان خطوة إيجابية "تخلق أساسًا للمحادثات السياسية".

 

لكنه حذر من أن "ليبيا بحاجة إلى ترتيب أمني للسماح بتشكيل حكومة. إذا لم نتعامل مع الأزمة الأمنية، فسنجد أنفسنا في الوضع نفسه خلال بضع سنوات".

 

وهذا تحد معقد في بلد بات ضحية مزيج من الفصائل المسلحة المتنافسة والمرتزقة الأجانب والجماعات الإسلامية المتطرفة.

 

وحذر المراقبون من أن المفاوضين في جنيف لا يسيطرون بالضرورة على حلفائهم المسلحين على الأرض. كما أنه من غير المحتمل أن تتخلى الأطراف الخارجية الفاعلة في ليبيا بسهولة عن نفوذها الذي كسبته بصعوبة.

 

أما عماد الدين بادي من مركز أبحاث أتلانتيك كاونسل فقد حذر من أن روسيا وتركيا تريدان تحقيق مكاسب اقتصادية من تدخلاتهما العسكرية.

 

وقال إنه "من السذاجة أن يُطلب منهما المغادرة ببساطة... إن أفضل سيناريو هو حصولهما على امتيازات اقتصادية وتقليص وجودهما على الأرض.. والأسوأ هو استئناف القتال".

 

لكن بالرغم من كل العقبات، شهدت الأيام الأخيرة تقدمًا ملموسًا، إذ اتفق المعسكران هذا الأسبوع على فتح خطوط النقل المحلية وزيادة إنتاج النفط الحيوي لليبيا التي تضررت بشدة من القتال والحصار. واستأنفت منشآت النفط الرئيسية الإنتاج بالفعل بعد توقف دام شهورًا.

 

بدوره قال مسعود الفطماني (57 عاما) المقيم في بنغازي والذي يدير مجموعة من متاجر المواد الغذائية، إنه يأمل بأن يستمر وقف إطلاق النار.

 

وأضاف: "تسببت الحرب في ركود اقتصادي رهيب. خسرنا الكثير من الاموال بسبب توقف حركة المبادلات التجارية بين الشرق والغرب جرّاء اغلاق الطرق".

 

ورددت مدرسة اللغة الإنجليزية ميسون خليفة التي تعمل في مدرسة خاصة في طرابلس دعوته من أجل إحلال سلام دائم. وقالت: "كثيرون لديهم أمل لكنهم غير متفائلين. أتمنى بصدق أن يصمد هذا الاتفاق.. ليبيا تستحق أفضل مما نعيشه اليوم".

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان