مشهد سياسي قاتم يخيم على أجواء الشارع التونسي الغاضب، اعتصام للمعارضة وتشابك بالأيدي وألفاظ نابية، هكذا حال البرلمان التونسي.
الأحداث في تصعيد دائم بين الأحزاب ونواب الشعب، ليأخذ معه مستقبل تونس "مهد الثورات العربية" إلى مصير غامض.
ووفق تقارير عربية، فإن الخلافات داخل البرلمان التونسي بلغت درجات كبيرة من التصعيد وانتقلت من العنف اللفظي إلى المادي، بسبب تواصل اعتصام بعض النواب داخله، بينما هدد الرئيس التونسي قيس سعيد باللجوء للقانون والدستور ضد من يعطل عمل مؤسسات الدولة.
وبحسب المصادر، فقد شهدت الجلسة الأخيرة للبرلمان تشابكا بين نائب من حركة النهضة ونائب عن كتلة الحزب الدستوري الحر، مما أدى إلى كسر رجل أحد النائبين وخلع كتف الآخر في مشهد لم يعرفه البرلمان عبر تاريخه، علما بأن جلسة أمس عرفت تدافعا بين نائبتين من النهضة والدستوري، مما أدى لكسر في ساق نائبة من النهضة.
وقالت تقارير لوسائل إعلام عربية، إن مكتب البرلمان راسل النواب وأعلمهم قبل انطلاق أشغال الجلسة بأنها ستنعقد في مقر المبنى الفرعي، بسبب تواصل اعتصام نواب كتلة "الحزب الدستوري الحر" داخل قاعة الجلسات، واعتلائهم المنصة المخصصة لرئيس المجلس ونائبيه.
وأجرت النيابة العامة أمس معاينة، عبر إرسال وفد من الشرطة العدلية مصحوبا بتبليغ كتابي بهذه المهمة، وذلك على خلفية شكاية تقدم بها مكتب البرلمان ضد ما اعتبره تعطيلا تقوم به كتلة "الدستوري الحر" لأشغال المجلس.
وسادت حالة من الفوضى أروقة المجلس بسبب رفض رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر عبير موسي هذه المعاينة.
وليست هذه المرة الأولى التي تنفذ فيها الكتلة اعتصاما داخل البرلمان، ففي ديسمبر الماضي نفذت اعتصاما مفتوحا على خلفية مناوشات كلامية مع كتلة حركة النهضة (54 نائبا)، أكبر كتلة برلمانية.
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قال قبل يومين، إن تعطيل عمل مجلس نواب أمر غير مقبول بأي مقياس من المقاييس، ملوحا باتخاذ إجراءات قانونية.
وجاء ذلك خلال استقباله في قصر قرطاج الرئاسي، كلا من رئيس البرلمان راشد الغنوشي ونائبيه سميرة الشواشي وطارق الفتيتي، بحسب تسجيل مصور بثته صفحة الرئاسة على فيسبوك.
ولوّح سعيد باستعمال ما يتيحه له القانون لمواجهة هذا الوضع، قائلا "الوضع لا يمكن أن يتواصل على النحو المذكور، ولدينا من الإمكانيات القانونية ما يسمح بالحفاظ على الدولة التونسية، ولن أبقى مكتوف الأيدي أمام تهاوي مؤسسات الدولة".
وأضاف أن "الوسائل القانونية المتاحة في الدستور موجودة لديّ اليوم، بل هي كالصواريخ على منصات إطلاقها، ولكن لا أريد اللجوء إليها في هذا الظرف بالذات، ولكن لن أترك الدولة التونسية بهذا الشكل".
وتعليقا على تصريحات الرئيس سعيد، قال جوهر بن مبارك المستشار السابق لرئيس الحكومة المستقيل إلياس الفخفاخ إنها "موقف سياسي ودبلوماسي صارم وحاسم تجاه القوى الإقليمية التي تخرّب الوضع الداخلي الوطني، وعلى رأسها السعودية والإمارات".
وتابع في تدوينة على صفحته في الفيسبوك "هذا الصاروخ الذي يتوجب وضعه على منصّته وإطلاقه دون تأخير. بعد ذلك هو شأن داخلي سنجد منه مخرجا بين أبناء وطن واحد".
ويعتبر العديد من النواب أن ما تقوم به عبير موسي يستهدف إرباك وتعطيل عمل البرلمان والتشويش عليه، وكثيرا ما أعلنت موسي أنها تناهض الثورة التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي عام 2011، كما تُجاهر بعدائها المستمر لحركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي.
من جهته، قال النائب عن كتلة الدستوري الحر، كريم كريفة، في تصريحات صحفية، اليوم الأربعاء، إن اعتصام الكتلة متواصل في مكتب ديوان رئيس مجلس النواب التونسي.
ونفت كتلة الدستوري الحر في تونس الشائعات التي تبثها حركة النهضة عن فض الاعتصام في مجلس النواب.
في المقابل، وفي تصريحات سابقة لمصر العربية، اتهم القيادي بحركة النهضة التونسية، حسين طرخاني، دولة الإمارات وبعض الدول العربية، بالوقوف وراء الاتهامات الموجهة لرئيس برلمان تونس، والتي يقودها بعض الإعلاميين العرب، بدعوة الشعب للفوضى، قائلا: الشعب التونسي على درجة عالية من الوعي والوطنية فلم يستجب لتلك الدعوات ولم ينجر للعنف أو الفوضى ولذلك فشلت الحملة التحريضية والمؤامرات الخارجية التي تستهدف كل المسار الديمقراطي والثورة التونسية.
وأكد طرخاني، أن تونس اليوم رغم المؤامرات الخارجية التي تستهدف مسارها الديمقراطي إلا أنها تسير بنجاح وثبات في ترسيخ مفهوم الحرية والديمقراطية وسنعمل مستقبلا على تطوير الاقتصاد التونسي وسنجلب العديد من الاستثمارات وستكون هناك تنمية في كل الجهات وخاصة بعد المصادقة على مشروع الاقتصاد التضامني وهذا الأمر سيخلق العديد من فرص العمل وسيفتح المشاريع الصغرى من خلال تشجيع الشباب على العمل وحب المبادرة.
وأضاف لمصر العربية، أن اعتصام عبير موسى، وحزبها "الدستوري الحر" كان بهدف الانقضاض على المسار الديمقراطي والعودة بنا للاستبداد وهذا واضح للعيان.