رئيس التحرير: عادل صبري 08:58 مساءً | الخميس 18 أبريل 2024 م | 09 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

«النفط مقابل سرت».. صفقة مرتقبة تعيد الدماء لشرايين اقتصاد ليبيا

«النفط مقابل سرت».. صفقة مرتقبة تعيد الدماء لشرايين اقتصاد ليبيا

عمر مصطفى 02 يوليو 2020 16:09

 

تزايدت التكهنات باستئناف وشيك لإنتاج النفط الليبي، وذلك بعد عدة شهور من التوقف شبه التام، عقب سيطرة قوات موالية للواء الليبي خليفة حفتر على معظم حقول النفط في جنوب ووسط ليبيا.

يأتي ذلك وسط جهود مكثفة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لإطلاق هدنة في ليبيا يكون من بين عناصرها استئناف صادرات النفط، التي تعد المصدر شبه الوحيد لعائدات الخزانة الليبية، مقابل أن توقف قوات حكومة الوفاق مساعيها للسيطرة على مدينة سرت وقاعدة الجفرة.

 

وانتقل الصراع في ليبيا بشكل واضح إلى النفط، بعد تبادل الأطراف المتحاربة الاستيلاء على حقول ومرافئ التصدير، ما يجعل القطاع الذي تعتمد عليه الدولة في إيراداتها، وسط بيئة مرتفعة المخاطر.

 

وقالت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أمس الأربعاء إن حالة القوة القاهرة المفروضة على صادرات النفط مستمرة انتظارا لرفع "الحصار على الموانئ من قبل جهاز حرس المنشآت النفطية" التابعين لقوات حفتر، وذلك بعد ستة أشهر من الإغلاق من جانب قوات حفتر في إطار الحرب الأهلية.

 

وأكدت المؤسسة أنه بناء على المفاوضات الجارية لاستئناف إنتاج النفط بين حكومة الوفاق، وعدد من الدول الإقليمية التي تقف خلف هذا الإغلاق، تحت إشراف الأمم المتحدة والولايات المتحدة، قامت بإصدار تعليماتها منذ 20 من الشهر الماضي لجميع الشركات المشغلة لاستدعاء الموظفين لمواقع العمل، والبدء بالتجهيز لعمليات إعادة الإنتاج والصيانة والتشغيل التدريجي للحقول، كما أن هناك ناقلة نفط حالياً تبحر باتجاه ميناء السدرة للبدء بتحميل الخام الموجود في خزانات الميناء.

 

ونفى رئيس المؤسسة، مصطفى صنع الله جميع الشائعات حول فتح حسابات جديدة وتوزيع إيرادات النفط على 3 أقاليم، وقال: "موقفنا هو العمل من أجل إعادة الإنتاج حفاظاً على ثروة الشعب الليبي وخدمة لمصالحه".

 

بدورها أشارت وكالة رويترز إلى أن زعيم قبلي في منطقة ليبية منتجة للنفط أعلن قبل يومين أن قبائل في المنطقة أنهت وقفا لإنتاج وتصدير الخام، قائلا "فتحنا النفط"، وسلمت السلطة إلى قوات موالية للواء خليفة حفتر للتفاوض بشأن استئناف الإنتاج.

 

ولفت الوكالة إلى أن بعض الزعماء القبليين الآخرين في المنطقة لم يشاركوا في إصدار البيان الذي جاء بعد أن قالت المؤسسة الوطنية للنفط إن محادثات دولية جارية بشأن استئناف الإنتاج.

 

وكانت بعثة الاتحاد الأوروبي قد أعربت بالاتفاق مع سفراء دوله المعتمدين لدى ليبيا، عن دعمها لما أسمته بجهود مؤسسة النفط لاستئناف إنتاج النفط، مع سعيها إلى ضمان الشفافية في استخدام إيراداته، واعتبرت في بيان أول أمس أن إقفال النفط حرم الشعب الليبي من أكثر من 6 مليارات دولار من الإيرادات المفقودة.

 

بدورها، كشفت مصادر من داخل حكومة الوفاق الوطني الليبية، في تصريحات صحفية الأسبوع الماضي عن مقترح بشأن إعادة تصدير النفط عبر ترتيبات جديدة بمشاركة بعثة الأمم المتحدة.

وأوضحت المصادر، أن الآلية الجديدة المقترحة تدرس ضمانات لتوزيع الأموال على مختلف أنحاء البلاد من دون إعطاء تفاصيل بشأن كيفية توزيعها. ويتخوف مراقبون من هذه المقترحات التي قد تكون تمهيداً للوصاية الدولية على قطاع النفط الليبي المصدر الرئيسي للدخل في البلاد.

 

بالتوازي، كشفت مصادر ليبية لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، اليوم الخميس أن حفتر يطالب بالحصول على ضمانات دولية للتوزيع العادل لإيرادات النفط في حال استئناف إنتاجه مجدداً، بالإضافة إلى ضمانات أخرى تتعلق بضرورة احترام قوات الوفاق لشروط وقف إطلاق النار، وعدم القيام بأي أعمال عدائية ضد قواته.

 

كما لفتت المصادر، إلى اصطدام المساعي الإقليمية والدولية للتوصل إلى وقف لإطلاق نار في ليبيا، بما وصفته بالطموح العسكري لقوات حكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج، التي تتطلع بسبب الاحتقان الشعبي لإبرام اتفاق مع تركيا لحل أزمة الكهرباء بالعاصمة طرابلس.

 

وقالت المصادر إنه لم يتم حتى الآن بلورة أي اتفاق بشأن هدنة دائمة، تستند إلى المواقع الحالية لطرفي القتال في سرت، مشيرة إلى أن الوفاق تسعى لتعزيز حجم وطبيعة قواتها في محيط المدينة، وأيضا باتجاه محاور القتال في شرق سرت، بينما تواصل قوات حفتر طلعاتها الجوية في عدة مناطق حولها، وقصفت مدفعيتها أول أمس مواقع وتمركزات لقوات الوفاق بالقرب من منطقة بويرات لحسون، غرب المدينة.

 

من جانبه كشف عيسى العريبي، رئيس لجنة الطاقة بمجلس النواب الليبي، أن رفض حكومة الوفاق التوقيع على وقف لإطلاق النار هو المسؤول عن تأخير استئناف إنتاج النفط، معرباً عن تطلع اللجنة إلى إنهاء "الأزمة الخطيرة التي يمر بها اقتصاد البلاد".

 

وأوضح العريبي، في بيان، أن اللجنة تتطلع إلى إعادة تصدير النفط في أقرب فرصة، بعد "وقف إطلاق النار، وآليات تضمن توزيع عائدات النفط بشكل عادل على جميع الليبيين، وضمان عدم وصولها إلى المجموعات الإرهابية والخارجة عن القانون".

 

وتصنف ليبيا كثاني منتج للنفط في أفريقيا بعد نيجيريا، ويقدر الاحتياطي النفطي بـ 47.1 مليار برميل، إلا أن الطاقة الإنتاجية الحالية تمثل أقل من 10% من الطاقة الإنتاجية الطبيعية للبلاد مقارنة بعام 2012 والتي بلغت وقتها 1.5 مليون برميل يوميا.

 

ورغم أن ليبيا مقسمة عمليا بين إدارتين متنافستين منذ 2015 فإن الاتفاقات الدولية تنص على أن للمؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس وحدها حق إنتاج وتصدير الخام.

 

وتسبب الصراع الدائر في خسائر فادحة للنفط الليبي، إذ قالت مؤسسة النفط، الأحد الماضي، إنّ إجمالي خسائر إغلاق الموانئ والحقول النفطية تجاوز 6 مليارات دولار، بعد شهور من الغلق القسري للحقول.

 

وتواجه حكومة الوفاق أزمة مالية خانقة في ظل استمرار إغلاق الحقول النفطية خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، ما يهدّد بالتعثر في تسديد الرواتب خلال الأشهر المقبلة مع قلة السيولة، وتفاقم عجز الميزانية، والتداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان