وصفت صحيفة نويس دويتشلاند الألمانية الهدوء الراهن على خطوط الجبهات، الذي انتقل الآن إلى وسط ليبيا، بالخادع.
وقالت الصحيفة، إنَّ الجنرال الليبي، خليفة حفتر، يخطط الآن لهجوم مضاد، بعد أن أجبرته قوات حكومة الوفاق على التراجع، مضيفة أنَّ الحرب يمكن أن تتحول عن "سرت" وتنتقل مرة أخرى إلى طرابلس.
واستدلت على ذلك بظهور الانشقاقات الأولى في تحالف حكومة السراج والكتائب الأربعة الكبرى، التي يريد وزير الداخلية الليبي، فتحي باشاغا، دمجها في الأجهزة الأمنية.
واستطردت الصحيفة قائلة: "تخشى الكتائب الليبية التي أصبحت تقريبًا شركات تجارية، مثل كتيبة النواسي، من فقدان مراكزهم في السلطة، كما أنه لم يتّضح ما الذي سيحدث للمرتزقة السوريين الذين يخشون العديد من سكان العاصمة".
وأضاف التقرير: "ربما لن يحدث الصراع التالي في سرت، ولكن سيعود مرة أخرى في طرابلس".
وأشارت صحيفة نويس دويتشلاند إلى أن الحرب على سرت ذات أهمية استراتيجية، ولذلك أصبحت الآن صراعًا تركيًا روسيًا، ومن غير الواضح ما إذا كان الناتو سيساعد تركيا من الناحية اللوجستية.
وأردفت قائلة: "على الرغم من أن دبلوماسيين دوليين مثل ستيفاني ويليامز، رئيسة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا ، يطالبون بوقف إطلاق النار، فإن جيش خليفة حفتر وقوات حكومة الوفاق في طرابلس يستعدون للمعركة الحاسمة حول مدينة سرت".
ومضت الصحيفة تقول: "القتال في ليبيا يدور حول ما يسمى بالهلال النفطي، وهي منطقة يوجد بها أكبر احتياطيات نفطية في إفريقيا".
وبحسب الصحيفة، يتصاعد النزاع حول ليبيا، وأصبحت الدولة الغنية بالنفط المتاخمة للبحر الأبيض المتوسط ساحة قتال للقوى الإقليمية.
وزادت قائلة: "بعد فشل حملة خليفة حفتر التي استمرت 14 شهرًا على العاصمة طرابلس، اختلطت الأوراق الاستراتيجية في ليبيا من جديد".
وتابعت الصحيفة: "أصبحت النبرة بين الحلفاء الخارجيين لأطراف الحرب الليبية صاخبة بشكل متزايد، ولم تعد المواجهة المباشرة بين القوى الإقليمية في الشرق الأوسط، مستحيلة".
ورجحت أن تركيا بصفتها الراعية الأهم لطرابلس تريد إنشاء قاعدة دائمة في دولة شمال إفريقيا، مما يضعها في مسار تصادم مباشر مع مصر والإمارات ولكن أيضًا مع فرنسا، ، بينما يبقى دور روسيا غامضًا.
وعن الوضع الراهن للحرب، قالت الصحيفة: "انسحب ما يسمى "الجيش الوطني الليبي"، الذي يقوده حفتر، إلى الشرق بعد هزيمته في معركة طرابلس، وتتقدم الآن "حكومة الوفاق "، التابعة لفايز السراج، إلى الواجهة الرئيسية بين مدينة سرت الساحلية و الجفرة في الجنوب، حيث تتواجد أهم حقول النفط وخطوط التصدير، التي ما زالت حتى الآن في أيدي حفتر".
وعن استراتيجية تركيا في ليبيا، أشارت الصحيفة إلى أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يضع في الاعتبار عدة أهداف، فهو يريد إنشاء قاعدتين عسكريتين دائمتين في غرب ليبيا ، والسيطرة على الهلال النفطي في وسط ليبيا ، وتأمين ممر لاستخراج الغاز في البحر الأبيض المتوسط بمساعدة طرابلس.
واستدرك التقرير: ترغب أنقرة في استخدام القاعدة الوطية الواقعة بالقرب من الحدود التونسية كموقع للقوات الجوية، ومصراتة كقاعدة بحرية.
ونوه بأن غزو سرت والجفرة سيجعل أهم حقول النفط الليبية في متناول أنقرة ، ولذلك تحدث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن "خط أحمر".
واستمرت الصحيفة قائلة: "أصبحت تركيا القوة المهيمنة في غرب ليبيا وروسيا الراعي الأكثر أهمية لحفتر"، وهذا يفتح المجال أمام روسيا وتركيا لتقسيم ليبيا فيما بينهما إلى مناطق نفوذ.
وعن رد فعل مصر والإمارات وفرنسا، حلفاء حفتر، أوضح التقرير أن اهتمام الرئيس السيسي ينصب بشكل لارئيسي على تأمين الحدود الغربية التي يبلغ طولها 1200 كيلومتر، والتي يسهل اختراقها لمنع تسلل الجماعات الإرهابية.
ولذلك، وفقًا للتقرير، أبدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي تعتبر بلده الدولة الأوروبية الوحيدة التي تدعم حفتر، تفهمه لمخاوف القاهرة واتهم تركيا بأنها تخوض في لعبة خطيرة، قائلًا: "لا أريد في غضون عام أو عامين أن أرى ليبيا في نفس وضع سوريا ".
وعن الدور الذي تلعبه روسيا في الحرب الليبية، نوهت الصحيفة بأن الانسحاب المفاجئ لمرتزقة شركة الأمن الروسية فاجنر، تسبب في انهيار هجوم حفتر على طرابلس، مشيرة إلى أن هذا كان إجراءًا تم تنسيقه على ما يبدو مع أنقرة.
وتعتبر الوحدات الروسية العمود الفقري لجيش حفتر المتمركز الآن في مطار الجفرة العسكري في الجنوب، حيث تتمركز أيضًا الطائرات المقاتلة الروسية.
وفقًا للصحيفة، يتمثل هدف الكرملين في إقامة تعاون متناقض مع تركيا كما هو الحال في سوريا وبالتالي تقسيم ليبيا بشكل دائم، وهذا من شأنه أن يمنح موسكو الفرصة للجمع بين مسارح الحرب ، على سبيل المثال، لتقديم تنازلات تركية في مدينة إدلب السورية مقابل تنازلات روسية لسرت والهلال النفطي الليبي.
وعن الدور الذي تلعبه ألمانيا وأوروبا، رأت الصحيفة الألمانية أن أوروبا منقسمة في أزمة ليبيا، ففي حين تقف فرنسا إلى جانب حفتر وطلبت مؤخرًا من الاتحاد الأوروبي إعادة التفكير في علاقتها مع تركيا، تحتفظ إيطاليا باتصال وثيق مع طرابلس.
وناشد وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، إلى جانب نظيره الألماني هيكو ماس، أطراف النزاع ببدء مفاوضات السلام، لكن توقعات السلام ضعيفة، خاصة لأن حظر الأسلحة المتفق عليه في مؤتمر برلين ليبيا لا يعمل.
بجانب ذلك، يعمل الجسر الجوي لمعدات الحرب من الإمارات إلى شرق ليبيا دون رادع.
وفي اختبار القوة الوحيد على البحر المتوسط حتى الآن ، استهدفت سفينة حربية تركية الفرقاطة الفرنسية Le Courbet في 10 يونيو، وعلى الرغم من عدم وجود تبادل لإطلاق النار، فإن الحادث وضع باريس وأنقرة في مسار تصادم.