حذَّرت باحثة إسرائيلية، تل أبيب من تجاهل تحذيرات السفير الإماراتي لدى واشنطن يوسف العتيبة من الآثار السلبية لمخطط ضم المستوطنات بالضفة الغربية المحتلة على العلاقات بين دولة الاحتلال والدول العربية.
وعددت "موران زاجا" من معهد "ميتفيم" الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية أوجه العلاقات بين الإمارات وتل أبيب، في مقال لها بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، نشرته اليوم الثلاثاء.
وشددت على المكانة التي توليها تل أبيب للإمارات باعتبارها تملك نفوذا كبيرًا على محيطها بالعالم العربي وتمتلك نفس الرؤية الإسرائيلية في العديد من الملفات، لاسيما مواجهة المطامع الإيرانية وحركات الإسلام السياسي والجهادي.
وصباح الجمعة الماضية، نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" للعتيبة، أكّد فيه أنّ أبو ظبي ممكن أن تكون بوابة مفتوحة تربط إسرائيل بالمنطقة والعالم.
وقال العتيبة، إن بلاده قدمت حوافز وجوانب إيجابية لصالح "إسرائيل"، من أجل أمن أكثر وعلاقات مباشرة وترحيب متزايد.
وذكر أن الإمارات بادرت تجاه "إسرائيل" بإيجابية، من خلال تصنيف تنظيم "حزب الله" اللبناني منظمة إرهابية، وشجبها لما وصفه بـ"تحريض حركة حماس".
وأضاف السفير أن بلاده وإسرائيل "تتشاركان جيشين هما الأكثر قدرات في المنطقة، والقلق المشترك حيال الإرهاب والعدوان".
وتسعى دولة الاحتلال لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة مطلع شهر يوليو المقبل، في إطار "صفقة القرن" الأمريكية.
إلى نص المقال..
أدرج سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة، في مقال حول آثار الضم الذي نشره هنا، القليل من ثمار التقارب مع إسرائيل.
لم يتطرق العتيبة لآلاف السائحين الإسرائيليين الذين زاروا بلاده بفضل تغاضيها عن جوازات السفر الأجنبية التي صدرت في تل أبيب، ومئات المشاريع التجارية التي تجرى حاليا بين الدولتين، وعشرات الوفود الإسرائيلية الرسمية التي حضرت المسابقات والمؤتمرات في الإمارات، وحوالي 2000 من السكان اليهود المقيمين في أبو ظبي ودبي، والتدريب العسكري السنوي لسلاحي الطيران برعاية الولايات المتحدة والملايين التي تذهب بحسب تقارير أجنبية إلى الصناعات العسكرية الإسرائيلية.
تعطي هذه الأرقام فكرة خافتة عن عالم العلاقات الثرية الموجودة حاليا بين إسرائيل والإمارات، وعلى أي حال، فإن مكسب إسرائيل الكبير ليس بالضرورة في هذه العلاقات المباشرة، ولكن في نطاق نفوذ الإمارات في المنطقة، وفي الجوانب التي يصعب تحديدها كماً.
1. التأثير السياسي. تعتبر الإمارات العربية المتحدة من أقوى الدول في الشرق الأوسط. إن قدرات نفوذها خارج حدودها تجعلها محط تركيز إقليمي هام. سياستها الخارجية، التي تتعلق أيضا بقضية العلاقات مع إسرائيل، تنعكس على محيطها وتقدم نوعا من شهادة الموافقة لدول أخرى في العالم العربي للاقتراب من إسرائيل.
هذا هو السبب في أن العتيبة يوضح بلغة دبلوماسية دقيقة أن العلاقات القائمة بين إسرائيل والفلسطينيين أو الإمارات لن تتدهور بعد الضم فحسب: بل سترفض المزيد من الدول العربية تطوير العلاقات مع إسرائيل كجزء من اتجاه أوسع. إن قدرة إسرائيل على تحسين وضعها وتوسيع علاقاتها مع العالم العربي ستضعف بشدة.
2. الأثر الأمني والأيدولوجي. تنتمي الإمارات إلى الجانب الأيديولوجي "الصحيح" بالنسبة لإسرائيل حيث تكافح التطرف الديني والإرهاب، الذي له آثار أمنية بعيدة المدى.
كجزء من رؤيتها للعالم، الإمارات العربية المتحدة هي واحدة من أبرز الدول في الحرب في اليمن ضد الوكلاء الإيرانيين وتقف الآن إلى جانب القوى العلمانية التابعة لحفتر في قتالهم ضد حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الإخوان المسلمين وقطر وتركيا. اختارت الإمارات قطع علاقتها مع قطر بسبب دعمها لجماعة الإخوان المسلمين والنغمة المتطرفة لقنوات الجزيرة، التي لا تستهدف فقط إسرائيل بل أيضا ضدها.
مثلما تقاتل إسرائيل علناً في حرب الإمارات ضد الاتفاق النووي الإيراني، كذلك تقاتل الإمارات في حرب إسرائيل ضد القوى الراديكالية في الخطاب الداخلي للعالم العربي. ستفقد إسرائيل هذا المورد الهام من تحالف أيديولوجي غير مكتوب، مما يهدد جودة التنسيق الأمني بين البلدين.
3. التأثير الثقافي. على عكس المملكة العربية السعودية وقطر، اللتين تعتبران دولتين متطورتين في إطار ديني جامد، فإن الإمارات العربية المتحدة دولة متطورة في إطار ليبرالي نسبيا.
يسمح المزاج المتسامح في الإمارات للأجانب بأداء الطقوس الدينية في البلاد. يُسمح للمرأة الإماراتية بقيادة السيارة منذ قيام الدولة وتعمل النساء كمديرات بارزات ووزراء حكوميين وممثلين في المجلس الاتحادي. حتى أن الكثيرات منهن أنشأن، شركات بأنفسهن.
ويتمتع أيضا السياح والأجانب في الدولة بقدر كبير من التعددية الثقافية فيما يتعلق بالسلوك والملابس. ربما لا تزال إسرائيل لا تفهم إمكانيات تأثيرها على استقرار الشرق الأوسط من خلال تعزيز مثل هذه العوامل المعتدلة.
وصف العطية الضم بأنه استفزاز بشكل كبير وأدرج ما يمكن أن تخسره إسرائيل من هذه الخطوة. تضمنت أمثلته بشكل رئيسي الجانب الخاص (بالتقريب) بين الأديان في العلاقة، ولكن التهديد الأكثر دراماتيكية يشكله النفوذ الواسع لبلاده على محيطها.
من الصعب تقييم إلى أي مدى سيغلق العالم العربي بابه أمام إسرائيل حال نفذت الضم، لكن على إسرائيل أن تفهم الصورة الواسعة للمخاطر التي تواجهها.