رئيس التحرير: عادل صبري 11:23 صباحاً | الجمعة 19 أبريل 2024 م | 10 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

قطر وتركيا.. هل تقطع المصالحة الخليجية الوشاج الرقيق؟ (تحليل)

قطر وتركيا.. هل تقطع المصالحة الخليجية الوشاج الرقيق؟ (تحليل)

العرب والعالم

أردوغان وأمير قطر.. العلاقات التركية القطرية إلى أين؟

قطر وتركيا.. هل تقطع المصالحة الخليجية الوشاج الرقيق؟ (تحليل)

محمد الوقاد 08 ديسمبر 2019 19:33

تمر العلاقات بين تركيا والعالم العربي بأزمة كبيرة حاليا، تبدأ بالتشكك العربي تجاه أفعال أنقرة ولا تنتهي بأزمات كبيرة بين نظام الرئيس التركي "رجب طيب أروغان" والقوى الإقليمية الكبرى في المنطقة، مثل مصر والسعودية والإمارات.

 

ويبقى الرباط شبه الوحيد بين "أردوغان" والمنطقة الآن متمركزا بعقدة لا تبدو محكمة في الدوحة، حيث لا تزال تمتلك قطر وتركيا علاقات بنيت على أساس الأزمة الخليجية في يونيو 2017، عندما استغلها الأتراك للنفاذ إلى بنية دول الخليج العربي، وهو تطور قوبل بانزعاج كبير من الرياض وأبوظبي تحديدا.

 

وقياسا إلى ضعف حكومة الوفاق الوطني الليبية، التي يقيم "أردوغان" علاقات معها، فإن علاقاته مع قطر تبقى هي الطريق الأقوى والأكثر استقرارا حاليا لضمان مكان له بالمنطقة، في لحظة يعاني فيها الرئيس التركي من عزلة غير مسبوقة إقليميا ودوليا أيضا.

 

اتفاقيات جديدة

 

وخلال زيارة "أردوغان" الأخيرة إلى الدوحة، وقع الجانبان 7 اتفاقات تعاون، لكن يبقى السؤال مفتوحا حول كيفية مساهمة هذه الصفقات في المصالح الاقتصادية والاستراتيجية لتركيا رغم العناوين الاحتفالية في وسائل الإعلام الموالية للحكومة.

 

وتهدف الاتفاقات، الموقعة في 25 نوفمبر الماضي، بحضور "أردوغان" وأمير قطر الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني" خلال الاجتماع الخامس للجنة الإستراتيجية العليا الثنائية - إلى تعزيز التعاون في مجالات التجارة والتمويل والاستثمار والتكنولوجيا.

وأهم صفقة هي تحديث اتفاقية مبادلة العملات الموقعة العام الماضي بين البنوك المركزية التركية والقطرية، والتي، وفقًا للمسؤولين، تهدف إلى "تسهيل التجارة الثنائية بالعملات المحلية ذات الصلة ودعم الاستقرار المالي للبلدين".

 

وقد تم رفع الحد الإجمالي للمقايضة إلى ما يعادل 5 مليارات دولار في الليرة التركية والريال القطري من 3 مليارات دولار في النسخة الأصلية.

 

عزلة أردوغان

 

ويمر "أردوغان" بضيق في الداخل والخارج على حد سواء، ويتوق لإظهار أنه لا يزال لديه أصدقاء.

 

وجاءت الاتفاقيات الجديدة مع تركيا وسط علامات على إصلاح العلاقة بين الدوحة ودول الحصار ، بقيادة السعودية والإمارات وهي عملية تجعل تركيا غير مرغوب فيها في الخليج.

 

يعد قطع العلاقات العسكرية مع تركيا أحد الشروط التي طرحها السعوديون والإماراتيون على قطر في عام 2017، بخلاف مطالب سابقة مثل إنهاء الدعم لجماعة "الإخوان المسلمين".

 

وبالتالي، فإن تمديد قطر شهر العسل مع تركيا قد يعطل محاولاتها للتطبيع مع جيرانها العرب.

 

وقبل زيارة "أردوغان" بفترة وجيزة، أثار قرار السعودية والإمارات والبحرين إرسال فرقهم الوطنية إلى بطولة كأس الخليج في قطر الأمل في أن تقترب الأزمة من نهايتها.

 

وقد دافعت قطر عن العملية العسكرية التي شنتها تركيا في شمال سوريا، في أكتوبر الماضي، محطمة بذلك موقف الجامعة العربية المنتقد.

ومع ذلك، تابعت الدوحة جدول أعمالها الخاص في مسابقة الطاقة في شرق البحر المتوسط، بما في ذلك قبرص، بالتعاون مع خصوم تركيا.

 

وبغض النظر عن أي شيء، فإن قطر ليست كبيرة للانخراط في "محور" إلى حد يزعج "أردوغان"، وبالتالي، فقد غض الأتراك الطرف عن التعاون القطري مع القبارصة اليونانيين في التنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط.

 

شراكة متواضعة

 

وبشكل عام، لا يستطيع أمير قطر المجازفة بالتخلي عن صداقته مع "أردوغان" حتى يشعر بمزيد من الأمان تجاه جيرانه، وهو الأمر الذي يلقي بالكرة في ملعب السعودية والإمارات والبحرين ومصر، في محاولة صياغة شكل من العلاقة المنضبطة تدفع قطر إلى الاطمئنان والتخلي عن شراكتها مع تركيا، أو على الأقل تجميدها أو تقليلها بشكل تدريجي.

 

ومما قد يساعد على هذا الأمر، هو أن الشراكة بين الدوحة وأنقرة لا تزال متواضعة، وعلى المستوى الاقتصادي لم تصل التجارة الثنائية بين الجانبين إلى أكثر من 1.4 مليار دولار في عام 2018.

 

وبين تحليل نشره موقع "ستراتفور"، مؤخرا، أن الصادرات التركية إلى قطر ارتفعت إلى 1.1 مليار دولار من 650 مليون دولار في عام 2017، في حين بلغ إجمالي الصادرات القطرية إلى تركيا 335 مليون دولار، مقارنة بـ 264 مليون دولار في العام السابق.

 

ولا تزال قطر تحتل المرتبة 39 بين أكبر المشترين للسلع التركية، ومع ذلك كانت التوقعات التركية، طموحة إلى حد ما، حيث استحوذ قطاع البناء التركي، الذي تبلغ قيمة مشاريعه في قطر حتى الآن 17 مليار دولار، على حصة أكبر من حملة البناء التي قامت بها قطر والتي بلغت 200 مليار دولار استعدادا لمونديال 2022 وكذلك كجزء من برنامج تطوير شامل، أطلق عليه اسم رؤية قطر الوطنية 2030.

 

كما دعا "أردوغان" القطريين مرارًا وتكرارًا إلى الاستثمار في تركيا، وفي أغسطس 2018، تعهدت قطر باستثمار 15 مليار دولار في تركيا بعد حدوث أزمة حادة في العملة.

 

ويخلص تحليل نشره "ستراتفور"، مؤخرا، إلى أن عائدات قطر تظل محدودة بالنسبة لتركيا، التي وضعت الدوحة في سياق استراتيجي عال ولكنه مبالغ فيه، وفي الوقت نفسه، فقدت تركيا قوتها في بقية العالم العربي بسبب سياسات المواجهة، وبالتالي لم تحصل تركيا سوى على القليل فعليا.

 

من هنا، يجب فهم هذه التفاعلات في العلاقة بين الدوحة وأنقرة جيدا، لمحاولة تفسير أية طفرات سلبية أو إيجابية في العلاقات بين البلدين، خلال الفترة المقبلة، عندما تزداد حرارة تفاعل المصالحة الخليجية التي تتقدم بخطى ثابتة حتى الآن.

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان