رئيس التحرير: عادل صبري 05:14 صباحاً | السبت 20 أبريل 2024 م | 11 شوال 1445 هـ | الـقـاهـره °

مفتى البوسنة والهرسك: بلادنا تعاني من فتاوى شاذة عابرة للحدود (حوار)

مفتى البوسنة والهرسك: بلادنا تعاني من فتاوى شاذة عابرة للحدود (حوار)

العرب والعالم

مصطفى إبراهيم تيسيرتش المفتى العام فى البوسنة والهرسك السابق

مفتى البوسنة والهرسك: بلادنا تعاني من فتاوى شاذة عابرة للحدود (حوار)

حوار- محمد مجاهد 03 ديسمبر 2019 16:37


أكد الدكتور  مصطفى إبراهيم تيسيرتش، رئيس العلماء، المفتى العام فى البوسنة والهرسك السابق، أن أكبر مشكلة تعانيها  الأمة الإسلامية هى «التكفير»؛ فالمسلمون الآن أصبح بعضهم يكفر بعضًا، حتى سادت حالة النزاعات والصراعات الطائفية والمذهبية.

 

وأضاف فى حواره لـ «مصر العربية»، أن بعض المسلمين أصبحوا يعتزون بانتماءاتهم الحزبية والطائفية، أكثر من اعتزازهم بالإيمان بالله وشريعتهم الإسلامية وإخوتهم فى الدين.

 

وأشار المفتى العام فى البوسنة والهرسك السابق إلى أن فتاوى الجماعات الإرهابية التى ينشرونها من حين لآخر هى حملة ممنهجة للنيل من الإسلام واستقرار المجتمعات الإسلامية، موضحًا أن ظاهرة

«الإسلاموفوبيا» القصد من وراء ترويجها تنفير شعوب دول الغرب من الإسلام والمسلمين، ويجب على جميع الدول الإسلامية والمسلمين فى العالم أن يوحدوا كلمتهم حتى نواجه الإرهاب والتطرف والعنصرية التى أصبحنا نعانيها فى الآونة الأخيرة.

 

وإلى نص الحوار:

 

* هل تعانون من الفتاوى الشاذة التى تؤدى إلى التطرف والإرهاب مثل بعض الدول؟

 

- لا نعانى من الفتاوى الشاذة، كما تعانى الدول الأخرى، فالفتاوى التى تصدر عندنا تكون من دار إفتاء بلادنا التى تمارس دورها على أكمل وجه، فنحن ملتزمون بالمذهب الحنفى وعقيدة السادة الماتريدية أهل السُنَّة والجماعة فى جميع الفتاوى التى نصدرها.

 

ولكن فى الحقيقة نحن أصبحنا نعانى من الفتاوى الصادرة من بعض البلدان الأخرى، التى جعلت بعض الناس يهاجرون من البوسنة إلى سوريا والعراق وغيرهما من البلاد للانضمام إلى الجماعات الإرهابية مثل داعش وغيرها من الجماعات المتطرفة بدعوى الجهاد فى سبيل الله.

 

* هل انضم أحد من مسلمى البوسنة لبعض الجماعات الإرهابية المتطرفة؟

 

- نعم يوجد من مسلمى البوسنة من انضم للجماعات الإرهابية، بل إن منهم من سافر إلى سوريا والعراق ظنًا منهم أنهم يجاهدون فى سبيل الله، ولكنهم نسبة قليلة وليس عددًا كبيرًا.

 

* عندما تظهر فتوى شاذة على الساحة الدينية عندكم.. كيف يتعامل معها علماء البوسنة؟

 

- نحن والحمد لله ليس منتشرًا عندنا فتاوى شاذة، سواء كانت فتاوى مجتمعية أو غيرها، لكن الفتاوى الشاذة موجودة فى كل زمان، والمهم هو إجماع أغلبية المسلمين، فالمهم عندنا هو اتباع السواد الأعظم من المسلمين حتى نستطيع المحافظة على هويتنا الإسلامية وفكرنا الوسطى الصحيح.

 

* هل تعانون فتنًا طائفية بين المسلمين وغيرهم أو المسلمين وبعضهم البعض؟

 

- نحن عانينا من الحروب والإبادة الجماعية قديمًا؛ أما الآن ليس عندنا طوائف؛ لأن جميعنا مسلمون وأخوة فى الدين، ونسعى لأن نكون يدًا واحدة حتى يستقيم المجتمع ويستقر، ونعيش مع غير المسلمين فى سلام ومحبة.

 

* هل تعانون من «الإسلاموفوبيا» مثل كثير من المسلمين فى دول الغرب؟

 

- «الإسلاموفوبيا» هى حملة المقصود منها تنفير غير المسلمين من الإسلام، على الرغم أن ديننا الحنيف نهانا عن إكراه أحد على الدخول فيه، كما أن تلك الحملة تهدف إلى تخويفهم من المسلمين؛ لأنهم يصفوننا دائما بالإرهابيين، وحقيقة الأمر أن هؤلاء الإرهابيين لا ينتمون إلى الإسلام، ولا يعرف لهم نسب، ولا نعلم هل هم مسلمون فى الحقيقة أم لا، فغرضهم الأساسى هو تدمير الإسلام وتشويه صورة المسلمين بين دول العالم.

 

فنحن ننبه على دول الغرب أن تكون حذرة من الأفكار التى تصور المسلمين فى وسائل الإعلام بأنهم إرهابيون، حتى وصل الأمر لدرجة أن أحفادى الثلاثة الصغار يسألوننى: هل نحن إرهابيون، كما يقولون عنا فى التليفزيون؟!!، وهذا من هول ما يسمعونه فى القنوات الغربية عن الإسلام والمسلمين.

 

* برأيك ما أهم مشكلة تعانيها الأمة الإسلامية الآن؟

 

- المشكلة الكبرى التى تعانيها أمتنا الإسلامية هى «التكفير»؛ فالمسلمون الآن أصبح بعضهم يكفر البعض فى أبسط الأمور ولأقل الأشياء، لأننا مع الآسف نجد بعضًا من المسلمين الآن يعتز بالحزب أو الجماعة التى ينتمى إليها، أكثر من اعتزازه وإيمانه بالله عزوجل، ولكن نحن فى أطراف العالم الإسلامى نعتز بالمسلمين ونحب كل من ينطق بالشهادتين، دون النظر إلى حزب أو جماعة.

 

ونحن فى البوسنة نعيش الآمال والآلام التى يعيشها العالم الإسلامى، ويجب علينا أن نعلم أولادنا أن يميزوا بين الإيمان بالله والانتساب إلى أى شىء آخر سواء كان مذهبًا أو جماعة، فالإيمان بالله لابد أن يكون فوق كل شىء، فواجب المسلمين فى هذا الوقت هو أن يتقاسموا هذه الآمال والآلام، وأن نفهم بعضنا؛ لأن قوتنا فى فهم بعضنا البعض، وأن يقدر كل منا الآخر ويحترمه دون الدخول فى الصراعات والنزاعات الحزبية والمذهبية والطائفية.

 

* هل ترى أن الفتاوى الشاذة التى تصدرها الجماعات الإرهابية من حين لآخر هى حملة ممنهجة للنيل من الإسلام واستقرار المجتمعات الإسلامية؟

 

- بالتأكيد؛ لأن هذه الجماعات الإرهابية ليست من الإسلام فى شىء، ولكنا للأسف تستخدم اسم الإسلام لتبرير جرائمها وأفعالها الوحشية، ورغم كل هذا نجد للأسف بعض الساذجين ينضمون إليهم اعتقادًا منهم بأنهم يجاهدون الكفر والضلال ويحاربون فى سبيل الله، ولكن علينا أن نواجه تلك الجماعات بكل شجاعة ودون خوف، من خلال عقد المؤتمرات بين علماء المسلمين من كل دول العالم، التى تعد خطوة مهمة فى مواجهة تلك الجماعات لتفكيك شبهاتها الواهية وفتاواها الشاذة ليقف الجميع على حقيقتها التى تغيب عن كثير من الناس.

 

* برأيك كيف يمكن مواجهة تلك الجماعات وأفكارها الشاذة التى تنشرها لتستقطب بعض الشباب من كل دول العالم؟

 

- أن نكون يدًا واحدة، وألا نفترق، خاصة العلماء يجب عليهم أن يجتمعوا ويتفقوا على كلمة واحدة حتى لا يحدث فى بلادنا الإسلامية، كما حدث فى الأندلس من قبل، ويجب علينا أن نكون منتبهين وواعين لما يحدث فى بعض الدول الآن من تدمير، وما كانت مصر على وشك الوقوع فيه لولا عناية الله، فمصر هى قلب الإسلام، وهى التى أعادت الإسلام إلى المسلمين بأزهرها الشريف، ولا يمكن تخيل العالم الإسلامى بدون مصر.

 

يجب على الدولة إسلامية أن تتوحد فى مواجهة هذا الخطر الكبير، خاصة فى الدول العربية، فنحن كعجم كان يمكن أن نترك الإسلام بسبب ما كان يحدث معنا قديمًا من إبادات جماعية واضطهادات عنصرية، ولكن ثبتنا الله تعالى باليقين أنه سينصرنا، ولهذا يجب على المسلمين خاصة العرب، ألا ييأسوا أو يفقدوا الأمل؛ لأن الله تعالى سينصرنا على هؤلاء الإرهابيين المتطرفين، الذين يسعون فى الأرض فسادًا.

 

* ما هو دور الفتوى فى المحافظة على وحدة المسلمين وعدم الانقسام؟

 

- الفتوى الآن أصبحت أكثر أهمية من ذى قبل للتصدى للجماعات الإرهابية وفتاواها الشاذة، مثل داعش وغيرها، وعلينا الآن أن نحدد من يستطيع أن يقوم بمهام الفتوى والإفتاء بين الناس؛ لأن المفتى هو من يحقق مراد الله من شريعته بين الخلق، ولهذا يجب أن يكون لديه العلم الشرعى والشجاعة ليقول كلمة الحق باسم الإسلام، وعلى الناس أن يعطوه قدره، كما كان من قبل فى العهد العثمانى، فهذا ما نحن بحاجة إليه فى وقتنا الحالى.

 

* كيف ترى التواصل والتعاون بين دولة البوسنة والأزهر الشريف؟

 

- كل ما عندنا من الإسلام جاءنا من الأزهر وعلمائه؛ لأن الأتراك وللأسف بعد سقوط الدولة العثمانية أغلقوا المدارس الدينية عندنا وتحولوا إلى العلمانية، فكل ما عندنا من الإسلام جاءنا من الأزهر، فأنا تعلمت فى الأزهر وقد تخرجت فى عهد شيخه عبدالحليم محمود، رحمه الله، والرئيس الراحل أنور السادات، فالأزهر هو من صنع منى رجلاً، وعندما ذهبت لأمريكا للحصول على الدكتوراه من جامعة شيكاغو كان يدرس لى د. روبن بنتاكوف، وهو يهودى الديانة، وسألنى فى بداية دراستى معه: ما هى الشهادت التى حصلت عليها؟ قلت: أنا درست فى الأزهر الشريف.. قال لى: أنت حصلت على الماجستير وتذهب إلى الدكتوراه مباشرة، هذا لأنه يعرف قدر الأزهر وعلمائه الأجلاء.

 

* تصحيح الفتوى فى هذا العصر هل هو خطوة ضرورية فى طريق تجديد الخطاب الدينى؟

 

- بالتأكيد فخطباء المنابر لا يجب أن يكتفوا بالعلوم الشرعية، بل يجب أن يكون لديهم وعى كبير بما يحدث حولهم من مجريات الأمور، وأن تكون لديهم خلفيه بكل ما يدور حولهم من مستجدات العصر، سواء فى الحياة الإجتماعية أو السياسية، وأن يكونوا على دراية بعلوم الفلسفة وآداب الحوار والمناظرة حتى يستطيعوا مخاطبة الناس، فهذا هو السبيل الوحيد لتجديد الخطاب الدينى؛ لأن الخطيب الآن لا يخطب فى أناس جهلاء، بل يخاطب أساتذة وأطباء ومهندسين ومثقفين، فلا يصح أن يقول أى كلام، بل يجب أن يخاطب الناس على قدر عقولهم، هذا هو المقصد من التجديد وليس المراد منه تبديل أحكام الدين، كما يعتقد البعض، كما أن الفتوى يجب أن تتطور بما يناسب العصر، فيما عدا أحكام الشريعة؛ لأن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال: «أنتم أعلم بأمور دنياكم».

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان