قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، اليوم الأربعاء، إنَّ الشعبين العراقي واللبناني يريدان استرداد بلديهما من النفوذ الإيراني، وجاء ذلك تعليقا على احتجاجات العراق ولبنان التي طالبت برحيل جميع الطبقة السياسية الحاكمة ومكافحة الفاسد.
وأضاف في تصريحات أوردتها صحيفة العرب اللندنية، أنّ التظاهرات في العراق ولبنان أماطت اللثام عن حقيقة أن أبرز ما يصدره النظام الإيراني لهذين البلدين هو الفساد متخفيًّا بشكل سيء في صورة الثورة.
وأكد أن العراق ولبنان يستحقان اختيار مساريهما بعيدا عن تدخل المرشد الإيراني علي خامنئي.
أمريكيًّا أيضًا، حثَّت سفارة الولايات المتحدة في بغداد القادة السياسيين في العراق على "التفاعل العاجل" مع مطالب المحتجين، ونددت في الآن ذاته بالعنف ضد المحتجين العزل.
وقالت السفارة، في بيانٍ لها، إنَّ الولايات المتحدة مهتمة على الدوام وبشدة بدعم عراقٍ آمنٍ ومزدهر وقادر على الدفاع عن شعبه ضد المجاميع العنيفة المتطرفة وردع أولئك الذين يقوضون سيادته وديمقراطيته.
وأضافت السفارة: "نشجب قتل وخطف المحتجين العزل وتهديد حرية التعبير ودوامة العنف الدائر. يجب أن يكون العراقيون أحرارا لاتخاذ قراراتهم الخاصة بشأن مستقبل بلدهم".
وجاء الرد الأمريكي على خلفية إفراط قوات الأمن العرقية من استخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين، حيث أطلقت قوات الأمن الرصاص الحي في الهواء الأربعاء لتفريق محتجين تجمعوا على جسر في وسط العاصمة بغداد.
وأغلق المحتجون جسر الشهداء بعد ظهر أمس، مع استمرار احتشاد الآلاف في مظاهرات مناهضة للحكومة في بغداد والمحافظات الجنوبية.
وقتلت قوات الأمن 13 محتجًا على الأقل بالرصاص خلال الساعات الأربع والعشرين حتى مساء الثلاثاء متخلية عن ضبط النفس الذي مارسته نسبيا على مدى أسابيع في محاولة لإخماد الاحتجاجات.
وفي محافظة البصرة الجنوبية الغنية بالنفط، قالت مصادر أمنية إن قوات الأمن فرقت بالقوة خلال الليل اعتصامًا أقامه المحتجون أمام مبنى المحافظة، ولم ترد تقارير عن سقوط قتلى.
وسلّطت الاحتجاجات في كل من العراق ولبنان الضوء على حجم الرفض و السخط الشعبي من تصاعد نفوذ الجمهورية الإسلامية وتدخلها في كل كبيرة وصغيرة تهم السياسات الداخلية.
ولم يعد هدف الاحتجاجات التي اندلعت متزامنة في العراق ولبنان إسقاط النظام الطائفي في البلدين فحسب، بل وضع حد لنفوذ الميليشيات الشيعية الموالية لطهران التي نشرت الدمار والفساد، في انعطافة باتت تهدد بتحجيم النفوذ الإيراني.
وامتدّ غضب الشارع في العراق ولبنان ليشمل العلاقة غير الطبيعية التي تجمع البلدين بالجارة إيران، وهي علاقة تقوم على نوع من التبعية لطهران تسهر على تأمينها شخصيات نافذة وأحزاب وميليشيات شيعية.
وأفرزت الاحتجاجات مزاجًا شعبيًّا غاضبًا من إيران وسياسياتها التخريبية، ومحمّلا طهران والشخصيات والكيانات الموالية لها جزءا كبيرا من المسؤولية عمّا آلت إليه أوضاع العراق من سوء على مختلف الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
واتفق المتظاهرون في مختلف المناطق العراقية على أن احتجاجاتهم هذه ليست “ثورة جياع” كما تود السلطة أن تسميها، وليست للمطالبة بفرص العمل والخدمات، كما تحاول الأحزاب السياسية أن تروج، إنما هي تستهدف إسقاط النظام السياسي القائم على موالاة إيران.
ويعمل كل من حزب الله في لبنان والأحزاب والميليشيات الموالية لإيران في العراق على الحفاظ على نفوذ الجمهورية الإسلامية في كلا البلدين العربيين والتعامل مع زخم التظاهرات بشتى السبل سواء من خلال استخدام القوة المفرطة أو تحميل شخصيات سياسية بعينها مسؤولية الفشل حفاظا على النفوذ الإيراني.
ويرى مراقبون في احتجاجات العراق ولبنان بداية نهاية امتداد النفوذ الإيراني في المنطقة، مما سيزيد من عزلة النظام الإيراني إقليميا ودوليا تزامنا مع تصعيد الولايات المتحدة من ضغوطها عبر فرض عقوبات قاسية شديدة الوطأة على اقتصاد البلاد، وهو ما يعكس تقلص نفوذ إيران في الشرق الأوسط، التي تعوّل على أذرعها الميليشياوية في المنطقة، منذ شكلت طهران جماعة حزب الله في لبنان عام 1982 ومنذ الإطاحة بصدام حسين في العراق عام 2003.
ففي لبنان، حاول حزب الله في البداية استمالة المحتجين، ولكن مع تصاعد زخم الاحتجاجات دفع بأشخاص من حزبه ومن حركة أمل الشيعية إلى مهاجمة مخيم احتجاج في بيروت وهدموه.
أمّا في العراق، فعمل وكلاء طهران على دفع الحكومة العراقية على استخدام القوة المفرطة في احتواء التحركات وملاحقة نشطاء وتهديدهم بالتصفية الجسدية.