أكد الدكتور رياج ططري رئيس المفوضية الإسلامية بأسبانيا الممثل القانوني أمام الدولة لمليوني مسلم مقيم بغسبانيا، أن العالم كله يتأذى من فكر الجماعات الضالة المنحرفة، وفهمها الخاطئ للنصوص، واستهدافهم الأبرياء.
وأضاف في حواره مع "مصر العربية" أن فقدان الحوار يؤدي إلى الاتهامات المباشرة من كل طرف للآخر وهذا ليس من أخلاق الإسلام أو المسلمين أو من تراثنا القديم الذي يعطينا صورا من أجمل ما يكون في المناقشة والعرض والاستماع والإنصات وهذا يحتاج إلي تجديد الحوار وسبله.
وطالب رئيس المفوضية الإسلامية بضرورة تأصيل كثير من المواد الفقهية بحيث تكون في متناول جميع الناس بسهولة خاصة بعد أن دخل في حياة كل إنسان الإنترنت لذلك لابد من اجتماع كل المؤسسات الدينية والإفتائية لوضع حد لكيفية استخدامها واستثمارها بشكل جيد.
وإلى نص الحوار..
تحاول التيارات المتطرفة توظيف الخلاف الفقهي، لكي يستمر الخلاف والصراع داخل العالم الإسلامي. كيف ترى ذلك؟
الأمة الإسلامية تحتاج إلى تأصيل المواد الفقهية، بحيث تكون ميسرة وفي متناول الجميع بسهولة دون تعقيد بعد أن انتشرت السوشيال ميديا والتواصل الاجتماعي، لذا أناشد كل المؤسسات الدينية والإفتائية أن تجتمع لوضع حد لكيفية استخدامها واستثمارها بشكل جيد لتحقيق الاهداف التي من شأنها تذيب أسباب تلقف المعلومات الخاطئة في تناول الاختلافات الفقهية ومعرفة السماحة التي يتمتع بها الإسلام في التنوع والاختلاف لأنه خطاب الله للبشر أجمعين لعمارة الأرض ونشر السلام والأمان.
ولكننا نجد من يغزي التيارات المتطرفة بالافكار المغلوطة حتى تعم الفوضى فكيف نتغلب عليها؟
ترك العقل والمنطق، والدخول في غياهب الجهل يتسبب في مثل هذه الأمور، فمن يترك عقله لغيره يسيطر عليه، شخص ليس لديه تفكير، كما أن الجماعات المتطرفة تختار من خلال معيار واحد وهو الجهل حتي لا يعرف قراءة النصوص قراءة صحيحة يتبين منها حقيقة القول أو وقت حدوثه، بحيث لا يستقي معلوماته من منهج علمي معتمد كالمؤسسات الكبيرة مثل الازهر الشريف ولا يسألوا أنفسهم ماذا حدث للامة بسبب تنفيذ مخططات الاعداء وما مصائر تلك الشعوب التي تعاني وستظل تعاني بسببهم.
هناك من يقول أن هذه الجماعات الأرهابية تعمل لزعزعة استقرار البلاد الاسلامية بتغذية الخلاف الفقهي والمذهبي الذي لا يوقفه القنابل؟
نعم، العالم كله يتأذي من فكرهم وسوء فعلهم وعدم فهمهم، فيطوعوا النصوص لاغراضهم الخبية ونشر الفزع وترويع الأمنيين، وقتل الابرياء وتدمير الأوطان وتأجيج الصراعات والزعامات القبلية تحت اسماء وهمية اخترعوها يخدمون أعداء الدين بإظهاره بأبشع صوره ولمن أراد التمعن فعليه أن ينظر إلي كل الأقطار العربية وما يحدث فيه من مآس إنسانية يندى لها الجبين.
من واقع معيشتك في الغرب فسر لنا ظاهرة الإسلاموفوبيا التي انتشرت بصورة مفزعة للتخويف من الإسلام ؟
الغرب لا ينمي ظاهرة الاسلاموفوبيا، ولكن هناك مصالح معينة سواء سياسية أو جماعات متشددة كأهداف معينة يريدون تحقيقها مثلا العرق الأبيض الذي لا يقبل العرق الأسود وكل هذه الأمور نسعي لإزالتها، فوزارة الداخلية في اسبانيا أعلنت برنامج استراتيجي لإزالة ظاهرة الكراهية بصورة عامة كالكراهية للدين أو للجنس من خلال مرسوم.
الشباب هم عصب الأمة ومستقبلها وهناك من يستهدفهم لإدخالهم في براثن الجماعات المتطرفة ما السبيل لانتشالهم ؟
لمساعدة الشباب لا بد من إيجاد المحاضن التي تساعد علي تربيتهم تربية إسلامية سليمة على أدب الحوار والمناقشة حتى لا نجدهم ممن وقوعوا في براثن هؤلاء ولا نتشدد معهم بأن نلزمهم بفعل كذا ولا تفعل كذا ونُفعل الأمر شورى في الاستماع لهم ومعرفة مطالبهم واحتياجاتهم وتبسيط تقديم المعلومة ولا نضع لهم الممنوعات قبل المرغوبات حتي يكون هناك تداول ومناقشات إيجابية تأتي بثمارها في تأهيلهم لقيادة الأمة، لأن الامل في الشباب قائم لا يتغير فهم وقودها إذا وصلوا إلي مرحلة القناعة التامة، هنا سيصبحون المدافعون عن قضاياها وقيمها الجميلة.
أصبح التراشق بالألفاظ السمة العامة في الخلاف في الرأي ولم يعد أحد يتقبل الأخر فما الوسيلة التي نخرج بها من هذه المعضلة ؟
فقدان الحوار يؤدي إلى الاتهامات المباشرة من كل طرف للآخر وهذا ليس من أخلاق الإسلام أو المسلمين أو من تراثنا القديم الذي يعطينا صورا من أجمل ما يكون في المناقشة والعرض والاستماع والإنصات وهذا يحتاج إلي تجديد الحوار وسبله، وإذا وضعت أسس للحوار المجدي نتغلب على الباقي.
مواقع التواصل الاجتماعي وما يبث عليها واستخدامها كوسيلة حرب أطلق عليها حروب الجيل الرابع كيف نأخذ منها النافع ونترك الضار؟
هذه معضلة ليست عندنا فقط وهذا أمر يعاني منه كل العالم ومؤتمرات كثيرة أثارت هذه القضية خاصة يختلط فيها الغث بالثمين فلا يفرق الولد أو الشاب أو حتى الكبير الآن هناك صفحات كثيرة جدا لمحاربة الأخبار الكاذبة التي تنشر وكذلك الصور المركبة كل هذه الأمور هي التي تؤذي وإذا استطعت الإنسان والمؤسسات أو الهيئات أن تقاوم هذا التوجه سينقص أثره ويبقي الثمين ويذهب الخبيث.
نتحدث دائما عن التعايش السلمي والاستقرار ونشر السلام ومع ذلك تُشعل الحروب في معظم البلدان ؟
هناك منذ أبد التاريخ وضعوا مقولة فرق تسد ونحن نقع في هذا المطب وفي كل مكان هذا المبدأ له نصيب فالمسلمين في اسبانيا كانوا مفرقين وكان كل طرف بسبب جنسيته مختلفة عن الآخر تحدث اختلافات إلى أن وضعنا النقاط علي الحروف وقلنا إذا كنا نريد أن نعيش في هذا البلد كمواطنين لنا الحقوق وعلينا الواجبات سواء بسواء مع كل المواطنين فيجب أن تكون كلمتنا واحدة ومنذ عدة سنوات توصلنا إلي هذا المشروع واستطعنا أن نحقق منذ سنتين ما لم نحققه خلال 25سنة ماضية بفضل التوافق والفكر المستنير والحوار المجدي وبالاستغناء عن الشتائم واستبدالها بكلمات راقية حضارية نستطيع بها الدخول إلي قلب الإنسان ومن ثم إلي فكره.
الأزهر يقوم بدور عالمي في نشر الوعي والسلام والمحبة بين الشعوب على اختلاف أجناسهم ودياناتهم كيف تري ذلك ؟
قناعتي أن الأزهر منارة إسلامية لا تعوض ولزيادة دوره لابد أن يكون محط عناية كل الفئات ليس في مصر وأنما في كل البلاد الإسلامية وخاصة البلاد التي ترسل أبنائها للدراسة في الأزهر ويعودن لنشر الإسلام والدفاع عنه بالدعوة الصحيحة والموعظة الحسنة وألتقيت بالعديد منهم علي مدي سنوات طويلة ويكنون للازهر محبة كبيرة جدا ونحن نتعاون مع الأزهر من 15 عام ويوفد لنا أئمة لبعض المساجد الكبيرة وكنت أتمني مقابلة فضيلة الأمام الأكبر وشكره ولكن شفاه الله وعفاه ظروفه الصحية حالت دون ذلك.