على خلفية التوترات الأخيرة بين قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، وجماعة أنصار الله الحوثي، ذكرت مصادر مطلعة لوكالة "رويترز"، أن السعودية تدرس المبادرة التي تقدمت بها الشهر الماضي جماعة الحوثي لوقف إطلاق النار بين قواتها والتحالف العربي بقيادة المملكة.
ونقلت "رويترز"، عن 5 مصادر مختلفة بينها 3 دبلوماسية، أن "المملكة تدرس بجدية شكلا من أشكال وقف إطلاق النار في محاولة لوقف تصعيد الصراع".
وقال مصدران، إن "الضربات الجوية السعودية على مناطق الحوثيين تراجعت بشكل كبير، وإن هناك ما يدعو للتفاؤل بشأن التوصل لحل قريبا".
كما ذكر مسؤول إقليمي مطلع أن السعوديين يدرسون عرض الحوثيين الذي يستخدمه دبلوماسيون غربيون لإقناع الرياض بتغيير المسار، وأضاف المصدر: "يبدو أنهم منفتحون عليه".
بدوره، أفاد مصدر عسكري كبير في اليمن مقرب من الحوثيين بأن السعودية "فتحت اتصالا" مع رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع لـ"أنصار الله" في العاصمة صنعاء، مهدي المشاط، عبر طرف ثالث، لكن لم يتم التوصل لاتفاق، وذلك حسب "رويترز".
ونقلت الوكالة عن دبلوماسي أوروبي مطلع أن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، "يريد الخروج من اليمن"، مضيفا: "لذا علينا أن نجد سبيلا له للخروج مع حفظ ماء الوجه".
وقال دبلوماسي آخر، إن "موافقة السعودية على وقف الغارات الجوية سيعني فعليا نهاية الحرب لأن السعودية لا تملك قدرات كبيرة على الأرض".
وأعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، مهدي المشاط، يوم 20 سبتمبر الماضي، إطلاق مبادرة سلام تشمل وقف أي هجمات على السعودية، داعيا إياها إلى الرد بالمثل على هذا الإجراء.
بدوره، علق ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في مقابلة مع برنامج "60 دقيقة" عبر قناة "سي بي إس" الأمريكية: على إعلان "أنصار الله" بقوله: "أعلن الحوثيون قبل بضعة أيام وقف إطلاق النار من جانبهم، نعتبره خطوة إيجابية للدفع باتجاه حوار سياسي أكثر جدية ونشطة".
وأضاف: "أنا كقائد، يجب أن أكون دائماً متفائلاً كل يوم، إذا كنت متشائمًا، يجب أن أترك منصبي وأعمل في مكان آخر".
يذكر أن تحالفا عسكريا تقوده السعودية يقوم، منذ 26 مارس 2015، بعمليات عسكرية لدعم قوات الجيش اليمني الموالية لرئيس البلاد عبد ربه منصور هادي لاستعادة مناطق سيطرت عليها جماعة "أنصار الله" في كانون الثاني/يناير من العام ذاته.
وبفعل العمليات العسكرية، التي تدور منذ مارس 2015، يعاني اليمن حالياً أسوأ أزمة إنسانية في العالم، فبحسب الأمم المتحدة قتل وجرح آلاف المدنيين ونزح مئات الآلاف من منازلهم، كما يحتاج 22 مليون شخص، أي 75 بالمئة من السكان، إلى شكل من أشكال المساعدة والحماية الإنسانية، بما في ذلك 8.4 مليون شخص لا يعرفون من أين يحصلون على وجبتهم القادمة.
وتتفاقم الأوضاع المعيشية والإنسانية في مدن اليمن بشكل متسارع يسابق إيقاع الحرب التي تضرب البلاد منذُ أكثر من 4 سنوات، ومع انهيار الدولة اليمنية في الحادي والعشرين من سبتمبر من العام 2014 اتسعت رقعة الفقر والجوع بشكل كبير ينذر بكارثة إنسانية في المدينة "السمراء".
وتصاعدت الحرب بين الحوثيين والقوات الموالية لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي في مارس 2015، عندما هرب هادي إلى السعودية وتدخل التحالف الذي تقوده الرياض في اليمن.
وفشلت كل المفاوضات ومحاولات التوصل إلى وقف لإطلاق النار منذ سيطرة مليشيات الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، وتدخُّل تحالف عسكري بقيادة السعودية بالنزاع في مارس 2015، بحجة دعم حكومة هادي.
ومنذ ذلك الحين، قتلت الحرب قرابة عشرة آلاف شخص وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، رغم أن منظمات حقوق الإنسان تقول إن عدد القتلى الحقيقي قد يبلغ خمسة أضعاف ذلك.
وتصف الأمم المتحدة الأزمة الإنسانية في اليمن بـ"الأسوأ في العالم"، وتؤكد أن أكثر من 22 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 مليون شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، ويعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.