أطلقت الحكومة الانتقالية في السودان، حزمة من الإجراءات الاقتصادية الجديدة، وذلك في محاولة للتفاعل مع نبض الشارع في البلاد التي مازالت تعيش على وقع مدّ ثوري ومطلبي بالأساس، منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر حسن البشير.
وأعلن وزير المالية السوداني، إبراهيم البدوي عن برنامج اقتصادي ينقسم إلى ثلاث مراحل، يشمل الفترة الانتقالية المحددة بثلاثة أعوام، وابتدأت منذ التوقيع على الوثيقة، في 17 أغسطس الماضي.
وبحسب صحيفة العرب الدولية، تُوصف هذه الخطوة الاقتصادية الجديدة بأنها تعدّ نتاجًا لاستعجال المواطن السوداني للحكومة الانتقالية المُعيّنة حديثًا في الإعلان عن رؤية اقتصادية متكاملة، للخروج من نفق الأزمة المعيشية التي تتزايد يوما بعد آخر.
ويأمل السودانيون في أن تفضي الثورة الشعبية، التي انطلقت في ديسمبر الماضي وتكلّلت بالنجاح في أبريل الماضي، بإزاحة نظام البشير، إلى إنهاء معاناتهم الاقتصادية والعبور نحو مرحلة الاستقرار.
وفي مؤتمر صحفي عُقد بالخرطوم، الأسبوع المنصرم، كشف وزير المالية عن برنامج اقتصادي نهضوي للسودان يستمر لفترة 10 سنوات، ينتهي بحلول 2030، وقال البدوي إنّ الهدف من البرنامج تحقيق شعار الثورة السودانية، المتمثلة في “حرية، سلام، عدالة” على أن يُصاغ البرنامج للقضاء على الفقر وتحقيق العدالة الاقتصادية.
ووفقًا لآخر إحصائية حكومية في 2017، فإن نسبة الفقر في السودان تبلغ 36.1 بالمئة، وهو ما تشكّك المعارضة في صحته، وتقول إن نسب الفقر بالبلاد أعلى بكثير مما تعلنه الحكومة.
وبحسب البدوي، فإنّ المرحلة الأولى من البرنامج تحت مسمّى البرنامج الإسعافي والمحددة بـ200 يوم، تبدأ من أكتوبر المقبل، وتنتهي في يونيو 2020.
ويشمل البرنامج في مرحلته الأولى، معالجة غلاء الأسعار وغلاء المعيشة ومعالجة أزمتيْ المواصلات والنفايات، بجانب النظر في إشكالية الطاقة الكهربائية بالبلاد.
وأجّل البدوي، تنفيذ قرار يقضي برفع الدعم عن السلع الاستراتيجية، إلى ما بعد فترة البرنامج الإسعافي ورهن تطبيقه بنجاح البرنامج.
وتشمل السلع المدعومة المحروقات (البنزين والجازولين وغاز الطبخ)، إضافة إلى القمح والأدوية.
وبحسب إحصائية حكومية سابقة، فإن قيمة الدعم على المحروقات بجميع مشتقاتها يصل إلى 2.250 مليار دولار سنويا، فيما يصل الدعم للقمح إلى 365 مليون دولار.
ويرى المحلّل الاقتصادي محمد الناير، أنّ البرنامج الإسعافي الذي طرحه وزير المالية يمتلك بعض الإيجابيات والسلبيات، ورحّب برؤية عدم رفع الدعم عن السلع الاستهلاكية في الوقت الراهن، بسبب عدم قدرة المواطن السوداني على تحمّل أيّ أعباء معيشية الآن.
غير أنه أكّد أنّ البرنامج الإسعافي لوزير المالية الجديد، كان لا بد أن يتجه في المقام الأول، نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي المتمثّل في استقرار سعر الصرف، الذي سينعكس إيجابًا على تكلفة معيشة المواطن.
وشدّد الناير على أهمية بناء احتياطيات مقدرة من النقد الأجنبي، عبر إجراءات قاسية على الحكومة في المقام الأول، لأنها تشمل تخفيض الإنفاق العام وتصفية الشركات الحكومية، وتحويلها إلى شركات مساهمة عامة؛ واسترداد المال العام.
ويعاني السودان من أزمة في توفّر السلع الأساسية المتمثّلة في الخبز والمحروقات والأدوية، فضلا عن ارتفاع كبير في أسعار صرف الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية.