جدل كبير اندلع في الوسط السياسي والدبلوماسي اللبناني، أثاره "العميل" عامر إلياس الفاخوري بعد دخوله لبنان عبر مطار رفيق الحريري الدولي.
حدث ذلك في الرابع من سبتمبر الجاري، بعد مرور 21 سنة تقريبًا على مغادرته الأراضي اللبنانية عبر إسرائيل، إثر انسحاب جيش الاحتلال وتحرير الجنوب، حيث وصل الفاخوري، القائد السابق لمعتقل الخيام في جنوب لبنان، والمحكوم 15 سنة غيابيًّا بتهمة الاتصال مع الاحتلال، إلى مطار بيروت، ودخل بجواز سفر أمريكي.
تسلّح الفاخوري - كما قيل - بقرار صدر منذ حوالى العام يفيد بإسقاط الحكم الصادر بحقه لمرور الزمن، كما تبيّن أنّ اسمه شُطِب عن البرقية 303 المخصصة للعملاء والإرهابيين، على الرغم من أنها المرة الأولى التي يدخل فيها إلى لبنان.
تواصل مكتب الأمن العام في المطار، على الفور بالمديرية العامة للأمن العام، وكانت التوجيهات بحجز جواز السفر للمراجعة، فغادر الفاخوري المطار وعاد بعد أسبوع لتسلم جواز سفره، فكانت المفاجأة بأن حضر برفقة عميد من مكتب الجنوب في مديرية الاستخبارات في الجيش اللبناني، قيل إنّ علاقة قرابة تربطه بالفاخوري، الأمر الذي أثار - بحسب صحيفة "إندبتدنت عربية" - ريبة الأمن العام وفق رواية مقربين من المدير العام اللواء عباس ابراهيم، الذي أعطى أوامره بتوقيف الفاخوري للتحقيق معه .
وعلى وقع ضغوط شعبية وإعلامية ومنهم أسرى كانوا تعرّضوا للتعذيب على يد الفاخوري في معتقل الخيام، أصدر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس مذكرة توقيف بحقه على أن تبدأ التحقيقات معه الثلاثاء 17 سبتمبر، أمام القضاء العسكري.
كان يمكن لهذه الواقعة، وفق الصحيفة، أن تمر كغيرها من أحداث شبيهة لعملاء سابقين حاولوا دخول الأراضي اللبنانية إلاّ أنّ ما رافق قضية العميل الفاخوري من تسريبات وتحليلات وصور غير بريئة، وبعد الإطلاع على ما تسرّب حتى الآن من اعترافات أولية له فور توقيفه، فرض الكثير من الأسئلة وأعطى للقضية أبعادًا سياسية لها علاقة باستحقاقات، انطلق قطارها باكرًا.
في التحقيق الأولي، اعترف عامر الفاخوري وفق المعلومات، أنّه يحمل الجنسية الإسرائيلية، بما يعني أنه لا يستطيع الدخول إلى الأراضي اللبنانية، وحاول الحصول على جواز سفر لبناني منذ فترة قصيرة من السفارة اللبنانية في واشنطن قبل حصوله على الجواز الأمريكي منذ أشهر، إلّا أنّ الأمن العام اللبناني رفض منحه جوازًا لبنانيًّا، وبدأ منذ ذلك الوقت حملة تقصّ حول اسمه.
الفاخوري أقرّ في التحقيق الأولي معه بكل ما اتُّهم به من تعذيب الأسرى، وكان من بين القلائل - وفق اعترافاته - الذين تبلّغوا بموعد انسحاب الإسرائيليين قبل ثلاثة أيام، وعند دخوله إسرائيل عمل مع "الشاباك" (واحدة من وحدات الاستخبارات الإسرائيلية) لفترة زمنية قبل المغادرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال خلال التحقيق معه، إنّه عمل ضمن الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقد علم أن أعضاء في الكونجرس الأمريكي اتصلوا بالسلطات اللبنانية لطلب إخلاء سبيله وإعادته إلى الولايات المتحدة.