جرح جديد ينزف في الجسد الفلسطيني الذي يعاني جرائم ممنهجة من قبل السجان الإسرائيلي المغتصب للأرض منذ عام 1948، على خلفية سعي قادة الاحتلال بضم مناطق فلسطينية جديدة، كورقة انتخابية قبيل انتخابات "إسرائيل".
الورقة الانتخابية أعلنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه سيفرض السيادة الإسرائيلية على منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت في الضفة الغربية، في حال إعادة انتخابه في 17 سبتمبر.
وقال نتنياهو في خطاب تلفزيوني "هناك مكان واحد يمكننا فيه تطبيق السيادة الإسرائيلية بعد الانتخابات مباشرة"، مضيفا في رسالة موجهة للناخبين "إذا تلقيت منكم تفويضا واضحا للقيام بذلك... أعلن اليوم نيتي إقرار سيادة إسرائيل على غور الأردن وشمال البحر الميت... هذا مهم لأن هذه هي الحدود الشرقية لإسرائيل، مع هضبة الجولان التي اعترف (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب بسيادتنا عليها".
وأضاف "يجب علينا أن نصل إلى حدود ثابتة لدولة إسرائيل لضمان عدم تحول الضفة الغربية إلى منطقة كقطاع غزة"، معتبرا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ملزم بأن يكون في كل مناطق غور الأردن.
كما وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بأن يقدم للكنيست المقبل مشروعا كاملا لنشر مستوطنات في منطقة غور الأردن، وبأن يضم مستوطنات أخرى بعد نشر خطة ترامب للسلام.
وتتعرض الأغوار الشمالية، شرق محافظة طوباس، لسياسة تهويد ممنهجة من قبل سلطات الاحتلال، تتمثل بهدم المساكن والاستيلاء على الأرض أو تحويلها إلى مناطق عسكرية مغلقة، والتضييق على المواطنين لحملهم على الرحيل منها.
فضم غور الأردن، بات قوسين أو أدنى من التحقق، خصوصا مع تزايد عمليات هدم منازل سكان تلك المنطقة.
ويغلب على سكان المنطقة التجمعات الرعوية والتي تعيش في هذه المنطقة منذ عشرات السنين، وإسرائيل لا تسمح لها بالاتصال بالبنى التحتية وإضافة مبانٍ سكنية ومبانٍ عامة طبقا للتكاثر الطبيعي واحتياجاتهم المتغيرة.
وبحسب شهادات من السكان، فإن الرعاة اليهود من البؤر الاستيطانية يمنعون الفلسطينيين من الخروج لرعي أغنامهم..
أين يقع غور الأردن؟
غور الأردن، هو تجمع سكاني بدوي فلسطيني في منطقة أعلن الاحتلال الإسرائيلي عنها منطقة إطلاق نار.
وتشكل منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت قرابة %30 من مساحة الضفة الغربية، وهي احتياطيّ الأراضي الأكبر بالنسبة للفلسطينيين.
ومنذ عام 1967 تعمل إسرائيل بعدة طرق من أجل ضمّ هذه المنطقة فعليًا إلى المناطق التابعة لها: فهي تمنع تطوير البلدات الفلسطينية في المنطقة وتدمّر أماكن سكنى العرب البدو بشكل منهجيّ وتمنع منالية موارد الماء وتقيّد بشكل كبير حرية الحركة الخاصة بالسكان الفلسطينيين. إلى جانب هذا، فهي تستغلّ موارد المنطقة لاحتياجاتها الخاصّة وتخصص للمستوطنات مساحات شاسعة ومصادر مياه.
يذكر أن الضفة الغربية هي منطقة جيوسياسية تقع في فلسطين، سُمِّيَت بالضفة الغربية لوقوعها غرب نهر الأردن، وتشكل مساحة الضفة الغربية ما يقارب 21% من مساحة فلسطين (من النهر إلى البحر) أي حوالي 5,860 كم². تشمل هذه المنطقة جغرافياً على جبال نابلس وجبال القدس وجبال الخليل وغربي غور الأردن..
وتشكل مع قطاع غزة الأراضي الفلسطينية المتبقية بعد قيام دولة الاحتلال على بقية فلسطين عام 1948، كما قامت إسرائيل باحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، وتطلق "إسرائيل" على الضفة الغربية اسم يهودا والسامرة.
تنديد عربي ودولي
في المقابل، نددت بعض الدول العربية والغربية لقرار نتنياهو، حيث أدانت دولة قطر بـ"أشد العبارات" تعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، ضم منطقة غور الأردن في الضفة الغربية المحتلة إلى الدولة العبرية إذا ما أعيد انتخابه في 17 سبتمبر الجاري، محذّرة من أن المضي في هذه السياسة "سيقضي تماما على فرص السلام المنشود".
وقالت وزارة الخارجية القطرية في بيان "تدين دولة قطر بأشدّ العبارات إعلان" نتانياهو وتعتبره "امتدادا لسياسة الاحتلال القائمة على انتهاك القوانين الدولية وممارسة كافة الأساليب الدنيئة لتشريد الشعب الفلسطيني الشقيق وسلب حقوقه دون وازع من أخلاق أو ضمير".
وأكّدت الوزارة "رفضها التام التعدي على حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق لتحقيق مكاسب انتخابية"، محذرة من أن "استمرار الاحتلال في ازدراء القوانين الدولية وفرض منطق القوة والأمر الواقع سيقضي تماما على فرص السلام المنشود". بحسب تقرير الخارجية القطرية.
من جانبها نددت الرياض بهذا الوعد الانتخابي واعتبرته "تصعيدا بالغ الخطورة"، إذ قال الديوان الملكي في بيان أوردته وكالة الأنباء الرسمية "تعلن المملكة العربية السعودية عن إدانتها وشجبها ورفضها القاطع" لما أعلنه نتانياهو و"تعتبر هذا الإجراء "باطلا جملة وتفصيلا".
وأضاف أن "هذا الإعلان يعتبر تصعيدا بالغ الخطورة بحق الشعب الفلسطيني، ويمثل انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي والأعراف الدولية".
ووصف وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي وعد نتانياهو بأنه "تصعيد خطير يدفع المنطقة برمتها نحو العنف وتأجيج الصراع".
وقال الصفدي الموجود حاليا في القاهرة لحضور اجتماعات جامعة الدول العربية، حسب ما نقل عنه بيان صادر عن الخارجية الأردنية، إن "الأردن يدين عزم نتانياهو ضم المستوطنات الإسرائيلية (...) وفرض السيادة الإسرائيلية على منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت ويعتبره تصعيدا خطيرا ينسف الأسس التي قامت عليها العملية السلمية ويدفع المنطقة برمتها نحو العنف وتأجيج الصراع".
وتابع أن هذا الإعلان "خرق فاضح للقانون الدولي وتوظيف انتخابي سيكون ثمنه قتل العملية السلمية وتقويض حق المنطقة وشعوبها في تحقيق السلام".
ولم يتأخر الرد الفلسيطيني الذي جاء سريعا على لسان المسؤولة الكبيرة في منظمة التحرير حنان عشراوي التي اعتبرت تصريحات نتانياهو "انتهاكا صارخا للقانون الدولي" و"سرقة للأراضي وتطهيرا عرقيا ومدمرا لكل فرص السلام".
وقالت عشراوي في تصريح لها "هذا تغيير شامل للعبة، جميع الاتفاقيات معطلة (...) في كل انتخابات ندفع الثمن من حقوقنا وأراضينا (...) إنه أسوأ من الفصل العنصري، إنه يشرد شعبا كاملا بتاريخ وثقافة وهوية".
أما تركيا فقد وصفت هذا الوعد بـأنه "عنصري" ، وقال وزير الخارجية التركي مولد تشاوش أوغلو في تغريدة بالإنكليزية والتركية "إن الوعد الانتخابي لنتانياهو الذي يوجه كل أنواع الرسائل العدائية وغير الشرعية قبل الانتخابات، هو بإقامة دولة عنصرية".
أيضا، حذرت الأمم المتحدة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من أن خطته بضم غور الأردن في الضفة الغربية المحتلة في حال إعادة انتخابه لن يكون لها "أساس قانوني دولي".
وصرح المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك بأن "موقف الأمين العام كان دائما واضحا وهو أن اتخاذ خطوات أحادية لن يساعد عملية السلام". وقال إن "أي قرار تتخذه إسرائيل لفرض قوانينها وأحكامها وإدارتها في الضفة الغربية المحتلة لن يكون له أساس قانوني دولي".