في مؤشر جديد لتصاعد التوتر بين لبنان وإسرائيل، أعلن جيش الاحتلال مساء اليوم الأربعاء، تعرض طائرتي استطلاع بدون طيار تابعتين له لإطلاق نار بجنوب لبنان.
ومنذ فجر الأحد الماضي بات واضحاً أن حرباً جديدة تلوح في الأفق بين "حزب الله" اللبناني وإسرائيل بعد إعلان الأول سقوط طائرتين مسيرتين تابعة للثانية في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، فجر الأحد، وانفجار إحداهما.
وقال زعيم الحزب، حسن نصر الله، إن إحدى الطائرتين انفجرت متسببة بأضرار طفيفة لمركز إعلامي تابع للحزب، أما الطائرة الثانية فقد "أسقطها شباب كانوا يرمون حجارة، ولكنها كانت محملة بالمتفجرات.
لكن صحيفة "التايمز" البريطانية قالت الأربعاء، إن الهجوم الإسرائيلي بالطائرات المسيرة استهدف مصنعا للصواريخ الإيرانية في بيروت.
وأضافت أن الهجوم استهدف صناديق تحتوي على معدات لمزج وقود عالي الجودة لاستخدامه في الصواريخ الدقيقة.
الصحيفة نقلت عن مصادر أمنية غربية أن المخازن القريبة من البناية كانت تحتوي خلاطا يستخدم لمزج الوقود الصلب الضروري للصواريخ الدقيقة.
وعلى إثر تلك الهجمات هدد نصرالله، بمهاجمة أهداف إسرائيلية، وقال الأحد :" "أقول للجيش الإسرائيلي على الحدود.. من الليلة قف على الحائط على رجل ونصف وانتظرنا.. يوم يومان ثلاثة أربعة..انتظرنا.. (لأن) ما حصل ليلة أمس لن يمر معنا. لن يمر".
ولم تمر سوى ساعات على تهديدات نصر الله ورد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قائلاً :""سمعت ما قاله نصر الله. أقترح على نصر الله أن يهدأ. هو يعلم جيدا أن إسرائيل تعرف كيف تدافع عن نفسها وترد أعداءها".
وأمس الثلاثاء، أوعزت إسرائيل، إلى ممثلياتها في الخارج باتخاذ الحيطة والحذر، في أعقاب تهديدات نصر الله.
ونقل موقع صحيفة "ذي إنديبندنت" البريطانية عن مصدر أمني إسرائيلي، بأن "تل أبيب" طلبت من سفرائها والممثلين الكبار لها التزام بيوتهم خلال الأيام المقبلة وعدم الإكثار من التنقل، خاصة في دول الشرق وأمريكا الجنوبية.
وفي سياق متصل، تسببت الغارات التي نفذتها إسرائيل مساء الأحد في محيط العاصمة السورية دمشق، بمصرع مقاتلين اثنين من حزب الله وثالث إيراني، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
بيد أن السؤال الذي يطرح نفسه حالياً، هو ما إن كان "حزب الله" قادراً على خوض حرب ضد إسرائيل على غرار المواجهة السابقة بينهما في يوليو 2006.
"ليس هناك من شك في أن حسن نصر الله الأمين العام لـ "حزب الله" اللبناني غير معني بمواجهة واسعة مع إسرائيل، في الوقت الذي يواجه فيه أزمة اقتصادية عقب تقليص إيران مساعداتها بشكل كبير للحزب الذي مازال يضمد جراح القتال في سوريا".
"لكن في المقابل سيجد "حزب الله" صعوبة في التغاضي عن الضربات التي تلقاها الأسبوع الجاري على يد إسرائيل، سواء المتعلقة بتصفية رجاله في سوريا، أو تسلل الطائرات المسيرة لمعقله بالضاحية الجنوبية".
وردت الفقرتان السابقتان في مقدمة مقال للإسرائيلي "عوديد جرانوت" محلل الشؤون العربية بصحيفة "إسرائيل اليوم"، في ظل تصاعد التوترات بين إسرائيل و"حزب الله".
وكتب "جرانوت":تم حشد وسائل الإعلام التابعة لحزب الله في لبنان أمس لتسليط الضوء على "الخوف الذي سيطر على إسرائيل" بعد تهديدات نصر الله، وتدابير رفع حالة التأهب التي اتخذت على الحدود الشمالية".
وتابع في المقال الذي حمل عناون "فخ نصر الله.. عليه أن يرد رغم كونه في أزمة":صعد مراسل (قناة) المنار إلى التلال المقابلة لميسغاف (مجلس إقليمي في منطقة الجليل شمال إسرائيل) لبث تقارير مصورة من هناك عن الدوريات الراجلة والراكبة للجيش الإسرائيلي التي اختفت تماماً من المنطقة وعن الجنود الإسرائيليين الذين "تركوا المواقع الأمامية".
وأضاف "جرانوت" :"لكن في تلك الساعات أصيبت كل القيادة اللبنانية بالخوف، خشية أن يقود رد حزب الله على نشاط الطائرات المسيرة بالضاحية إلى رد إسرائيلي ضد حزب الله، يشعل حريقاً كبيراً ويجر لبنان كله إلى حرب لا يرغب بها أحد".
ورغم التأكيد على أن نصر الله غير معني بخوض حرب جديدة مع إسرائيل في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها "حزب الله" بعد تقليص طهران مساعداتها بشكل كبير، فضلا عن الحرب في سوريا التي كلفته آلاف القتلى والجرحى، يرى "جرانوت" أن ثمة أسباب ثلاثة تدفع نصر الله للرد على الانتهاكات الإسرائيلية.
الأول، ضرب إسرائيل موقعا لتحويل الصواريخ العادية التي زوده بها الإيرانيون إلى صواريخ دقيقة. ويدور الحديث –بحسب "جرانوت"- عما يشبه "الخلاط" الذي يسمح لك بترقية مواد الانفجار بالصاروخ وتحسين التحكم في مساره، ما عطل فعلياً قدرة التنظيم على مواصلة المشروع.
والثاني، حقيقة أن اختراق الطائرات المسيرة أجواء الضاحية الجنوبية في بيروت كان عملية "صاخبة" شوهدت من قبل المارة ولم يكن ممكنا إخفاؤها.
ويضيف المحلل الإسرائيلي :"ثالثا، حقيقة أن نصر الله أُهين مرتين على يد إسرائيل في يوم واحد. في المرة الاولى بسوريا بتصفية اثنين من عناصره حاولا إطلاق طائرات مسيرة باتجاه إسرائيل، وفي المرة الثانية عبر اختراق طائرتين بدون طيار وعلى ارتفاع منخفض قلب معقله بضاحية بيروت".