رئيس التحرير: عادل صبري 11:21 صباحاً | الخميس 28 مارس 2024 م | 18 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

في عيدها.. المرأة التونسية قوة تحسم الصراع وتقلب المعادلة السياسية

في عيدها.. المرأة التونسية قوة تحسم الصراع وتقلب المعادلة السياسية

العرب والعالم

المرأة اتونسية تتصدر صفوف الثورة

في عيدها.. المرأة التونسية قوة تحسم الصراع وتقلب المعادلة السياسية

إنجي الخولي 14 أغسطس 2019 02:13

"تصدرن الصفوف الأولى في ثورة الياسمين، تمكن من كسب العديد من الصراعات لتحقيق المساواة وإنتزاع حقوقهن ، حسمن الصراع لصالح الديمقراطية في سباق 2014 بعد أن بتن قوة انتخابية يسعى الجميع لكسبها".. هن نساء تونس، اللائي تحتفلن اليوم بعيدهن.

 

وتحيي تونس، الثّلاثاء، 13 أغسطس، عيد المرأة، وهو عبارة عن ذكرى لـ13 أغسطس سنة 1956، يوم سنّت مجلة الأحوال الشّخصية قوانين للأسرة تحوي تغيرات جوهرية من أهمها منع تعدد الزّوجات، وسحب القوامة من الرّجل وجعل الطّلاق بيد المحكمة عوضًا عن الرجل.


وغيّبت عطلة واحتفالات عيد الأضحى، هذا العام، الاحتفال الرسمي بالعيد الوطني للمرأة التونسية. لكن إصرار سياسيين ودبلوماسيين ونشطاء على مشاركة النساء فرحتهن بعيدهن، برز على شبكات التواصل الاجتماعي، مثمّنين ما تحقق لهن من مكاسب اجتماعية وتشريعية.
 

واعتادت المرأة التونسية والدوائر الرسمية على الاحتفاء سنويا يوم 13 أغسطس، غير أن تزامنه هذا العام مع عطلة عيد الأضحى أجّل الاحتفلات الرسمية التي تقام في القصر الرئاسي بقرطاج إلى 15 الجاري، وفق ما أعلنته المتحدثة الرسمية باسم الرئاسة، سعيدة قراش.

 

الغنوشي: هي المجتمع كلّه


ولم يفوت السياسيون الفرصة لتهنئة المرأة التونسية بعيدها، وقال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي: "المرأة ليست نصف المجتمع، بل هي المجتمع كلّه، لأن النصف الآخر يتربى في أحضانها أيضا"، وأضاف في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية "إن الانتصار لحقوقها

 

وكتب الغنوشي متابعاً "المرأة هي قوة التجدّد في الأمة، وهي قوّة حفظ المجتمعات وعنصر التماسك فيها، وكل جهد يتجه إلى ضرب المرأة وترذيلها وامتهان كرامتها وحرمانها من حقوقها الشرعية، إنما هو ضرب للمجتمع التونسي في الصميم وضرب لاستقراره وتوازنه".
 

واعتبر أن "الانتصار لحق المرأة في الحياة الشريفة الكريمة يقود إلى صون المجتمع والرفع من قيمة أفراده وتحصينه من شتى المخاطر المحدقة به".

 


وتأتي احتفالات التونسيات هذا العام في خضم الاستعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية، حيث تتصدر المرأة قوائم الأحزاب، وكذلك تنافس عدة تونسيات لكسب معركة الرئاسة.

 

المرشحات ينافسن بقوة


ويشهد سباق الانتخابات الرئاسية في تونس مشاركة 13 امرأة من بين 98 مترشحًا أودعوا ملفاتهم لدى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وفي عيد المرأة قالت ليلى الهمامي، أول امرأة مرشحة لرئاسة تونس، إن "المرأة التونسية كانت منذ الحركة الوطنية وبناء دولة الاستقلال فاعلا مؤثرا في مجريات الحياة العامة، وعنوانًا من عناوين الفعل السياسي، على الرغم من كونها كانت تمثل أقلية في تلك الفترة لاعتبارات ثقافية واجتماعية، وبرزت بالفعل بصفة استثنائية خلال ثورة الياسمين وخلال مختلف رداهات مسار الانتقال الديمقراطي فكانت في مستوى الساحة السياسية وجمعيات المجتمع المدني والفضاء الإعلامي، وقوى محركة في اتجاه التقدم والحرية".
وأضافت في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "المرأة التونسية كانت حاسمة في انتصار الباجي قائد السبسي على حليف حركة النهضة المنصف المرزوقي خلال انتخابات 2014 بمليون صوت، إلا أنها لا تزال تناضل من أجل توسيع حضورها في مراكز القرار السياسي والإداري، والارتقاء إلى المهام القيادية العليا للدولة.


وتابعت: "نضال المرأة من أجل حماية حقوقها وتحصين مكاسبها ودعمها، صراع ونضال مستمرين لوجود التهديد الرجعي الملازم لوجود الإخوان ولمشروعهم الثقافي الذي يراهنون على تثبيته ولو على المدى البعيد".
 

وتراهن المرأة التونسية على الحضور بقوة في الانتخابات الرئاسية المرتقبة في منتصف الشهر المقبل، إذ ترشحت 13 امرأة لهذا الاستحقاق، وتضم قائمة المترشحات رئيستي حزب، هما: عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر، وسلمى اللومي رئيسة حزب الأمل، وأمينة عامة سابقة لحزب حراك تونس الإرادة لمياء الخميري، وليلى الهمامي التي سبق أن تقدمت في انتخابات 2014.

 

ومن المنتظر أن تتقلص قائمة المترشحات بعد البت في الملفات التي تم إيداعها لدى هيئة الانتخابات، لكن مشاركة المرأة تبدو في كل الأحوال لافتة.

 

الناخبات قوة كاسحة

 

باتت المرأة التونسية حلقة هامة لكسب أي انتخابات، بعد أن استطاع الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي بحسم انتخابات 2014 بمليون صوت نسائي، فيما أصبحت نساء تونس يمثلن النسبة الأكبر في أعداد المواطنين المقيدين في سجل الانتخابات، فهناك ما يزيد عن 4 ملايين سيدة من بين 7 ملايين شخص يحق لهم التصويت.

 

وتقول تونسيات لـ"سبوتنيك"، إن "المرأة التونسية نصف المجتمع وتربي النصف الآخر، ولا يمكن إهمالها بعد أن كانت سببًا في قلب الموازين السياسية، بكل المراحل الحرجة التي مرت بها تونس".

 

من جانبها قالت فاطمة المسدي، النائبة في البرلمان التونسي، إن "المرأة في تونس مستمرة في النضال من أجل تطوير مكتسباتها، وهي عنصر فاعل حتى في الساحة السياسية، لذا

يسعى أغلب المرشحين لجذب الحزام الانتخابي للمرأة التونسية".

وأضافت في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "وضع المرأة التونسية في تحسن مستمر، وهناك العديد من القوانين التي يسعى البرلمان لإقرارها على رأسه المساوة في الإرث".

 

وفيما يخص الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، أضافت: "من المنتظر أن تتصدر المرأة المشهد السياسي التونسي، خاصة وأن سيدات تونس كتلة تصويتية كبيرة، ولا يستهان بها، ويتم

الاعتماد عليها من قبل الكتل السياسية كورقة رابحة".

 

وأكدت أن "الانتخابات المقبلة ستشهد اعتماد أكبر على المرأة من قبل الأحزاب بعدما أصبح للسيدات كتلة انتخابية ضخمة تؤثر بقوة في حسم النتيجة".
 

وتابعت قائلة: "من يقرأ المشهد السياسي في تونس، يعرف أن المرأة التونسية هي التي تقلب الموازين، وكل الأحزاب تعمل على استقطاب المليون امرأة التي صوتت للباجي قائد السبسي في يوم ما".

 

صامدات في نضال مستمر

 

الدكتورة بدرة جعلول، رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس، قالت إن "عيد المرأة أفضل الأعياد التي تعيشه المرأة التونسية، تلك المرأة الحرة المناضلة، الفاعلة في المجتمع".

 

وأضافت في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "المرأة التونسية لعبت دورًا كبيرًا في كل المراحل الفارقة التي مرت بها تونس، بداية من الكفاح ضد الاستعمار، إلى بناء الدولة الوطنية وتغيير كل المعادلات السياسية".

 

وتابعت: "في عام 2014 كانت المرأة التونسية ولازالت مثالا يحتذى به في العالم، فمشاركتها قلبت الموازين، حيث خرجت النساء ليس لأجل شخص، بل لأجل قيم الديمقراطية والحداثة، من أجل تغيير المعادلة وبناء الوطن، والحفاظ على المكتسبات".
 

واستطردت: "في عيدها ستثبت المرأة التونسية للعالم أنها قادرة على تغيير كل الموازين،

خصوصا وأنها على أعتاب استحقاق انتخابي كبير، سواء الانتخابات الرئاسية أو التشريعية".

 

ومضت قائلة: "إذا نظرنا إلى المجتمع التونسي، سنرى أن المرأة هي من تقلب الموازين في كل المراحل الحساسة، الآن لدينا نساء تنافس على كرسي الرئاسة، وأخريات يتصدرن القوائم الانتخابية الحزبية والمستقلة".
 

وأنهت حديثه قائلة: "المرأة التونسية نصف المجتمع وتربي النصف الآخر، وهي نموذج للمرأة الفاعلة، ويحتذى بها في العالم العربي".

 

عيدها في تونس
 

ويعد تاريخ 13 أغسطس، عطلة رسمية في تونس، يسمى بـ"عيد المرأة".
 

ويأتي هذا اليوم احتفالا بتحسن وضع المرأة في تونس الذي حدث نتيجة لصدور قانون الأحوال الشخصية، في 13 أغسطس 1956. لكن هذا القانون لم ينفذ فعليا حتى عام 1957.


ولم يكن قانون الأحوال الشخصية قانونا واحدا، وإنما مجموعة من التشريعات ذات الصلة، وقد أحدث عدة تغييرات من أهمها منع تعدد الزوجات، بموجب القانون، وإقامة شكل قانوني للطلاق، وفرض الحصول على موافقة كل من العروس والعريس لكي يتزوجا قانونا.

وكان هذا القانون أحد الإنجازات الرئيسية للسياسي التونسي، الحبيب بورقيبة.


وفي عام 1993، منحت الإضافات الجديدة التي أدخلت على قانون الأحوال الشخصية الحق للمرأة في تمثيل أطفالها في المحاكم، والقدرة على نقل جنسيتها إلى أطفالها، بالطريقة نفسها، التي يمكن بها فعل ذلك بالنسبة للرجال.


وكان تأثير هذه السياسة على المجتمع التونسي كبيرا، والاحتفال بيوم المرأة، في 13 أغسطس، هو وسيلة لتذكر هذه الحقوق التي اكتسبتها المرأة التونسية.

 

حرية المرأة التونسية

 

بدأ الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الصراع لمنح المرأة حقوقها منذ الخمسينات وهو ما أكمله الرئيس الراحل قائد السبسى بحزمة المقترحات التى طرحها ، للمساواة بين الرجل والمرأة فى كافة المجالات بما فيها الميراث وحق الزواج من أجنبى


ومن أهم المكاسب التي طالتها المراة التونسية مؤخراً، كانت في 2017، عندما أصدر الرئيس التونسي الراحل السبسي،  قرارا يقضي بزواج التونسية المسلمة بأجنبي غير مسلم، وهو ما أدى لإلغاء المنشور الصادر عن وزارة العدل التونسية عام 1973، الذي نص على: "تقديم شهادة اعتناق الإسلام من أي رجل غير مسلم، لإتمام زواجه بتونسية مسلمة".

القرار أيده ديوان الإفتاء التونسي، حينما ذكر في بيانه "أن مقترحات السبسي، تهدف لدعم مكانة المرأة، وتضمن وتُفعِّل مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات، وهو ما نادى به ديننا الحنيف".


ورغم إثارة الجدل والمعارضة التي تلقاها "السبسي" حينما أصدر قراره بالمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، إلا أنه لم يتراجع عن إصدار قانون الأحوال الشخصية الذي تضمن ذلك.


السبسي كان قد أشار إلى هذا القرار، خلال مناسبة إحياء الذكرى الـ18 لوفاة الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، بأن المرأة التونسية سترث مثل الرجال، مؤكدًا أن الإرث يجب ألا يكون قضية دينية.


وفي 13 أغسطس 2017 (يوم عيد المرأة التونسية" target="_blank">عيد المرأة التونسية)، أصدر السبسي أمرًا، بتشكيل لجنة الحريات الفردية والمساواة، التي ترأسها بشرى بلحاج، لتختص بتفعيل المساواة بين الرجل والمرأة، وتقديم مقترحاتها إلى اللجان المختصة داخل مجلس النواب، لمناقشتها، وفي التصديق على المقترحات وتمرر على الرئاسة لتفعيلها.


واعتمد أيضا "قانون القضاء على العنف ضد المرأة"، وبالفعل صادق عليه مجلس النواب التونسي، ليدخل حيز التنفيذ في شهر فبراير 2018.


"امرأتين من بين 3 نساء يتعرضن للعنف، ونصف النساء التونسيات تعرضن له على الأقل مرة في حياتهن"، كانت هي نتيجة المسح الذي أجراه الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري، منذ عام 2010، للكشف عن نسب تعرض النساء للعنف، الذي أصبح ظاهرة منتشرة في جميع القطاعات.


ويهدف القانون إلى وضع التدابير الكفيلة بالقضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة القائمة على أساس التمييز بين الجنسين، وتحقيق المساواة واحترام الكرامة الإنسانية.

ومن ضمن نصوص القانون، أنه "يعاقب بالسجن مدة 20 عامًا مرتكب الضرب أو الجرح، الواقع عمدًا دون قصد القتل، والذى نتج عنه الموت".
 

ويشمل القانون أيضًا أنه "في حالة وقوع الضرر، يُصدر قاضي الأسرة إذن الحماية بشكل فوري، لانتشال الضحية مما هي فيه".

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان