رئيس التحرير: عادل صبري 04:00 مساءً | الخميس 28 مارس 2024 م | 18 رمضان 1445 هـ | الـقـاهـره °

جردت الريال من 4 أصفار.. لماذا غيرت إيران عملتها إلى «التومان»؟

جردت الريال من 4 أصفار.. لماذا غيرت إيران عملتها إلى «التومان»؟

العرب والعالم

الريال الإيراني يفقد 4 أصفار

جردت الريال من 4 أصفار.. لماذا غيرت إيران عملتها إلى «التومان»؟

إنجي الخولي 01 أغسطس 2019 01:01

على وقع تدهور الاقتصاد وانهيار سعر العملة، وفي إجراء جديد لتخفيف الأعباء الاقتصادية، قررت إيران، حذف 4 أصفار من عملتها الوطنية الريال، "وتغير مسماه إلى "تومان" .

 

وقال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، في مؤتمر صحفي في طهران إن "الحكومة أقرت اليوم مشروع قانون لحذف أربعة أصفار من العملة و(التومان) سيكون عملتنا الوطنية"، فيما تواصل قيمة الريال الإيراني التدهور منذ العام الماضي.

 

وقال رئيس مكتب رئاسة الجمهورية الإيرانية محمود واعظي، في تصريح نقله التلفزيون الإيراني: "تم إقرار حذف أربع أصفار من العملة الوطنية في البلاد وسوف يتم تبديل العملة الوطنية من الريال إلى التومان لأن التومان هو الرائج في التبادلات الداخلية".

 

وأوضح واعظي، أن "رئيس البنك المركزي سيقوم بتقديم معلومات أكثر عن الموضوع يوم الأحد القادم".

وسترسل الحكومة الإيرانية مشروع القرار إلى البرلمان لإقراره، بحيث تصبح كل 10 آلاف ريال تومانا واحدا، ويبقى التعامل بالريال بين البنوك فقط.

 

 وتلجأ الحكومات إلى حذف أصفار عندما تفقد عملتها القوة الشرائية، ويكون ذلك بديلاً عن إصدار فئات كبيرة من العملة.

 

وفيما أكد خبراء فاعلية هذه الخطوة في تحسين الوضع الاقتصادي المتردي للدول، أشاروا إلى أن هناك خطورة كبيرة إذا لم تصاحبها خطة اقتصادية مدروسة.

 

"التومان" بديلاً

 

وافقت الحكومة الإيرانية خلال جلستها، اليوم الأربعاء، على مقترح يقضي بحذف 4 أصفار من العملة الوطنية الريال وتغير مسماه إلى "تومان"، حسبما أفادت وكالة "فارس" للأنباء.

 

وقالت الوكالة إن هذا المقترح يهدف "للحفاظ على فاعلية العملة الوطنية وتسهيل وتحديث أدوات المدفوعات النقدية في التعاملات المحلية، بجانب خفض تكاليف طبع الأوراق النقدية والحد من مشكلة الأعداد الضخمة في التبادل اليومي، وأعباء عد العملة والمسكوكات النقدية وحمل المبالغ الكبيرة منها".

 

وأشارت وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء إلى أن عبد الناصر همتي رئيس البنك المركزي، سيقدم معلومات أكثر عن القرار في وقت لاحق.

 

ويسعى البنك المركزي الإيراني منذ فترة إلى سحب 4 أصفار من العملة الوطنية في محاولة للحد من تدفق السيولة المتزايد، ومساعدة الريال على استعادة جزء من قيمته المفقودة، بسبب العقوبات الأمريكية والتضخم الذي تعانيه البلاد بسبب الأزمة الاقتصادية.

والحذف هو بديل إصدار فئات ورقية كبيرة، فحذف الأصفار يضخم من حجم أكبر فئة دون الحاجة لإصدار أى فئات جديدة، وبالتالى توفر الدولة تكاليف الطبع والصك لتلك الفئات الجديدة، والتى تقدر بملايين الدولارات، فمثلا، بدلا من إصدار فئة ورقية بقيمة 10000 ريال يكفي حذف صفر من العملة فتصبح فئة 1000 ريال الحالية تعادل قيمة هذه الورقة الجديدة.

 

ليس تجربة جديدة

 

الدكتور عماد عكوش، خبير مالي واقتصادي لبناني، مهتم بالشأن الإيراني، قال إن "هناك طريقتين لمسألة التعديل على العملة، وهما إما شطب الأصفار، أو تغيير العملة، وغالبًا الدول التي تقوم بتغيير العملة تصاحبها شطب الأصفار".

 

وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "شطب إيران للأصفار ليست تجربة جديدة، فهناك العديد من الدول التي أقدمت على فعل ذلك، منها تركيا في 2005 قامت بشطب 6 أصفار، والجزائر في 2016، وفنزويلا، حتى إيران نفسها قامت بخطوة مماثلة عام 2017".

 

وأكد الخبير الاقتصادي أن "الهدف الأساسي من شطب الأصفار مواجهة التضخم الكبير الذي يواجه العملة، ويتخلله الكثير من الأهداف الثانوية، أهمها تسهيل عمليات البيع والشراء، خصوصا فيما يتعلق بكتابة الأسعار على المنتجات في الأسواق".

 

وتابع "كما تهدف هذه الخطوة إلى تخفيف عملية حمل كميات كبيرة من الأموال، حيث إن الدولار بالعملة الإيرانية 42 ألف، ما يدفع الناس لحمل كميات كبيرة من الأموال لقضاء حاجتهم اليومية، كما تقلل من عمليات وتكاليف طباعة كل هذا الكم من العملات".
 

وعلى مستوى المواطنين، أكد عكوش أن "خطوة شطب الأصفار تعطي دفعة نفسية للمواطنين، حيث يشعر بارتفاع قيمة عملته مقابل العملات الأخرى".

 

وأشار إلى أن:" حذف الأصفار يعمل على تبديل العملة بأخرى جديدة، ما يتيح فرصة القضاء على عمليات اكتناز الأموال، سواء في البيوت أو من قبل عصابات المافيا، أو المضاربين بالأسوق، إضافة إلى القضاء على تزوير العملة، فالدول التي تعرضت عملتها لعمليات كبيرة من التزوير تلجأ إلى تغييرها".

 

وبشأن تأثير هذه الخطوة دوليًا، قال الخبير الاقتصادي، إن "حذف الأصفار تجعل العملة قوية حين مقارنتها بالعملات الأخرى، وتسهل الحصول على الائتمان الدولي، وتصبح قوية تجاه المجتمع الدولي، وتزيد في فرص الحصول على ائتمانات وتسهيلات وقروض دولية".

 

مخاطر التغيير

 

وفيما يخص الأضرار التي قد تنجم عن هذه الخطوة، أضاف عكوش: "يمكن أن يحدث أضرار اقتصادية عديدة إذا لم تكن عمليات التغيير مصاحبة لخطة اقتصادية قوية وواضحة".

 

وتابع: "من المفترض أن أي دولة تلجأ إلى تغيير عملتها تكون مستندة إلى خطة اقتصادية، كما فعلت تركيا في عام 2005، عندما قامت بحذف 6 أصفار كانت هناك خطة واضحة، وتحسن في الوضع الاقتصادي".

 

ومضى قائلًا: "بغير هذه الخطة، تحدث ردة فعل سلبية تجاه العملة الجديد، ما يدفعها إلى خسارة قيمتها مجددًا".

 

العقوبات الاقتصادية

 

من جانبه قال محمد محسن أبوالنور، ئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب)، إن "العملة الرسمية في إيران هي الريال، لكن لا يتم التعامل به، بل بالتومان، والذي يساوي 100 ريال".

 

وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "العملة الإيرانية متدهورة جدًا، والسعر الرسمي لصرف الدولار والمحدد بـ 42 ألف ريال غير واقعي، حيث يصل سعر صرفه في السوق السوداء إلى 140 ألف ريال، ما يعادل 14 ألف تومان".

 

وتابع "إيران أقرت حذف 4 أصفار لأنها تعلم ذلك، وهي تريد أن تحد من الإنفاق على طبع الأوراق المالية، فالعملة الجديدة ستوفر كثيرًا في عمليات الطبع".

 

ومضى قائلًا "أي تغيير في العملة، يعني إلغاء العملة القديمة والبحث عن العملة الجديدة، وترى الدول التي تقوم بذلك إنها تحسن كثيرًا في الاقتصاد، كما حدث مع تركيا".

وأنهى حديثه قائلًا: "فيما يتعلق بإيران، لن تؤت هذه الإجراءات ثمارها الاقتصادية، بسبب العقوبات والأزمات الاقتصادية المتلاحقة".

 

الجدير بالذكر أن السعر الرسمي للدولار الأمريكي يساوي 42000 ريال إيراني.

 

وقبل ثلاثة أعوام كان الدولار الأميركي يساوي 37 ألف ريال إيراني، لكن العملة الإيرانية تدهورت بشكل كبير العام الماضي ليصبح الدولار الواحد يساوي 180 ألف ريال.

 

وفيما يلي رسم بياني يظهر تطور العملة الإيرانية في السوق السوداء (الموازية) منذ بداية 2018:

وسُجّل هذا التدهور الكبير في قيمة الريال بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب العام الماضي انسحاب الولايات المتحدة أحاديا من الاتفاق النووي المبرم مع إيران في عام 2015 وإعادة فرض عقوبات قاسية على الجمهورية الإسلامية.

 

وهبطت صادرات إيران من النفط الخام إلى نحو 100 ألف برميل يومياً في يوليو ، نظراً للعقوبات وتصاعد التوترات مع الولايات المتحدة وبريطانيا، حسبما ذكر مصدر في قطاع النفط وبيانات الناقلات لوكالة "رويترز" للأنباء، لتتعمق خسائر الإمدادات العالمية.

 

وأعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران في نوفمبر ، بعدما انسحبت من اتفاق 2015 النووي بين طهران والقوى العالمية الست.

 

وبهدف خفض مبيعات إيران النفطية إلى الصفر، أنهت واشنطن في مايو إعفاءات من العقوبات كانت تمنحها لمستوردين للخام الإيراني.

 

وتشكّلت حينها طوابير طويلة أمام مكاتب الصيرفة قبل أن تقرر الحكومة الإيرانية توقيف أصحاب مكاتب الصيرفة غير المرخّص لهم بالعمل وتجميد حسابات المضاربين.

 

وحاليا يساوي الدولار الواحد 120 ألف ريال في التعاملات الفردية، علما بأن سعر الصرف الرسمي هو 42 ألف ريال للدولار الواحد.

 

ويعني ذلك أن من لا يحمل بطاقة مصرفية عليه أن يتخلّى عمليا عن النقود المعدنية وأن يحمل رزما من الأوراق المصرفية للمشتريات اليومية.

 

وتوقّع صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد الإيراني بنسبة 6 بالمئة هذا العام بسبب العقوبات وتزايد عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.

 

  • تعليقات فيسبوك
  • اعلان

    اعلان