أفريقيا.. القارة السمراء التي طالما عانت ويلات الاستعمار والحروب تتطلع اليوم الأحد إلى تحقيق طموحاتها بالسير على درب جديد للنهضة وتشق طريقها نحو مستقبل سياسي واقتصادي ترسو دعائمه في قمة نيامي بالنيجر.
وتحتضن عاصمة النيجر، نيامي، اليوم الأحد، قمة أفريقية توصف بـ"التاريخية"، حيث ستشهد حضورا مهما لقادة ورؤساء دول القارة السمراء، بهدف مناقشة عدد من الملفات الاقتصادية والأمنية وإطلاق مشاريع مهمة.
ويترأس الرئيس عبد الفتاح السيسى، اليوم ، قمة نيامي، حيث تتولى مصر حاليا رئاسة الاتحاد الأفريقي.
وبدأت الاجتماعات التحضيرية للقمة الخميس، بمشاركة وزراء الخارجية الأفارقة، الذين سيطرحون على طاولة النقاش عددا من الملفات الهامة، قبل رفعها إلى "قمة نيامي".
ومن المتوقع حضور قادة ورؤساء حكومات أكثر من 50 دولة للمشاركة في أعمال الدورة الـ12 من القمة الاستثنائية.
وفيما كانت عاصمة النيجر تتهيأ لاستضافة القمة الاستثنائية، تسلل الإرهاب إلى ثكنات الجيش في الدولة، حيث شن مسلحون من "داعش" هجوما إرهابيا ضد معسكر للجيش غربي البلاد على الحدود مع مالي، راح ضحيته 16 جنديا.
وفي هذا السياق، أعلنت السلطات النيجرية فرض "إجراءات أمنية خاصة" في نيامي تشمل نشر "آلاف الرجال" لضمان أمن قمة الاتحاد الأفريقي.
محاور القمة
ويتضمن جدول أعمال القمة عددا من الموضوعات التي تندرج بالأساس تحت محوري الاقتصاد والتنمية والسلم والأمن، بالإضافة إلى الارتقاء بآليات تنفيذ عملية الإصلاح المؤسسي والهيكلي للاتحاد الأفريقي.
ويعد الملف الاقتصادي الأبرز من بين جميع الملفات المطروحة على طاولة هذه القمة، خاصة فيما يتعلق بتفعيل "منطقة التجارة الحرة في القارة الأفريقية".
وإلى جانب الاقتصاد، ستولي القمة اهتماما خاصا للملف الأمني والخطر الإرهابي، الذي يهدد عددا من الدول، التي تشهد بشكل دوري هجمات إرهابية، سواء من جماعة "بوكو حرام" أو تنظيمي "القاعدة" و"داعش".
كما ستبحث "قمة نيامي" مستجدات المنطقة وما يحدث في ليبيا والسودان ودول آخرى، إضافة إلى مقترح إعادة هيكلة الاتحاد الأفريقي ومناقشة مسألة تمويل الاتحاد وصندوق السلام.
قمة تاريخية
وما يجعل هذه القمة تاريخية، على حد وصف رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقيه محمد، هو أنها ستشهد إطلاق منطقة التبادل الحر في القارة السمراء.
وبحسب الاتحاد الأفريقي، فإن هدف المنطقة زيادة حجم التجارة بين دول القارة بـ60 في المئة بحلول 2022، فيما يخشى البعض من أن يقضي ذلك على المنتجين الصناعيين والزراعيين الصغار بعد إغراق الأسواق بالواردات الأرخص.
ومن المنتظر أن يحدد قادة أفريقيا الدولة التي ستستضيف مقر منطقة التجارة الحرة، حيث دخلت كينيا وغانا ومدغشقر ومصر السباق، بينما انسحبت إثيوبيا والسنغال.
وبعدما يختار رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي الدولة المضيفة يوم الأحد، سيكشفون عن القواعد التنظيمية التي تحكم عددا من المواضيع، مثل تحرير التجارة وقواعد المنشأ وإزالة الحواجز غير الجمركية وتطوير نظام للمدفوعات والتسويات.
وتعليقا على مشروع المنطقة، قال فقيه خلال إحدى الاجتماعات التحضيرية: "تطمح منطقة التبادل الحرفي أفريقيا لأن تصبح سوقا قارية مدمجة. إنه انجاز مميز يمكننا أن نصفه بالتاريخي".
وبدوره أعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري أن "هذا المشروع الرائد خطوة مهمة على طريق الدمج الاقتصادي".
منطقة التبادل الحر
على هامش قمة الاتحاد الإفريقي تطلق الدول الأعضاء بشكل رمزي الأحد خطة مشروع منطقة التبادل الحر القارية التي تهدف إلى تشجيع التجارة بين دول القارة وجذب المستثمرين والسماح للدول الإفريقية بالخروج من ارتهانها لاستخراج المواد الأولية.
وقال رئيس البلد المضيف محمد إيسوفو، أحد أكثر المتحمسين لمشروع منطقة التبادل الحر القارية، "هذا أكبر حدث تاريخي بالنسبة إلى القارة الإفريقية، منذ إنشاء منظمة الوحدة الإفريقيّة في العام 1963".
ويتوقع وصول زهاء 45 ألف شخص بينهم 32 رئيس دولة وأكثر من 100 وزير إلى العاصمة النيجرية التي تم تزويدها بمطار جديد تماما وشهدت تشييد مبان وفنادق وشق طرق واسعة.
ولا تزال مفاوضات شاقة ومطولة تجري في الكواليس لتنفيذ خطّة المشروع الذي قد يشمل 55 دولة و1,2 مليار نسمة.
ويفترض أن تبدأ في العام 2020 النشاطات في منطقة التبادل هذه. وقال مفوض الاتحاد الإفريقي للتجارة والصناعة ألبرت موشانغا "يجب تحديد جدول زمني حتى يتمكن الجميع من تأدية دوره في الإعداد للسوق، لذا أوصينا أن يكون التاريخ في الأول من تموز/يوليو 2020".