يتأهب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لزيارة المنطقة المنزوعة السلاح التي تفصل بين الكوريتين الأحد على أمل عقد ثالث لقاء مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون لاستئناف المحادثات النووية المتوقفة.
ووصل ترامب إلى سول في ساعة متأخرة من مساء السبت لإجراء محادثات مع رئيس كوريا الجنوبية مون جيه-إن بعد حضوره اجتماع قمة مجموعة العشرين في مدينة أوساكا اليابانية والذي طرح خلاله عرضا مفاجئا وليد اللحظة للقاء كيم.
وقدم ترامب عرضه بلقاء كيم في رسالة نشرها على تويتر بشأن زيارته لكوريا الجنوبية.
وقال ترامب "أثناء وجودي هناك،إذا رأي زعيم كوريا الشمالية كيم ذلك، فسوف ألتقي معه على الحدود/المنطقة المنزوعة السلاح كي أصافحه فقط وأقول له مرحبا".
After some very important meetings, including my meeting with President Xi of China, I will be leaving Japan for South Korea (with President Moon). While there, if Chairman Kim of North Korea sees this, I would meet him at the Border/DMZ just to shake his hand and say Hello(?)!
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) June 28, 2019
وأوضح ترامب أنه تصرّف عفويا وأن أي تحضيرات لم تحصل. وقال "فكّرت في ذلك هذا الصباح".
وقال رداً على سؤال بشأن إمكانية عبوره الحدود نحو كوريا الشمالية إذا التقى كيم في المنطقة المنزوعة السلاح "بالتأكيد سأفعل. وسأشعر بالارتياح للقيام بذلك. لن تكون هناك أي مشكلة لدي".
وقال الرئيس الأمريكي إنها ستكون مبادرة سيئة في حال عدم ظهور الزعيم الكوري الشمالي اليوم، مشيراً الى أنه لن ينظر إلى ذلك في هذه الحالة على أنه تجاهل لدعوته للقائه.
وأكد ترامب أن كيم يتابع حسابه على موقع تويتر وأنه تواصل معه "بسرعة" بعد اقتراحه العفوي.
وقال مون لترامب خلال حفل عشاء يوم السبت إن مثل هذا الاجتماع سيكون "حدثا تاريخيا". ولكنه أضاف إنه حتى إذا لم يُعقد فسيكون لهذا العرض "نتيجة مهمة" لأن ترامب أثبت صدقه لكيم.
وكان ترامب يريد زيارة المنطقة المنزوعة السلاح، حيث عقد كيم ومون أول اجتماع قمة تاريخي العام الماضي، خلال زيارة لكوريا الجنوبية في نوفمبر 2017، وأقلعت المروحية الرئاسية آنذاك من قاعدة يونغسان متوجّهةً إلى الموقع، لكنها اضطرت للعودة بسبب الظروف المناخية.
وقال لي سيوك-هيون النائب الكبير من حزب مون على تويتر يوم السبت إن من المرجح أن ينضم مون وترامب إلى كيم يوم الأحد لعقد اجتماع ثلاثي في المنطقة الأمنية المشتركة الواقعة داخل المنطقة المنزوعة السلاح.
وعلى الرغم من عدم إجراء ترتيبات دبلوماسية لهذا اللقاء، إلا أن البعض يرجح أن عقد اجتماع آخر بين الزعيمين يمكن أن يساعد في إعادة ضبط العلاقات وتمهيد الطريق لمحادثات مستقبلية.
وإذا التقى ترامب وكيم فستكون تلك ثالث مرة يلتقيان فيها خلال ما يزيد عن عام بقليل وتأتي بعد أربعة أشهر منذ انهيار ثاني لقاء قمة بينهما في العاصمة الفيتنامية هانوي بعد إخفاقهما في حل الخلافات بشأن مطالب الولايات المتحدة بتخلي كوريا الشمالية عن أسلحتها النووية ومطالب بيونجيانج بتخفيف العقوبات .
وخلال العقود الثلاثة الأخيرة، أصبحت زيارة المنطقة منزوعة السلاح أمرا شبه متعارف عليه بالنسبة للرؤساء الأمريكيين منذ زارها رونالد ريغان عام 1983. وحده جورج بوش الأب لم يزرها.
لكن زيارة ترامب ستأتي في أجواء مختلفة. فبعد سنوات من ارتفاع حدة التوترات بسبب برنامجي بيونج يانج النووي والعسكري، شهدت شبه الجزيرة الكورية انفراجاً ملحوظاً.
وفي أبريل 2018، التقى كيم جونغ أون والرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-إن في قرية بانمونجوم في المنطقة منزوعة السلاح، لمصافحة تاريخية على الخط الفاصل بين الكوريتين.
تقع هذه المنطقة العازلة على بعد عشرات الكيلومترات شمال سيول ويبلغ عرضها أربعة كيلومترات وتمتد على 248 كيلومترا. وتنتشر فيها الحواجز المكهربة وحقول الألغام والجدران المضادة للدبابات.
رد كوريا الشمالية على عرض ترامب؟
قال نائب الوزير الأول للشؤون الخارجية في كوريا الشمالية، تشوي سون هوي، في بيان له، بعد ساعات قليلة من عرض ترامب: "إننا نعتبره اقتراحًا مثيرا للاهتمام، لكننا لم نتلق دعوة رسميًة في هذا الصدد".
وأضاف البيان أن مثل هذا الاجتماع "سيكون مناسبة قيمة لزيادة تعميق العلاقات الشخصية بين الزعيمين وتطوير العلاقات الثنائية.
ولاحقاً، ذكر الرئيس الأمريكي أن كوريا الشمالية ردت على دعوته «بشكل إيجابي للغاية»، لكنه مازال لا يعرف ما إذا كان الاجتماع سيعقد أم لا.
وأوضح الباحث في معهد سيجونغ الخاص في سيول شيونغ سيونغ-تشانغ لوكالة الأنباء الفرنسية "بشكل عام، هذا يعني أن كيم سيأتي إذا تلقى اقتراحاً رسمياً".
ولم يتضح بعد ما إذا كان ترامب قد أُطلع المسئولين المرافقين له مقدما على عرضه لقاء الزعيم الكوري الشمالي، وقالت الرئاسة الكورية الجنوبية إنه لم يتأكد أي شيء بعد.
وكانت العلاقات قد توترت بعض الشيء منذ التقى ترامب وكيم في العاصمة الفيتنامية، هانوي، حيث انتهت القمة فجأة دون تحقيق تقدم في ملف نزع السلاح النووي الكوري الشمالي.
ولدى كوريا الشمالية برامج نووية وصاروخية منذ سنوات في خرق لقرارات مجلس الأمن الدولي ويعد تخفيف التوترات مع كوريا الشمالية إحدى أولويات الرئيس الأمريكي في مجال السياسة الخارجية.
وأصر ترامب مرارًا وتكرارًا على أنه يتعين على كوريا الشمالية تفكيك ترسانتها النووية قبل رفع العقوبات الاقتصادية عنها.
لكن كوريا الشمالية تخاطر بإثارة غضب إدارة ترامب، منذ قمة هانوي، من خلال اجراء العديد من الاختبارات الصاروخية قصيرة المدى.
لكن ترامب، الذي هدد كوريا الشمالية ذات مرة "بالنار والغضب"، تحدث بلهجة أكثر تصالحية مؤخرًا، واصفا كيم بأنه "رجل ذكي جدًا" وأنه يتوقع "الكثير من الأشياء الجيدة" من كوريا الشمالية.
وكان ترامب أرسل، الأسبوع الماضي، خطابا شخصيًا للزعيم الكوري الشمالي، الذي أشاد من جانبه بمحتوى الخطاب ووصفة "بالممتاز".
يذكر أن ترامب قال خلال الشهر الجاري إن كوريا الشمالية تمتلك "إمكانات هائلة" تحت قيادة الزعيم كيم.
ما المتوقع مناقشته في سيول؟
قال مكتب رئيس كوريا الجنوبية إن الرئيسين مون و ترامب سيناقشان "سبل توثيق التعاون بين البلدين لبناء سلام دائم من خلال نزع السلاح النووي كلية من شبه الجزيرة الكورية".
ونُقل عن المبعوث الأمريكي الخاص المكلف بالملف الكوري الشمالي، ستيفن بيغون، الذي زار سيول مؤخرًا لإجراء محادثات تحضيرية، قوله إن الولايات المتحدة "مستعدة لعقد مناقشات بناءة مع كوريا الشمالية".
واعتبر الرئيس مون، الذي عقد اجتماعين مع كيم وكان وسيطا في عقد القمة الأولى بين ترامب وكيم، حل قضية كوريا الشمالية النقطة المحورية في فترة رئاسته الحالية.
وبحسب محللين، يبدو أن ترامب حريصً أيضًا على إظهار تقدم ملموس في الملف النووي الكوري مع بدء حملة ا لانتخابات الرئاسية 2020.
ويرجح المحللون أن يكون مستقبل التحالف الأمني بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، مدرجًا في جدول أعمال سيول.
ويقيم في كوريا الجنوبية حوالي 30 ألف فرد من الرعايا الامريكيين، وقد قال ترامب مرارًا وتكرارًا إنه يود تقليص هذا العدد.
كما يجري الجيشان مناورات حربية سنوية، طالما أثارت غضب كوريا الشمالية، لكنهما قلصا حجم المناورات منذ أن تحسنت العلاقات العام الماضي.