دخلت الحرب الدائرة رحاها في اليمن منذ حوالي 4 سنوات مستوى جديدا من التصعيد بعد استخدام جماعة أنصار الله "الحوثي" صواريخ كروز أمريكية الصنع واستهداف مناطق داخل المملكة العربية السعودية.
وكانت قناة "المسيرة" التلفزيونية التابعة لجماعة "أنصار الله" الحوثية في اليمن ذكرت الأربعاء، أن الجماعة ضربت بصاروخ كروز مطار أبها السعودي، وأن الإصابة كانت دقيقة.
وأضافت القناة نقلا عن مصادر في "أنصار الله" أن الملاحة الجوية في المطار "توقفت" إثر ذلك، في حين لم يصدر أي تأكيد أو نفي من طرف السلطات السعودية أو التحالف العربي الذي يحارب الحوثيين في اليمن منذ عام 2015.
هجمات نوعية
كما أشارت القناة إلى أن "القوة الجوية" لـ"أنصار الله" أطلقت 3 صواريخ من طراز "زلزال-1" على مواقع للجيش السعودي في منطقة أبواب الحديد بمحافظة عسير، فيما "استهدفت وحدة قناصة عددا من الجنود السعوديين في ذات الجبهة ما أسفر عن سقوط عدد منهم".
وكان الحوثيون أعلنوا الثلاثاء تنفيذ هجمات على قاعدة الملك خالد الجوية في منطقة خميس مشيط جنوب غربي السعودية بطائرات مسيرة.
كما أعلنوا قبل يومين شن هجمات بطائرات مسيرة أيضا على مطار جازان جنوبي غربي السعودية، في عملية هي الخامسة من نوعها خلال شهر.
اعتراف سعودي
وأقرت الرياض بهجوم مطار أبها، لكنها لم تؤكد نوعية الصاروخ، وقالت إنها تعمل على تحديد نوعه، خاصة أنه أسفر- وفق تصريح المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف في اليمن، تركي المالكي- عن إصابة 26 شخصاً مدنياً من المسافرين من جنسيات مختلفة، من بينهم 3 نساء (يمنية، وهندية، وسعودية) وطفلان سعوديان، ونُقلت 8 حالات منها إلى المستشفى.
وحتى اليوم لم تستطع السعودية حسم عملياتها العسكرية في اليمن، التي قالت في مارس 2015 إنها ستستمر أشهراً فقط، كما باتت أيضاً غير قادرة على حماية مدنها من الصواريخ الحوثية وسط عجز المنظومات الدفاعية الصاروخية على الرغم من حداثتها.
وعادةً ما يستخدم الحوثيون صواريخ مصنوعة محلياً أو طائرات من دون طيار تقول تقارير غربية إنها "إيرانية الصنع"، لكن وصول هذا النوع من الصواريخ إلى يد الحوثيين قد يشكل نقطة تحول في مسار الحرب المستمرة منذ مارس 2015.
اشتعال الحرب
ولا تزال السعودية غارقة في حرب اليمن المشتعلة منذ 4 سنوات، مستنزفةً سمعتها وأموالها، وسط تعثر جهود السلام الدولية التي تقودها الأمم المتحدة، وعدم وجود رغبة حقيقية لدى أطراف الصراع للجلوس على مائدة الحوار.
ويصور الحوثيون أنفسهم على أنهم المدافعون عن الحقوق الوطنية اليمنية، ضد تدخل السعودية التي باتت تعاني هناك.
وبموجب اتفاق "استوكهولم" الذي أبرم في ديسمبر 2018 كان من المفترض أن يصاحب وقف إطلاق النار في "الحديدة" انسحاب الحوثيين من الميناء، لكن ظلت هوية من سيتولى المسؤولية هناك بعد انسحاب الحوثيين غامضة، ولا تزال الأمم المتحدة تضغط من أجل الانسحاب.
لكن الحوثيين لم يتزحزحوا وتقول قيادتهم إنهم لن يسلموا الموانئ لسيطرة السعودية، ثم عادوا لاحقاً لمهاجمة الرياض وأبوظبي بالصواريخ، وباتت الحالة السائدة الآن هي "القتال دون أفق واضح".
ما هو كروز؟
وفق خبراء عسكريين فإن هذا الصاروخ يحمل رأساً حربياً تقليدياً متفجراً أو "نووياً" لمئات الكيلومترات وبدقة عالية، ويعد تهديده كبيراً.
ويحوي في الأساس على طائرة صغيرة بدون طيار، لديها جناحان بطول 8.5 قدم (2.61 متر)، ويتم تشغيلها بمحركات توربينية، ويمكن أن تطير من 500 إلى ألف ميل (805 إلى 1610 كم).
وتتمثل مهمة الصاروخ في إيصال قنبلة شديدة الانفجار توزن بألف رطل (450 كغ) إلى موقع محدد (الهدف)، بحسب ما بين موقع "howstuffworks".كروز
وتصنَّف صواريخ "كروز" على أنها باهظة الثمن؛ إذ تتراوح كلفتها بين 500 ألف ومليون دولار لكل منها، وتأتي في عدة أشكال، ويمكن إطلاقها من الغواصات أو المدمرات أو الطائرات.
وتمتاز بأنها يصعب الكشف عنها؛ لأنها تطير منخفضة جداً على الأرض (بعيداً عن نظر معظم أنظمة الرادار)، وتكون دقتها عالية جداً.
ويعد صاروخ "كروز" مفيداً بشكل خاص إذا كان الهدف يتحرك، ويمكن أيضاً تجهيزه بأجهزة استشعار حرارية للتصوير أو الإضاءة كما هو مستخدم في القنابل الذكية.
تطور سلاح الجو الحوثي
بدوره قال الباحث في الشأن العربي سيد المرشدي؛ إن الحرب في اليمن دخلت مستوى جديد من التصعيد العسكري من قبل جماعة الحوثي بعد استخدامها صواريخ تمثل خطورة بالغة ليس على السعودية فقط وإنما كل دول الخليج.
وأضاف لـ"مصر العربية" أن خلال الـ4 سنوات الماضية امتلك الحوثيون منظومات صاروخية عملوا على تطويرها وأصبح سلاحا استراتيجيا خاصة بعد أن استهدفوا عدد من المطارات والموانئ في دول خليجية مثل الإمارات والسعودية.
وأوضح أن السعودية دخلت مستنقع حقيقي بمعنى الكلمة وبدا من خلال هذه الحرب أنها لا تستطيع حسمها لصالحها، مشيراً إلى أنه لابد من الحل السياسي لأن الحوثي استطاع بهذه الصواريخ نقل المعركة من الداخل اليمني للداخل السعودي.
إحصائيات القصف
ووفقا لاحصائيات من التحالف العربي في اليمن فقد أطلق الحوثيون 218 صاروخا بالستيا خلال عام 2019 على السعودية.
وشهد عام 2015 الاستخدام الأول للصواريخ الباليستية والتي كان مداها حوالي 190 كيلومتر، وفي العام نفسه أعلن الحوثيون تطوير صاروخ سام 2 وهو صاروخ أرض أرض مداه 250 كيلومتر، كما استخدموا صاروخ ا ساس الروسي ذات الصناعة الروسية وكان مداه 75كم وسمي بالنجم الثاقب.
وفي 2017 بدأ الحوثي استخدام صاروخ قاهر ام 2 والذي يبلغ مداه 400 كم، واستدف به قاعدة الملك خالد العسكرية، ثم كشف الحوثيون عن تطوير صاروخ يسمي بركان 1 لمدى يصل إلى 800 كم، واستهدفوا به مطار الملك عبدالعزيز في جدة، وبعده قاعدة الملك سلمان العسكرية في ضواحي الرياض.
وفي نفس العام 2017 تم تطوير صاروخ بركان2 والذي وصل مداه إلى 1400كم ضرب الصروخ مصفاة نفط في ينبع ومطار الملك خالدبن عبدالعزيز، وفي 2018 تم إطلاق 7صواريخ دفعة واحدة استدفت الرياض أبها وقاعدة جازات العسكرية.